2024-03-28 12:14 م

مصالحة "شكلية".. وتسوية "مريرة" نحو تطبيع واسع وحرب تنتظر الاشعال

2017-10-08
القدس/المنـار/ حوارات المصالحة في القاهرة بين أكبر فصيلين في الساحة الفلسطينية لانهاء الانقسام المستمر منذ أحد عشر عاما فرضتها ظروفا ومتغيرات عديدة، لم تكن متوفرة في السنوات الماضية، اضطرت الطرفين الى التلاقي الجدي بجهود مصرية، تباركها تلك القوى التي تمتلك القدرة على رفع الفيتو الذي كان مفروضا من جانبها، بما يخدم مصالحها، فهل المصالحة الآن تبقي على هذه الفائدة؟!
تحقيق المصالحة، حتى ولو بشكل جزئي كان ضرورة لانجاز ملف أوسع وأشمل، يتطلب وحدة في الشارع الفلسطيني لأن جزءا من هذا الملف يتعلق بالقضية الفلسطينية وايجاد تسوية لها، تسمح بتشكيل تحالفات علنية في المنطقة تسوية تأخرت كثيرا بسبب عوامل عديدة أهمها التعنت الاسرائيلي، وانهاء الانقسام لا يعني أن هذا التعنت قد ينتهي أو يتوقف، وانما ينجز فوائد كبيرة لاسرائيل، لا يمكن أن تحصل عليها، اذا لم تتحقق المصالحة.
ماذا بعد المصالحة في الساحة الفلسطينية؟!
الدوائر السياسية في أكثر من عاصمة وخاص دول التأثير في الاقليم والساحة الدولية، تؤكد أن المصالحة هي الخطوة الأولى لتمرير صفقة على مستوى الاقليم، وايجاد تسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي هي جزء من هذه الصفقة، تدفع باتجاه خطوات على مستوى الاقليم، وما يترتب على هذه التسوية من ترتيبات تسعى اليها دول عربية، والخليجية تحديدا.
هذه الدوائر ترى أن تسوية المشكلة الفلسطينية ونجاح الولايات المتحدة وأدواتها في تمريرها، من شأنه فتح أبواب التطبيع الخليجي الاسرائيلي وارساء قواعد تحالف جديد، له أهداف ومصالح مشتركة، كذلك، تدفع هذه التسوية بحركة حماس الى التخلي عن الخيار العسكري أو المقاومة، لأنها بالتأكيد ستحقق لها مشاركة في الحكم بشكل أو بآخر، وبالتالي، ليس بعيدا أن تنجح القاهرة في التوصل الى اتفاق هدنة طويلة الأمد بين حماس واسرائيل، والجانبان لهما مصلحة كبيرة في ذلك، فحماس معنية بالخروج من مآزقها، وتوسيع دائرة أنصارها ومساحات تواجدها في الساحة الفلسطينية، وتبعد عنها في الوقت نفسه امكانية تعرضها لخطر التصفية من تحالف من السهل تشكيله ليتولى اقتلاعها من داخل القطاع، أما اسرائيل فهي لا تريد أن تنشغل عن الهدف الأهم والأخطر المتمثل في التصدي لتعاظم قوة حزب الله التي باتت تهدد حتى بقاء اسرائيل، وما أعلنه الأمين العام للحزب حسن نصر الله مؤخرا، زاد من قلق تل أبيب باعتراف وسائل اعلامها، وحتى قيادات سياسية وعسكرية فيها.
أما السلطة الفلسطينية، فهي بتحقيق المصالحة تكون قد أعادت اللحمة الى جناحي الوطن، كذلك ترسخ منظمة التحرير تمثيلها للشعب الفلسطيني بعد أن شككت به اسرائيل ودول عديدة، ورفعته ذريعة للتملص من الاستحقاقات المترتبة عليها، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام المتوقفة منذ سنوات.
الفترة القادمة سوف تشهد تطورات كبيرة، لن تقتصر على الساحة الفلسطينية، وطبيعة التسوية التي ستفرض أو تسوق للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وانما أيضا شكل المشهد السياسي الفلسطيني والعلاقات العربية الاسرائيلية والتطبيع على أوسع أبوابه، فتسوية للصراع هي المدخل لاشهار هذه العلاقات التي وصلت مرحلة متقدمة خاصة في الميدان الامني، وصولا الى عقد اتفاقيات وتحالفات مقدمة لحروب تشارك فيها دول الخليج واسرائيل تستهدف ساحات عربية.
الدوائر ذاتها، تشير هنا، الى أن الادارة الامريكية وفي ظل السياسة المتهورة للرئيس دونالد ترامب، تخطط لشن حرب على ايران، وخلق حالات من عدم الاستقرار في ساحات افشلت سياسات واشنطن والاستفراد بحزب الله، بمشاركة مباشرة واسعة من السعودية وغيرها من الدول العربية.
هذه التطورات والاحداث المرتقبة في المنطقة لا يمكن لها أن تتحق وتحدث الا اذا كانت هناك تسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهذه التسوية بحاجة الى توحيد الصف الفلسطيني، أي تحقيق المصالحة ليقبل جانبا الانقسام بهذه التسوية، عندها، تفلت الدول العربية من قيد "القضية الفلسطينية" الذي يرهبها، ويغلق أبواب الاعلان عن مواقفها الحقيقية وعلاقاتها التي تتوطد بسرية تامة من اسرائيل.
أما التسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فهي لن تتعدى حكما ذاتيا، تحت اي اسم، يرتبط بالاردن بشكل أو بآخر، ونهوض اقتصادي يغطي على مرارة هذه التسوية، وحيكا للسيناريو الذي على ما يبدو ينتظر اللمسات الاخيرة، ستؤجل القضايا الجوهرية الى سنوات قادمة، أي أن التسوية المتظرة هي مؤقتة، مع احتمال أن تكون دائمة، في ظل وضع عربي متردي، ومنطقة تعصف بها الرياح العاتية.