2024-04-19 03:00 ص

ماذا عن صحوة ابناء الرافدين المتأخرة ...وماذا عن مشروع تقسيم العراق !؟

2017-09-24
بقلم :هشام الهبيشان
يبدو واضحاً ان ما كشفت عنه مجلة التايم الامريكية في تقرير موسع من ثماني صفحات بمطلع النصف الثاني من عام 2015،وكشف تفاصيل خطة تقسيم العراق إلى ثلاث دول، واحدة منها في الشمال لكوردستان، والثانية للسنة بمحاذاة سورية، أما الثالثة فللشيعة ومكانها في جنوبي العراق وتضم مساحات واسعة منه، بدأ فعلياً يطبق على ارض الواقع في عراق اليوم ،ومن الجدير بالذكر هنا ان مجلة التايم التي تعبر في اغلب الاحيان عن وجهة نظر صانع الاستراتيجية الامريكية المستقبلية، تحدثت في تقريرها عن ضم المناطق الكردية في سورية الى الدولة الكردية اضافةالى ضم بعض المناطق السنية في شرق سورية للدولة السنية العراقية، ونشرت المجلة خرائط مفصلة توضح مناطق توزيع الكرد والسنة والشيعة، وعدت بغداد من ضمن الدولة السنية ، اما كركوك فكانت داخل الدولة الكردية لكنها على خط التماس مع دولة السنة، اما الدولة الشيعية الجديدة،فهي ستتجه جنوباً حيث تصل إلى الكويت، لتستقطع مناطق حيوية منها إلى أن تصل أيضا إلى ضم بعض أجزاء من شمال شرق السعودية. هذه التفاصيل التي ذكرتها المجلة الأمريكية تؤكد بما لايقبل الشك اليوم ،وتزامناً مع استفتاء كرد شمال العراق ، بأن هناك مشروع صهيو –إمريكي ،يهدف الى أضعاف العراق ،وتمزيقه وتفتيته كنقطة أساس لتمزيق وتفتيت المنطقة العربية ككل ،وهذا ما يؤكد بما لايقبل الشك أيضآ ،بأن الهجمة التي تتعرض لها المنطقة العربية والأقليم ككل ،هدفها بالأساس هو تمزيق هذه المنطقة خدمة للمشاريع الأستعمارية الصهيو –أمريكية ،الشعب العراقي المستهدف بدوره وبغالبيته من أثار وافرازات هذا المشروع ادرك مبكراً الاهداف الحقيقية للعدوان الامريكي على العراق بالعام 2003،ومع ذلك التزم بعضه الصمت وبعضه الحياد وبعضه ذهب بشكل مباشر أو غير مباشر للأنخراط ببوتقة هذا المشروع ليصبح جزء منه ،والبعض الأخر وهم قلة بالعراق أتجهو نحو محاربة هذا المشروع ومحاولة أسقاطه ،بألمحصلة تؤكد حقائق الواقع إنه وبعد مرور 14عام على الاحتلال الامريكي للعراق ،أن الشعب العراقي بمجموعه اليوم ،أدرك بشكل أو بآخر حجم الخطيئة التي أرتكبها العراقيين كل العراقيين بحق العراق ،عندما صمتوا على افرازات ونتائج وتداعيات مسارات المشروع الأمريكي بالعراق . اليوم ،من حق الجميع ان يتساءل ويسأل العراقيين الذين ينتفضون ويتظاهرون ضد استفتاء كرد الشمال،أين كنتم أنتم العراقيين الذين تتظاهرون تحت لهيب الشمس الحارقة ،عندما أقر دستور بريمر الفاسد الذي أنتج هذا التقسيم للعراق ؟،أين كنتم عندما أستغلتكم بعض القوى السياسية "الطائفية "التي جائتكم على ظهور الدبابات الأمريكية الغازية ،وأسقطت على عقولكم وعواطفكم "مفاهيم طائفية قذرة "أنتجت بدوائر المشروع الأمريكي –الصهيوني ؟!،وهل أدركتم اليوم حقيقة أن علي وعمر ومعاوية ويزيد والحسين، وو،الخ،ليس لهم لاناقة ولاجمل بكل مشاكلكم الخدمية والحياتية والأمنية والدينية والسياسية والأجتماعية والاخلاقية ،وو،الخ ،التي تعانون منها اليوم ؟!،وهل أدركتم حقيقة ان الكثير من ساستكم وبعض احزابكم هم نتاج مشروع يستهدف شق صفكم وتحويل العراق إلى دول وأقاليم وولايات وأمارات متناحرة ؟،وأنتم العراقيين بمجموعكم تعلمون أن دستور "بريمر" وحلفائه من العراقيين قد أقر الفيدرالية التي ستسبق التقسيم التي تشمل الدويلات الثلاث على أسس طائفية: شيعية في الجنوب، سنية في الوسط، كردية في الشمال، عقب احتلال العراق في عام 2003،فلماذا وافقتم على هذا الدستور الفاسد الذي رسخ مفاهيم الطائفية القذرة وكل نتائجها السلبية الكارثية ؟؟!. واليوم وليس بعيداً عن استفتاء كرد الشمال ،فـ الناظر اليوم إلى الشق الأنساني بالداخل العراقي وهو الاهم ومحور حديثنا هنا،سيدرك حجم المأساة التي يعيشها العراقيين كل العراقيين ، فما زال المسار المعارك على الارض العراقية يلقي بظلاله الماسأوية والمؤلمة بكل تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر بشكل مباشر من نتائج هذه المعارك ومساراتها السياسية الملتويه، فما زالت نار الحرب واعدامات الميدان والتصفية بالمقار الأمنية ودوي المدافع وهدير الطائرات تضرب بقوة بمجموعها كل مقومات العيش بحده الادنى للمواطن العراقي وخاصة بمناطق شمال و غرب العراق، والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي فاليوم بالعراق هناك مدن بأكملها بجنوب وغرب وشمال العراق لايوجد بها لا ماء ولاكهرباء ولا حتى طحين وان وجد الطحين يوجد بشكل مقنن ويستفيد منه بشكل واسع ما يسمى "بتجار ألازمة او تجار الحرب العراقيين" لا فرق بذلك كما يقول العراقيين، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب بالعراق ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا فمن الواضح من حجم الدمار والخراب وحجم الدماء والدمارالهائل التي دفعه العراقيين كنتيجة لمايجري بالعراق، ان الخاسر الوحيد منه ومن كل ما يجري بالعراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط. ان مجموع الاحداث الأخيرة التي عاشها العراق والعراقيين ،تؤكد بما لايقبل الشك ان العراقيين قد شعروا بحقيقة الخطيئة التي أرتكبوها بحق العراق أولاً وبحق أنفسهم ثانياً وبحق كل الاجيال العراقية القادمة ثالثاً ، وهنا يمكن القول من الواضح ان ألاحداث الاخيرة التي جرت بالعراق مؤخرآ ورفض معظم اهل العراق لمشروع انفصال شمال العراق،تؤكد ان هناك صحوة عراقية متأخرة ،ولكن يمكن البناء عليها ،لتأسيس واقع عراقي جديد ،يسقط كل المؤامرات والمشاريع التي تستهدف العراق والتي حيكت بدقة بدوائر صنع القرار الامريكي –الصهيوني ،فرغم حالة الانقسام بالشارع العراقي التي أنتجتها مجموع الخطط التي تستهدف العراق ،يمكن اليوم بناء وتجذير حالة وطنية عراقية جديدة تعيد تشكيل واقع عراقي جديد . ختاماً، ان تطورات الأيام الاخيرة بالعراق، تؤكد بما لايقبل الشك ان مسار الحراك الشعبي بالداخل العراقي الرافض لمشروع انفصال شمال العراق إن استمر بنفس وتيرته التي نعيشها اليوم،سينتج واقعاً عراقياً جديداً ،واقعآ للعراق الجديد ،العراق الجديد الذي نتمنى ونأمل ان يكون هو البداية لأسقاط كل المشاريع والمؤامرات التي حيكت للعراق ،واوصلته للحالة المزرية التي يعيشها عراق اليوم ،واقعاً يدرك فيه العراقيين بمجموعهم حقيقة أن علي وعمر ومعاوية ويزيد والحسين، وو،الخ،ليس لهم لاناقة ولاجمل بكل مشاكلهم وأزماتهم المعاصرة .
*كاتب وناشط سياسي – الأردن
hesham.habeshan@yahoo.com