2024-03-28 02:46 م

المحاصصة الفلسطينية لماذا الآن؟

2017-09-20
بقلم: حاتم استانببولي 
الميدان السوري يفرض ايقاعه على المحيط الاقليمي والدولي . من الواضح ان حركة سريعة استباقية عجلت من ادراج بعض الملفات على جدول اعمال القوى المناهضة لمحور المقاومة وغيرت اولوياتها لمحاولة اجهاض استحقاقات نتائج الميدان السوري التي تسير بشكل متسارع وكل يوم وكل ساعة ليست كما قبلها. ترافق ذلك مع جولة وزير خارجية روسيا الأتحادية السيد لافروف على بعض عواصم المنطقة وكان ابرزها الرياض وعمان والدوحة لما لهذه العواصم دورا في الحرب على سوريا . والمدقق في حديث الوزير (المخضرم) لافروف يخرج ياستنتاج ان هذه العواصم سمعت كلاما واضحا وجادا وحاسما من السيد لافروف والقيادة الروسية حول الحرب على سوريا هذا الكلام الذي عبر عنه وزير خارجية بريطانيا الذي قال ان اللعبة انتهت في سوريا ووضع اطارا جديدا للخلاف حول سوريا تحت عنوان اعادة البناء . ان التراجع الواضح لدور بعض العواصم وسحب دعمها التدريجي للمجموعات المسلحة في سوريا يفهم انه محاولة لأعادة التموضع الذي فرضه الميدان السوري . لقد ادركت بعض العواصم ان استمرار استثمارها في المجموعات المسلحة لأسقاط النظام كان استثمارا غير مجدي واستمراره يعني هزيمة ليس للمجموعات المسلحة وانما لعواصمهم . ناهيك عن انه سيدفع الجيش السوري وحلفائه في ملاحقة هذه المجموعات داخل الدول الداعمة لها اولا مما يعني ان المواجهة ستتحول من الميدان السوري الى خارج حدود سوريا هذا جوهر الحديث الذي فهمته بعض العواصم جيدا وسرعان ما نفذته عبر الأوامر لمجموعاتها بالأنسحاب وعدم مقاتلة الجيش العربي السوري . اما شمالا فقد حاولت القوات الأمريكية اعادة سيناريو التنف لكن سرعان ما تلقت ردا ميدانا تمثل في سرعة انتقال الجيش السوري وحلفائه الي الضفة الشمالية من نهر الفرات ترافقت بقصف تحذيري لمواقع المجموعات الكردية . التغير في ميزان القوى الميداني لصالح قوى المقاومة مجتمعة عجل من ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني لمحاولة استيعاب استحقاقات الميدان السوري فقد سارعت اسرائيل وحلفائها بالدفع لترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة تجميع القوى التي وقفت معها بالحرب على سوريا ان كان بالمشاركة او الصمت على ما يجري فالمدقق لاحظ ان طيلة خمسة سنوات كانت القوى المناهضة لمحور المقاومة هي التي تتصدر الواجهة الفلسطينية على قاعدة ان سوريا الدولة والجيش قاب قوسين او ادنى من الانهيار بعض هذه القوى كان مشارك في هذه الحرب وبعضها صمت عليها بالرغم من بعض الاصوات هنا وهناك تعبر عن مواقف فردية لبعض القيادات التي تحولت وتطور موقفها مع كل تقدم ميداني لمحور المقاومة . والانتصارات الميدانية لمحور المقاومة فرض وقائع جديدة سرعت من التحرك الامريكي عبر القاهرة وابوظبي والرياض من جانب وتركيا والدوحة من جانب آخر للدفع باتجاه تحريك الوضع على الساحة الفلسطينية لأعادة ترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة اوسلو وملحقاتها والهدف الجوهري لهذا التحرك هو فكرة المقاومة الفلسطينية لمحاولة انهائها من خلال تجميع القوى المضادة لها في طرفي النزاع ان كان في غزة او الضفة ومنع اي استثمار لنتائج انتصار الجيش السوري وحلفائه وانعكاساته على الساحة الفلسطينية . وهذا واضح من حصر اعادة ترتيب المحاصصة في السلطة بين كل من فتح وحماس. وعليه يطرح السؤال الثاني وهو هل يمكن لقوى المقاومة في كل من غزة والضفة ان ترضخ وتبتز للموافقة على نتائج المحاصصة التي تريد ان تقيد فكرة المقاومة وادواتها على طريق الانهاء التدريجي كما حدث في الضفة .؟ هذا السؤال يجب ان يكون على طاولة قوى المقاومة الفلسطينية آخذة بعين الأعتبار امكانية استثمار نتائج الميدان السوري وتطرح فكرة متكالمة تعيد تموضع القوى الفلسطينية واعادة بناء م.ت.ف بما يخدم المشروع الوطني التحرري . ان اعلان موقف واضح من الحرب على سوريا ومع سوريا هو العامل الحاسم في اعادة التموضع واي مدخل غير ذلك يؤدي الى الموافقة على تدجين وانهاء فكرة المقاومة وادواتها . المقاومة الفلسطينية وادواتها يجب ان تضع رؤية وطنية تحررية مشتركة قائمة على مناهضة المستعمر المحتل واخراج الشعب الفلسطيني الآمن من دوامة كامب وادي اوسلو . من الضروري بعد اربعة وعشرون عاما من التفاوض ان تقدم قوى المقاومة رؤية متكاملة بديلة وتطالب بكل جرأة قوى التفاوض العبثي بالتنحي وتستند لقوة انتصارات الميدان السوري وحلفائه وتخرجنا من الصيغة التي فرضها انور السادات ان كل الاوراق في السلة الامريكية ونقتنع بان العالم تغير وان هنالك قوى صاعدة هي بالاساس كانت ساندا وداعما للقضية الفلسطينية ونرى ان اسرائيل تسعى جاهدة لنقلها من موقع الضد او الحياد الى موقع الصديق . اربعة وعشرون عاما مزقت الشعب الفلسطيني وشتت قواه وافقدته بوصلته وحولته من قضية وطنية تحررية الى قضية سكانية مشكلة حلها تقع على عاتق المجتمع الدولي . القوى الوطنية والأسلامية المقاومة مطلوب منها ان لا تنساق لفكرة المحاصصة على حساب فكرة المقاومة. قوى الخصم واضحة في خياراتها وكان مؤتمر الرياض ونتائجه ابرز تعبير عن خيارات هذه القوى واصطفافاتها تحت المظلة الامريكية الاسرائيلية . ان الحديث عن دور عربي مراقب في غزة والضفة يفتح الباب لأعادة الوضع لما قبل 1976 مع بعض التعديلات الحدودية والسكانية ومدخل للأجهاز على فكرة المقاومة . الهزيمة التي لحقت بمشروع تدمير الدولة السورية جعل قواه تعجل في ترتيب اولوياته ان كان ميدانيا او سياسيا والمدقق بلوحة التعارضات والتناقضات يدرك ان كل ما يجري من تحول وتغيير في اصطفاف قواها كان نتيجة للأنتصارات التي حققتها الدولة السورية وجيشها الوطني . في هذا الاطار علينا النظر لكافة التحولات في مواقف العواصم الاقليمية والدولية.