2024-03-28 01:44 م

هل تتخلى حماس عن سياسة التخبط والمراوغة؟!

2017-09-17
القدس/المنـار/ قيادات حركة حماس حطت في القاهرة قبل أيام في مقدمتها رئيس الحركة اسماعيل هنية، ورئيس مكتبها في غزة يحيى السنوار، الذي كان التقى قيادات مصرية، قبل فترة قصيرة، لفتح مسار جديد، عنوانه، بناء علاقات جديدة مع القاهرة، والتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي المصري وعدم المس بأمن مصر، وأن لا تتحول حركة حماس الى ملاذ للمجموعات الارهابية في سيناء، أو رفدها وتدريبها، وبمعنى أوضح وأدق أن تتخلى حركة حماس عما ارتكبته في الماضي من خطايا وأخطاء بحق الشعب المصري، وامتثالها لجماعة الاخوان التي سقط برنامجها التدميري على أرض مصر.
زيارة رئيس الحركة الى القاهرة ومعه كبار أعوانه من الداخل والخارج، فرضتها عوامل كثيرة دفعت بهذه القيادات الى مصر، وفي هذا الوقت بالذات، ويبدو أن حركة حماس أدركت عدم جدوى سياسة الانتظار لقطف أرباح وثمار قد تجنيها جماعة الاخوان، التي اصطفت الى جانب الادارة الامريكية وأدواتها في المؤامرة الارهابية على الامة وساحاتها تحت اسم "الربيع العربي"، فالجماعة في حالة انهيار منذ أسقط الشعب المصري برنامجها، وجاء بقيادة جديدة، لاستعادة دور مصر ومكانتها، رغم أن فلول الجماعة تمارس الارهاب على أرض مصر وضد مؤسساته وجيشه، بدعم تركي قطري ومباركة امريكا ورضى اسرائيل.
سياسة الانتظار هذه أوقعت حماس في مأزق يزداد خطرا وحدة، وباتت تخشى على حكمها في قطاع غزة، وأدركت متأخرى أن استعداء مصر ليس في صالحها، خاصة بعد أن كشفت الوثائق التدخل المشين لها في الشأن الداخلي المصري، من خلال اسناد المجموعات الارهابية في سيناء، وحمايتها لبعض قيادات الجماعة التي هربت الى غزة.
حركة حماس بسياساتها الخاطئة عمقت الحصار المفروض عليها، وتأثيرات الانقلاب الذي نفذته تسبب لها بأضرار كبيرة لم تعد قادرة على تحملها، ومع أن قيادة الحركة تصر على عدم التلاقي مع حركة فتح لانهاء الانقسام الا أن تعي تماما فداحة الخسائر التي تلحق بها جراء هذا الانقسام الذي ضرب جناحي الوطن.
حركة حماس عندما توجهت قياداتها الى مصر، هي محاولة من جانبها لمواصلة السباحة خشية الغرق، هذا ما يقوله البعض، الذي يصف سياسات فروع جماعة الاخوان بالغدر والتراجع والنكوص، لكن، القاهرة التي على دراية تامة، بسياسات وسمات الجماعة بكامل فروعها، أكثر الجهات معرفة بطبائع هذه الجماعة وفرعها في غزة حركة حماس، وبالتالي، لا مجال أمام قيادة حماس الاستمرار في المماطلة و "الزوغان" فسياسة القاهرة ومطالبها واضحة، فاذا التزامت حماس بجدية بما تطرحه وتعرضه وتعلنه، فان تطورا لا شك سيطرأ على علاقاتها مع مصر، مع التأكيد على ضرورة انهاء الانقسام، فالتعاطي مع قيادة السلطة ومنظمة التحرير هو أحد ثوابت القيادة المصرية، والصورة واضحة بكل عناصرها، وصراحة الموقف هو ما يميز طاولة النقاش بين قيادات حماس والمسؤولين المصريين، هذا ببساطة يعني أن الحركة أمام خيارين، التوقف عن سياساتها المعادلة لمصر وقطف ثمار ذلك، بما ينعكس ايجابا على الوضع المعيشي في قطاع غزة، وتخفيف حدة الحصار، واما أن تستمر في المناورة، وعندها حكم الحركة على كف عفريت، فمواطنو قطاع غزة لم يعودوا قادرين على تحمل نتائج سياسات حماس الخاطئة، وهم الذين يرون في مصر منفذا ومتنفسا لهم.
هذه السياسات الخاطئة لحركة حماس دفعتها الى التخبط، والتردد واعتماد نهج الادعاءات وتزييف الواقع والحقائق، في معاداتها لمصر ومنظمة التحرير، والتمسك بسلاح القمع ضد مواطني غزة الذين يجلسون على بركان قد يثور في أية لحظة، فحماس التي لحقت بالجماعة الام الى احضان الاتراك والقطريين، لم تعد قادرة على الاستمرار في هذا التخبط، الذي اضطرها الى وضع يدها بيد محمد دحلان وكيل القيادة الاماراتية، وهذا ما رأت فيه كوادر الحرة انتقاصا، واذلالا.. وما زالت هذه المسألة مثار نقاش محتدم لم يتوقف ولم ينته في صفوف الحركة.
ان الفترة القريبة القادمة، ستكشف فيما اذا كانت حركة حماس قد غيرت نواياها ومسلكها، والتزمت بما تم الاتفاق عليه مع القاهرة، التي وضع مسؤولوها النقاط على الحروف أمام قيادات الحركة ورئيسها، خلال زياراتها الى العاصمة المصرية، بمعنى آخر، هل زيارة زعيم الحركة وأعوانه الى القاهرة، قد تنجح في تغيير مفاهيم وسياسات بائدة وفاشلة تتحكم في مفاصل حماس وتحكم تحركاتها وتصيغ مواقفها؟
ما يجب أن تدركه قيادة حركة حماس أن تبديد الغيوم في علاقاتها مع مصر، والكف عن العبث بالامن القومي المصري، والانطلاق في سياساتها وبرامجها من البستان الفلسطيني، يمنحها فرصة لمراجعة النفس والمواقف والتوجه بنوايا طيبة لتحقيق المصالحة في الساحة الفلسطينية، وتطور العلاقات مع مصر لن يحميها من كافة الاخطار المحدقة بها، ولن يحل لها جميع الازمات والمشاكل والاوضاع الصعبة وأيضا لن يخرجها من عنق الزجاجة، فلا بد لها أن تستكمل هذا التطور بانهاء تام حقيقي للانقسام، والتوجه بجدية الى دمشق اعتذارا عن أخطائها الجسيمة بحق الدولة السورية، هذه الخطوات أجدى لها وأنفع من الارتماء في أحضان حكام المشيخة القطرية وتركيا اداة استخدام، وحركة وظيفية أو طرق أبواب دولة أبناء زايد الاماراتية، والقبول بوظيفة مقاول جديد آخر، تآمرا على القيادة الفلسطينية.