2024-04-19 04:38 م

عن الابعاد والمعاني لظهور القائد الميداني لحزب الله في دير الزور

2017-09-13
شارل أبي نادر - عميد متقاعد

"حيث يجب أن نكون سنكون" ... العبارة التي يرددها دائما قادة حزب الله وعلى رأسهم سماحة امين عام الحزب السيد حسن نصرالله، تحمل في ابعادها الكثير من المعاني والمفاهيم، والتي قد تختصر بما تحمله في الظاهر من بساطة وتواضع، استراتيجية واسعة وعميقة، عميقة في التاريخ، في الجغرافيا، في الميدان وفي الاهداف .
طبعا ليس بجديد ان نعلم بوجود قادة وكوادر ومقاتلين لحزب الله في الكثير من المواقع والاماكن داخل سوريا، على الجبهات التي يتواجه فيها الجيش العربي السوري مع الارهاب ومع داعميه من قوى دولية واقليمية او في اماكن حساسة أخرى. فتواجد هؤلاء كان دائما مُؤثرا وواضحا ومضيئا في تلك الميادين، ومن خلال اكثر من مؤشر، وقد يكون اكثرها اشعاعا: الشهداء الذين كانوا يسقطون في تلك المواقع دفاعا او هجوما، والذين كانت تنعاهم قيادة الحزب مباشرة وعلنا بشكل واضح ومُشَرِّف ...
 ولكن ما هو لافت مؤخرا، ظهور القائد الميداني لوحدات حزب الله ومسؤول عملياته في دير الزور الحاج ابو مصطفى، وادلاؤه بتصريح لقناة الميادين مباشرة من الميدان بعد اتمام فك الحصار عن المدينة والمطار، تناول فيه عدة نقاط اساسية ومهمة يمكن اسقاطها على استراتيجية واهداف الحزب في سوريا بالكامل وابعد ربما .. وليس فقط في معركة الدفاع عن دير الزور خلال فترة محاصرتها من تنظيم داعش لاكثر من ثلاث سنوات خلت .
من هنا، ومن منطلق ربط هذا الظهور "للحاج ابو مصطفى" بالشعار - العقيدة، السابق ذكره اعلاه، يمكن تلخيص الابعاد والمعاني التي يحملها هذا الشعار: "حيث يجب ان نكون سنكون" وذلك على الشكل التالي :


معنويا:
 انها رسالة تحمل معنى الاعتراف بالتواجد العسكري والميداني والعملياتي الكامل داخل سوريا، من دون خوف او خجل او إحراج، بالرغم من التصويب الهائل على هذا التواجد داخليا واقليميا ودوليا، وبالرغم من اتخاذ الكثير من منتقدي ومن معادي هذا التواجد المناسبة او الفرصة للهجوم السياسي والديبلوماسي العنيف على حزب الله، على اعتبار انه يخالف القوانين الدولية، وكأن التواجد الدولي والاقليمي الواسع، العسكري والامني والارهابي داخل سوريا، ومن خلال انخراط كامل هذه المنظومة المعتدية بحرب كونية ضد سوريا، يتمتع بمشروعية دولية او بغطاء اممي قانوني.


عسكريا وميدانيا :
سنكون حيث يجب ان نكون، تعني عسكريا وميدانيا ان وحدات حزب الله ستكون حيث يرى الحزب ان هناك حاجة وضرورة عسكرية وميدانية لهذا الوجود، وحيث ترى قيادته ان هذا التواجد يكون منتجا لدعم ومساندة الجيش العربي السوري الذي تشن ضده حرب واسعة وشرسة، فسابقا، عندما كانت الهجمة الارهابية المدفوعة والمدعومة اقليميا ودوليا تلامس محيط العاصمة دمشق والارياف القريبة الملاصقة لعمقها وتهدد ثباتها وصمودها، كانت وحدات حزب الله سنداً قوياً للدولة وللجيش العربي السوري .
في القصير والقلمون، وحيث كانت وحدات الحزب تخوض الحرب الاستباقية في دفاعها عن لبنان وعن وحدة سوريا، كانت هذه الوحدات ترسم بالدم خط الحماية والامن والامان للبنان باكمله، من مؤيدين وداعمين لحزب الله او من معارضيه ومنتقديه .
عندما كانت حلب محاصرة ومهددة وتستنزف في ناسها واقتصادها وفي تاريخها وقدراتها ومجتمعها، كان حزب الله جاهزا وداعما، وبذل الكثير من دماء ابطاله على مداخلها الجنوبية والشمالية، على طريقها او على شريانها الوحيد بين اثريا وخناصر ومداخل حلب الجنوبية الشرقية، وعندما حوصرت مدينتا نبل والزهراء وتهددت نقطة ارتكاز الدولة الوحيدة في ما تبقى من مواقع على تخوم الحدود مع تركيا، كان ابطال حزب الله جنبا الى جنب وابطال الجيش والدفاع الوطني ابناء البلدتين، وها هم اليوم يساعدون ابناء الفوعة وكفريا في ملحمتهم الدفاعية عن وجودهم في ادلب الخارجة بالكامل عن سيطرة الدولة والجيش حتى الان .
في درعا، حيث الصراع الدموي لانتزاع سيطرة الدولة السورية من المحافظة الجنوبية الاستراتيجية، كانت وحدات حزب الله حيث يجب ان تدعم وتساند الجيش، وفي القنيطرة، في حضر وفي مدينة البعث، حيث آخر تواجد للدولة على خطوط الارتباط والتماس والمواجهة مع العدو الاسرائيلي في الجولان المحتل، كانت وحدات حزب الله جنبا الى جنب مع الجيش العربي السوري ومع ابناء تلك القرى الصامدة، في المواجهة الاحب على قلوبهم والاقرب الى وجدانهم والى عقيدتهم وتاريخهم .
في دير الزور، وحيث ظهر الحاج ابو مصطفى واثقا باسما مزهوا وفخورا، كان حزب الله ملتصقا مع ابطال الجيش العربي السوري وابناء المدينة الشرفاء، يدافعون عن المدينة وعن المطار في واحدة من اشرس واخطر المعارك عبر التاريخ، وكان النصر الاستراتيجي.

استراتيجيا :
لناحية الابعاد والمعاني الاستراتيجية لشعار "حيث يجب ان نكون سنكون"، تتزاحم الوقائع والمعطيات حول هذه النقطة، وهي تظهر في اهمية الصمود في حلب بعد الصمود في ضواحي دمشق لناحية ثبات وحدة الدولة والمؤسسات، وتظهر صارخة وفارضة نفسها في اهمية عودة الجيش والدولة الى دير الزور حيث نقطة الارتكاز الاساسية في محاربة الارهاب، وحيث قاعدة الانطلاق الحيوية والميدانية في استكمال تحرير كامل الجغرافيا السورية، وحيث اكتمال نقطة ترابط محور المقاومة من ايران الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا .
واخيرا ... ربما لم يفقه البعض المعاني والابعاد لهذا الشعار، وربما سيبقى البعض مغمضا عينيه، عن حقد ونجاسة او عن جهل وضعف رؤية ، ولكن التاريخ سيذكر حتما ان هناك مجموعة، حزبا، بيئةً، جماعةً، مهما كانت تسميتها واختلفت في نظر البعض او البعض الاخر، قد شعرت وفهمت واستدركت وقررت وقاتلت وانتصرت لانها كانت حيث يجب ان تكون .