2024-04-20 12:39 ص

بين الممكن والمتاح وهلوسات بعضنا العربي!!

2017-08-16
بقلم:المحامي محمد احمد الروسان*
خصوم الولايات المتحدة الأمريكية في منطقتنا والعالم يدركون، أنّ معضلة اليانكي الأمريكي في جانب منها تتموضع في التالي: كيف انتقلت دبلوماسية أمريكا من الأدمغة البشرية الى الأدمغة الألكترونية فبانت عورتها(مفاوضات السداسية الدولية مع ايران خير دليل على ذلك، فكان الأتفاق النووي الذي تم اقراره)، بعكس حلفائها من بعض عرب وبعض غرب، الذين لا يفكرون الاّ في كيفية ملىء البطون والجيوب، واشباع ما بين الأرجل حتّى ولو كان بين الأصول سفاحاً دون ضمانات. انّ التطورات الميدانية المتسارعة، على ريتم زمجرة الجيش العربي السوري وانجازاته العسكرية المركّبة، والقوّات الرديفة والحليفة(السيطرة مؤخراً على كامل السويداء وتنقية الحدود السورية الأردنية من زبالات الأرهاب، والعمل جاري في بؤر ومساحات أخرى، وسيطرته على كامل السخنة في ريف حمص الشرقي، وقريباً الدخول الى دير الزور وفك الحصار عنها وعن حاميتها)أصابت جلّ المحور الخصم للدولة الوطنية السورية، بتلبك معوي عميق، تبعه اسهال سياسي حاد، استوجب من الجميع استخدام لمناديل ورقية من نوع ذو الأجنحة وسكر بنات، لأزالة كل القذارة المتراكمة على مؤخرة هذا المحور الخصم كعوالق وطفيليات آرادت دعماً لمشروعها في الداخل السوري المستهدف. وهناك بون شاسع بين الممكن والمتاح، وهو المسؤول عن تموضع الشكل والجوهر الذي ينتهي اليه مسرح العمليات، حيث تضيق الخيارات كل الخيارات، وزمن المتاح بدأ يتلاشى قبل الكارثة القادمة التي ستمزّق المنطقة وعبر حرب العرب بالعرب، حيث العرب ما زالوا يمارسون استراتيجية اللهاث وراء ايران، والأخيرة توظف وتستثمر في الأيديولوجيا لأحداث اختراقات جيواستراتيجية تخدم مصالحها، في حين أنّ العرب الأيديولوجيا عندهم تستخدم لحماية الأنظمة حتّى ولو قادت الى تفتيت المجتمعات أو حتّى الغائها. الولايات المتحدة الأمريكية، تمارس استراتيجيات التصريحات المتناقضة لأرباك الجميع للوصول الى العميق من أهدافها، فهي تفعل عكس ما تقوله دائماً وأبدأ، ولسانها ينطق بخلاف فعلها، فلا خروج أمريكي من المنطقة بمعنى الخروج كما يروّج بعض السذّج والمراهقين في السياسة، بل اعادة تموضع وانتشارات هنا وهناك، مع اعادة بناء وتفعيل لشبكات العمليات الأستخباراتية العنكبوتية القذرة، لتعويض تموضعها وانتشارها، للبدء باستراتيجيات الأستدارة نحو أسيا وروسيا، والصين وايران، ودول أمريكا اللاتينية، ان في البرازيل، وان في فنزويلا(الرئيس الأمريكي الزئبقي ترامب يهدد باستخدام القوّة العسكرية ضد كاراكاس – رسالة الى كارتلات البلدربيرغ الأمريكي)، وان في باقي الساحات والحدائق الخلفيه لها هناك، وأي ادارة أمريكية حاكمة، ان جمهورية، وان ديمقراطية، في واشنطن دي سي، هي بمثابة ناطق رسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي لا أكثر ولا أقل. و واشنطن لا تدعم منطقة آمنة في سورية خوفاً من أن يستفيد منها الرئيس أردوغان في تقوية نفوذه في الداخل التركي والداخل السوري، وان كان الرئيس أردوغان مسيطراً على القضاء والشرطة والمخابرات والجيش التركي الى حد ما(الدستور التركي عمليّاً يتجه نحو الدستور الديني، وان كان شكلاً علماني وبقيت أي كلمات أو عبارات علمانيه تشير الى ذلك، والديمقراطية التركية تتجه نحو ديكتاتورية الديمقراطية)، وعندما تصرّح كارتلات الحكم الأمريكية: أنّ بوتين يعتبر أوروبا الموحدة تهديد لروسيّا، فهذا يعني وحسب ما أرى وأفهم هي تريد أن تقول لبوتين: هذا قاسم مشترك بين موسكو وواشنطن، نسعى معاً الى تقسيم أوروبا واضعاف أقوى اقتصادياتها(ألمانيا)، حيث ترى واشنطن أنّ أوكرانيا قويّة خطوة لجعلها تغزو أوروبا، ومن هنا الأوروبيون يرون أنّ أوكرانيا قويّة عسكرياً يعني أوكرانيا تغزوهم. المسألة تحتاج الى بعض الأيضاحات وعبر التساؤلات المختلفة في سياسات عواصم القرار، أو ان شئت عواصم المؤامرة على الشرقين الأوسط والأدنى، وفي ظل تداخلات الحسابات بين الساحات، ان لجهة الساخنة(القويّة والضعيفة)وان لجهة الباردة(تجميد الحلول فيها وعليها كونها خارج الحسابات التكتيكية مرحلياً، ويتم تأهيلها كساحات مخرجات). عقيدة الأمن القومي لنواة مفاصل مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية، والتي صاغ مفاصلها وتمفصلاتها وتحوصلاتها الأممية، أعضاء الحكومة العالمية في البلدربيرغ الأمريكي، والفرنسي والبريطاني والصهيوني أعضاء فيها بجانب آخرين، عبر مجموعات من أمراء ليل وغربان موت، بزعامات من أمثال وأشكال كارل رووف(جنيّ)البيت الأبيض ومنظّر الربيع العربي برنارد ليفي، والتي عبّر عنها الناطق الرسمي باسم حكومة البلدربيرغ الأمريكي، الرئيس دونالد ترامب، حيث تم الأيعاز الى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي لتنفيذها وتوسيعها، فتشمل الآن الحرب على اليمن والذي تركوه جلّ أخوته في الجبّ ميتاً، وقد تمتد الى الجزائر والمغرب(العملية الشهيرة قبل عامين من الآن في احتجاز الرهائن في الفندق في باماكو العاصمة المالية، وتدخل قوات خاصة أمريكية وفرنسية لتحريرهم وقتل من قتل، تفكير وتمنهج في مسار تفجير الجزائر لاحقاً لفك ارتباطها كدولة اقليمية مع روسيّا، عبر تفعيل وتنشيط القاعدة العسكرية الأستخباراتية في جنوب بلاد المغرب العربي كغرفة عمليات خاصة للبلدربيرغ الأمريكي)، كما أشرنا في أكثر من قراءة سابقة وفي أكثر من تحليل لنا في أكثر من مكان ومناسبة، وعبر الفضائيات ووسائل الميديا المختلفة وعبر مواقع التواصل الأجتماعي، وستضرب في قلب القارة الأفريقية حيث الصراع مع الصين وبريطانيا وفرنسا وايران وحزب الله هناك. الأمريكي يتموضع بسياسة قديمة جديدة ازاء القارة الأوروبية، من حيث دفع الأوروبي لكي يتحمل جزء وازن ومهم من عبئ إقرار الأمن الدولي ازاء الأرهاب الذي صار يرتد الى الدواخل الأوروبية بفعل الحدث السوري وبفعل العبث بدماء الجغرافيا السورية وديكتاتوريتها، عبر فعل المزيد في مواجهته وخاصةً تنظيم داعش الإرهابي. قام الأمريكي ببناء بعض قواعد عسكرية في الشمال السوري، بوضع عشرات جنود هنا وهناك لغايات سرقة الأثار السورية الحضارية ومؤشرات عمق ديمغرافية سورية التي استوطنت هذه الجغرافيا، بينهم أفراد من القوات الخاصة، وللمساعدة في محاربة التنظيم المتطرف من جهة أخرى، ويصب في الإطار ذاته للفخ المراد نصبه لأوروبا أمريكيّاً ليصار الى توظيفها في الصراع مع روسيّا والصين، حيث يمثل هذا الأرسال والبناء العسكري المحدود حافزاً جديداً للزج بأوروبا في التحالف الدولي. كما أمر ترامب رئيس جهاز المخابرات القومية، لفتح ملفّات داعش في القارة العجوز بدءً من باريس وصولاً إلى تفجيرات بروكسل، وحديث الأخير عن وجود خلايا سرية لتنظيم داعش في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، لتصب في اتجاه الفخ الأمريكي ازاء أوروبا، فما قالته التقارير الصادرة عن مكتب المخابرات القومية ليس جديداً، لكنّ الجديد هو أن تقول ذلك الأن. ما هي مكونات سلّة الهدف الأمريكي من وراء الزج بأوروبا في القتال ضد التنظيم الإرهابي من جديد؟ يهدف الأمريكي بقوّة للعمل جنباً إلى جنب مع الأوروبي الجمعي، في منطقة غرب آسيا تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" الذي عانت منه القارة الأوروبية في الفترة الأخيرة، ووجود مئات الألاف من اللاجئين الذين قد يتضمنون خلايا نائمة، تابعة للجماعات الإرهابية، وفق العديد من المصادر الأمنية الأوروبية، يتسبب في الرد الإيجابي على الطلب الأمريكي. ويرى الأمريكي الساعي الى توظيف الأوروبي وشيطانه الأرهابي لخدمة مصالحه، أنّه عبر التعاون الأوروبي الأمريكي بشكل أكبر في المنطقة يخفّف من حدّة تداعيات أي ضربة عسكرية واسعة توجّهها واشنطن في منطقتي غرب آسيا وشمال أفريقيا على الرأيين العالمي والأوروبي. كما يرى الأمريكي أنّ دخول أوروبا بشكل واسع إلى جانب واشنطن يقطع الطريق على أي إرتدادات "خطيرة" للرأي العام الأوروبي، بتحميل واشنطن التي تنوي ليس القضاء على التنظيم الإرهابي بقدر اضعافه واعادة هيكلته وتوجيه من جديد نحو أسيا ضمن استراتيجيات الأستدارة الأمريكية، بعد عودة العراق أولوية أولى في الأمن القومي الأمريكي ازاء ايران، مسؤولية التفجيرات التي سينفّذها التنظيم في أوروبا على شاكلة باريس وبروكسل، بإعتبار أن الوصول إلى القارة الأمريكية أصعب بكثير على هذه الجماعات من العمل داخل أوروبا حيث توجد بيئة حاضنة وخلايا نائمة منذ سنوات. هذا وتسعى واشنطن من خلال فخها هذا للأوروبي عبر دعوته لمزيد من الأنخراط، الى الوصول الى حالة من مظلة تمديد فترة الإعتماد الأمني الأوروبي على أمريكا، وذلك في إطار الإبقاء على "القطب الواحد" من ناحية، وجذبها بشكل أكبر في مواجهة واشنطن مع كل من الصين وروسيا من ناحية آخر. وإذا كان التدخل الأوروبي اليوم إلى جانب أمريكا يعد تحدياً غير مباشر لروسيا، فمن غير المستبعد أن تلجأ واشنطن للخطوة نفسها في أي مواجهة مقبلة مع الصين، لاسيّما في ظل التوترات الحالية في بحر الصين الجنوبي. قد تكون حديث تلك التقارير الأستخبارية الصادرة عن مكتب المخابرات القومية الأمريكية الآن، تجيء بسياقات إستعراض واشنطن قدراتها الأمنية في ظل الظروف الحالية التي تعاني منها أوروبا ازاء الأخيرة، وبلا شك خسرت واشنطن كثيراً بعد خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي، وأمّا السؤال هنا لماذا هذا الأنتقاء النقي للمخابرات القومية الأمريكية في دول محدد بدقة متناهية؟ هي انتقت بريطانيا بسبب الإنفصال عن أوروبا من ناحية، والعلاقة التاريخية إضافةً إلى تجاربها السابقة في أفغانستان والعراق، وأما ألمانيا بسبب عدد اللاجئين الذي إستقبلته خلال الفترة الماضية، في حين أن إختيار إيطاليا يتعلّق بالعملية العسكرية المرتقبة ضد تنظيم داعش في ليبيا، بإعتبار أن روما تولي هذه المنطقة من شمال أفريقيا أهميّة خاصّة. حالة عدم الأستقرار هي ما تعانيه منطقتنا الشرق الأوسطية، ومع ذلك تجيء تركيا وتبني قاعدة عسكرية في قطر، وتحت عنوان الشراكات مع الدوحة، تفعيلاً لأتفاق عسكري مسبق بينهما، يفيد بتمركز قوات تركية عبر استجلاب ثلاثة آلاف جندي تركي، من القوّات البريّة ووحدات جويّة وبحرية ومدربين عسكريين، وقوّات عمليات خاصة وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، وأحسب أنّ هذه القاعدة العسكرية التركية في قطر ليست في وارد حماية الدوحة بسبب التواجد العسكري الأمريكي، وتهدف الى مزيد من عسكرة المنطقة، ويريد الرئيس التركي أن يقول للجميع أنّ تركيا هنا وفي كل ما يجري من تطورات اقليمية، كحال واشنطن وموسكو وباريس ولندن، وها أنا أبني قاعدة عسكرية في الصومال عبر تدريب عشرة آلاف جندي صومالي، وسأكون في أريتريا عسكريّاً، حيث ايران لها تواجد عسكري في جزيرة مستأجرة هناك، تقابلها جزيرة اسرائيلية وتواجد عسكري فيها، مقابل جزيرة تستأجرها الأمارات مع تواجد عسكري، وسيطرة اماراتية على ميناء عصب(التواجد الأماراتي هنا سببه كما تقول المعلومات، بدفع و رؤية لمحمد دحلان، عبر ارتباطاته مع مجتمع المخابرات الأسرائيلي، التي بناها من خلال التنسيق الأمني بين سلطة أوسلو وثكنة المرتزقة اسرائيل)منذ بدء العدوان البعض العربي على اليمن لمنافسة الرياض على السيطرة على باب المندب، حيث 10% من التجارة العالمية تمر عبره. الولايات المتحدة الأمريكية عسكريّاً ومخابراتيّاً واقتصاديّاً لم تغادر العراق الذي احتلته لكي تعود اليه من جديد أصلاً وكما أسلفنا، فهي تملك أكبر سفارة في الشرق الأوسط والعالم فيه، ولها قواعد عسكرية ذات حواضن في أحشاء الجغرافيا والديمغرافيا العراقية، وهي عملت على هندرة وجودها الشامل فيه عبر الأتفاقية الأمنية الموقعة في العام 2008م. أمريكا صنعت الأرهاب وأحياناً تحاربه تكتيكيّاً وأحياناً كثيرة تتحالف معه وتوظفه وتولفه خدمةً لمصالحها ورؤيتها، صنعت القاعدة بالتعاون مع السعودية في أفغانستان، وفيما بعد حاربتها ثم تحالفت معها وما زالت في الحدث السوري والحدث العراقي والحدث اليمني، والأخير كفخ أمريكي لأستنزاف السعودية مالياً وسياسياً وللسلاح المخزون لديها على مدار سنوات خلت(صفقة السلاح السعودي الأمريكي الأخير من أجل حربها وعدوانها على اليمن نطاق مؤشر لذلك وكرد فعل فوري على تصنيع فوبيا ايران)، وصنعت واشنطن داعش عبر استثماراتها بفكر ابن تيميه ونتاجاته من أصوليه وهابية مغرقه بالتطرف، وأحسنت وتحسن توظيف نفايات الأرهاب في الداخل العراقي والسوري واليمني واللبناني، وبالتنسيق والتعاون مع استخبارات البعض العربي والبعض الأقليمي كجزء من الطرف الثالث فيما يجري في منطقتنا، والتي أشار لها الحسن بن طلال صراحةً في أكثر من مكان ومناسبة، انطلاقاً من استغلال الساحة العراقية والسورية واللبنانية للضغط ومزيد من الضغط على ايران، لتقديم تنازلات في موضوعة المسار السياسي في ساحات النفوذ الأيراني في المنطقه، ان لجهة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وان لجهة لبنان، وان لجهة سورية، وان لجهة العراق، وان لجهة أسيا الوسطى، ثم لأستخدامه(أي سلّة نفايات الأرهاب)لاحقاً لأستنزاف ايران نفسها عسكريّاً، وكذلك لأضعاف تركيا لاحقاً كملف ثان. والأتراك شعروا الآن أنهم تورطوا بالتحالف مع جبهة النصرة وداعش وفتحوا لهم معسكرات تدريب في الداخل التركي في استهدافاتهم لسورية، وكيف استطاعت القاعدة وداعش من اختراق جهاز الأستخبارت التركي والمخابرات التركية عبر الضبّاط الذين أفردوا للتعامل والتنسيق مع جبهة النصرة وداعش في الحدث السوري، حيث انتقل الوباء العقائدي والأيدولوجي لهم، وتقارير المخابرات الأيرانية الى مجتمع المخابرات التركي لم تنقطع حيث مفادها: أنّ جبهة النصرة وداعش صارتا تشكلان خلايا نائمة في الداخل التركي وتخترقان الأجهزة الأمنية التركية نتيجة التنسيق الأمني المشرّع معهما عبر الحكومة التركية لأستهداف الدولة الوطنية السورية. العرب كأصول سامية انغمسوا في هاجس اللحظة، في حين الأصل السامي الآخر(اليهود)انغمسوا في هاجس الزمن، بعبارة أخرى العرب الآن يعيشون اللحظة ويلعبون فيها وردودهم انفعالية ويحكمهم منطق قبلي، واليهود يعيشون الزمن ويلعبون فيه ويحكمهم منطق الأمبراطورية. كلانا عرب ويهود ننحدر من أصول سامية لا جدال في ذلك، ومن يقول من اليهود ومن تحالف معهم: أنّ العرب ضد السامية هو جاهل بامتياز، لأنّه لا يمكن للأنسان أن يكون ضد نفسه فنحن ساميون حتّى العظم، لكن المفارقة العجيبة والغريبة تكمن في الفارق في الرؤى والأستراتيجيات بين العرب واليهود، وكلانا ساميون حتّى النخاع. اليهود ضاربون وموغيلون في علم الخرافة، ولكنّهم شغّلوا أدمغتهم في حدودها القصوى، فأنتجوا أشياء وأشياء وصنعوا، في حين العرب ضاربون وموغيلون في علم الكلام والنحو والمنطق والفلسفة، شغّلوا أدمغتهم في حدودها الدنيا. أنظروا الى حالنا وكيف يستخدمنا الآخر لمحاربة بعضنا البعض، ضمن استراتيجيات الخداع الأستراتيجي(حروب عربية عربية)كنهج ولاياتي أمريكي وهي انعكاس لأستراتيجية الصبر الأستراتيجي، لصناعة حروب متنقلة(عربية عربية)والبدء من اليمن، وكلا الأستراتيجيتين وفّرتا الغطاء للعملية العسكرية والتي ما زالت جارية على اليمن الطيب والفقير، حيث لعنة الجغرافيا تلاحقه فما ذنبه؟. الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل بازارات من الحروب الطائفية والمذهبية، والتي يجري انضاجها على نار حامية في جلّ المنطقة العربية، وتجعل اسرائيل تتموضع في خارطة العمل العسكري الحالي على اليمن في الظل، حيث تتقاطع مصالحها(أي اسرائيل الصهيونية)مع البعض العربي الآخر، والذي بلع الطعم اليمني حتّى اللحظة بنهم، حيث آعاد التاريخ نفسه ولكن بالمقلوب في الحالة اليمنية الآن، حيث شعبها طيب وفقير وخطيئته الوحيدة هي الجغرافيا ولغتها، ودعم الأردن لهذه العملية العسكرية غير مقنعة لأحد ولكثير من الناس في الداخل الأردني والخارج الأردني وهنا أتساءل: هل يراهن الأردن على انزياحات تحققها خرائط التقسيم القادمة، والتي تحدث عنها أكثر من مسؤول أمريكي وعبر استراتجية الصبر، خاصةً وأنّ خرائط التقسيم تعثّرت بسبب صمود الدولة الوطنية السورية وجيشها العربي السوري؟ أمريكا تحارب العرب بالعرب عبر حلف ناتو عربي بدافع الرجولة الوهمية مع كل أسف، لأشعال حرب بسوس القرن الحادي والعشرين، ولمحاربة كل من لا يسير في الفلك الصهيوني والأمريكي من العرب، ولتشجيع تركيا بعاصفة حزم أخرى في سورية الآن، ودفع مصر لتكرارها في ليبيا والسؤال هنا: هل استيقظ الرجل العربي المريض على ايقاعات الأتفاق النووي الأيراني، والتسليم المتدرج لأدارة الرئيس ترامب له، والأرتخاء الأفقي وليس العامودي، لغايات توريط أوروبا بالمشاريع الأقتصادية والأستثمارات في الداخل الأيراني، ثم الأنقضاض عليها من جديد لضرب وتدمير أوروبا وليس ايران فقط، وهذا الأتفاق النووي والذي جاء نتاج حسم تفاهمات لوزان، حيث دارت ذات مسآت وصباحات رحى معركة المفاوضات النووية الأيرانية مع السداسية الدولية؟!. الصمت الصهيوني على الحرب على اليمن الدولة والمؤسسات والشعب، جاء بطلب أمريكي في سياقات استراتيجية الخداع الأمريكية، وترك المجال للأعلام الصهيوني لكي يعرب عن الأمنيات بنجاح هذه العملية العسكرية، والتي سيكون لها ارتدادات عميقة على دول حواضنها ومن شارك فيها، وعلى الأقل أنّ التاريخ لن يرحم أحد، وها هي عمليات التسليح تجري على قدم وساق في اليمن لأطراف ضد أخرى وعبر السماء والبر والبحر، انّها وصفة لحرب أهلية أكثر عمقاً للوصول باليمن كما هو الحال في المشهد السوري، والعراقي، والليبي، وصولاً باليمن الى دولة أقل من فاشلة بدرجات، تخرج منها الزومبيات(نتاجات الوهّابية وفكر ابن تيمية المتطرف)الى جلّ دول الجوار اليمني وخاصةً منتجها الأصلي، والى دول العالم الأخرى عبر البحار والمحيطات، لتلتحم مع جماعات أبي بكر شيكاو(قرين أبي بكر البغدادي)في نيجيريا(حيث الرئيس محمدو بخاري)وفي دول الشمال والجنوب الأفريقي. العملية العسكرية على اليمن أثبتت أنّ الثوابت الطبيعية الجغرافية، هي التي تفرض استراتيجيات الدول المختلفة الفاعلة والمقرّرة ازاء أي منطقة، وتعمل الدواعي التاريخية على تحريكها لتلك الأستراتيجيات الخاصة، بالفاعلين من الدول أو حتّى الحركات والجماعات ذات الأذرع العسكرية، والتي تكون أقل من دولة وأكبر من حزب أو حركة أو جماعة. والجغرافيا أي جغرافيا، نعم قد تكون صمّاء لكنّ التاريخ هو لسانها، وصحيح أنّ التاريخ هو ظلّ الأنسان على الأرض، فانّ الجغرافيا الصمّاء هي ظل الأرض على الزمان، ولفهم جلّ المشهد الدولي وانعكاساته على المشاهد الأقليمية في أكثر من منطقة وأزيد من مكان وساحة وتفاعلات ذلك وتداعياته، لا بدّ من استدعاء الجغرافيا والتاريخ كلسان لها. سلّة التحالفات الأمريكية ومن ارتبط بها، تعمل على محاصرة الأرهاب الآن ومحاربته في العراق وسورية ومحاولة ايجاد حلول سياسية في سورية، حيث يمكن اعتبار الهدفان بمثابة حصان طروادة لأكمال مسيرة التفتيت والتقسيم للمنطقة، ولكن هذه المرّة في اطار البناء الجديد المتساوق مع مصالحها وليس الهدم، حيث الأخير كان المرحلة الأولى من مشروع استراتيجية التوحش، والآن بدأت المرحلة الثانية: البناء في اطار تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتّتت. الولايات المتحدة الأمريكية، لن تسمح لمجتمعات الدواعش التي أنتجتها من رحم القاعدة وأخواتها باستقطاب السنّة، ولن تترك بشّار الأسد في السلطة رغم تغير مزاجها السياسي(تحذيرات الخارجية الروسيّة الأخيرة أنّ واشنطن وبعض حلفائها يسعون الى استخدام جبهة النصرة – القاعدة ضد الرئيس الأسد وحكومته)، وتعمل على طرد حزب الله من سورية، وتسعى للتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية من خلال استراتيجيات التطبيع الناعم، عبر الأتفاق النووي الأيراني، وعاد العراق أولوية أمن قومي أمريكي أهم من سورية ضمن سياقات الأتفاق النووي وتداعياته وعقابيله، والسعي عبره لتفجير ايران من الداخل عبر دفعها لمزيد من الأنخراط في المسألة السورية والعراقية واللبنانية وحتّى المسألة البحرينية، وتسعى لتفكيك المحور المقاوم لبنة لبنة وحلقة حلقة، وتستثمر بخبث في المعتدل من الأرهاب(وكأنّه هناك ارهاب معتدل وارهاب غير معتدل، حيث المعتدل من الأرهاب في الداخل السوري ارتكب المجازر تلو المجازر)عبر بناء معارضة سورية معتدلة قويّة من بقايا ما يسمّى بالجيش الحر وجبهة النصرة وأخواتها، بجانب أشرار الشام(أحرار الشام)وما يسمى بجيش الأسلام وكلّهم بعمق من نسل القاعدة مباشرة، تضم الأكراد وأبناء الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف الفضائيّة من خلال ساحات دول الجوار السوري، صنعوا الأمريكان داعش كعصابة فيروسية مغرقة في التطرف(نيولوك ارهاب)، بعد استثماراتهم في فكر ابن تيمية وبالتعاون مع المنظومات الوهابية، لتقديم جبهة النصرة(بنيولوك مستحدث على أنّها معتدلة وحمل وديع)وهذه صفاقة سياسية أمريكية. ادارة الرئيس دونالد ترامب، والأخير هو الناطق الرسمي باسم حكومة الأغنياء في الداخل الأمريكي، والأخيرة تعبر عن مصالح المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، والأخير أحد صور جنين الحكومة الأممية، يؤكد سيادة الناطق الرسمي باسم حكومة الأرستقراطيين الأمريكان وغيرهم، أنّه لا تغيير في الرؤية الأمريكية ونمارس حرب الأستنزاف كاستراتيجية حقيقية لأنهاك الخصوم واجبارهم على الأستسلام، وطائرات سلاح الحرب الأمريكي تلقي المساعدات العسكرية والمواد الغذائية لداعش في صحراء الأنبار في العراق، وفي اقليم درنه على الحدود الليبية المصرية، واشنطن تعلم أنّ وليدها عصابة داعش تعاني من نزف جهادي عميق ويلفظ أنفاسه الأخيرة في سورية والعراق ولبنان وليبيا، وينتعش في مالي والجزائر وموريتانيا والمغرب ونيجيريا، وفي جلّ جنوب القارة السوداء لمواجهة النفوذ الروسي والصيني والأيراني وحزب الله، انّها أمريكا تبدأ بخلق المشاكل ثم وضع الحلول لها(المشكل الحل). الولايات المتحدة الأمريكية خلقت لنا داعش وهي بمثابة بلاك ووتر عربية اسلامية من المرتزقة، وتحت ستار وعنوان معركة تلعفر القادمة واستعادتها، تلتف ادارة ترامب صدى البلدربيرغ الأمريكي، على مسألة ارسال قوات بريّة الى العراق أولاً ومن خلال القوّات الأمريكية الخاصة(المارينز)تعود اليه، وعبر التعاقد مع شركات أمنية من القطاع الخاص الأمريكي مواردها البشرية من المتقاعدين من الجيش الأمريكي، ومن مجتمعات المخابرات واستخبارات البنتاغون الأمريكية، وتقول المعلومات أنّ أكثر من ثلاثة آلاف مظلي من اللواء 82 تم انزالهم في العراق منذ آواخر العام 2015م وبدايات الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام 2017 م، وثمة وثائق وصور لدى كوادر الجيش العراقي والحشد الشعبي، تظهر أنّ الأمريكان يقدمون دعماً لداعش في تلعفر، وثمة ضباط مخابرات عربية وتركية وأجنبية فيها، والعمل جاري من قبل واشنطن على اخراج كل هذه الزبالات، كون مشاركة الحشد الشعبي في تحرير تلعفر واردة وبعمق ورغم محاولات أمريكية وسعودية وتركية وكردية، لحله للحشد الشعبي العراقي، وهو مؤسسة مقرة من قبل البرلمان كقانون، ويبدو انّ السيد مقتدى الصدر انخرط في سيناريو حل الحشد الشعبي بعد أن صار معادل شيعي موضوعي لأبي بكر البغدادي الوهابي. الروس يدركون أنّ المحور الدولي الخصم بزعامة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي والمتحالف مع بعض العرب، يعملون على توظيف وتوليف مسارات واتجاهات التطرف الديني وبث الفتن لتقسيم المنطقة واعادة ترسيمات تشكلها على الجغرافيا وخلط الديمغرافيات لتبقى أسباب الفرقه والأشتعال قائمة. ويمتد هذا الأدراك الروسي الى أنّ الأستراتيجية الأمريكية البلدربيرغيّة تقوم على مجالاتها الأمنيّه القومية في الشرق الأوسط والمتمثله في "اسرائيل" ومصادر الطاقة. والروس يستثمرون هذا الأوان لا أقول فشل استراتيجية نواة الدولة الأمريكية في محاربة داعش في العراق وسورية بقدر تعثرها وبطئها، حيث هي في الأصل والأساس اعادة هيكلة الأرهاب ثم هندرته وتوجيه نحو مساحات ودول أخرى، وليس لها علاقة بالأرهاب أصلاً بقدر علاقتها بادارة الأرهاب ادارة أزمة، لتفكيك محور خصومها المقاوم حلقة حلقة عبر بث الفتن الطائفية والتركيز على مظلومية السنّه في مواجهة ظلم الشيعه، حيث من المعتقد لدى الروس وفعلهم الديبلوماسي والأستخباري أنّه يمكنهم فعل شيء حقيقي لقطع الطريق على الأستفراد الأمريكي بالمنطقة وشؤونها، عبر السعي نحو تطوير ستاتيكو الحل السياسي في سورية وحولها وليس لأنتاج 14 اذار سوري، بحيث أنّه قد يكون ذلك بداية لحل سياسي لكثير من البؤر الساخنة في المنطقة. الفعل الروسي يدرك أنّ واشنطن تعمل على تحويل النفط(رغم انخفاضات في سعره أحياناً وارتفاعات محدودة أحياناً أخرى)من سلعة الى سلاح لمحاربة روسيّا وايران وفنزويلا وجلّ دول البريكس في أبشع صور وتجليات الخبث السياسي(الأمريكان عبثوا في البرازيل وأخرجوا اليسار من الحكم عبر سيناريو اخراج الرئيسة روسيف، وتجري عمليات تحضير سريّة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لترتيب انقلاب في كاراكاس فيعلن الرئيس مادورو حالة الطوارىء لمدة ستين يوماً)، بالمقابل تتلمس موسكو وترصد بقرون استشعاراتها شعور واشنطن بضعف قوتها، من خلال سعي الأخيره لتوريط بعض حلفائها في المنطقة في شكل جديد قديم من الأستعمار، فبعد أن سحبت واشنطن قيادة أسطولها الخامس من البحرين، هاهي لندن تنشىء قاعدة عسكرية مقابل القاعدة العسكرية الفرنسية في الأمارات بالأتفاق مع مملكة البحرين، وكلا الدورين البريطاني والفرنسي في سياق التعاون والتكميل للدور الأمريكي وتابع له، وان كان الدور البريطاني والذي هو أصلاً في جوهره وباطنه دور صراعي مع الأمريكي، ويسعى لأستعادة مناطق نفوذه التي خسرها بعد الحرب العالمية الثانية، بعكس الفرنسي الملتهم بالكامل أمريكيّاً، وأعتقد أنّه من باب التكتيك وافقت لندن أن تشترك مع باريس في خدمة المجال الأمني القومي الأمريكي الى حين أن تلوح اللحظة التاريخية الأنجليزية. وتتحدث المعلومات، أنّ العمل يجري على تغير للمشهد في الجزائر واعادته الى سيرته الأولى مطلع تسعينيات القرن الماضي، ليكون مشابهاً لما يجري في المشاهد السورية والليبية والعراقية واليمنية، ولكن ما يطمئن النفس أنّ وعي الشعب الجزائري وقيادته وتساوق وتماهي هذا الوعي، مع عمل دؤوب ومستمر لمجتمع المخابرات الجزائرية وتنسيقاته مع الحلفاء والأصدقاء، وخاصة مع الروس والصينيين والأيرانيين، سيحبط مخططات محور واشنطن تل أبيب، ومن ارتبط به من بعض العرب والغرب. تقديرات المخابرات الجزائرية، وحول النظام الليبي الجديد كانت في مكانها، رغم تفوق نسبي لليبراليين الليبيين الجدد على الإسلاميين، لكنه تفوق نسبي غير حقيقي، مع سيطرة عناصر أسلامية مسلّحة، على كل فعاليات العمل العسكري، وهذا من شأنه أن يدعم، جهود العناصر الإسلامية المسلّحة في طرابلس، كما تذهب المعلومات، أنّ هناك جهود تبذل من المخابرات الأمريكية، والبريطانية، والفرنسية، وبالتنسيق مع عناصر ليبية جهادية مسلّحة، سلفية وهّابية من القاعدة وغيرها، لنقل فعاليات الصراع، إلى جل المسرح الجزائري، خاصةً مع وجود العناصر الإسلامية الجزائرية، كبيرة العدد والعدّة، قاتلت إلى جانب المعارضة الليبية المسلّحة ضد النظام السابق، فهي تريد مواصلة القتال والجهاد، في الجزائر، بدفع من السي أي إيه، والأم أي سكس، والمخابرات الفرنسية. وسيناريو العدوى الليبية، يتضمن نقل الصراع والقتال، إلى الجزائر، ثم إلى المغرب وموريتانيا، حيث هناك إسلام سياسي في ليبيا، جاء نتيجة وبسبب الإسلام السياسي الجزائري، الذي هو أشد تطرفاً بالأصل. إنّ إشعال الساحة الجزائرية، عبر نقل الصراع والقتال وعدواهما، من طرابلس إلى الجزائر، عبر مؤامرة مخابراتية- سياسية، من مثلث إطراف واشنطن باريس لندن، وبالتنسيق مع القوى العسكرية الفاعلة على الأرض في ليبيا، من شأنه تحقيق عدّة أهداف إستراتيجية هامة:- يسمح بالتخلص من آلاف العناصر الجهادية المسلّحة المتواجدة الآن في ليبيا المحتلّة نيتويّاً، وهذا يسهّل على الناتو ترتيب الأوضاع في ليبيا المحتلّة، وفي ظل وجود ومشهد جديد ما زال مفتوحاً على كلّ شيء الاّ الأستقرار، فعدم وجود هذه العناصر المسلّحة الإسلامية المعيقة، للترتيبات الناتويّة القادمة والتي ظاهرها للساذج رحمة وباطنها للمتابع عذاب، يساهم الى حد ما انتاجات لتوليفات حكم متعددة وليس توليفة حكم واحدة، تكون بمثابة خلفيات عميقة للأرهاب المراد ادخاله الى الجزائر من جديد. وإشعال الساحة الجزائرية، ومحاولة إسقاط النسق السياسي فيها، يعني إضعاف القدرات الجزائرية، وتحول الجزائر، إلى دولة فاشلة، أكثر فشلاً من دولة اليمن المعتدى عليه عربياً، وهذا الأمر تسعى له تحديداً، المخابرات الفرنسية، حيث فرنسا تعيش، حالة قلق سياسي عميق، على نفوذها في مناطق شمال وغرب أفريقيا، من خطر تعاظم قوّة الجزائر، وتحولها إلى قوّة إقليمية نافذة وفاعلة وناجزة باسناد روسي واضح. وإشعال الساحة الجزائرية حرباً وقتالاً عنيفاً، من شأنه أن يتيح إلى جانب التخلص، من العناصر الجهادية الإسلامية، المسلّحة الليبية والجزائرية، يقود إلى التخلص أيضاً، من العناصر الجهادية الإسلامية المسلّحة الموجودة، في أوروبا كخلايا نائمة، بحيث تقوم أجهزة المخابرات الأوروبية، على دفع وتسهيل مسألة هجرة، هذه العناصر الإسلامية المسلّحة، والمتواجدة على الساحات الأوروبية، للذهاب إلى الجزائر للقتال والمساهمة، في إسقاط النسق السياسي الجزائري. وإشعال المسرح السياسي الجزائري، سوف يأخذ طابع العنف السياسي الديني، المرتفع الشدّة، وطابع عسكري دموي، وهذا يعني ببساطة: حرب أهلية إسلامية اثنيه عميقة حرب جزائرية – جزائرية. إنّ خط العلاقات الجزائرية – الروسية، صار أكثر إدراكاً ووعيّاً، لجهة أنّ واشنطن، تسعى لجعل دول الإتحاد الأوروبي، تحصل على إمدادات النفط والغاز، من ليبيا والجزائر لاحقاً، وهذا من شأنه أن يبطل مفعول مشروعات روسيا الفدرالية، والتي تهدف لجهة احتكار، تزويد أسواق الإتحاد الأوروبي، بالنفط والغاز الروسي، وهذا من شأنه أن يضر بمصالح روسيا والجزائر، ويؤثر على معدلات النمو الاقتصادي الروسي وهذا ما تسعى إليه أطراف مثلث:- واشنطون باريس لندن. ورغم محاولات مجتمع الأستخبارات الجزائري للوصول الى حالة استقرار معقولة في الشمال المالي، الاّ أنّه من المعروف أنّ منطقة شمال مالي وخاصةً إقليم(أزواد) تخضع حالياً لسيطرة متمردي الطوارق أو نفوذهم، وجماعات إسلامية متشددة ومنها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي الإسلامي، وجماعات جهادية أخرى متحالفة معه، والقرار الدولي في التدخل العسكري في مالي آواخر عام 2012 م في حينه، كان بحجة القضاء على المتمردين الطوارق ومن ارتبط بهم من حركات جهادية مسلحة بجانب تنظيم القاعدة، لكن الهدف منه كان محاولة لنقل الصراع إلى داخل الجزائر عبر توريط الجزائر بهذا الصراع، والذي يشبه شبكة العنكبوت لجهة شكل خيوطها، ليصار إلى تثوير الشارع الجزائري ضد نسقه السياسي التحرري العروبي. فيا بعض بعض العرب، ويا بعض بعض أمتي، ويا بعض بعض قومي، من أيّ صلصال قدّت قلوبكم؟ وعبر أيّ مدرسة صيغت ولقّحت عقولكم؟ يا نتاجات فكر ابن تيمية، عليكم أن تشكروا مجلس الأمن الدولي الآن وبعمق، الذي طالما حاربكم وكانت قراراته تقتل شعوبكم، وعبر الفيتوهات الأمريكية على مشاريع قراراتكم المصاغة باللون الأزرق، بعد أن عمّدت بالدماء القانية في فلسطين المحتلة، اليوم يا بعض العرب لا فيتو على مشاريعكم ولا على مطالبكم، كونها مشاريع تقتل العرب بالعرب وتزيد الانقسامات الأفقية والعامودية بينكم، إنّ ما يجري في حواضركم يا بعض العرب، إن في اليمن الذي يذبح من الوريد إلى الوريد بسكاكينكم المسمومة، وخناجركم المغروسة بالخواصر، وان في سورية التي تستنزف شعباً وجغرافيا وديمغرافيا، ونسقاً سياسيّا مقاوماً، وان في العراق المراد تقسيمه إلى ثلاث دول، وان في ليبيا والتي صارت أرض وبلاد مملوكة على الشيوع لأسفل خلق الله، وما يحضّر للجزائر الدولة والدور والمقدّرات والشعب والنسق السياسي، وجلّ جلّ دول بلادنا وساحاتنا الضعيفة والقوية على حد سواء، هذا الذي يجري كموت زؤام هو مشاريع لتدمير الإنسان العربي، وسوف يكشف المستقبل لنا وقريباً، وسيسجل التاريخ وبرأس الصفحة الأولى، إنّ الذين دمّروا ما تبقى من العروبة هم العرب أنفسهم، وستكشف الأرقام حجم ونوع المال الذي دفع من قبل العرب لإحراق بيوتهم وجنّاتهم. وفي ذات السياقات الزمنية تطرح فيها المشاريع الاقتصادية الكبرى، ولكنها وهمية لإلهاء الشعوب بمستقبل وهمي خيالي غير واقعي، لا يمكن أن يكون مشرقاً حيث القرار مرهون بيد الخارج الباحث عن مصالحه عبر بعضنا كوكيل. اليمني بمكوناته، لم يلجأ حتّى اللحظة إلى خياراته وهي مفتوحة في مواجهة العدوان العربي عليه، حيث طبّق حتّى اللحظة إستراتيجية الصبر بدقة وعلى طريقته وبانضباطيّة فريدة من نوعها، وان كان باعتقادي ردّ ردّاً مزلزلاً في عدم الرد العميق ومارس ردّاً متدرجاً وقد يتعمّق لاحقاً بأثره على الداخل السعودي(الرياض تحاول أن تنزل عن الشجرة بالموضوع اليمني تحديداً، فجاء مقتدى الصدر اليها، ومقتدى هذا هو بمثابة المعادل الشيعي الموضوعي لأبي بكر البغدادي الوهابي)، فعرّى اليمن المقاوم العدوان البربري عليه، وعرّى مجمل بنك أهداف العدوان الوحشي. اليمني خذله البعض العربي، والبعض الإسلامي، والبعض الغربي، كما خذله مجلس الأمن الدولي، حيث قبل اقتراح المعتدي(الجلاّد)وأهمل الضحية وجلدها مع المعتدي وذرف دمعاً كذباً عليها. إنّ قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص الحدث اليمني إغراقاً للمعتدي في مستنقع الحدث اليماني، والمراد من خلاله إعادة انتاجات للمعتدي عبر تقسيمه كجغرافيا. لم يتوقف المعتدي من البعض العربي أمام قول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما له: أنّ الخطر الحقيقي عليكم هو من دواخلكم ومنتجات مدارسكم الفكرية وليس من إيران، واليمن بالمناسبة ليس فارسيّاً. والهدف تكبير قدرات العدوان على اليمن والنفخ فيها، وأحسب أنّه ليس أمام البعض العربي سوى بغال الإرهاب العالمي الوهابي، نتاجات فكر ابن تيميه، والأخير نتاج بيئته القاسية في حرّان، عودوا إلى التاريخ الذي لا يكذب، والى حقبة ابن تيميه، وعودوا إلى ما قاله ابن عبد الوهاب عندما سأله صديقه: يا محمد ما تقوله دين جديد، أهو منفصل أم متصل؟ أي عن فلان عن فلان عن فلان(عمليات العنعنة هذه) فقال: بل منفصل، فصعق السائل وجنّ المسؤول بقوله بل منفصل، أي أنّه يوحى له من الله. ومع ذلك ما زال المعتدي يحاول جاهداً ًتظهير عدوانه على اليمني بأنّه جهاد مقدس، ومن منطلق طائفي، وما نشاهده كل يوم في حارات وشوارع وأزقة اليمن حتّى الآن، جثث لأطفال مسجاة على التراب، شيوخ تستنجد، أمهات تنحب، والمعتدي يضع على مائدته(ما لذّ وطاب)من مأكل ومشرب مصحوبة بقهقهات هنا وهناك، حيث المعتدي لم يحترم البند الثامن من ميثاق ما تسمى بالجامعة العربية( يحظر ويمنع تدخل أي دولة عربية في شؤون دولة عربية أخرى)، كذلك لم يحترم ميثاق الدفاع العربي المشترك، ولجأ إلى مجلس الأمن الدولي ليشرّع اعتدائه الذي بدأ به قبل لجوئه الأممي الأخير، وظنّ أنه حصل على مبتغاه في حين أي مبتدئ في العمل السياسي، يعرف أنّه إغراق له في وحل التراب اليمني لا أكثر ولا أقل، وها هو يبحث عن حل في الكويت وغيرها، عبر الأمم المتحدة الشريكة في العدوان على اليمن، بالرغم من أنّ الكويت لا أعتقد أنّها ستكون حيادية بسبب الضغط السعودي المتواصل عليها، بالرغم من رغبتها في حل المأساة اليمنية والمتاهة اليمنية بالنسبة للسعودي. على من تبقى من العرب ولم يطق عرق الحياء فيه، نصرة صنعاء في مجابهة هذا العدوان الهمجي والوحشي البربري، والذي لم يفلح في تحقيق أي انتصار عسكري سوى الفتك تلو الفتك في أرواح الأبرياء، وانتشرت القاعدة وداعش أفقيّاً ورأسيّاً هناك، وها هو الأمريكي يعود الى خليج عدن عسكرياً عبر حاملة الطائرات روزفلت وفرقاطات عسكرية، عائداً الى قاعدة العند في الجنوب بعد أن انسحب منها في السابق، ويرسل جنود الى المكلا في حضرموت وتحت عنوان مواجهة القاعدة وداعش وبناءً على طلب اماراتي ومنذ أشهر، في حين أنّ هدفه الأستراتيجي مواجهة ايران هناك وتركيا بعد قاعدتها في قطر وتواجدها العسكري في جنوب اليمن، وقاعدتها في الصومال، والمعتدي يستنزف الآن ويغرق يوماً بعد يوم، وشهر بعد شهر، وعام بعد عام، والمفارقة أنّه يضع رؤية اقتصادية فضائية عجز عنها الغرب لتنويع مصادر دخله، وهنا أسأل الكوادر الرسمية في دول الناتو العربي(التي تشن العدوان على اليمني الطيب الفقير)صاحبة القرار هذا، أين كانت طائراتكم يوم ارتكبت اسرائيلهم المجازر في غزّة؟ في النهاية سينتصر المشروع المقاوم الممانع على المشروع الفتنوي الإرهابي الوهابي. وصحيح أنّه لا أعداء للسعودية في واشنطن(ان من الديمقراطي وان من الجمهوري)، ولكن لا حلفاء لها في حروبها الحالية، الأمريكي يقول: دعوها تتورط وأنا أوفر لها السلاح أكثر. الروس يعلمون أنّ شوكة القاعدة ستقوى نتيجة هذا العدوان والغرب يعلم ذلك أيضاً، فلماذا يسمح الغرب للسعودية بعمليات عسكرية ستقود بالنهاية إلى تقوية القاعدة، وعلى حساب الحوثي إذا ما حققت الغارات الجوية أهدافها وحتّى اللحظة لم تحقق شيء يذكر؟. من الواضح هناك شيء مخفي يتجاوز المصالح الاقتصادية والتناحر السياسي، فبنك الأهداف للناتو العربي في اليمن انتهى، ولكن في النهاية سوف تتحول هذه الغارات لسكين على رقاب أصحابها، وسوف تخسر الرياض حلفائها في اليمن، أنصار الرئيس الهارب هادي منصور، كونها غارات تطال الجميع وتطال القاعدة والدواعش والقبائل المؤيدة لها، بعبارة أخرى تطال كل أدوات الرياض في الدواخل اليمنية المتشعبة، وسيكون أمام الرياض خيارين اثنين: إمّا حرب برية غير مستبعدة وهي مقامرة ومغامرة، أو تقوية أدواتها للانتصار على الحوثي، والخيار الأخير مشكوك فيه، كونها إذا فعلت ذلك الرياض، فهي سوف توجد دولة القاعدة على حدودها حيث ارتداد هذه الجماعة أو الدولة القاعدية على السعودية ممكن وبقوّة عندما تحين الفرصة. القرار الدولي الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع، والذي أدان الحوثي، هو قرار في النهاية لإغراق السعودية بحرب إذا ما وجد الحل السياسي ستكون طويلة جداً، وهو قرار غير عملي وغير فعلي في لغة الميدان، وبدون مفاعيل وتفاعلات، حيث السلاح متوافر في الداخل اليمني وبكثرة ومن مختلف الصنوف والأنواع بشهادة قادة الناتو العربي، ويكفي الحوثي ومعه باقي المكونات اليمنية، المحافظة على حدوده وهذا انتصار له، وفي نهاية هذه المسرحية الملهاة سيكون الناتو العربي بحاجة إلى وسيط يخرجه من هذه الحرب، ومن هنا يمكن تفهم امتناع موسكو عن التصويت وتمرير القرار بخصوص اليمن، كونه لا يقدّم ولا يؤخّر بشيء، سوى إغراق المعتدي بالوحل اليمني أكثر فأكثر. 
mohd_ahamd2003@yahoo.com