2024-04-25 01:19 ص

كيانان هزيلان تحت الاحتلال.. والمصالحة الفلسطينية لن تتحقق الا بانتفاضة شعبية

2017-08-12
القدس/المنـار/ مشروعان على مسارين متوازيين، لا نقطة التقاء أو اندماج بينهما، حتى جرهما محال، وكل خط منهما تمسك به جهات ليست معنية بأي تقارب بين المشروعين، وهما المشروع الوطني الفلسطيني وترفعه السلطة الفلسطينية "حركة فتح"، والمشروع الثاني ترفعه حركة حماس أحد فروع جماعة الاخوان، ذات البرنامج المرفوض في الساحة العربية والذي تلقى ضربة مؤلمة على أرض الكنانة، وحوصر فوق أرض سوريا، وتجري محاربته في اليمن وليبيا، وفرع الجماعة في الاردن مشلول تماما، فهو "متساوق" مع النظام هناك، حيث فرع الجماعة لا يتجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة.
مضى على الانقسام في الساحة الفلسطينية عشر سنوات، وملف المصالحة يراوح مكانه، وتولته الكثير من الأيدي دون احراز أي تقدم، وازدادت تداعياته حدة في الساحة الفلسطينية واستغلته قوى اقليمية ودولية وراحت تشكك في مسألة التمثيل الفلسطيني، وانقسمت هذه القوى الى قسمين، في التعاطي مع الملف الفلسطيني، الأول يسعى لاسقاط المشهد السياسي الفلسطيني في رام الله والاخر يسعى لاسقاط حكم حماس في غزة، في حين ترقب اسرائيل هذا الوضع المستفيدة منه، ولديها من الوسائل الكثير، ترفع بها للابقاء على الانقسام، وأحيانا من خلال وكلاء عرب، وهذا ما يفسر ترويج تل أبيب للطرح القائل، بأن ليس هناك شريك فلسطيني للحديث معه، وتساوقت مع هذا الطرح الخبيث جهات اقليمية ودولية، كل هذا بفعل استمرار الانقسام.
في الآونة الاخيرة ـ دون تفصيل ـ تبودلت المبادرات بين طرفي الانقسام لتحقيق المصالحة، وازدادت خلال وبعد معركة الاقصى، وأدلت بعض الفصائل بدلوها، ولم تتخلف بعض الدول عن اللحاق بركب المبادرات..
مبادرات السلطة وحماس، يغلب عليها الطابع الاشتراطي، وبالتالي، فشلت جميعها، واندلعت حرب المبادرات في الساحة الفلسطينية، و "الناطقون" ــ وهم كثر ــ أشعلوها تصريحات وولعوها ردودا، بنفس العبارات المحفوظة عن ظهر قلب منذ سنوات، دون الرجوع الى بنود هذه المبادرات دراسة وتقييما أو بحثا عن نقاط مشتركة لجسر الهوة!!
وهذا الانقسام دفع الجانبين الى تجنيد الاعلام ـ ونسبة الاطلاع عليه فلسطينيا لا تذكر ـ فهذا حال الاعلام الرسمي في غزة ورام الله ـ واستقطاب قوى خارجية، وطرق أبواب التحالفات المتشكلة على مدار الساعة.
قلنا في (المنــار) منذ سنوات أن مشروعي طرفي الانقسام متباينان لا يلتقيان، وعنادهما لن يؤدي الى مصالحة، والسبب الرئيس أن مصالحة بينهما ليست في مصلحتهما، واستمرار القطيعة بينهما في "سدات الحكم"، وعلى سبيل المثال، اذا انطلقت مظاهرة من أحدهما ضد الاخر لن تنجح أو تتحقق أهدافها، فالشارع للاسف منقسم على نفسه، وبالتالي، كل مرتاح في الجزء الذي يحكمه، ولا تهديد لهما الا بظهور طرف ثالث مستقل هدفه الاول والوحيد هو حماية الساحة وازالة شرور الانقسام وتوحيد مواطنيها، وهذا لن يتأتى الا باسقاط الطرفين المتصارعين، ولا في الافق حتى الان ما يبشر بذلك، من هنا، كلاهما يتخذ اجراءاته ومواقفه وخطواته بدون غطاء أو بعد دستوري، وكلها مخالفة للمنطق والصدقية، تعزز الانقسام وترسخ الفصل بين جناحي الوطن، وكلاهما يتصرفان دون وعي من حيث الاستقطاب وكسب الانصار، غير مدركين لخطورة ذلك ونوايا "الاصدقاء" المليئة بالشر والخبث.
المصالحة لم تعد ممكنة، وراعية السلام "واشنطن" غير معنية بأي حلول للصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، واصدقاء أمريكا واسرائيل موزعين على طرفي الانقسام، في تبادل أدوار كل معالمه واضحة، والتعليمات لهؤلاء الأصدقاء من الراعي الأكبر، لا مصالحة والابقاء على الانقسام.
ما يدور اليوم ونشهده بكل ألم وحسرة وقلق أن نظامي الحكم بتسابقان في اتخاذ الخطوات التي تقوي وتعزز قواعدهما، ولكل طروحاته وتفسيراته، واتهاماته وادعاءاته، وناطقيه، ووسائل اعلامه، والحرب مستمرة والأخطار والانعكاسات السلبية تعصف بجناحي الوطن، ومع أن كليهما مستهدف، الا أنهما لم يدركا بعد، أو أن المنافع الذاتية والتصارع بينهما دفعهما الى أن يكونا شريكين في تعميق الانقسام.
والأيام القادمة سوف تشهد المزيد من خطوات تكريس الانقسام، والعالم ينظر الى ما يجري بهزؤ وسخرية وتشفي، والقوى الخبيثة المنسقة الى درجة التحالف مع اسرائيل تواصل تسللها لتصفية القضية الفلسطينية.
لا أحد اذن يتحدث عن المصالحة، فلن يقبل طرف مبادرات وطروحات الطرف الاخر، حتى جهود الوساطة عقيمة، وتدور في حلقات مفرغة، وهناك من المنتفعين من لا ينام الليل، ليواصل ردود القطيعة وتصريحات اشعال النيران واغلاق أية منافذ قد تساهم في تحقيق المصالحة، التي لن تنجز الا بانتفاضة شعبية تفرض على طرفي الانقسام رغبات الشعب المنكوي بنيران هذا الانقسام المخزي.
ان معركة الاقصى لم تدفع الجانبين الى التلاقي، رغم تصريحاتهما خلال هذه المعركة المقدسة، واستعداداتهما لتجاوز الخلافات، الا أنهما عادا للتمترس في خنادق القطيعة، والى أن ينتفض الشعب، وينهي هذه المأساة ويضع حدا لـ "مهازل" المتصارعين وعنادهم، نقول: الله يستر!!