2024-03-28 04:40 م

الأقصى ... بوابة عبور

2017-07-28
بقلم: يحيى محمد ركاج *
أتى توقيت الأحداث الصهيونية في المسجد الأقصى مدروساً بعناية ودقة فائقة، خاصة إذا ما نظرنا هذه المرة بنظرة إبدال الطربوش المسيطر في المنطقة العربية بين قطر التي فشلت في تسويق الاسلام السياسي عبر أداتها الجزيرة، وبين الإمارات صاحبة المال السياسي والسمعة المالية المشبوهة، والمملكة باعتبارها بلاد الحرمين وصاحبة المغامرة الأخيرة باستبدال ولي العهد تمهيداً لاستبدال الملك نفسه في سابقة ليست الأولى من نوعها بالخليج والممالك العربية الأخرى المشابهة، لكنها تعتبر سابقة هي الأخطر بينها لأنها في هذه الأوضاع تمثل بوابة العبور بين الآمان المؤقت أو الجحيم بالنسبة لدول الخليج وثرواتهم إن لم نقل للمنطقة برمتها. وكما أشرت في مقالة سابقة لاستثمار هذه الدول للفتاوى الدينية وتسخيرها بما يخدم ويهيمن سيطرتهم على المنطقة إعلامياً على أقل تقدير وأمام شعوبها، لأن السيطرة النهائية وفق هذه السيناريوهات هي لصاحبة الكلمة الموجهة -أمريكا- التي أمنت لهم كراسي الحكم وصانته لعائلاتهم من بعدهم. فإنني في هذه المرة سوف أتناول حادثة الأقصى من بوابة إبدال الطربوش السياسي وتسويقه ليكون مقبولاً لدى الشباب العربي والاسلامي الذي لا يزال يرفض فكرة استبدال عدائه للصهاينة بالعداء لإيران رغم حملات التشويه الإعلامية الضخمة التي قادتها دول الخليج نفسها تحت ستار ديني ومذهبي. إن سيناريو الأحداث الأخيرة التي تشنها عصابات الكيان الصهيوني في الأقصى سوف ينتج عنها عدة مدلولات تقود بنهايتها إلى تمكين أكثر للكيان الصهيوني في القدس والأقصى، ومن ثم المنطقة ما لم يقف في وجهه حلف المقاومة الذي تحاول معظم الدول إشغاله بالإرهاب الموجه ضده، فعلى مستوى الكيان الصهيوني إن هذه الأحداث تزيد من تسريع عمليات هدم معالم المسجد الأقصى المدروسة الذي تعمل عليه عصابات الكيان، من خلال هدم بعض المعالم مباشرة وتغيير معالم أخرى تمهيداً لهدمها فيما بعد دون إحداث مواجهة كبرى مع الفلسطينيين على اعتبار أن لمامة الأعراب خارج حلف المقاومة -الذي يواجه الإرهاب- في سبات، ولن تتحرك بعض دول هذه اللمامة ما لم تأخذ الضوء الأخضر من الكيان بأن ما أراد إنجازه في هذه المرحلة من الهدم قد تم. وعلى مستوى باقي الدول المنخرطة في تدمير المنطقة، وهي ضمن فئتين، الأولى أنهت حراكاً داخليا مشبوهاً والثانية تبحث عن دور إقليمي لها بمساعدة الأولى، فإن هذه الأحداث التي يقوم بها الكيان في الأقصى هي بمثابة بوابة العبور نحو الأمان النسبي لها، حيث تقوم إحدى الدولتين أو كلاهما معاً منفردين أو ضمن شراء تحالف لإعلان مواجهة ما يحدث في الأقصى، فيكون إعلانها بمثابة الحقن المخدرة لشعبها وشعوب الدول العربية والإسلامية المغلوب على أمرها مع حكوماتها، وتصبح هذه الدول هي صاحبة الطربوش السياسي في المنطقة في المرحلة القادمة. إن هذه الأحداث في الأقصى سوف تنتهي قبل انتهاء حلف المقاومة من عملياته النوعية التي يقودها في مواجهة الإرهاب الموجه ضده، حتى يتسنى للكيان تحقيق أهدافه الحالية والمستقبلية، عبر حلفائه غير المعلنين بوضوح في المنطقة، ليبقى الرهان الأكبر على وعي شعوب هذه الدول وإدراكها لما يحاك ضدها بعيداً عن الإعلام الموجه لتخديرها تحت مسميات مذهبية وطائفية، وبعيداً عن تجميد عقول الشباب في التأطير النظري لعدم المقدرة على العمل والمواجهة. كما نأمل أن تكون هذه التحولات في المنطقة تكون درساً تتعلم منه بعض قيادات حركات المقاومة حتى لا تزج بنفسها في أحداث تلهيها عن قضيتها تحت ستار الإعلام الطائفي الموجه لتدميرها، وحتى لا تتشرد في الشتات مجدداً بعيدا عن أرضها كما يحدث هذه الأيام لقيادة حركة حماس. عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية قلب العروبة النابض.
*باحث في السياسة والاقتصاد (سورية)