2024-03-28 11:35 ص

يا قدس.... وتمخض الخليج

2017-07-23
بقلم: طه يونس
بداية دعونا نتفق على قاعدة مهمة وهي: أن هناك ألفاظ ما وجدت في قاموس اللغة إلاَ لتستخدم. تجول في راس أي عربي ، مسلم كان أو مسيحي العديد من الطلاسم الغير مفهومة ، والتي لا يستطيع أن يجد لها جواباً شافياً في رأسه ، وحتى إن أتعب أصابع يديه وهو يمسك بجهاز تحكم التلفاز ليتنقل بين القنوات العربية والدينية رسمية كانت أو خاصة جاهدا نفسه لعله يستطيع الفهم لما يجري في القدس فيجد الأمر يزداد تعقيداً وتزداد الأسئلة هرولة الى رأسه ، وتبدأ الدموع تنهمر من عينيه معونةً له من العلي القدير علّها تغسل بعض همه وألمه على أمة ما عاد يخفي على أحد أنها تاتمر بأمر بني صهيون وربيبتهم أمريكا. استطاع عربان وجرذان الخليج وبناء على تعليمات مشغلهم الصهيوني أن يمهدوا الساحة العربية للكيان الصهيوني كي يهدم الاقصى وليس فقط ليغلقه او يضع بوابات تحكم صهيونية عليه ، فاختلقوا ازمة اسموها ازمة الخليج بل الصراع الخليجي وراح كل عربي يحاول ان يجد لنفسه صفاً في هذه الأزمة إما مع السعودية وجماعتها وإما مع قطر وحلفاؤها ، أما من اصطف مع السعودية فهم من أرادوا أن يضعوا حداً باسهل الطرق لإراحة أنفسهم من مصيبة النضال والجهاد وأنه آن الأوان أن يأخذ الكيان الصهيوني مكانه وسط هذا المحور بكل صلافة وجلافة فهذا المحور لايستحي ان يجاهر بعلاقاته المميزة والمتقدمة مع الكيان ووجدناه سياسيا عبر بعض أقزامه امثال الصهيوني أنور عشقي واميره الدعي الطليق ابن الطليق ابن سلمان يجاهرون ويفاخرون بذلك ، اما دينياً فنجد مشايخ هذا المحور بدءاً من إمام البيت الحرام ومروراً بمشايخٍ احتلوا الفضائيات والمنابر وسبحان رب العزة جميعهم على وزن القريفي خبأوا لحاهم واندسوا في جحورهم فالقدس ليست دمشق ليطلوا برؤوسهم ونأوا بلحاهم المقززة ولم يهمسوا ببنت شفه وموقفهم السلبي هذا يعري عوراتهم ويفضح حقيقة لحاهم والذي يقضون الساعات في حنائها فهم ليسوا أكثر من ابواق سلطان ويعلمون أنهم مشايخ صهيونية ليسوا أكثر . أما المحور القطري فهو أعظم مصيبة فهو محور صهيوني بامتياز فهو ومنذ عام 1995 وهو يُنَظِّر للكيان الصهيوني عبر قناته والتي استطاعت أن تخدع عدداً لا بأس به ممن كانوا يحتسبون أنفسهم من تيار المقاومة فتلك القناة لا تنفك يوميا أن تدخل لبيوتنا أحد رموز الصهيونية تحت فكرة الرأي والرأي الآخر, هذا المحور والذي يتحد معه حركة الإخوان المسلمين ومن التف لفيفها ورغم علمهم ان تميم وأبوه من قبله ما هو إلا ربيب للصهيونية ومع ذلك ارتضوا لأنفسهم وكياناتهم أن ترتمي في حضن قطر وبالتالي في حضن أمريكا والكيان، هذا المحور والذي يكذب بكل صلافة ويدعي أنه يصطف بل يقود محور المقاومة ويخدع العديد العديد من العرب والمسلمين بل والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية. هذه الخارطة التوضيحية حاولت رسمها باقتضاب لفهم كيف تركت فلسطين والقدس والأقصى وحيدة تصارع الكيان الصهيوني ومعه العالم العربي بمحوريه السعودي والقطري، واصبح الفلسطيني بل قل العربي الصادق والمسلم الخالص والمسيحي الوطني يدرك أنه في صراع كوني لتحالف دولي رأس حربته الكيان الصهيوني ونصاله سعودي قطري تركي. أدرك ويدرك أي مقدسي الهوى والهوية أنه في حربه يجب أن أن يدرك أن ظهره للجدار ومثاله الاعلى في ذلك جند طارق بن زياد عندما وضعهم وجها لوجه مع العدو وأحرق سفنهم من خلفهم، وفي حالة الأقصى والقدس فالأمر كذلك تماما فالبحر الذي كان يجب أن يكون عوناً لجند طارق ويشكل لهم عمقاً اضحى يشكل لهم وعليهم الموت والتهلكة ، وفي حالة القدس والأقصى اصبح العمق العربي خنجراً ساماً في ظهر الأقصى والقدس، لذا وجب على مرابطي الأقصى ان يدركوا أن يركنوا ظهورهم للجدار هو أأمن وأفضل لهم ولمعركتهم. جرذان الخليج أصمتوا شعوبهم وماعادوا يشكلون عمقاً لفلسطين والقدس والتيار السعودي وصلت به النذالة والحقارة والخيانة أن يقول ان ما يحدث في الأقصى هو تخطيط قطري للخروج من الأزمة الخليجية، والتيار القطري التركي المتشدق بالاسلامية والوطنية يكيل التهم لآل سعود وأن ما يجري في القدس ما كان ليجري لولا خيانة هذا الجانب ، والحقيقة هي أنه لولا تواطؤ الطرفين ومشاركتهم ما كان ليجرؤ الكيان الصهيوني للمساس بالأقصى لولا الدعم الهائل الذي تلقاه من الجانبين المُستعرِبَين. أما تيار المقاومة والذي انشغل بدرء وصد الهجوم الصهيوني الغربي عليه وأصبحت آنياً معركته المركزية ضد قوى الظلام الداخلية المرتبطة بأجندة صهيونية ، وهذا ايضا لا يعفيهم من الدور المنوط بهم إن كانوا صادقين في توجههم عن الأقصى ولابد لهم من القيام بخطوات عملية تجاه القدس والأقصى وعدم الاكتفاء بوقفات التضامن المفرغة من محتواها فمثلا كان يمكن تأجيل معركة جرود عرسال مع أهميتها وضرورتها وتوجيه الحراب صوب فلسطين ولأقصى وكي لا يفهم الببعض ذلك خطأ أكرر مع أهمية وضرورة تحرير جرود عرسال ونزع الخنجر المسموم من ظهر المقاومة هناك وفي سوريا واليمن والإلتفات للأقصى لأن الله وعد حزبه بالمنتصر والغالب والانتصار للأقصى والقدس هو الحزب الغالب ولن يخذله الله. أما فلسطينيا والوضع هنا لا يختلف كثيراً عن الوضع العربي والخليجي حيث نرى أن الساحة الفلسطينية تنقسم بين المحورين إما السعودي ويمثله رأس السلطة ، وإما قطرياً تركياً وتمثله حماس ومن التف لفيفها اقول دعوكم من المزاودات وجلد الذات وتبادل الاتهامات، فإن كنتم حقاً جديرون بقيادة السفينة هاهي القدس تناديكم وصوبوا مدافعكم تجاهها لا اتجاه بعضكم البعض، وإن كانت السلطة متمثلة في ابو مازن قد اتخذت خطوة للأمام من خلال وقف كل قنوات الإتصال مع الكيان الصهيوني فإنه حان دور المقاومة أيضاً لاتخاذ خطوات تصعيدية مماثلة وتلك هي الحالة الوحيدة والتي تستطيع ان تعيد البوصلة الى اتجاهها الصحيح والطريقة الوحيدة القادرة على اعادة المركزية للقضية الفلسطينية ، ودعوكم من انتظار الدعم العربي والاسلامي ، فتحرككم هو من سيجلب لكم الدعم والعمق بعدما خسرتموه في ترهات الانقسام . حينها لن يجد مسلم نفسه مضطراً لترك صلاة الجمعة لترك الصلاة ومغادرة المسجد عندما يعتلي المنبر رجل دين اعمته وهابيته السياسية عن رؤية ما يجري في القدس والأقصى وتكون خطبته كيف يعلم الناس مناسك الحج نسي أو تناسى أن الصلاة فرضت عليه من الأقصى وفي الأقصى عندما سُرِيِ بالرسوال الأعظم صلوات الله عليه وآله وكان حريٌّ به أن يتناول القدس مهبط العبادات على المسلم ولو بدعاء. وإلى أن نلتقي لأن للحديث بقية.
* مدير مؤسسة 48&67 للاجئين شمال هولندا