2024-04-25 06:19 م

الطبول المسموعة قد تكون للحرب

2017-07-08
بقلم: ايهاب شوقي*
الطمأنينة الزائدة لبعض التحليلات التي تصب في صالح عدم التصعيد وعدم الانزلاق الى حافة الحرب وان ما يحدث بالإقليم وكذلك بالساحة الدولية هو نوع من التصعيد بغرض التسويات، قد تكون مستفزة الى حد ما اذا ما تم ربط المشاهد وتعميقها، وعلى الأقل فإن هذه الطمأنينة لا تراعي الجدية الكافية للتعاطي مع الاحداث.

نعم، لا يستطيع احد ان يجزم بمآلات الصراع وهل سيتوقف في اللحظة الاخيرة للجلوس على الطاولة بنظام سلة المفاوضات، ام سينزلق بلا عودة الى منحدر الحرب.
ولعل هناك من الالتباسات التي تجعل هناك هامشا واسعا من الاحتياط لدى كل من يحاول التصدي للتحليل او التوقع، الا ان هناك نقاطا لا يجب اغفالها ويجدر القاء الضوء عليها.
الأزمة الخليجية الأخيرة تقع قطر في عنوانها بينما تقع كل من ايران وتركيا في خلفيتها، فالتمدد الاقليمي للدولتين هو محل النزاع وان كانت هناك اختلافات جذرية بين الدولتين وطبيعة التمدد وفي ما يصب.
فالتمدد الايراني هو تمدد نفوذ ويصب في صالح مقاومة المشروع الصهيو اميركي وهناك تناقض بين ايران ومشروعها و"أمن اسرائيل" وهو نقطة جوهرية فيما يحدث بالاقليم حيث تحارب القوى المهددة لأمن الكيان الاسرائيلي من جهة وتعطى شرعيات الحكم لمن يتعهد بأمن الكيان من جهة أخرى.
اما التمدد التركي فعنوانه ليس النفوذ فقط عن طريق دعم تنظيم الاخوان والطمع التركي في اعادة الخلافة العثمانية ولو معنويا وانما يتخطى ذلك بتجرؤ عسكري يتناقض مع خطط اميركية ويعرقل بعض تفاصيل مشروعاتها.
والمتابع لتقارير المراكز الاميركية يلمح غضبا اميركيا على اردوغان بدعاوى الديكتاتورية والانقلاب على الديمقراطية وهي من نوع انتقادات الحق المراد بها باطل فحواه الضغط للتماهي كليا مع المشروع الاميركي دون عراقيل حتى لو كانت تمس بالامن القومي التركي كما يحدده اصحابه!
اذاً قطر يرونها رأس حربة لتركيا وايران والمراد تصفية ذلك الجسر ونسفه ليصبح امن الخليج(الفارسي) مرادفا لامن "اسرائيل".
كذلك تسارع الخطوات لتأمين الكيان الاسرائيلي عبر اجراءات عملية بتأمين المضايق مثل مضيق العقبة عن طريق تدويل جزيرة تيران والتواجد الاميركي على الحدود السورية العراقية في التنف كمحاولة لقطع التواصل السوري العراقي والدخول الاسرائيلي المباشر في الحرب على اليمن كما تؤكد التقارير المعتبرة، كلها اجراءات ومؤشرات على الاعداد لاعمال عسكرية شاملة وعلى اكثر من جبهة.
والقاعدة المزمع انشاؤها في البحرين لا تكاد تخلو من احتمال كونها قاعدة للناتو العربي على جبهة قريبة من ايران على غرار اقتراب الناتو من روسيا في اوروبا الشرقية!
هناك مشاغلات اميركية للصين في بحر الصين الجنوبي ومشاغلات لروسيا عبر اوكرانيا وتصعيد جبهات متعددة يعني فيما يعنيه التشتيت والاستنزاف لعدم التركيز على منطقة الشرق الاوسط ومحاولات لمقايضة الجبهات!
ان التسليم الاميركي الصهيوني بالامر الواقع لا يعني سوى الاستسلام لان الامر الواقع هو هزيمة مدوية برغم حجم الخسائر والتضحيات في جبهة المقاومة الا ان النصر الاستراتيجي ناصع وهو ما يفضي الى احتمالية الخيار شمشون!
والبدائل الاميركية الصهيونية لقطع الطريق البري بين طهران ودمشق عبر العراق بطرق ملتوية وعبر الوكلاء قد استنزفت، حيث ان هذه الطرق عبارة عن زرع الفتن الطائفية والعرقية في المناطق الحدودية وتأليب الطوائف الموجودة في محيط المعابر عبر حرب سنية شيعية او عربية كردية او حتى استفزاز تركيا للتدخل وخلط الاوراق، وهذه الطرق ربما استنزفت بعد خسائر الجميع والمآلات التي انتهت اليها هذه التجارب وهو ما يصب في صالح التدخل عبر الأصلاء لا الوكلاء.
والصفقة الضخمة التي اتت بابن سلمان للعرش مقابل التطبيع، والتقارير التي تصب في تنصيب الوليد بن طلال قريبا كأول سفير للمملكة في الكيان الاسرائيلي وما يقال حول صفقة القرن والتطبيع المجاني الشامل، لن تمر ولم تدفع الاموال فيها هباء ولن تحصل السعودية على قنابل نووية تكتيكية الا اذا كان وراء الامور امور، فهذه ليست صفقات تسوية وانما صفقات حروب.
الشرارة قد تنطلق من اي جبهة وليس امام المهزومين الا التصعيد.
انها طبول حرب قد تكون كاذبة وانما احتمال صدقها يتطلب الاعداد الكافي وفرز الجبهات وعدم التعويل على من لا يعول عليه، لان معسكر المقاومة لا يحتمل اي طابور خامس في هذه المرحلة الحاسمة والوجودية.
*كاتب مصري