2024-04-24 01:13 م

بعد هزيمته في الموصل، هل ينتهي تنظيم داعش الارهابي ؟

2017-07-04
شارل أبي نادر

اذا اعتبرنا ان داعش هو تنظيم ارهابي شكّل حالة خاصة ومستقلة، نمت وتمددت وانتشرت على خلفيات متعددة، مذهبية، دينية، عقائدية، سياسية واجتماعية، فهل يمكننا القول انه انتهى، او على الطريق لكي يندثر، وذلك بعد خسارته مدينة الموصل التي شهدت اعلان خلافته بلسان اميره ابو بكر البغدادي، والتي كانت ايضا مركزاً لعاصمته ولقيادته ولوزاراته ولغير ذلك من مراكز القيادة والاتصال التي واكبت معاركه الميدانية والارهابية كافة ، ام انه خسر معركة ولم يخسر حرباً، و لن تختلف خسارته لمدينة الموصل عن خسارته لمدن كثيرة، ولن تتأثر مناورته وسيتابع معركته واسلوب عمله وعملياته؟

القوات العراقية حققت انجازات كبيرة في مواجهة تنظيم داعش الارهابي

لقد توزعت مناورة داعش بالاساس في اكثر من اتجاه واسلوب عمل، فهو جمع الميداني -العسكري، الى الارهابي - الامني، الى العقائدي- الفكري، الى الاعلامي - النفسي، وكل ذلك من خلال منظومة عمل غريبة، عجز الكثير عن فهم قدرته على ادارتها من خلال مجموعة من "الامراء "، والذين بدوا وكأنهم تمرسوا في القيادة والادارة والحكم في العديد من المؤسسات الدولية، الامنية او العسكرية، الرسمية او الخاصة.

ميدانيا، سيطر داعش على مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا، تضمنت مدنا كبرى ومناطق مأهولة، وخاض كجيش منظم ومجهز معارك عسكرية، هاجم ودافع، صمد وانسحب، تراجع واعاد انتشاره، وها هو اليوم يخسر اغلب مواقعه الحيوية على نهر دجلة في العراق، وعلى الطريق لخسارة الاخرى على الفرات في كل من سوريا والعراق، ويقاتل لتوزيع وتركيز وحداته في وادي الفرات ما بين القائم ودير الزور، ومع بعض التمدد في قسم صغير من البادية السورية لا يبدو انه سيستطيع المحافظة عليه، يتحضر لخسارة ميدانية واسعة بدأت تتدحرج سريعا.

ارهابيا، امتدت اذرعه بعيدا جدا، ووصل "جنود خلافته" الى كل مكان ارادت قيادته تنفيذ عمل ارهابي فيه، و تطايرت اشلاء انتحارييه في اغلب الامكنة التي بدت محصنة امنيا وعسكريا، وأجبر العديد من الدول على فرض حالة الطوارىء ونظام الاستنفار والجهوز الدائم، وها هو اليوم يزرع الرعب في كل مكان تقريبا واصبح يشكل هاجسا امنيا ضاغطا على الجميع.

عقائديا، استطاع داعش الدخول الى فكر الكثيرين من خلال بوابة التشدد الديني التي تسحب الكثيرين وتسيطر عليهم فيما لو عجزوا عن فهم الدين جيدا، او فيما لو انجروا دون تركيز وتعمق في اساس رسالة الدين وقيمه ومبادئه.

كل ذلك حدث وكأنه مدبر ومنظم ومخطط له، وفي ظل منظومة اعلامية منسقة وقادرة، زرع الخوف والرعب في نفوس الكثيرين، وعبر اعلام مقرب منه، او عبر مواقع التواصل الاجتماعي، برع في ادارة معركته الاعلامية من خلال نشر افكاره ومن خلال تصوير ونشر عملياته وجرائمه، فارضا مساحة نفسية غريبة، عجز الكثيرون عن مواجهتها.

من هنا، لا يمكن القول انه في خسارته للموصل او لتدمر او للرقة حتى او لغيرها من المدن العديدة التي انسحب منها مؤخرا، قد انتهى او انهزم او اندثر، وحيث اننا جميعا متفقون ان داعش كان وما زال وسيلةً لمشروع معين وسلاحاً لمعركة او لحرب، له دور ومهمة، خلقته وترعاه وتديره قوة عظمى، برعت في استغلاله وفي استثماره، فإنه (فقط بالنسبة لرعاته طبعا) مستمر وباق طالما ان هذا الدور والمشروع ما زال قائما، وكما استطاعت هذه القوة التي خلقته ان تبقيه موجودا وواقفا على قدميه طيلة فترة معاركه التي خاضها بمواجهة جيوش جرارة يشهد لها تاريخها بالقوة وبالقدرات وبالامكانيات، فهي ستحاول حتما ان تستوعب خسائره المتدحرجة من العراق الى سوريا..

داعش كان وما زال وسيلةً لمشروع معين وسلاحاً لمعركة او لحرب، له دور ومهمة، خلقته وترعاه وتديره قوة عظمى

وفي النهاية، يبقى ما لم يكن ابدا في حسبان من خلق ورعى هذا التنظيم الارهابي، وهو ان هناك جيوشا وشعوبا واحزابا قاتلت واستشهدت وصمدت، وها هي اليوم تقف ثابتة في وجه لعبة داعش الجهنمية، وحيث اجبرت هذا الراعي ان يعيد حساباته في العراق كما في سوريا، هي الآن تفرض نفسها رويدا رويدا في وجه الارهاب الذي، في النهاية لا بد انه الى زوال.