2024-04-20 05:41 ص

حين اعترف أبناء يعقوب بفعلتهم!

2017-06-16
رفعت البدوي*

يوم بعد آخر تتكشف لنا خبايا الأهداف والنوايا من الأزمة الخليجية بعد اتخاذ الخطوات غير المسبوقة من العداء بين أهل البيت الخليجي ضد قطر، والتي تجاوزت كل التوقعات حتى انه للوهلة الاولى اعتقدنا بأن هذه الاجراءات تم اتخاذها ضد عدو محتل مغتصب لارض عربية مثل العدو الاسرائيلي، بيد ان الواقع يثبت لنا يوماً بعد يوم ان الاهداف الحقيقية لتلك الاجراءات تجاوزت ما أعلن عنه من اتهامات موجهة الى دولة قطر بدعم الارهاب، او تهديد قطري بزعزعة الأمن الخليجي او حتى بدعم قطر لتنظيم الاخوان المسلمين او بنسج علاقات وثيقة بالجمهورية الاسلامية في ايران.

ومن اسباب نشوب الازمة التي اشيعت انه حكي عن رفض قطري بدفع المبالغ المترتبة عليها للاميركي، فيما ثبت العكس تماما بعد تأكد المسار التفاوضي بين قطر واميركا حول قيمة المبلغ المتوجب على القطري تسديده للاميركي، وما ينفي أن السبب المعلل خصوصاً بعد تأكيد خبر ابرام صفقة الطائرات الحربية الامريكية مع قطر بقيمة 15 مليار دولار امريكي.

إننا في عرضنا هذا لا نود تبرئة دولة قطر من دعمها للفصائل الارهابية بهدف إزالة وإقالة رؤساء دول كما حصل في ليبيا ومحاولة اسقاط النظام في سورية، وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية، وتنصيب ما يسمى بالمعارضة على الكرسي المخصص للدولة السورية ورفع علم المعارضة بدلاً من العلم العربي السوري وايضاً مشاركة قطر بزعزعة الامن في كل من مصر والعراق واليمن.

فاذا اخذنا مروحة الاتهامات الموجهة الى دولة قطر لوجدنا تناقضاً وتبايناً فاضحاً، فالسعودية نفسها هي أول من استضاف حركة الاخوان المسلمين على ارضها في الثمانينيات، وهي تدعم حركة الاصلاح الاخوانية في اليمن، وهي من استعانت بقوات سودانية تابعة لنظام البشير الاخواني، والسعودية هي من دعم ما يسمى بالجيش الحر الاخواني في سورية، واذا ما اخذنا طلب السعودية والامارات بقطع العلاقات القطرية ـ الايرانية المزعزعة للامن الخليجي فلماذا لم تبادر السعودية نفسها الى قطع العلاقات مع ايران ولماذا لم تقم الامارات العربية بالشيء نفسه، وهي لم تنفك يوماً عن توجيه الاتهام لايران باحتلال الجزر الاماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، وبالتالي لماذا لم تبادر الامارات العربية بوقف التعاملات التجارية المميزة التي بلغت نحو 20 مليار دولار سنويا مع ايران.
اذاً نستنتج ان مروحة الاتهامات الموجهة الى دولة قطر لا تستند لموجب قوي لان السعودية والامارات هم شركاء مع قطر وبطلب امريكي مباشر في دعم الارهاب والجماعات الارهابية في سوريه وليبيا والعراق واليمن ومصر، وهنا نكتشف ان الكل سواسية في تحمل المسؤولية في لعبة دنيئة اسهمت في تخريب المنطقة العربية وجعلها مساحه مفتوحة للارهاب انصياعاً للرغبة الامريكية الاسرائيلية.
 
واذا ما تتبعنا ما قاله متعهد تنفيذ المؤامرات القطري رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم ال ثاني في مقابلته مع قناة "PBS" الأميركية "ان القطريين تفاجأوا بأنه بعد مشاركة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني في قمة الرياض الأخيرة التي حضرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتهى الكلام عن عزل إيران وابتدأ العمل على عزل قطر بحجة علاقاتها مع إيران وبان قطر تدعم الارهاب".
أما بشأن سوريا فقد اعترف بن جاسم أن "الجميع ارتكب الأخطاء هناك بعد انطلاق الثوره السورية بمن فيهم الأميركيون" وأضاف: "عملنا في غرفتي عمليّات واحدة في الأردن والثانية في تركيا شارك العديد من الجهات في هاتين الغرفتين كالسعودية والإمارات والولايات المتحدة وحلفاء آخرين في تركيا".
 
السؤال لماذ الاعتراف القطري وبهذا التوقيت؟

ببساطه انه اعتراف بفشل دولة قطر في تنفيذ كل المهام الامريكية التي أوكل إليها تنفيذها، ومما لاشك فيه ان صمود سورية الاسطوري افشل تنفيذ كل المهام والخطط المرسومة والموكلة ما ادى الى قلب المواقف والمعادلات وادراك دول الخليج عتبة انتصار سورية وانه لم يعد بالامكان المضي بما أوكل اليهم وانه حان الوقت لاعتراف ابناء يعقوب بفعلتهم البشعة مع اخيهم يوسف حين قذفوه في البئر.

حمد بن جاسم ال ثاني اعترف بان لا احد منا بريء من الجريمة وليس بمقدور السعودية او الامارات العربية ولا حتى امريكا الباسنا ثوب الجريمة وحدنا فنحن جميعا شركاء في الجريمة ولم نكن نتحرك الا بأوامر امريكية واضحة.
اذاً الواضح ان سبب الخلاف الخليجي هو الفشل الذريع للمتعهد القطري، ولا بد من محاسبته وانتقال مكتب المتعهد من قطر الى السعودية والامارات وبذلك تكون السعودية ضمنت زعامة المنطقة الخليجية واصبحت المتعهد الرسمي لتتفيذ الاوامر امريكية القاضية بضرورة انهاء كل حركات المقاومة ضد العدو الاسرائيلي واولها حركة حماس تمهيداً الى تطويق ايران وسحب ملف القضية الفلسطينية من ايران تمهيدا لطمسها برمتها.

يبقى السؤال: هل سترضخ قطر وتنفذ المطلب الامريكي الجديد؟


سننتظر ونرى.. وإن كانت التجربة تقول من أقام علاقات مع العدو الاسرائيلي وتآمر على سورية والمقاومة اللبنانية لن يجد غضاضة في تمهيد المسرح والارضية لاعتداء اسرائيلي جديد ضد المقاومة الفلسطينية، وتنفيذ اوامر المعلم الامريكي دون اي اعتراض عربي وبتهليل خليجي للمشاركة في جريمة "يوسف" والقذف بالقضية الفلسطينية في البئر لصالح العدو الاسرائيلي.

 (*) باحث إقليمي ومستشار سياسي