2024-04-24 07:21 ص

زلزال الولاء والطاعة

2017-06-08
بقلم: رفعت البدوي
منذ انتهاء الزيارة المشؤومة للرئيس الاميركي دونالد ترامب الى منطقة الخليج واجتماعه مع اكثر من 50 دولة عربية واسلامية في العاصمة السعودية الرياض يعيش الخليج العربي اوقاتاً عصيبة تهدد باندلاع نزاع عسكري بين  دول اعضاء في محبس التعاون الخليجي.
كثيرة هي التكهنات والتحليلات التي ذكرت مسببات اندلاع الأزمة بين السعودية والامارات من جهة وبين دولة قطر.
ومن الاسباب المتداولة اتهام دولة قطر برعاية الارهاب واحتضانها لحركة الاخوان المسلمين وتأمين الملاذ الآمن لقيادة حركة حماس ورفضها قطع العلاقات مع الجمهورية الاسلامية في ايران اضافة لامتلاكها امبراطورية اعلامية متمثلة بقناة الجزيرة المتهمة في بث سموم تقاريرها المهددة لامن دول الخليج  باتجاه السعودية والامارات اضافة الى جمهورية مصر العربية. فلقد بلغت الازمة الخليجية مبلغاً من التوتر لم يشهده تاريخ العلاقات الخليجية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
فالحقيقة ان ما نسب لامير قطر من تصريحات في حفل تخريج دفعة من الضباط لم يكن السبب الذي أدى الى نشوب الأزمة العنيفة التي تشهدها دول الخليج  لكن مسببات الازمة تم التحضير لها في غرف سوداء في كل من واشنطن وتل ابيب.
فلو عدنا الى الاجتماع الذي ضم رئيس البيت الابيض ترامب مع ولي ولي العهد السعودي في زيارته الاخيرة لواشنطن، اضافة لاجتماع ولي عهد دولة الامارات العربية الشيخ محمد بن زايد مع ترامب في البيت الابيض قبل انعقاد اجتماع قمة الرياض بيومين فقط لاكتشفنا ان شيئاً ما تم التحضير له في واشنطن ضد قطر.
اذاً العنوان يجب اخضاع قطر للعودة والدخول في الجلباب السعودي الاماراتي.
واهم من يعتقد ان سبب الازمة بين دول الخليج وقطر استناداً لتلك الاتهامات الموجهة اليها بيد ان ما خفي يشي بان الاسباب الحقيقية هي في مكان اخر تماماً.
فلو اخذنا اتهام قطر بدعمها الاخوان المسلمين سبباً بنشوب الازمة لوجدنا تناقضاً. أليست السعودية هي من احتضن الاخوان المسلمين في الثمانينيات؟ الم تدعم السعودية حركة الاصلاح الاخوانية في اليمن؟ الم تؤازر السودان المعروف بانتهاجه نهج الاخوان المسلمين وطلبت منه ارسال قوات برية وجوية للمشاركة بحرب اليمن؟
لنأخذ مثالاً اخر فلو اخذنا اتهام قطر برعاية الارهاب في المنطقة وهذا صحيح لكن ألم تتشارك السعودية مع قطر بدعم قوى الارهاب في سورية منذ نشوب الازمة في سورية؟ ألم ترفع اميركا دعاوى قضائية ضد السعودية تحت قانون "جستا" متهمة اياها برعاية الارهاب وازهاق الارواح من خلال مشاركة 15 سعودياً بالاعتداء على مركز التجارة العالمي في العام 2001؟
الم تقم السعودية باحتضان وتمويل تنظيم القاعدة ضد الروس في افغانستنان؟
وما دامت المشكلة هي احتفاظ قطر بعلاقات ممتازة مع الجمهورية الاسلامية في ايران ومطالبة قطر بقطع العلاقات مع ايران فلماذا لم تبادر السعودية هي نفسها لقطع علاقاتها مع ايران؟ ولماذا لم تبادر دولة الامارات العربية لقطع علاقاتها مع ايران ؟   
اذاً السبب الرئيسي لاندلاع الازمة في مكان اخر.
اولاً يجب علينا ان ندرك ان الدور الرئيسي لكل من السعودية او قطر في المنطقة وحتى الامارات العربية هو دور وظيفي متقدم في خدمة انكلترا وامريكا في المنطقة. وما دمنا ادركنا هذه الحقيقة للدور الرئيسي لتلك البلدان يتبادر الينا السؤال ما دامت تلك البلدان تسبح في الفلك الامريكي البريطاني فعلامَ الخلاف؟.
 ان ما يجري بين قطر وجيرانها من دول الخليج من قطع العلاقات واغلاق مراكز البعثات الدبلوماسية  وسحب السفراء وطرد الرعايا واغلاق الحدود والمجال الجوي والبحري والبري ووقف تعامل المصارف والشركات وسحب تراخيص الشركات القطرية العاملة في دول الخليج  اضافة الى الحملات الاعلامية الشرسة وبلوغ الازمة الخليجية مبلغاً غير مسبوق ووصول التوتر الى نقطة اللاعودة بين دول مجلس التعاون الخليجي  ليس من اجل نصرة فلسطين وشعب فلسطين  ولا من اجل العروبة وليس دفاعاً عن الاسلام ولا من اجل مكافحة الارهاب وليس لان قطر تقيم علاقات مع "اسرائيل" . ببساطة شديدة ان ما حصل ويحصل هو تسابق فعلي على تقديم اوراق اعتماد من اجل تبوّؤ منصب الريادة في خدمة امريكا و"اسرائيل".
من الواضح ان كل الوساطات العربية لرأب الصدع  لن تجدي نفعاً  وانها ستبوء بالفشل بانتظار قبول الاميركي اوراق الاعتماد او العروض المقدمة للفوز بمناقصة الولاء والطاعة لاميركا.
المؤكد ان  زلزالاً ضرب العلاقة بين دول الخليج والارتدادات ستصيب المنطقة وشعوبها العربية لان منطقة الخليج ستبقى في حال تسابق للفوز بالولاء لامريكا وتأمين الخدمات لـ"اسرائيل".
 (*) باحث اقليمي ومستشار سياسي