2024-04-25 01:09 ص

سقوط الوهم الأمريكي في سورية

2017-06-03
كتب الدكتور خيام الزعبي
كلنا نعلم مدى الدور المحوري والإستراتيجي المهم الذي تتمتع به سورية عبر مراحل التاريخ، لذلك وضع برنارد لويس مخططاً خبيثاً لتقسيم الدول العربية، وتم اعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية بعد موافقة الكونجرس الأمريكى عليه عام 1983، وبالنظر إلى ما يجري في المنطقة سنجد أن هذا المخطط يتم تنفيذه بحرفية تامة من خلال محاولة تقسيم سورية إلى دويلات وأقاليم متعددة لتحقيق أهداف إستراتيجية تتمثل في الحد من نفوذ حزب الله وإيران على الحدود الشمالية وتفكيك محور المقاومة، وأن تنظيم داعش وأخواته أدوات مصنعة لإستهداف عزة وكرامة سورية، ودعم أمريكا وحلفائها للمجموعات المتطرفة لم يعد خافياً على أحد وكل يوم تتكشف إثباتات على ذلك. أمريكا منذ عقود طويلة تحمل العداء والحقد على سورية، وما تشهده الساحة السورية اليوم، أن أمريكا لا تخسر من أبنائها ولا تنفق من أموالها لضرب سورية، وإنما إعتمدت جواسيس لها لتنفيذ مهامها، يقودون الإرهاب نيابة عنها ضد سورية، فهم يجندون الإرهابيين ويدفعون لهم الأموال ليقوموا بسفك دماء أبناء سورية الذين يتعرضون لأبشع حرب إرهابية أمريكية صهيونية تنفذ باستخدام أدوات وأموال عربية، فساسة أمريكا ومن دار في فلكها، لهم مصلحة لإحتواء سورية والضغط عليها بل وإسقاطها لاحقاً، من هنا يأتي الدور الأمريكي الذي لعبه في خلق داعش وتدريبها وتسليحها بهدف خلق فوضى شاملة تقوم على تقطيع أوصال دول المنطقة وسحق هويتها تمهيداً لخلق كيانات عنصرية وطائفية متعادية تحارب بعضها البعض حتى تستنزف طاقتها وتجعل منها تابعاً ذليلاً للبيت الأبيض. على خط مواز، بدأ الأمريكيين بتجهيز المجموعات المسلحة للقتال إلى جانبهم، ونفّذوا بطائراتهم قصفاً جوياً استهدف الجيش السوري خاصة بعد إستمراره في التقدّم نحو البادية السورية والمعابر الحدودية مع العراق، ومع ذلك الجيش السوري وحلفائه استمرّوا في تقدمهم، واستطاعوا السيطرة على مساحات شاسعة من البادية في أرياف حمص ودمشق، بالإضافة إلى التمدّد في ريف السويداء الشمالي الشرقي، وذلك لمنع الأميركي من التمدّد داخل البادية، ثم إمساك الحدود السورية- العراقية وتحقيق التواصل البري مع "الحشد الشعبي"، ومن ثم الإطباق على مدينة دير الزور وتحريرها، وبالتالي فكّ الحصار عن مقاتلي الجيش بعد مرور سنوات على حصارهم من قِبل تنظيم داعش وأخواته. في هذا السياق يرجع فشل وتعثر تمركز الأمريكان في البادية الى سرعة استدراك الموقف من قبل الجيش السوري وحلفائه، الذي لم يعطي الأميركي وحليفه الوقت الكافي لإتمام تحضيراته وخططه وتطبيقها، بل جاءت عمليات الفجر الكبرى التي قام بها الجيش لتحطم بسرعتها وإنجازاتها المخططات الأمريكية للسيطرة على البادية والحدود بذلك نجح الجيش وحلفائه في تكريس معادلة جديدة وهي كسر أنف الأمريكان من خلال قطع الطريق على الأميركي ومن معه للتمدد إلى عمق البادية السورية، خصوصاً أن هناك تصميماً سورياً يقضي بالوصول إلى أكثر النقاط أهمية على خط الحدود، وتحقيق التقاء الجيش السوري بالقوات العراقية مهما كانت العراقيل والتحديات. في إطار سلسلة الغارات الروسية لمنع أي محاولات داعشية للفرار من الرقة باتجاه حمص وحماه، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل عشرات المسلحين من تنظيم داعش وأخواته، لدى محاولتهم الخروج من الرقة ، هذه الضربة الجوية على التنظيمات الإرهابية، أفقدت تلك التنظيمات السيطرة على عدة مناطق مهمة في مقدمتها تدمر، إضافة إلى مواقع أخرى في المنطقة الوسطى الأمر الذي بات ينذر باقتراب نهاية وإندثار هذه التنظيمات المتطرفة في سورية، بذلك خسرت أمريكا وحلفائها رهانهم على تنظيم داعش والميليشيات الإرهابية التابعة له، وذلك عقب خسارة هذه التنظيمات المواجهة المسلحة في الرقة وانسحابها من مواقعها بعد أن فقدت سيطرتها على أماكن كثيرة، وتلقيها ضربات موجعة في مختلف مناطق سورية. في السياق ذاته تمكن الجيش السوري من السيطرة على طريق مسكنة - طبقة -الرقة، وهو طريق هروب المسلحين الوحيد، وسيطر الجيش والقوات الرديفة والحليفة خاصة بعد بدأ معركة "الفجر الكبرى" على عدة قرى في معاقل التنظيم بناحية عقيربات وبادية حماة الشرقية، وفي حلب، تمكن الجيش من بسط سيطرته على بلدة خربة الفار بعد معارك عنيفة خاضها مع التنظيم، ومن خلال ما نراه على ارض الواقع نستطيع الخلاصة إن الانتصارات المتتالية التي يحققها الجيش السوري في العديد من المناطق وإلحاقه الهزيمة بالتنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها وتكبيدها خسائر فادحة بالأرواح والعتاد وكذلك محاربته لتنظيم داعش، فإن ما كانت تطمح إليه أمريكا لم يتحقق ولن يتحقق،لأن الجيش السوري يمتلك من الشجاعة والإقدام ما يمكنه من تحقيق أيّ هدف يسعى إليه مهما كانت التحديات والصعاب. مجملاً....اليوم بات العالم يعرف التناقض المفضوح التى تتصف بها سياسة أمريكا المزدوجة في المنطقة، وأن مخطط أمريكا لتفتيت المنطقة وتقسيمها وخلق منها دويلات صغيرة أصبح واضح للجميع، لكن إذا تابعنا المسار الذي رسمته أمريكا في سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها من أجل تفكيك الدولة السورية، نجد بأنها فشلت وسقطت كل أقنعتها ورهاناتها، في هذا الإطار يمكن القول أن الاسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالحرب على سورية، وهنا، فإن كافة الملفات الشائكة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، خاصة وأن الجيش السوري يواصل انتصاراته وسحقه للجماعات المتطرفة. بإختصار شديد، لقد ظن الأمريكان إن السوريين غير قادرين على طرد وسحق تنظيمهم الإرهابي الذي جاؤوا به، فإذا بالسوريين يثبتون للعالم أجمع بأنهم قادرين على هزيمة داعش ومن يقف وراءها، ويبرهنوا إنهم حملة عقيدة ومقاتلين أقوياء لا يقف أمامهم شيء فهزموا داعش وأخواتها ووجهوا ضربة قاسية للإستراتيجية الأمريكية في سورية فحسب، لذلك نقول ونحن على يقين ثابت ومستقر بأن واشنطن تواجه صعوبات هائلة لتحقيق أهدافها التي لم تكن تتخيلها في سورية، بجيشها القوي وشعبها المصمم على الوقوف خلفه بكل قوة.
Khaym1979@yahoo.com