2024-04-17 12:32 ص

داعش الغرب في ضيافة داعش الشرق

2017-05-22
بقلم: ميشيل كلاغاصي
حقا ً هي زيارة ٌ تاريخية , فداعش الغرب في ضيافة داعش الشرق , حفاوة , و فُرجة , و كأن ترامب قد أتاهم بدمية , سحرتهم بجمالها و شعرها وقوامها و بدفء مصافحتها .. هزّ فنجانٍ و وسامٌ و صفقاتُ سلاح معلنة تجاوزت ال 130 مليار دولار وبكلفة ٍ إجمالية تصل لنحو 350 مليار دولار للسنوات العشر القادمة .. قممٌ شكليةٌ ثلاث لقرارات ٍ صهيو- أمريكية , تحرف البوصلة العربية عن قضيتها المركزية وتستبدل العدو الإسرائيلي بعدو إيراني مفترض , فالحاجة ماسة ل"ناتو" عربي - إسلامي لخوض الحروب والمعارك الدينية والطائفية القادمة !. مال ٌ خبيث وعقائد غريبة و طقوس الدم والقتل وتقطيع الرؤوس وأكل أعضاء البشر.. سلاح ٌ, فتن ٌ و دجل ٌ , نكاح ٌ , سوق نخاسة ٍ, جلد ٌ , سجن ٌ , كم أفواه , و تشدق ٌ بدعم الحريات .. تحت ستار الدين !؟. فالملك يهزُّ و يقرأ الفنجان , فيما البلاد متروكة لولي ولي العهد بلا خبرة سياسية ولا حتى عسكرية !, و لرجل أمريكا عادل الجبير , والبلاد تئن تحت وطـأة التقشف والجوع والحروب الداخلية والخارجية والعدوان على الشقيق و الجار اليمني , إلى قيادة المعارك الإرهابية في سورية و العراق و اليمن و لبنان .. و غير مكان . لا بد وأنها الغيرة من فرعون و كل آلهة الماضي السحيق , ووجدوا في ثنائية الإله – الحاكم فرصة ً للبقاء و الإستمرار ! فكرسوا عقليتهم لإرضاء إلههم المزعوم في طقوس ٍ ظاهرية ٍ مسروقة خاوية المضمون , و هرعوا لتقديم الذبائح وسيلة ً لنيل رضاه , و بحثوا عنه في الحاضر فوجدوه في جورج بوش الأب و الإبن وأوباما و نتنياهو واليوم في ترامب , وفي اّلهة َ الخصب الجديدة " ليفني ,هيلاري , ميلانيا , إيفانكا " , فكانت ذبائحهم ضحايا و رشاوى علّها تقيهم شرّ تلك " الاّلهة " وغضبها و إنتقامها وعقابها.. فرقصوا معهم رقصة القرد والعجين , وأثبتوا ولاءا ً كبيرا ً لأمريكيون هزؤا بهم وهددوهم بالفناء و بمحاسبتهم , و بحمايتهم من غضبهم. فقد رحل أوباما الذي كرهه السعوديون والخليجيون , و جاء من يقولون عنه رجل أفعال نتيجة استهدافه عدة مرات الجيش والشعب السوري , و لم يتمكنوا من إدراك أن الساسة الأمريكيون هم أوجه عديدة لعملة واحدة و أن البحث الجدي عن التغيير في الموقف الأمريكي يكون بالبحث عن المعدن الأصلي للعملة ذاتها. و لا بد لاّل سعود أن يعلموا أن زيارة ترامب ليست تشريفا ً لهم , إنما هي لإخضاعهم لبرنامج التغذية الأمريكي ودفعهم لتوسيع الحروب في المنطقة من بوابة الحرب على سورية , لتشمل إيران و مصر و روسيا ذاتها , على وها هي اليوم تخضع إلى تنحيف ترامب السريع الذي سيأخذها نحو التجفاف السياسي الدائم . فمن المثير للسخرية أن يتحدث السعوديون و صديقهم ترامب عن محاربة الإرهاب , فالزيارة "التاريخية" لا تعدو أكثر من زيارة داعش الغرب إلى داعش الشرق , فإذا كانت الولايات المتحدة تبحث ثمن قبولها الهزيمة في سورية , فأعتقد أنها قد قبضت الثمن في ليبيا والسعودية و الإمارات والخليج والأردن . لم تستوعب المملكة حقيقة ما يجري , و تعتقد نفسها الدولة المحورية و صانعة سياسات المنطقة و ربما العالم , و تسمح لنفسها بالتدخل في شؤون كل من حولها , و أن من حقها تغيير الحكومات و تنصيب الرؤساء و التحكم بمصائر الشعوب , ولم تفهم بعد أن المتغيرات والمفاصل الجديدة , وحصيلة الإشتباكات و الحروب , جعلتها خارج اللعبة السياسية , وأفقدتها قيمتها الفعلية , والتي لا تسمح لها إلاّ بنصف صفقة ٍ في اليمن تضمن بالكاد تحفظ ماء وجهها , و ربع صفقة ٍ في لبنان , وصفر صفقة في كل من سورية و العراق , ولا بد لها أن تدرك أنها على شفير الهاوية وعلى طريق الإنهيار والإنقراض والتحلل الذاتي , وعليها تقبّل نتائج المعارك التي خاضتها و خسرت بنتيجتها الكثير من مالها و سمعتها و احترامها , و أنها غدت مثالا ً لدولة الجهل و الإجرام و الإرهاب و التطرف و التكفير.. بعدما فشلت في مواكبة العصر و تقدم البشر و الإنسانية , وأرادتها عودة لعقارب الزمن والتاريخ لمئات السنين , في سلوك متناقض لمن يركبون السيارات الفارهة الفخمة بعقلية راكبي الجمال , بقانون سير ٍ لا يشبه قانون سير القافلة , غابت فيه شارات المرور و استبدلوها بفتاوى ً رفضها العصر الحجري و أغضبت البرونزي فحرقها في بوتقته معادنا ً حمقاء , فكانت جاهلية بامتياز, تعفنت لتكرار أكسدتها و إرجاعها في الحرب على دمشق - أم الحضارات - سياسياً و ميدانياً و تقهقر الإرهابيين أمام ضربات الجيش العربي السوري الباسل. لن يطول شهر العسل الأمريكي – الوهابي , فالصفقات تنيح المحظورات , و ستجد الرياض نفسها مضطرة لطرد الملك سلمان و الإتيان بملكٍ محمي دفع ثمن ملكه , وبما لا يتعدى حدود لقبه الديني , ليكون شاهدا ً على الحوار السوري – الأمريكي المباشر , إذ لا يمكن لترامب أن يتجاهل نصر سورية , وبحثه عن حصة بلاده في إستثمارات إعادة الإعمار وبتلك الثروات النفطية الهائلة - المستجدة - في سورية والمنطقة , بما سيضعه أمام الشروط السورية بتحجيم دور المملكة في المنطقة , إذا لم نقل إنهائه تماما ً. يبدو أن السعوديين لم يروا ما اّل إليه مصير مواطنهم أسامة بن لادن في بحر ٍ مجهول , على الرغم من كل ما قدمه لأحفاد العم سام و فتح لهم أبواب الحروب الدينية الجديدة في القرن الجديد , ولم يدركوا أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تهتم لأمرهم بعد انتهائها من إفراغ جيوبهم , وطي صفحة دواعشهم.