2024-04-20 12:46 ص

ماذا عرض لافروف على ترامب.. وهل قَبِل الأخير؟

2017-05-15
بقلم:  الدكتور محمد بكر
ثمة صعوبة كبيرة في الوصول إلى استقراء دقيق وتحليل مؤكد لما جرى في كواليس زيارة لافروف إلى واشنطن، المُعلن والمسرب من خلال جملة التصريحات يُبرز في الحد الأدنى للقارئ منحىً إيجابياً تلوح بوادره في الأفق، قاعدته تستند بطبيعية الحال لما قاله ترامب خلال لقائه لافروف لجهة أن واشنطن تسعى للعمل مع موسكو سوية ً لإنهاء الصراع في سورية، داعياً موسكو لما سماه ” كبح جماح ” الأسد وإيران وأتباعها في سورية، عند هذه النقطة تحديداً ربما تنبثق وتظهر قاعدة التعاون الروسي الأميركي، كبح الجماح هنا يتجاوز جزئية ” رحيل ” أو إسقاط الأسد وربما ترحيلها بعيداً خلف الظهر، وتعني بالمنطق العملي النقطة الأساسية التي عدها نتنياهو والقيادات العسكرية الصهيونية بأنها الأكثر إقلاقاً لهم، لجهة التواجد الإيراني وقوات حزب الله في الجنوب السوري ، من هنا نفهم التحشيد العسكري بإدارة أميركية على الحدود الأردنية السورية كرسالة عسكرية على مايقلق إسرائيل، في حين جاء طرح ديمستورا أن اجتماع جنيف المقبل سيستفيد من ” زخم ” ما حدث في أستنة وحصاده المتمثل في اتفاق مناطق تخفيف التصعيد, وسيدعو لاقامة مناطق أخرى غير المنصوص عليها في اجتماع أستنة، جاء في إطار نقل رسالة سياسية لما يقلق إسرائيل أيضاً . لافروف في اعتقادنا بحث في واشنطن ما يمكن تسميته ” واحدة بواحدة “، بمعنى ضمان أميركي لتطورات الشمال مقابل ضمان روسي لقولبة وهيكلة وربما كبح جماح الجزئية التي تقلق إسرائيل في الجنوب السوري، من هنا نقرأ ونفهم ما أعلنه بوغدانوف أن احتمالية إقامة مجالس محلية للكرد في الشمال لايمكن أن يكون بديلاً عن السلطة الشرعية السورية، وبذات الفهم نقرأ ماكتبه عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس لجهة أن موسكو تحاول ماسماه ” تجنيد ” الولايات المتحدة والحصول على موافقة أميركية صامتة لإنجاز مناطق تخفيف التصعيد بشكل ناجح مضيفاً أن هضبة الجولان ستكون من ضمن المناطق المطروحة وبالتالي تجنب القصف السوري على المنطقة . محاولات وزير الخارجية الأميركي تيلرسون المستمرة في طمأنة الأتراك وتفهم غضبهم على خلفية القرار الأميركي الأخير لجهة تسليح قوات سورية الديمقراطية في الشمال، وأن الولايات المتحده لازالت تعد حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية ولم ولن تسلحه، وأن واشنطن وأنقرة قادرتان على الوصول لحل توافقي يحقق أمن تركيا، إضافة لإعطاء الموافقة الأميركية الأولية وعلى لسان تيلرسون نفسه أيضاً في قمة التحالف الدولي الأخيرة في كوبنهاغن، لناحية إمكانية إشراك تركيا في معركة الرقة، كل ذلك يدلل على أن الورقة الكردية هي ” كالخاتم ” في اليد الأميركية وماهي إلا ورقة للضغط في أماكن معينة للوصول إلى تسوية تشبع في طروحاتها الرغبة الأميركية ولاتكون مفصلة فقط بحسب ماتشتهيه وترغبه خصوم واشنطن. الجزئية الوحيدة التي تبقى في اعتقادنا ” حجر العثرة ” ومن دونها لكُنّا قد جزمنا أن زيارة لافروف لواشنطن قد حسمت الصراع كلياً وأسست لمضي فاعل نحو صيغة توافقية سياسية بامتياز تؤسس لحل سياسي حقيقي في سورية، هذه الجزئية تتعلق بما أعلنه الأمين العام لحزب الله، أن الانسجام بين الجيش العربي السوري وحلفائه في إيران وروسيا وحزب الله هو أكثر من أي وقت مضى وأن المواجهة المقبلة مع الإسرائيلي ستكون داخل الأراضي المحتلة، وربطاً مع دعوة الملك سلمان مسبقاً لسبعة عشرة دولة للقدوم إلى الرياض، وإطلاق القمة هناك مع ترامب وما قيل عن ” حلف سني ” تدفع العربية السعودية باتجاه استيلاده لمواجهة إيران، هو مايشكل تأسيساً مادياً قد ينسف أي نقاط سياسية متقاطعة في صراع المحاور، ويعيد المشهد بطبيعة الحال إلى الصفر وربما إلى أسوء بكثير. حدثان رئيسان سيشكلان بلا منازع المحدد الرئيس وشكل المشهد السياسي في المنطقة – قمة ترامب مع دول الخليج في الرياض وشكل مخرجاتها وأبعادها وحدودها. – قمة ترامب بوتين على هامش قمة دول العشرين في شهر تموز المقبل في هامبورغ. المشهد بكليته يقبل احتمالين، سياسي توافقي تاريخي ينهي سنوات كارثية مرت على المنطقة تفوح روائحه بشدة وكذلك احتمال تصادمي كارثي سيتدحرج حتماً لحرب إقليمية، له دوافعه وأسبابه وسيدمر ماتبقى ولن يبقي ولن يذر، بمعنى آخر لن يكون هناك وجود للوسط أو استمرار للمشهد على ماهو عليه بعد هذين الحدثين، وما علينا إلا الانتظار.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com