2024-03-29 04:22 ص

حذار حذار من خذلان الأسرى!

2017-04-19
بقلم: صابر عارف
ما تزال وثيقة الاسرى التي توصل اليها الأسرى الفلسطينيون في ايار مايو 2006م كوثيقة للوفاق الوطني . بعد ان عصفت الخلافات والتناقضات الفلسطينية بالوضع الداخلي الفلسطيني اثر نتائج الانتخابات النيابية التي فازت بها حركة حماس عام 2005 م .. ما زالت هذه الوثيقة تشكل الاساس والمرجعية لاي حوار وحدوي فلسطيني ، وعلى ما يبدو فانه سيكون للأسرى الذين يوحدهم اكثر من غيرهم يوميا وعلى مدار الساعة قساوة وبشاعة الجلاد المحتل  دورا رئيسيا وهاما في اضاءة نهاية النفق الفلسطيني ، فكما اليوم كانت اضرابات السجون بداية فجر فلسطيني جديد ،   فمثلا كان إضراب سجن جنيد بتاريخ 25/3/1987. الذي شارك فيه أكثر من (3000) أسير فلسطيني، من مختلف السجون. واستمر لمدة (20) يوماً، ايذانا باندلاع الانتفاضة الاولى التي انفجرت بعد اقل من نصف عام ، فكلما إدلهم الظلام الفلسطيني بزغ النور والفرج من خلف السجون والقضبان  .
ظلام هذه الايام والسنين حالك ويزداد سوادا بتواصل الانقسام والتفتت الداخلي ، وبمستوى الانحطاط والاندثار الذي حل بقضيتنا وشعبنا جراء سياسة وفعل قادة الأمر الواقع على اختلاف مواقعهم الرسمية في منظمة التحرير او مواقعهم القيادية في فصائلهم واحزابهم وجبهاتهم . وما أحوجنا اليوم لبصيص أمل يستعيد روح الوحدة الوطنية النضالية ، ويستنهض الهمم للمقاومة خارج السجون وليس بداخلها فحسب ، وما احوجنا للمبادرة الرائعة والعظيمة التي اطلقها القائد الوطني الكبير مروان البرغوثي ، فهكذا تكون المبادرات السياسية والقيادية البعيدة عن روتين وتكلس القيادات التقليدية العاجزة عن فعل اي شيء وكأنه ليس امامنا الا قدر الاستسلام والخنوع .
وفق المعطيات الداخلية الفلسطينية ودرجة الصراع مع العدو في هذه اللحظة ، فمن المؤكد بان الدعوة للاضراب المفتوح الذي بدأ بالامس في فلسطين بمشاركة 1500 اسير لتحقيق مطالب انسانية تتعلق بالشؤون الحياتية الصحية والتعليمية وبالمعاملة الانسانية اثناء الزيارة والتنقل في البوسطة وتركيب تلفون والى ما هنالك من احتياجات انسانية ، ستتطور الى ماهو أبعد من ذلك ، وارجو ان يطال هذا البعد المستويين الداخلي الفلسطيني الذي يحتاج لثورة داخلية لاعادة بناء النظام والمؤسسة الفلسطينية من جديد بعد ما لحق بها من دمار وعفن لم يعد ممكنا التعايش معه ومع القائمين عليه ، وعلى مستوى جبهة الصراع مع العدو التي لم تتوقف يوما رغم ما تقوم به قيادة الامر الواقع واجهزتها الأمنية من اعمال مشينة لخدمة وحماية الاحتلال .
ومع انه يجب ان لا نقلل من اهمية بنود الاضراب المطلبية المعلنة ، الا انني اعتقد بان القائد مروان البرغوثي يتمنى لو لم يقتصر هدف الاضراب على هذه القضايا المطلبية ليكون شعاره الأوسع الحرية الكاملة لكافة المعتقلين والافراج الفوري عنهم باعتبارهم اسرى حرب مناضلين للدفاع عن أشرف وأنبل قضية بشرية. ولكن هذا لا يمكن ان يتحقق في ظل قيادة عاجزة وخانعة للاقدار .بل يقتضي وجود قيادة وطنية قادرة على السهر لتحقيق هذا الهدف ، وقادرة على الوقوف والصمود مع المضربين حتى النهاية ، وقادرة على توقير كافة مستلزمات هذه الملحمة ، بما في ذلك من عمل سياسي ودبلوماسي وفي مقدمة هذه الاعمال والواجبات مهمة ،، للحرية الحمراء باب ..بكل يد مدرجة يدق ،، كما قال امير وسيد الشعراء أحمد شوقي . وافضل الطرق واقصرها لتحرير الأسرى كما أكدت التجارب هي المقاومة وأسر جنود صهاينة من داخل الوطن او خارجه  للتبادل ، حيث يسرح ويمرح كما تفيد التقارير الاعلامية والأمنية  العديد من رجالات الامن الصهيوني في طول الوطن العربي وعرضه وخاصة في دول الخليج والاردن ، وها هي الأنفاق الغزية جاهزة لتمريرهم وتأمينهم ، بالرغم مما يرافقها من عذابات وآلام ، وارجو ان تكون كلمة الناطق العسكري باسم كتائب ،، القسام ،، أبو عبيدة بهذه المناسبة في محلها وسيكون ما بعدها فعلا جادا وصادقا . والامل يحذوني  ويدفعني ان لا أتشائم كالسابق عندما كنا نسمع من الجميع وليس القسام وحدها عن زلزلة الارض وما الى هنالك من شعارات وخطابات ..
 تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة يرتبط بشكل وثيق بتاريخ الصراع الطويل مع الحركة الصهيونية ،  الذي كان وما زال عاملاً مؤثراً في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة ، فاكثر من ثلث الشعب الفلسطيني  دخل السجون على مدار سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال ، حيث يقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 ب  800.000 حالة اعتقال ، منهمأكثر من 16.000 امرأة وشابة فلسطينية، أي ما نسبته 25% من أبناء الشعب الفلسطيني، في واحدة من اكبر عمليات الاعتقال التي شهدها التاريخ المعاصر. وقد كانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من أصعب المراحل التاريخية التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية طالت الآلاف من أبناء وبنات هذا الشعب، واستشهد في السجون نتيجة الإهمال الطبي المتعمد آو نتيجة عمليات القمع التي يتعرض لها المعتقلون داخل السجون  204 من المناضلين .
الترابط التاريخي  الوثيق بين الحركة الاسيرة وتطورات ومنعرجات الصراع مع العدو تدفعنا للتفاؤل بنهوض شعبي جديد تتفاعل فيه ومعه الأمعاء الخاوية في السجون مع مسيرات وهبات التضامن الشعبي الواسع ، مع سكاكين وحجارة وعصي شباب فلسطين .تاركين اطفالها وسكاكينهم لمحمود عباس ليفعل معهم وبهم ما يشاء !! فالاضراب يتزامن مع الارتفاع التدريجي للعمليات الفدائية ، ويستدل من معطيات نشرها ما يسمى بجهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، أن عدد المواجهات مع قوات الاحتلال، والعمليات الفدائية سجلت الشهر الماضي ارتفاعاً، حيث بلغت 119 مقارنة مع 102 في شباط/ فبراير. أوقعت هذه العمليات  ستة جرحى إسرائيليين. كما شهد شهر نيسان/ أبريل الجاري عدداً من العمليات الفدائية، كان أخرها عملية الدهس عند مستوطنة عوفرا، والتي أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وجرح آخرين. كما يتزامن الاضراب مع انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات التي تتنافس فيها مختلف الكتل الطلابية قبيل الانتخابات  على حشد الطلبة ومستوى حضورها في المواجهات مع جنود وحواجز الاحتلال ، وعادة ما يكون طلبة جامعة بيرزيت القريبة من رام الله وقوداً للانتفاضات الشعبية في وجه الاحتلال .
 في المحصلة النهائية، يبدو أن الإضراب الجماعي للأسرى سوف ينعش الانتفاضة الشعبية ويجدد دمائها، ولو  بشكل مؤقت ، ومن المؤكد اننا سنكون اامام عصيان مدني جدي لو اكتملت الظروف الذاتية والموضوعية الحالية بوجود القيادة المنشودة ، لكن الخوف كل الخوف من خذلان قيادة الامر الواقع للاضراب الذي تخشى ان يكون عاملا اضافيا لتعزيز النفوذ الشعبي لمروان البرغوثي الذي حجمته بعد المؤتمر الفتحاوي الذي حاز فيه أعلى الاصوات . خوفا منه على مواقعهم واستجابة لرغبات مموليهم ومحتليهم ، كما لا يسع المرء  الا ان يخشى ويتوجس من تردد وتأخر التحاق الفصائل بالاضراب لحسابات فصائلية ما انزل الله بها من سلطان .
الحذر  الحذر من الخذلان القادم الذي اراه بالعين المجردة ، وسيشهد التاريخ اننا خسرنا وأضعنا فرصة من العمر ، وارجو واصلي ان أكون على خطأ
Saberaref4@gmail.com