2024-03-29 04:35 م

رسائل الحاخامات تفضح عدوان الشعيرات .. ومن هللوا

2017-04-19
بقلم: ميشيل كلاغاصي
.. هذا لا ينفع , فهناك من يأمره و لا يستجديه !... ففي حرب المشروع الصهيوني الكبير , تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أداةً وقاعدةً أساسيةً لخدمته , بعدما إرتضت لنفسها أن تكون ذيل الأفعى لا رأسها , وإرتهنت قرارها السياسي لأذرع المؤسسة الصهيونية حول العالم .. و أصبح الصدام المباشر معها جزءا ً من الصراع مع المؤسسة الصهيونية - الإسرائيلية نفسها , وأن اندحارها هو السبيل الوحيد للإنتصار , ولإستعادة الحقوق الكاملة للشعوب العربية... لقد استطاع اليهود الصهاينة أن يُنشؤوا المؤسسة الإسرائيلية حول العالم , عبر أشكال عديدة و أسماء عديدة , واستقطبت الكثير من "المتطوعين" والداعمين حتى من غير اليهود , جمعهم الإخلاص لها و وحدة أهدافها. فبعد أحداث أيلول الشهيرة , كثفت الحركة الصهيونية نشاطها , ووضعت مخطط إجتياح دول العالم العربي كأجندة أمريكية مستعجلة , معتمدة ً على بدعة محاربتها للإرهاب الذي صنّعته بنفسها , بدءا ً من تنظيم القاعدة الذي أوصلها إلى إحتلال العراق , وحيث أتمت ولادة النموذج الجديد تحت اسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيادة "إليوت شيمون أو أبو بكر البغدادي" وتصديره إلى سورية ,, من خلال إتحاد الإستراتيجية السياسية والعسكرية والعقيدة , بين المؤسسة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية, و تغليف الصراع بهالةٍ دينيةٍ , يضمن تظهيرهما كقوة خيرٍ في مواجهة محور الشرّ. هذا الإتحاد جعل الصفحات السرية و كل ما يُحاك ليلا ً أعظم بكثير مما يظهر إلى العلن , و لعل تصيّد المعلومات والمواقف وتحليلها و ربطها , له أثر كبير في تسليط الضوء على حجم التاّمر و الإستهداف الذي ينصب على كامل الدول العربية من خلال مشروع إقامة الدولة اليهودية الكبرى بحدودها المزعومة "من الفرات إلى النيل" , في غفلةٍ وعمالةٍ عربية باتت مقصودة – للأسف – تحت عنوان حماية العروش , أو الوفاء للأصول والعقيدة اليهودية لدى بعض ملوك وحكام المشيخات الخليجية. فقد وصف الحاخام الإسرائيلي "نير بن آرتسي" فوز ترامب بالإنتخابات الرئاسية بـ"المعجزة الإلهية" , معتبراً أن الرب ساقه لخدمة إسرائيل , و" لتنقية وتطهير العالم ومن أجل اليهود في أرض إسرائيل"... وذهب "بن آرتسي" لإستعراض قدرتهم و سيطرتهم على القرار الأمريكي بالقول :"يدرك الذين وصلوا للحكم في الولايات المتحدة جيداً، قوة إسرائيل واليهود داخلها".. إذ يعتقدون أن صعود الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم سيسهم بإضفاء مزيد من التطرف على مضامينهم الدينية ، لا سيما ما يتعلق بمستقبل الصراع مع الفلسطينين , بعدما فقد الصراع العربي – الإسرائيلي تأييد الكثير من الحكام العرب و مؤيديهم.. ويؤمنون أن الموروث الديني اليهودي، سيمكنهم من بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى , ولا بد للرئيس ترامب أن يعمل لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، وصولاً إلى إعادة بناء الهيكل , و تكثيف الاستيطان وضم مستوطنات الضفة الغربية بكاملها, وسط تكثيف صلوات الحاخامات من أجل إنجاح عهده. ومن المهم ملاحظة إنضمام عدد كبير من المرجعيات الدينية إلى تصريحات " بن آرتسي" , وغلاة المتطرفين في حزبي "البيت اليهودي" و"الليكود"، إذ يراهنون على دور ترامب في تحقيق "النبوءات التوراتية" ووضعها موضع التنفيذ. وهذا ليس إلاّ غيضٌ من فيض , فما أكثر الإشارات والمواقف والتصريحات و الرسائل المباشرة , والتي تدل على نوعية الخدمات التي تقدمها الولايات المتحدة الأسيرة والمسخرة لخدمة المشروع الصهيوني , عبر أدائها السياسي و الحربي العدواني على حد ٍ سواء والتي نؤكد أن "اسرائيل" تأمر و لا تستجدي. فقد سعت إيفانكا ترامب – ياعل – بإسمها اليهودي , ابنة الرئيس الأمريكى وزوجها للحصول على إذن خاص من الحاخمية الكبرى فى إسرائيل يسمح لهما بخرق حرمة السبت اليهودي والوصول إلى حفل تنصيب والدها. علما ً أنها انتقلت من المسيحية الى اليهودية لتلتحق بزوجها و بما يعزز مكانة والدها , الذي قدم لها الضربة الصاروخية على سورية كهدية. كما قام 600 حاخام بالتوقيع على رسالة عارضوا فيها تعيين فريدمان سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل , على خلفية مقال كان قد كتبه قبل عام أتهم فيه -بشكل غير مباشر- اليهود الذين تعاونوا مع النازيين خلال المحرقة اليهودية , واعتبر الموقعون أن سلوكه يتعارض مع القيم اليهودية , وألمحوا إلى سفك دمه بما يتوافق مع تعاليمهم الدينية , وعبروا عن مخاوفهم بتعيينه سفيرا ً ما قد يؤدي إلى توجيه سياسات البيت الأبيض بشكل يتعارض مع مصالح "إسرائيل". كما قام مؤخرا ً مركز فيريل للأبحاث بنشر رسالةٍ وقعها قرابة 100 حاخام في (642017), وُجهت للرئيس ترامب , يطالبونه بقصف سوريا , بسبب مجزرة خان شيخون , والتي يحملون الدولة السورية و الرئيس الأسد المسؤولية المباشرة فيها .. جاء في نص الرسالة : ( نكتب إليك قبل أيام فقط من عطلة عيد الفصح اليهودي , عندما هرب اليهود من استبداد وقمع فرعون في مصر , يبدو أن نظام الأسد في سوريا قد شن هجوما ً بغاز الأعصاب ضد المدنيين السوريين , أمر و قتل مالا يقل عن 58 مدنيا ً في الهجوم الذي يمثل أسوأ هجوم كيميائي في سورية منذ مجزرة المواد الكيميائية في 21اّب 2013, نعتقد أن إستجابةً قوية من الولايات المتحدة أمرٌ ضروري لوقف جرائم هذه الحرب . ويُعد هذا الهجوم إنتهاكا ً لقرارات مجلس الأمن الدولي العديدة , التي تُحظر على نظام الأسد استخدام الأسلحة الكيميائية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .أشار العاملون الطيبون المحليون إلى أن الضحايا كانوا يرتجفون في الهواء , كما أظهرت لقطات الفيديو من المنطقة عشرات الجثث دون إصابات خارجية واضحة. لقد وصف الرئيس الإسرائيلي R.Rivlin الهجوم بأنه "وصمة عار على الإنسانية ", وحث المجتمع الدولي على العمل معا ً من أجل وضع حد لهذا الجنون القاتل , والتأكد من أن هذه الصور لا يمكن رؤيتها مرة أخرى في أي مكان في العالم. على قادة العالم ورؤساء القوى العالمية العمل الاّن ووقف القتل في سورية على يد نظام الأسد والعمل على إزالة الأسلحة الكيميائية من الأراضي السورية . السيد ترامب ... لن يوقف الأسد هذه الهجمات مالم يواجه بعقوبات عسكرية خطيرة , مثل الضربات الجوية على القواعد المرتبطة بالأسلحة الكيميائية ومرافق التخزين المشتبه فيها , لذلك نحثكم على أن تقدروا تماما ً أهمية اللحظة , وأن تتصرفوا بحسمٍ لتجنب العواقب الوخيمة , ونوصي على وجه التحديد بإعتماد التدابير التالية : 1- تأكد , مع مختلف أعضاء إدارتك , أن الهجمات الكيميائية في سورية نفذت بإستخدام غاز الأعصاب . هذا يعني أن الأسد لا يزال يمتلك غاز الأعصاب , وبالتالي لم يمتثل للإتفاق الكيميائي في أيلول 2013 . 2- أعطِ الأوامر بتوجيه ضربات جوية ضد المطارات والمنشاّت الجوية والطائرات السورية , لمنعها من شن المزيد من الهجمات الكيميائية بغاز الأعصاب . أخيرا ً : نتطلع لإستجابةٍ حازمة منك ضد الأسد , فالعالم اليوم يتطلع إلى إدارتكم لقيادته. ملاحظة سريعة : الحاخامات حددوا بشكل ٍ مؤكد أنه غاز الأعصاب , والضربة الأمريكية مطلب إسرائيل , ومن يوافق عليها يهلل لها , ويتوافق مع إسرائيل وأهدافها دون شك). (انتهت الرسالة). يبدو جليا ً وواضحا ً لماذا أقدم الرئيس ترامب على تنفيذ عدوانه العسكري على مطار الشعيرات , فقد أعطوه الحجة و الذريعة و طريقة التنفيذ , وأكدوا له أنهم يطالبونه ويأمرونه في وقتٍ واحد , وأبلغوه أنهم ينتظرون التنفيد , ولن يستقبلوا رسائل أو مكالمات التهنئة الهاتفية , بل ينتظرونها مشاهد فرحٍ و بهجةٍ وتهليل , تنقلها الشاشات والأخبار و الوكالات , كتعبير عن الخنوع والإذعان لكل من أراد خدمتهم و لعق حذائهم ... وهذا ما حصل بالفعل , وقد رصدت وسائل الإعلام مواقف و تصريحات ترامب وإدارته بما يتطابق مع نص الرسالة حرفيا ً, و رأينا من هلل ومن رقص و من أذعن!. إن مقاربة و مقارنة ما يحدث على أرض سورية و العراق وفلسطين المحتلة و مصر وغير مكان في الوطن العربي و منطقة الشرق الأوسط , يقطع الشك باليقين خصوصا ً لمن يستبعدون نظرية المؤامرة , ولمن يصدقون أنهم "ثوار" يسعون نحو الحرية والديمقراطية , عبر أوهامٍ وسذاجة عقلية وفكرية , وإنجرارٍ تام نحو التطرف و العنف و تدمير الأوطان , فقد تحولوا إلى اّلات قتلٍ و بطشٍ ليس إلاّ .. نأمل صحوة ً وتوبةً ورشدا ً يُعيد تموضع العقل والفؤاد إلى حيث يجب أن يكونا , و يرتقيان إلى مستوى حمل المسؤولية الوطنية و الإنسانية في الزود عن حياض الوطن و حماية الوطن و المواطن , فليس المعيب أن تخطئ و تقع في الشرك , إنما المعيب أن تستسلم لعمى البصر و البصيرة , و تستمر في جعل نفسك سلعةً و بيدقا ً في خدمة أعدائك.