2024-04-19 06:48 م

برعاية سعودية.. أزمة مصر والسودان مستمرة

2017-04-18
شهدت العلاقات المصرية السودانية توترات متصاعدة خلال الأيام الماضية، حتى دشن الأشقاء هاشتاجا على مواقع التواصل الاجتماعي، يطالب بطرد السفير المصري من الخرطوم، سبقه حملة من الصحف على القاهرة ودبلوماسيها.
وطالبت الحكومة السودانية بتفسير رسمي من مصر بشأن موقف مندوبها في لجنة العقوبات الخاصة بدارفور في مجلس الأمن، لترد الخارجية المصرية أن القاهرة تتبنى المواقف الداعمة لمصلحة الشعب السوداني، سواء خلال مداولات مجلس الأمن أو لجان العقوبات المعنية التابعة له.
بعد وفاة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز في أواخر عام 2014، حاولت الخرطوم كثيراً التقرب للمملكة، لكن دون جدوى، حتى اتخذ الرئيس السوداني عمر البشير، قرارا مفاجئا بإغلاق عدد كبير من المراكز الثقافية الإيرانية في السودان وطرد الملحق الثقافي الإيراني وآخرين معه تحت ذريعة قيامهم بنشر التشيع في البلاد وتأثير ذلك على الأمن القومي السوداني.
الخطوة التي اتخذتها السودان مهدت لعودة العلاقات مع السعودية من جديد، جعلت المملكة بقيادتها الجديدة تُفكر ملياً في تعزيز ثقتها بالسودان، وجاء العام 2015، الذي كان نقطة انطلاق العلاقات مرة أخرى، حينما شاركت السودان في حرب “عاصفة الحزم” التي قادتها المملكة ودول خليجية ضد الحوثيين في اليمن.
وقتها سوقت السودان لمشاركتها في عاصفة الحزم بشكل احتفائي مبالغ فيه، وكان أسوأ ما فيه بيان القوات المسلحة السودانية الذي تحدث عن أن التدخل في عاصفة الحزم مُهم وضروري لحماية أرض الحرمين الشريفين وحماية الدين والعقيدة، وأن الشعب السوداني لن يبقى مكتوف الأيدي، والخطر يحدق بقبلة المسلمين، مهبط الوحي والرسالة الخاتمة، ما يؤكد أن الجانب السوداني يحاول بشتى الطرق البحث عن دور بالقرب من السعودية، التي لم تكن مهددة على الإطلاق من قبل الحوثيين في اليمن.
في آخر عامين، سعت السودان بشكل كبير لجذب المستثمرين الخليجيين، فزادت الاستثمارات السعودية الزراعية في السودان من 7% عام 2013 إلى 50% في عام 2015، ما يقلق مصر نظرًا لتأثير ذلك على حصتها من المياه.
أيضا، في قضية تيران وصنافير كانت السودان حاضرة، لدرجة أن السفير السوداني في القاهرة طالب في تصريحات بثها التليفزيون المصري، بحق السودان في حلايب وشلاتين، معتبراً إياها أرضاً سودانية، وطالب الحكومة المصرية بتسليمها أسوةً بتيران وصنافير.
الثقة التي تحدث بها المسؤولون السودانيون لم تكن موجودة من قبل في أي زمن، فرغم وجود إشكالية حدودية في قضية حلايب وشلاتين، عبر سنوات طويلة، لكن لم يجرؤ مسؤول سوداني أن يطالب بأحقية السودان في هذه المنطقة الحدودية.
مواقف السودانيين في آخر عامين توضح بما لا يدع مجالاً للشك أن نظرتهم لمصر تغيرت لأن دولة أخرى في المنطقة أصبحت تساندهم وهي “السعودية”، كما ظهر ذلك في أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، فضلا عن قرار فرض تأشيرة دخول على المصريين من سن 18 إلى 50 عاما، فرغم توقيع مصر اتفاقية الحريات الأربعة مع السودان في 2004، إلا أن القاهرة لم تنفذ الجانب الخاص بفرض تأشيرة دخول على السودانيين من سن 18 وحتى 40 عاما، كما تستضيف السودان عددا كبيرا من عناصر جماعة الإخوان الهاربين، استغلالاً لاتفاقية الحريات الأربعة التي كانت تسمح لأي مصري بدخول السودان دون تأشيرة.
وقال محمد حامد، الباحث في الشأن الدولي والإفريقي، أن السودان قدمت “عربون” كبير للسعودية ودول الخليج في الحرب على اليمن، في إشارة إلى نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وأصبح هناك حالة توافق، على إثرها بدأت السعودية تُقدم مكافآت للسودان، من خلال المناورات بين جيشي البلدين، بالإضافة إلى الاستثمارات والمنح الكبيرة التي تقدمها السعودية ودول الخليج للخرطوم.
وأضاف حامد أن السودان منزعجة من عودة الدور المصري في إفريقيا، لكن العلاقات بين البلدين لن تتأثر بالتقارب الخليجي، والخلافات يمكن احتوائها عبر القنوات الدبلوماسية، لافتا إلى زيارة قريبة لوزير الخارجية سامح شكري إلى السودان.