2024-04-25 10:07 ص

ترامب في دير الزور لمواجهة سلاح الطاقة الروسي عبر التركي والأسرائيلي

2017-04-15
بقلم: المحامي محمد احمد الروسان*
قلب وتقليب مفردات التاريخ ولغات وحقائق الجغرافيا من جديد، من قبل العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وحلفائها وأدواتها ازاء الفدرالية الروسية وعبر سورية وليبيا واليمن وأوكرانيا والعراق، بمثابة صراع مباشر وحرب سياسية ساخنة ودبلوماسية متفجّرة في طور التحول والتمحور والتبلور وبكل اللغات ستقود، الى انفجار أمني وعسكري واقتصادي حيث نواة هذا الأنفجار سورية، كون الحرب الحالية المزعوم على عروق ومفاصل الأرهاب في الداخل السوري عبر التحالف الأمريكي(خارج قرارات الشرعيه الدولية)ومعه أكثر من ستين دولة، هي من ستشعل النواة الأولى لأنطلاق هذا الأنفجار الأمني والعسكري الشامل المتوقع بين موسكو والغرب، حيث الفعل العسكري الروسي واضح في الداخل السوري، وقد يحدث التصادم عند صيرورة اللحظة التاريخية المرجوة لكلا الطرفين أو لكل الأطراف، وتحذيرات الرئيس بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف الأخيرة بعد العدوان الأمريكي الأخير على مطار الشعيرات في حمص وسط سورية، حول نوايا أمريكا ازاء توسيع الضربات العسكرية لتشمل مواقع للجيش السوري جديدة، والتي صارت شبه فعل حتّى اللحظة تجيء ضمن هذه السياقات. الحرب على عروق ومفاصل الأرهاب في سورية بشكل خاص، هي لاسقاط سورية كمدخل لاسقاط روسيّا وتقويض توسع مناطق النفوذ الروسية بالمشرق العربي، مع الأعتراف أنّ الداخل الروسي يستشعر ومنذ الحدث السوري وبشكل كبير الآن، بأنّ ملامح الفوضى الأمريكية ونسخ استراتيجيات توحشها تحرك بعض من في الداخل الروسي للمطالبة بالأنفصال عن الجمهورية الأتحادية الروسية. أمريكا عندما خلقت "الداعشية" العسكرية عبر توجيه أسباب انتاج ظروف بيئتها في المنطقة خلقت "الداعشية" السياسية، والأخيرة ضرورة لأستمرارية الأولى في فعلها وتفاعلاتها ومفاعيلها. والأرهاب الخيار الأستراتيجي لنواة الدولة الأمريكية، والأدارة الأمريكية كحكومة بلوتوقراطية في الداخل الأمريكي حكومة الأثرياء، هي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، وهي التي تمارس فن الأقناع بالأرهاب بالمعنى الرأسي وبالمعنى العرضي، ان لجهة الداخل الأمريكي، وان لجهة الخارج الأمريكي. تحرك المثلث الأفعواني البائس(قطر والسعودية وتركيا ومعهم الأسرائيلي)وبعد التلاقي الروسي الأمريكي لأنهاء داعش والتوافق على الحل السياسي ومصير الرئيس الأسد، استثمر في تحركه وفعله في الرئيس ترامب ذو الشخصية الديماغوجية غير العقلانية الزئبقية الشباطيّة، من خلال ما جرى في خان شيخون والتي هي من فعله وأدواته لهذا المثلث قولاً واحداً، لنقل الرئيس ترامب من جبهة الحرب على الأرهاب الى جبهة الحرب على النظام السوري وعنوانه الرئيس الأسد، في سريالية جديدة أثبتت أنّ هيلاري كلنتون فازن بالدولة العميقة وترامب الديماغوجي ينفذ أوامرها. في المعلومات المسرّبة عن قصد تمّ في موسكو في اللقاء الثلاثي الروسي السوري الأيراني، ما بعد العدوان الأخير على سورية عبر صواريخ التوماهوك والتي تحوّلت الى أصابع أحمر شفاه قاتل من ايفانكا ترمب، تم بحث مسألة ملف الطاقة السوري والهدف الأمريكي من التواجد في دير الزور والرقّة(لقطع الطريق على الهلال الشيعي)، وامكانية دعم وتوظيفات الأمريكي لكانتون كردي في شرق سورية لغايات عاصمة الطاقة الأستراتيجية السورية في دير الزور من نفط وغاز لقطع الطريق على أنبوب النفط والغاز الروسي(كانتون الأمر الواقع)والمدى الروسي في الذهاب بعلاقات مع المكوّن الكردي السوري، ومخاطر هذا الأستمرار الروسي في التعاطي الأيجابي مع التروتسك الكرد، حيث الأمريكي يسعى لمنع ربط البادية السورية بالبادية العراقية عبر السيطرة على الحدود العراقية السورية لمنع أي تواصل جغرافي بين ايران والعراق وسورية وحزب الله في لبنان. مع التأكيد أنّ الكانتونات من كانتون الشمال السوري، الى كانتون كردي آخر في شرق سورية، الى كانتون دير الزور – الرقّة، الى كانتون درعا – سهل حوران، لن تكون أوطان طبيعية لآحد، بل هي حلوى فاسدة يجتمع عليها الذباب والأرهابيون في آن واحد، خاصةً بعد أن صار التوماهوك أحمر شفاه قاتل والمنطقة علبة تبرج مع استمرار ايفانكا زوج جارد كوشنير الصهيوني بملابس سباحتها الحمراء، مع ارتشافاتها لكؤوس الجمايكا الكحولية، حيث دموعها الحزينة على أطفال خان شيخون، دفعت والدها الأنساني الرئيس ترمب الى تصعيد عسكري ازاء سورية فعدوان مقابل الأغواء الأقتصادي من عرب روتانا. انّها حرب الطاقة نفطاً وغازاً ونتاجاتها، دبلوماسيات الطاقة بهياكل ومفاهيم جديدة، حيث تمارس واشنطن فن الأقناع بالأرهاب، وتدفع بعضنا العربي بسلال تيهنا، للعمل على تمذهب مسارات خطوط الغاز في المنطقة. واضح أنّ ما يجري في شرقنا الأوسط، هو حرب السيطرة على هذه المنطقة الحيوية، حيث الغاز ومسارات خطوط أنابيبه عصبها ومحركها، والأطراف الرئيسيّة المشاركة في هذه الحرب، بجانب إيران وتركيا والسعودية وقطر "واسرائيل"، الكثير من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، والأخيرة لا تملك حقول غاز في منطقتنا وان كانت تملك محميات أمريكية، لكنها تريد امتلاك الفيتو على تحديد مساراتها إزاء شمال أوروبا وجنوبها، كون واشنطن استراتيجياً تعمل على إضعاف كل دول القارة الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وحصتها من العوائد(تضررت السياسة الأمريكية من خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي، كونها حصان طروادة الأمريكي والأسرائيلي في القارة الأوروبية العجوز المتصابية)، ومن المحتمل أن تدخل مصر إلى ساحة الصراع في المستقبل، من هنا يجب تفهم الوضع الحسّاس لإيران، حيث تقف بكل وضوح وقوّة في وجه تغيير النسق السياسي في سورية وعنوانه الرئيس الدكتور بشّار الأسد، لأنها تعتبر أنه إذا ما سقطت الحكومة السورية، فهذا يعني تعاظم في قوّة منافسيها في المنطقة، وأنّ استراتيجيات إدارات التوحش الأمريكية سوف تستهدفها ومن ورائها الفدرالية الروسية والصين وعبر تركيا ذاتها، حيث إيران نفسها الخاصرة الروسية الضعيفة وهذا ثابت وغيره متحرك. اذاً ما يجري في المنطقة، هو حصيلة جمع نتائج التصادم الدولي حول المصالح الاقتصادية وأوثق استثماراتها وعلاقاتها، بجانب صناعة الأزمات والإرهاب والاستثمار في العلاقات العسكرية، والسيطرة على الموارد الطبيعية وعلى منابع الطاقة ومسارات عبورها ووصولها، بأقل تكلفة وبأسرع وقت إلى مصانع ومجتمعات منظومات الدول المتصارعة. إنّ الاتفاقيات الإستراتيجية بين أقوى المكونات الدولية موجودة، والخلافات صارت محصورة في الأهداف وكيفية المعالجات، ومقاربات المصالح الدولية الاقتصادية والسياسية، خاصةً مع وصول الفدرالية الروسية إلى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والغاز والصخر الزيتي واليورانيوم واستثمارات موسكو الحقيقية في ديكتاتوريات الجغرافيا، للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب وحالة من التوازنات الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. المسألة تحتاج الى بعض الأيضاحات وعبر التساؤلات المختلفة في سياسات عواصم القرار، أو ان شئت عواصم المؤامرة على الشرقين الأوسط والأدنى، وفي ظل تداخلات الحسابات بين الساحات، ان لجهة الساخنة(القويّة والضعيفة)وان لجهة الباردة(تجميد الحلول فيها وعليها كونها خارج الحسابات التكتيكية مرحلياً، ويتم تأهيلها كساحات مخرجات). عقيدة الأمن القومي لنواة مفاصل مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية، والتي صاغ مفاصلها وتمفصلاتها وتحوصلاتها الأممية، أعضاء الحكومة العالمية في البلدربيرغ الأمريكي، والفرنسي والبريطاني والصهيوني أعضاء فيها بجانب آخرين، عبر مجموعات من أمراء ليل وغربان موت، بزعامات من أمثال وأشكال كارل رووف(جنيّ)البيت الأبيض ومنظّر الربيع العربي(التسميه أوروبية صهيونية بامتياز)برنارد ليفي، والتي عبّر عنها الناطق الرسمي باسم حكومة البلدربيرغ الأمريكي، الرئيس ترمب الزئبقي والذي يعمل كمؤشر بورصة، حيث تم الأيعاز الى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي لتنفيذها وتوسيعها، فتشمل الآن الحرب على اليمن والذي تركوه جلّ أخوته العرب في الجبّ وحيداً ميتاً، وقد تمتد الى الجزائر والمغرب، كما أشرنا في أكثر من قراءة سابقة وفي أكثر من تحليل لنا في أكثر من مكان ومناسبة، وعبر الفضائيات ووسائل الميديا المختلفة وعبر مواقع التواصل الأجتماعي، وستضرب في قلب القارة الأفريقية حيث الصراع مع الصين وبريطانيا وفرنسا وايران وحزب الله هناك. وهذه العقيدة أيضاً تشمل كوريا الشمالية وضرورة الأشتباك معها عسكرياً والمعني في الرسالىة كل من الصين وروسيّا، خاصةً بعد تفجير أكبر قنبلة غير نووية في أفغانستان قنبلة مواب مع اجراء تجربة لقنبلة نووية تكتيكية في صحراء نفادا، كلّها رسائل متعددة وفي كافة الأتجاهات وتدفع الجميع الى سباق تسلّح من نوع آخر سيكون مكلف ومرهق للكافّة، وثمة جزء آخر مساعد في عقيدة الأمن القومي الأمريكي، يتموضع في سعي حثيث للولايات المتحدة الأمريكية الى انشاء نسخة متطورة ومختلفة من حلف بغداد جديد في الشرق الأوسط، انّه الناتو العربي بمضمون القوّة العربية المشتركة، والتي لا نعرف حتّى اللحظة طبيعة النظام الداخلي لها، خاصةً بوجود(دولتان تلتزمان بمعاهدة مع الكيان الصهيوني، ودول عربية أخرى لا تربطها معاهدات تعيش وضعيات الكماسوترا مع الصهيوني بدون واقي ذكري، بعلاقات أقوى من علاقات عمّان والقاهرة مع ثكنة المرتزقة). عقيدة أمريكية جديدة صيغت، حتى تتمكن العاصمة واشنطن من اعادة انتشار قوّاتها في المنطقة ومناطق شمال أفريقيا(لا انسحابات أمريكية من المنطقة)، كي تعيد تموضع قواتها في الشرق الأقصى، فوفّرت الغطاء السياسي لعمليات حلف بغداد الجديد(الناتو العربي)على اليمن وما زالت توفرها وتشاركها العدوان. أمريكا لا تريد انهاء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، بقدر ما تريد ادارة الأزمات، لا بل وأزيد من ذلك، تستخدم الأزمات عبر الوكلاء من بعض عرب، كأسلوب ادارة لذات الأزمات، لذلك واشنطن دي سي تدرك أنّ العقدة الحقيقية في المنطقة تكمن في أنّ كل شيء ممكن وفي ذات الوقت ليس كلّ شيء متاح، وتدرك أنّ وكلائها في المنطقة لا يدركون ذلك، وان أدركوه تناسوه وبادروا الى الفعل لغايات آنية ضيقة، وجعلوا صراعاتهم كدول، صراعات شخصية بل وطفولية، في حين أنّ خصوم واشنطن في منطقتنا والعالم يدركون حقيقة ذلك، بل وأزيد من ذلك، بحيث يدركون معضلة الولايات المتحدة الأمريكية وكيف انتقلت دبلوماسية أمريكا من الأدمغة البشرية الى الأدمغة الألكترونية فبانت عورتها(مفاوضات السداسية الدولية مع ايران خير دليل على ذلك ونتيجتها الأتفاق النووي)، بعكس حلفائها من بعض عرب وبعض غرب، الذين لا يفكرون الاّ في كيفية ملىء البطون والجيوب، واشباع ما بين الأرجل حتّى ولو كان بين الأصول سفاحاً دون ضمانات. وهناك بون شاسع بين الممكن والمتاح، وهو المسؤول عن تموضع الشكل والجوهر الذي ينتهي اليه مسرح العمليات، حيث تضيق الخيارات كل الخيارات، وزمن المتاح بدأ يتلاشى قبل الكارثة القادمة التي ستمزّق المنطقة وعبر حرب العرب بالعرب، حيث العرب ما زالوا يمارسون استراتيجية اللهاث وراء ايران، والأخيرة توظف وتستثمر في الأيديولوجيا لأحداث اختراقات جيواستراتيجية تخدم مصالحها، في حين أنّ العرب الأيديولوجيا عندهم تستخدم لحماية الأنظمة حتّى ولو قادت الى تفتيت المجتمعات أو حتّى الغائها. الحرب والعدوان على اليمن، وقبله سورية، وقبلهما ليبيا، وقبلهم جميعاً فلسطين كل فلسطين فضيحتنا الكبرى كعرب، نقول: ايران وصلت الى هناك.. حسناً، من الذي أوصلها وفتح أمامها الأبواب؟ ألسنا نحن العرب؟ من الذي ترك اليمنيين طوال عقود خلت على تخوم العدم؟ ألسنا نحن العرب؟ أرادوا لليمن أن تكون رجولته عند حدود الجنبيّه(الخنجر)، وصدق من قال أنّ الحفره اليمنية بمثابة برمودا عربي، صحيح أنّه في اليمن شعب بهياكل عظمية بفعلنا كعرب، وصواريخ تنهال عليه عبر اعادة الأمل هذه المرة، ولكن جلّ العرب هياكل عظمية بعد أن دمروا جيوشهم بآياديهم فصارت المقاومة وجهة نظر، والأرهاب وجهة نظر، وحتّى الخيانة صارت وجهة نظر. فمن يفشل في المعركة كما هو حاصل الآن في عدم تحقيق أي هدف من بنك أهداف الحرب على اليمن، والتي صارت تعصف بأصحابها، لن يكون قادراً على تكرارها بالمطلق لا على ذات الميدان اليماني ولا على الميدان السوري ان فكّر وقدّر، بل يذهب مكرهاً مجبراً الى مسرح آخر وميدان مسرح عمليات جديد، حيث وحدهم ووحدهم فقط أصحاب القضية من يكرر المحاولة، أمّا أصحاب المشارييع سواء كانوا من الأصلاء أو الوكلاء للغربي، فيبحثون دوماً عن البدائل تنفيذاً لدور مرسوم ومقدّر لهم بامتياز. حل الأزمة السورية بحاجة الى اتفاق روسي وأمريكي مشترك، وحل المسألة العراقية يحتاج الى تقارب ايراني سعودي، والأخير مرفوض أمريكيّاً كما الأول تماماً، والأفكار المصرية غير المعلنة(دع عنك المعلنة)حول المسألة السورية لم ترقى بعد الى مستوى المبادرة السياسية الكاملة حتّى اللحظة، وجلّ الموقف المصري رمادي ضبابي ولم يرقى بعد لأفق دورها في صيانة الأمن القومي العربي. ثمّة تساؤلات تطرح نفسها وتسوّق ذاتها وتشير الى أجوبه هنا وهناك، وان كان منطلقها الفكري التفكير بعقلية المؤامرة للوصول الى فهم المؤامرة نفسها، فمن أجل أن نفهم المؤامرة أي مؤامرة علينا أن نفكر بعقلية التآمر وما يحاك في المنطقة. بعيداً وبعيداً جدّاً، عن مسألة الموقف المصري الأخير في مجلس الأمن الدولي والمستغرب والمستهجن على مشروع القرار البريطاني الفرنسي الأمريكي بخصوص خان شيخون والذي سقط بالفيتو الروسي، وما أحدثه ذلك من مفاعيل وتفاعلات على طول خطوط العلاقات السعودية المصرية، هل قرار القاهرة جاء مستقلاً أم تم بايعاز من الآخر الطرف الثالث بالحدث السوري الخصم للدولة الوطنية السورية ونسقها السياسي الحالي؟ هل الجهد المصري في سياق البحث عن حل سياسي لما يجري في سورية هو لبعثرة الأوراق والجهود الروسية؟ هل يمكن أن تصل الأفكار المصرية الى مستوى الفعل والمبادرة التي تقبل بها كافة الأطراف السورية المعارضة، ان لجهة الداخل السوري، وان لجهة الخارج السوري، بما فيها الحكومة السورية والطرف الثالث بالحدث الشامي، ان كان غربيّاً وان كان عربيّاً هو بالأصل صار مأزوماً؟. هل الأفكار المصرية(المعلنة وغير المعلنة)من شأنها وفعلها أن تلغي جوهر الأفكار والمبادرة الروسية ورافعتها الفعل العسكري في الداخل السوري؟ وخاصةً بعد محاولة استيعاب القاهرة لما جرى فيها من ارهاب أخذ ويأخذ الكثير، وما يجري في الشيخ زويد خاصةً وفي صحراء سيناء ومجتمعاتها السيناويّة، حيث نلحظ سقوط المزيد من شهداء الجيش المصري، وتفجيرات الكنائس الأخيرة في مصر، كما نلحظ دوراً أمريكياً خفياً متقاطعاً مع دور اسرائيلي متخفي على استحياء؟ ما هي مصلحة مصر في ذلك لجهة النتيجة في خانة الألغاء أو الأضعاف ثم الأفشال لأي أفكار للفعل السياسي والعسكري الروسي، ثم الخروج بشيء مختلف عن ما يطرحه الروسي ويفعله؟. مبادرة الكرملين المتكاملة وفعلها العسكري، والتي ما زالت مستمرة تقوم على مفاصل وأساسيات الحل الداخلي(حوار سوري سوري عبر جنيفات وبرعاية أممية، بأساس فعلهم في اجتماعات أستنه المتعددة)، بينما أحسب وأعتقد أنّ الأفكار المصرية(المعلنة على الأقل)حتّى اللحظة تعمل على اعادة جلّ المسألة السورية من جديد لتطرح كرزمة واحدة على طاولة الحوار الأممي وتعتمد جنيف واحد منطلقها، في اطار جنيفات جديدة تشارك فيها جميع الأطراف الأقليمية والدولية، بجانب المحلية السورية ان لجهة الحكومة، وان لجهة المعارضات وحتّى تلك التي ليس لها ترسيمات على الميدان، وبدون أثر يذكر في سياقات لغة الفعل الميداني وتفاعلاته العسكرية؟ وهل يمكن أن نصف من يطبّل ويزمّر ويرقص للتقارب المصري السوري واقعاً في فخ السذاجة والوهم السياسي بامتياز، أم أنّه محق لدرجة ما بسبب الدور المصري الخفي والمريح ازاء دمشق؟ أم هل الهدف من جلّ الأفكار المصرية وغيرها، هو لحين تغيير المعادلات وموازين القوى الأقليمية والدولية، والأستثمار في الزمن عبر الأستنزاف لسورية من قبل الطرف الثالث، لحين انتزاع الدولة والنسق السياسي السوري من تحالفاته الأستراتيجية على الساحتين الدولية والأقليمية الى خانة ما يسمّى بمحور الأعتدال العربي(عفواً الأعتلال العربي)، والذي يعمل الجميع في المحور الخصم لسورية على احيائه من جديد في ظل ما يسمّى بالتحالف الدولي لمحاربة دواعش(الماما والدادا)الأمريكية في العراق المراد احتلاله وتقسيمه، وسورية المراد اسقاط نظامها ونسقها السياسي وبالتالي تقسيمها والحاقها، التحالف غير الشرعي وخارج قرارات الشرعية الدولية، والذي جاء تشكيله وفرض المشاركة فيه برؤية أمريكية عبر منطق القوّة لا قوّة المنطق؟. هل الرفض السوري ان حدث لسلّة الأفكار المصرية والتي هي بأساس سعودي(المعلنة وغير المعلنة)يعني استمرار الوضع على ما هو عليه، وبالتالي التقسيم السلس بنعومة فائقة لجلّ الجغرافيا السورية؟ هل هناك تنسيق مصري روسي ان لجهة الرأسي، وان لجهة الأفقي، على طول خطوط علاقات موسكو القاهرة؟ أم أنّ المسألة تتموضع حول الفكرة التالية: الجهود المصرية والأفكار الخلاّقة(على الأقل المعلنة)تلتقي عفويّاً وصدفةً بالجهود الروسية(المبادرة الروسية المتصاعدة عسكرياً وسياسياً) لكنها لا تنسق معها؟ هل آعادت القاهرة من جديد انتاجات وصياغات لمفهوم الأمن القومي العربي وبالتالي تطويعه وتوظيفه وتوليفه للعب ذات الدور السياسي السابق لها وعبر البوّابة الشامية، حيث علامات الأستفهام كانت متعددة عليه وقت الرئيس المخلوع مبارك، خاصةً بعد نجاحات حقيقية لمصر السيسي(قد تعجبك وقد لا تروق لك)في المسألة الفلسطينية وبعد حرب غزّة الأخيرة، فكانت سلّة النتائج بمستويات أكثر من رائعة ومذهلة لمحور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من بعض عرب وعربان، وكل ذلك على حسابات نضالات الشعب الفلسطيني المقهور وطموحاته في سياقات الصراع العربي الأسرائيلي؟. من الذي لعب دور الصانع والعرّاب المقنع لواشنطن في ضرورات الأعتماد على مصر ودورها المحوري في المنطقة، باعتبارها قوّة عسكرية يمكن الركون اليها باعتماد حقيقي، ان لجهة فلسطين المحتلة وسورية المتآمر عليها، والعراق المراد احتلاله من جديد وتقسيمه، وان لجهة لبنان وسلاح حزب الله، وان لجهة العدوان البربري على اليمن(مصر شعرت بالفخ لاحقاً، والى حد ما اتخذت مقاربة ومداخلة اقليمية بعيداً عن الرياض، وكذلك فعلت عمّان وبربع استدارة أو أقل من ذلك بالرغم من مشاركة طائراتها الجويّة في الحرب العدوانية على اليمن – سقطت طائرة أردنية حربية هناك ونجى قائدها من الموت)، وحتّى ان لجهة ايران ومسألة المواجهه معها لاحقاً خاصةً في ظل احياءات جديدة للدور المصري في لبنان، والذي صار ساحة وغى وصراع لصراعات كافة الأطراف الدولية والأقليمية بأدوات الداخل اللبناني؟. هل أخضع مجتمع المخابرات والأستخبارات الروسية(الأنعطافة المصرية والموقف بشكل عام)غير الجادّة وغير الحادة، على أرضية خطوط العلاقات الروسية المصرية، لمزيد من الدراسة والتحليل والتمحيص؟ هل تسرّعت موسكو وأعطت منظومات اس 300 المتطورة لمصر ان صدقت صحة المعلومة؟ لماذا أرسلت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي عشر طائرات هلوكوبتر من نوع آباتشي(طائراتهم بأسماء ضحاياهم الهنود)لمصر، حيث لحظنا سابقاً ونلحظ حالياً الدور الواضح للملك عبدالله الثاني ومنظومات حكمه في احداث مقاربات شاملة على طول خطوط العلاقات المصرية الأمريكية، لضرورات تطورات سياقات الحدث السوري لاحقاً؟ وهل التغيرات التي تحصل سرّاً في بنية جهاز المخابرات المصري الآن(يرأس الجهاز اللواء خالد محمود فؤاد فوزي، التغيرات في المفاصل الأخرى، ان لجهة الفرع الداخلي، وان لجهة الفرع الخارجي)هي نتاج للرؤية الأمريكية السعودية الأماراتية، في توظيفات جديدة وعسكرية للدور المصري ازاء الحدث السوري، والمسألة العراقية، ولجهة لبنان وسلاح حزب الله، ولجهة فلسطين المحتلة وحتّى ايران نفسها كما أسلفنا، بعد اعادة هندسة لمسار العلاقات المصرية الخليجية؟. وهل ضغطت واشنطن على مجاميع المعارضة السورية الخارجية لتغيير وجهة قبلتها من موسكو باتجاه القاهرة؟ وهل ثمّة سيناريو يرقى درجة أو مستوى المؤامرة على الفدرالية الروسية قبل سورية ونسقها السياسي؟ هل تتخلّى دمشق العاصمة عن استراتيجيات الأستثمار في الوقت والأنتظار وبالتالي ترك استراتيجية شعرة معاوية، لصالح استراتيجيات الحسم الشامل ان لجهة الحسم السياسي، وان لجهة الحسم العسكري، بالتعاون مع دول حلفائها الأقليميين والدوليين وحركات المقاومة المختلفة والتي هي في بعضها أكثر من حزب وحركة وأقل من دول وخير مثال حزب الله المقاوم؟. نجد أنّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي ضد أي تقارب سعودي ايراني، كون من شأن هذا التقارب أن ينهي العدو الذي صنعته أمريكا ورعته من ايران(فوبيا ايران)لتبتز به السعودية وشقيقاتها الصغرى من دول الخليج. وواشنطن تريد اسقاط سورية ونسقها بالحل السياسي أو الدبلوماسي أو العسكري، ومن ثم تقسيمها الى ثلاث دول لسبب عميق جيواستراتيجي يتموضع في ضرورة الألتفاف على مشروع روسيّا لمد أنبوب الغاز عبر تركيا، بحيث يصار الى تحويل الجغرافيا السورية الى ممر للنفط والغاز السعودي القطري الأسرائيلي الى أوروبا عبر جغرافية تركيا، انّها حرب الطاقة نفطاً وغازاً والتي أنتجت ديبلوماسيات الطاقة بمفهوم جديد، حتّى ولو تطلب الأمر محاولة أخرى لأسقاط أردوغان نفسه، حيث الأخير ما زال يخشى انقلاباً داخلياً آخراً عليه، حيث تركيا عبر الأستفتاء للتحول من نظام برلماني الى رئاسي تتجه نحو ديكتاتورية الديمقراطية. الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط رمال متحركة ورياح متغيرة، أعمدة المعسكر السنيّ في المنطقة تحاول لملمة نفسها، أو بالأحرى التكوكب من جديد في الموقف من المسألة السورية والمسألة الأيرانية(الأتفاق النووي صار حقيقة وأثره المالي عظيم على ايران وهذا ما يقلق بعض العرب)وما يجري في اليمن ولبنان أيضاً(السعودية، تركيا، مصر، ليبيا)، ولاعب الشطرنج المحترف عندما لا يجد لاعباً يوازيه يلعب مع نفسه ويكون الرابح دائماً، وكذا الولايات المتحدة الأمريكية التي لا ترى محارباً يوازيها فقررت ان تحارب نفسها كي تربح دائماً وكي يستمر عمل الجيش والأستخبارات والمصانع الحربية والدولار، ومجتمعات الميسر والقمار والدعارة العابرة للقارات والحدود والأزمنه، والأخيرة أقدم مهنه ومشروع في التاريخ البشري. تركيا هي الجارة لأهم دولتين تجري فيهما وعليهما حروب تآمرية بامتياز(سورية والعراق)، بفعل أطراف غربية ثالثة بزعامة الأمريكي وتوجيه، عبر التشريك معها(أي تركيا)تقاطعاً وتساوقاً وتعاوناً مع الأدوات من البعض العربي(عرب روتانا)، بدعم مجاميع ارهابية محلية واستجلاب أخرى اقليمية ودولية، ظنّاً واعتقاداً من أنقرة ومؤسسات حكمها أنّ هناك تشارك في الأهداف، وثمة معطيات ومنعرجات تستدعي ذلك بفعل ما سمّي بالربيع العربي. فمن موقع الفاعل لتركيا تأثير وفعل وتفاعل واضح ومفاعيل في جلّ مجريات الحدث السوري ومنذ بدئه، والآن تدخل بعمق في العراق بفعل عسكري احتلالي في بعشيقه وغيرها، بعد الأخفاق في الداخل السوري بفعل الوجود الروسي العسكري المساند للجيش العربي السوري، ومن موقع المفعول به تأثّرت بعمق وبتفاعل وما زال ذلك في تفاقم من حيث ارتداد الأرهاب المدخل الى الداخل السوري الى دواخلها، فصارت مغناطيساً جاذباً للأرهاب، أو هكذا يراد لها أمريكيّاً ليصار الى تفكيكها، فارتدادات الأزمة السورية صارت رأسيه وعرضيه ليس فقط في الجغرافيا التركية وخاصة على الحدود، بل وفي المؤسسات التركية وخاصةً العسكرية والأمنية منها. فبعد حفلة اصلاحات سياسية وقانونية متعلقة بالحقوق السياسية والثقافية للكرد في تركيا، ومشاريع تنموية في مناطق الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا قام بها الحزب الحاكم لحل المشكل الكردي، يخوض حزب التنمية والعدالة التركي الحاكم الآن حرباً عنيفة معPKK))تم توريطه بها عبر سيناريو أمريكي وغربي مدروس ومشتق من التورط التركي بالحدث السوري، وعقابيله على المدى الطويل وبالمعنى الأستراتيجي. ومن شأن ذلك أن ينسف ما قام به الحزب الحاكم من جهود وعلى مدار سنوات، بجانب أنّ داعش وارتدادات الأزمة السورية والمشكل الكردي عوامل مؤثرة في استقرار تركيا، ويجيء هذا بسياقات سوء العلاقات على طول خطوط العلاقات التركية الروسية، والذي زاد من نسبة الأحتقانات الشعبية الصامته في الداخل التركي حتّى اللحظة بفعل أفعوانية أنقرة، وكذلك احتقانات رسمية داخل مؤسسة الجيش التركي ومجتمع المخابرات والأستخبارات التركي. الرئيس التركي قال وبوضوح أنّه تم قتل أكثر من ثلاثة آلاف مسلح كردي حتّى الآن، حسناً سيدي وبالصميم، لكن حرب الدولة التركية مع( PKK)يا فخامة الرئيس انتقلت من الأطراف الحدودية الى الداخل التركي المحتقن أصلاً بفعل التورط بالحدث السوري، وهنا تكمن خطورة المجازفة التي تجري الآن، الحروب في السابق كانت تجري في الجبال الحدودية والمناطق المحيطة بالمدن والآن تجري في المناطق الآهلة بالسكّان على شكل حرب عصابات أو حرب شوارع، تماثل وتساوق ذلك مع تطورات نوعية في الميدان السوري حيث المشهدية العسكرية ولغة الميدان فعلت فعلها بالمشهدية السياسية مع الوجود العسكري الروسي الفاعل، كل هذا وذاك قاد الى ارهاصات ومخاضات غير مكتملة حتى اللحظة في انشاء كيان كردي في الشمال السوري، وهذا أدّى الى تعقيدات في الحسابات التركية الكرديّة. التصعيد السياسي التركي يترافق مع التصعيد العسكري ضد المشكل الكردي عبرPKK))من خلال مطالبة الكرد بهيئة حكم ذاتي في مناطقهم ضمن الدولة التركية، هذا يجعل الرئيس التركي يحيلهم الى القضاء التركي بتهمة خرق الدستور الذي ينص على وحدة الآراضي التركية(المشكل الكردي هو اقليمي أكثر منه محلي، لكن بسبب المسألة السورية وجد المحلي مسار له مع الأقليمي فتشاركا في طغيان متبادل في التأثير)، ومع تزويد PKK بالسلاح الفاعل عبر الفصائل الكردية السورية المسلّحة ومصادره متعددة ومعروفة للجيش التركي والأستخبارات التركية، تزامن كل ذلك مع تراجعات لعصابة داعش في العراق(معركة الموصل وتحريرها من دواعش ماما أمريكا تسير بخطى ثابتة وانجازات ميدانية، واتفاق سعودي أمريكي مكّن اخراج كوادر داعش من الموصل الى شمال شرق سورية والرقة ودير الزور لآقامة دولة القاطع هناك، انّها دويلة سنيّة كدولة القاطع لمحور المقاومة الممتد من ايران الى العراق الى سورية الى لبنان)وتراجعات لعصابة داعش في سورية بسبب التشاركية العسكرية الروسية السورية الأيرانية وحزب الله وفعلها، وبالتالي من شأن ذلك قد يقود الى تمدده في الداخل التركي، وما التفجيرات والتي تحدث بين فترة وفترة وخاصةً ان في اسطنبول، وان في أنقرة، وان في ديار بكر، الاّ دليل صحة على ما نرمي اليه من تحليل وربط بين المشاهد. وما زالت تسعى توليفة الحكم السياسي في أنقرة، رغم التغيير الحاصل في المشهدية العسكرية في الداخل السوري والعراقي، للحصول على دور اللاعب على مستوى المنطقة والعالم، ضمن مشروعهم السياسي الخاص بهم حيث يدخل في هذا المشروع أجزاء من الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يمضي الزعماء الاتراك في خطتهم، ويؤكد المراقبون السياسيون أن الغرب يروج ويدعم هذا المشروع ويحاول أن يوجه تركيا بشكل أكبر وأعمق في تنفيذه، حسناً كيف نفهم ذلك؟ الدول الغربية فقدت القدرة على أن تكون لاعباً على الساحة السياسية العالمية، لذا تحاول أن تستغل دول أخرى لتصل إلى تحقيق أهدافها. أحد هؤلاء اللاعبين، تركيا وفي سياق رغبة الغرب في إحياء الامبراطورية العثمانية لجعل تركيا تنفذ مشاريعهم، ويدرك الغربيون جيداً أن تركيا ستستخدم كل الطرق الممكنة لتصل إلى غاياتها وتحقق مطامعها، لذا يقومون بتقديم الدعم وخلق حالة من الارتياب لهذه الدولة لكي يظهروا أن تركيا قادرة على الحصول على القوة وفرض الهيمنة. لكن مسار الأحداث الآن، يظهر أن الغرب وضع لتركيا سيناريو لا يجب أن تتحول وفقه إلى قوة في المنطقة، وفي الوقت نفسه يجب إضعافها وجعلها تواجه أزمات على عدة محاور، حيث يتم تصعيد تحركات حزب PKK المدعوم من الغرب كما أن تشديد تحركات الانفصاليين سيزيد من تفاقم الأزمات الداخلية التركية، ويتم دفع تركيا إلى مزيد من الاشتباك العسكري مع دول المنطقة لاستنزاف قدراتها و إنفاق مواردها المالية على الأمور العسكرية، لكي لا توظفها في التنمية والتطور، ويمكن مشاهدة هذا الامر بشكل واضح من خلال التحركات العسكرية التركية في العراق والتورط التركي وعلى مدار ست سنوات ونصف في سورية وما زال، مع أنّ أنقرة تدّعي بأن تحركاتها العسكرية تهدف إلى الدفاع عن مصالحها القومية، لكن في المحصلة الغرب يسعى لجر تركيا للدخول في هذه النزاعات لإنهاك قوتها العسكرية من جهة ولتزويدها بالأسلحة الغربية تحت مسمى زيادة القدرات العسكرية التركية. نظراً لهذه الظروف يمكن القول أن الغرب أقحم تركيا في لعبة ظاهرها يحاكي المصالح التركية، وباطنها يهدف إلى تدميرها بالكامل، كما أن أنقرة فقدت جراء مسار الأحداث الكثير من مصالحها على الساحة الداخلية، وعلى مستوى المنطقة وفي المستقبل القريب ستخسر الكثير من مصالحها في العالم أجمع ان بقيت على ذات السياسة والنهج. الدولة التركية تعتمد بشكل كبير وحيوي واستراتيجي بادمان مزمن على مصادر الطاقة الخارجية وخاصةً النفط والغاز، وفي المعلومات تستورد أنقرة أكثر من خمسة وسبعين بالمائة من احتياجاتها من مصادر الطاقة المتنوعة، وتدفع ثمناً لذلك أكثر من خمسة وستين ملياراً من الدولارات الأمريكية سنويأً، بعبارة أخرى، ما تدفعه تركيا هو أكثر من ربع فاتورة وارداتها الأجمالية، وهذا يمكن اعتباره أهم معضلة عميقة ومتفاقمة تواجه تركيا، ولها عقابيلها وامتداداتها بالأمن القومي التركي، وتحت عنوان عريض: أمن الطاقة، ومحاولات الكيان الصهيوني في اللعب بأمن الطاقة التركي كما سنرى لاحقاً، خاصةً مع عودة المياه الى مجاريها على طول خطوط العلاقات التركية الأسرائيلية(نلحظ كافة وضعيات "الكماسوترا" على طول خطوط العلاقات التركية الأسرائلية الآن)، بعد هندستها على المستوى الأمني المخابراتي، لتقود الى مستويات سياسية ودبلوماسية متقدمة وتنسيقات عسكرية ومخابراتية، خاصةً وبعد تحولات الميدان السوري لصالح الجيش العربي السوري العقائدي، ومحاولة الأخير العميقة لآغلاق الحدود مع تركيا بقوّة النيران بمساعدة حلفائه وخاصة الروسي والأيراني. ألم يقل فخامة الرئيس التركي وعلناً أنّ تركيا بحاجة الى اسرائيل واسرائيل بحاجة الى تركيا في المنطقة؟ الحوارات تجري على قدم وساق على طول خطوط علاقات مجتمع المخابرات الأسرائيلي ونظيره التركي بالمعنى الرأسي والعرضي، مرة هنا في المنطقة ان في مفاصل الجغرافيا التركية، وان في مفاصل جغرافية الأسرائيلي(جغرافية فلسطين المحتلة)، ومرات هناك في جنيف وغيرها. وهذا يشكل في الواقع خاصرة اقتصادية رخوة للغاية(أمن الطاقة التركي)، ولم يشفع الموقع الأستراتيجي والمحوري لتركيا، حصولها على أمن في الطاقة وطاقة رخيصة الثمن مستوردة، وأنقرة حلّت بالمركز الثاني بعد الصين في وتيرة ازدياد الطلب على الغاز والكهربا، حيث الصين الدولة الأشد عطشاً للطاقة على مستوى العالم، والثانية أي تركيا تماثلها في شدّة العطش للطاقة. وأنقرة تعتمد بشكل أساسي على روسيّا في استيراد الغاز وبشكل منتظم وبأسعار عادية الى حد ما(ثمة عقوبات اقتصادية فرضتها موسكو على أنقرة بعد اسقاط السوخوي العسكرية الروسية، والتي كانت في مهمة في الداخل السوري على جانب الحدود مع تركيا، فالعقوبات تدفع تركيا نحو عمق الحضن الأسرائيلي بخضوع شبه كامل لحالات الأبتزاز الأسرائيلي للتركي، لكن الآن بعد عودة متدرجة للعلاقات الروسية التركية بعد الأعتذار التركي، ستظهر مقاربات جديدة ولكنها شائكة للجميع، وقد تعقّد المشهد الأقليمي بسبب الطموح التركي)، مع استيرادها لكميات أخرى من ايران والعراق وأربيل وأذربيجان وقطر والجزائر، وهناك مسارات ضغوط تمارس على النخبة الحاكمة في أنقرة، لفتح شراكات مع "اسرائيل" لأستيراد الغاز الطبيعي منها، وعبر انشاء خط من الأنابيب يمتد من حقول للغاز تقع غرب ميناء حيفا المحتل، وعبر قبرص اليونانية الى الداخل التركي، ونعتقد أنّ هذه المحاولة الأسرائيلية عبر واشنطن تشكل قمّة الخطورة، كونها تدخل كطرف أساسي في خطة الأمن القومي التركي بشكل عام وأمن الطاقة Energy security، وأمن المجال الحيوي التركي وللتأثير على المجال الجيوبولتيكي لمجتمع المخابرات التركي، ان لجهة الداخل التركي المحتقن أصلاً بفعل الحدث السوري وارتدادات الأرهاب المدخل الى الداخل السوري، وان لجهة الخارج التركي الساخن والمتحفّز أصلاً للهجوم على أنقرة وبفعل الحدث السوري أيضاً، وتوظيفات أنقرة لورقة اللجوء السوري لممارسة الضغوط المطلوبة على القارة الأوروبية العجوز وعلى رأسها ألمانيا، حيث ألمانيا تساوقت مع تركيا درجة الثمالة في المواقف من حيث تداعيات الوضع السوري حيناً وتراجعت عن ذلك حيناً آخر، في موقف غريب ويخضع لمزيد من القراءات المختلفة من قبل مراكز الدراسات التي تقدّم توصياتها الى مجتمعات المخابرات الأقليمية والدولية المعنية بالشأن التركي والألماني. وفي المعلومات الحديثة نجد أنّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تضغط على تركيا من أجل الدخول في شراكة حقيقية مع كل من قبرص اليونانية والدولة العبرية، لتشكيل حلف اقتصادي ثلاثي لمواجهة القبضة الفولاذية الروسية على سوق الطاقة في هذه المنطقة بالذات، وللحد من الطموحات الأيرانية ذات الأمكانيات الكبيرة والمتسارعة في النمو، وخاصةً بعد دخول الأتفاق النووي مرحلة التنفيذ، وعقابيل ذلك الأيجابية على الدولة الوطنية الأيرانية، والتي لم تقدّم تنازل واحداً للغرب وللأمريكان منفردين أو مجتمعين أو حتّى لمجموعة خمسة زائد واحد على مدار المفاوضات. وتحدثت معلومات استخبارات الطاقة المسرّبة وعن قصد كما نعتقد، أنّه في الأشهر الماضية، قامت وفود مشتركة من شركات أمريكية واسرائيلية بزيارة تركيا، للبحث في التوقيع على عقود(طاقوية)مع أنقرة لغايات انشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الأسرائيلي الى القارة الأوروبية، وعبر قبرص وتركيا تحت سطح البحر بطول يزيد عن 500 كيلو متر من حقل(لفيتان)البحري المحتل "الأسرائيلي"، والواقع غرب ميناء حيفا بمسافة 135 كيلو متر وحتى مرفأ جيهان التركي وبسعة 16 مليار متر مكعب، ثم على امتداد الساحل القبرصي وبعمق ألفي متر لأستحالة مروره طبعاً على الساحل اللبناني والسوري، والأخير هو الممر الأفضل لهذا الأنبوب وبتكلفة أقل ووقت أقل، وأضافت المعلومات أنّ تشغيل هذا الخط سيكون من منصة انتاج وتخزين وتفريغ عائمة على سطح البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يتوجه نحو الشمال الشرقي باتجاه ساحل قبرص اليونانية كما أسلفنا للتو. وأمام هذا المشروع الأقتصادي الطاقوي الخبيث باعتقادي، تحديات وعوائق كثيرة وليست محصورة فقط بالأبعاد المالية واللوجستية والوقت الذي يحتاجه في التأسيس والبناء والتقنيات الضرورية، بل التحدي الأمني وما يمكن أن يتعرض له من أخطار وعمليات ارهابية، بفعل الأرهاب المدخل الى الداخل السوري والمصنّع في لبنان(المراد تسخينه سعوديّا على الأقل الآن)وارتداداته على تركيا و"أسرائيل" ودول الجوار الأخرى، فمن تكلفة مالية تزيد عن ثلاثة مليارات من الدولارات، الى تكلفة الأنتاج المرتفعة، الى وجود مشاريع أخرى لنقل الغاز من ايران وقطر والسعودية ومصر في اطار منطقة الشرق الأوسط وبجانب سورية ولبنان لاحقاً. بجانب كل هذه التحديات الآنف ذكرها، هناك التحديات السياسية، حيث عدم وجود الثقة بين أطراف هذا المشروع الثلاثي، والذي تهدف من ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، الى تشكيل وتصنيع حلف نيتوي اقتصادي في مواجهة سلاح الطاقة الخطير الذي تملكه الفدرالية الروسية يقف على حدودها الجنوبية مع تركيا. تحدي الشعور الشعبي: حيث الشعور الشعبوي التركي كاره ومعادي بعمق لأسرائيل، والحكومة التركية الحالية، لاذت بصمت أهل القبور، لعلمها أنّ أي تقارب مع تل أبيب ليس بورقة شعبوية ناجحة الآن وهي تدخل في موضوعة الأستفتاء للتحول الى النظام الرئاسي، التحدي التاريخي: ثم العداء التاريخي بين أنقرة وقبرص اليونانية وعمره زاد الآن عن عمر كاتب هذه السطور 45 عام، حيث يطالب القبارصة اليونانيون من أنقرة الأعتراف بهم وحل مسألة(قبرص التركية)، حتّى يتم السماح لهذا الخط بالمرور على امتداد الساحل القبرصي وبعمق يزيد عن 2000 كيلو متر، وقبرص اليونانية لا تثق كثيراً بتل أبيب، والأخيرة تعتبر الأولى بمثابة حصان طروادة في مشروع الأنابيب هذا. وقبل التطرق الى ادراكات مجتمع المخابرات التركي لأمن الطاقة وعلاقته مع فكرة الأمن القومي لتركيا، لا بدّ من التأشير على ملاحظة في غاية الأهمية تتموضع في التالي: أمريكا دعمت الوهابية المسلّحة كقوّة ضاربة، زرعت بدعم سعودي وسطيه اسلامية يقودها فتح الله غولن الداعية التركي الغامض والمقيم في بلسنفانيا بأمريكا، والذي عمل على فتح عشرين ألف مدرسة تنفق حتّى على اقامة وتغذية الطلاّب في مواقع مختارة من العالم، وعلى رأسها تركيا وجمهوريات وسط أسيا، وهنا وقع الأخوان المسلمون في فخ أمريكي محكم، فأرودوغان الأخواني الطموح لدور تاريخي، وجد تعاوناً ودعماً بلا حدود من الأمريكيين والسعوديين والقطريين ومن فتح الله غولن، الذي أقنعه بأنّ مستقبل الأخوان لحكم العالم الأسلامي تحت رايته وعلمه، سيكون باسقاط المظلة البريطانية ومسك المظلة الأمريكية، وبلع أرودوغان وأوغلو الطعم وبادرا أولاً لتصفية الجنرالات في الجيش التركي، والأخير محسوب على المظلة الأنجليزية، وأقنعا اخوان مصر بالتعاون مع غولن والأمريكان، فاستجابوا اخوان مصر لهما وقفزوا هم أيضاً بفخ استغلالهم كجسر لتصفية نفوذ رجال مبارك الرئيس المخلوع عبر ثورة، من مدنيين وعسكريين وتجديد حكم العسكر بفتح الطريق للضبّاط الشباب الأكثر ولاءً لواشنطن، تمثل ذلك في عودة العسكر الى الحكم في مصر، وصفت تلك الحالة بأنّها حالة لتصحيح المسار والتوجه من بعض الأطراف الأقليمية والدولية. وتذهب المعلومات أنّ فتح الله غولن، استطاع اختراق اخوان الأردن عبر اقناع أحد كوادرهم ومنذ سنوات وقبل ما سمّي بالربيع العربي بالتقارب مع الأمريكيين(فتمّ المنادى لأول مرة بالملكية الدستورية، ومبادرة زمزم الأخيرة والتي صارت حزباً فشل في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة رغم الرعاية الرسمية له، لا يمكن بحثها بعيداً عن هذا السياق)وبعد الأطاحة بمرسي عبر ثورة أخرى صحّحت الخطأ الثوري كما يعتقد البعض، انتبه أرودوغان للخطأ الفادح الذي ارتكباه، فسارعا للتصالح مع الجيش التركي والسعي لتصفية نفوذ فتح الله غولن، الى أن جاءت محاولة الأنقلاب العسكري الفاشلة ضده، والتي في النهاية سيصار الى تجديدها الى أن تنجح غربيّاً، فتم هيكلة مفاصل المؤسسة العسكرية بشكل مؤلم للغرب وأعوانه، ولكن هل سيتوقف الجيش في التفكير في الأنقلاب ضد أردوغان وديكتاتورية ديمقراطيته؟ وتذهب معلومة أخرى لا أدري مدى عمق صحتها، أنّ أرودوغان شعر أيضاً بالكارثة التي سبّبها لدعم ما سميت بالثورة السورية ضد نظام سوري يحمل مظلة بريطانية الى حد ما، فاتجه اتجاهات أخرى أكثر كارثية ولكن بعدما ورّط اخوان سورية بالتحالف مع الأمريكيين. وعليه وتأسيساً على السابق ذكره بمجمله، أحسب أنّ مجتمع المخابرات التركي وخاصة مخابرات الجيش التركي ذو المظلّة الأنجليزية لجهة قياداته وكوادره، يدرك أن "اسرائيل" تدرك وبعمق عطش تركيا للطاقة، وتدرك مخابرات الجيش التركي أنّ تل أبيب تسعى لأستغلال نقطة الضعف التركي هذه، عبر رغبتها في شبك مصالحها الأقتصادية بأمن تركيا القومي عبر أمن الطاقة لغايات، اللعب في الداخل التركي لصالح الأمريكي والغربي والأسرائيلي وبعض العربي المرتهن والتابع والأداة. ما تم ذكره ومنذ البدء في هذا التحليل، يشكل مؤشر بسيط للغاية وجزء من المؤامرة الكونية على الشرق وقلبه سورية بنسقها السياسي الحالي، والأعظم الحرب الكونية في سورية وعلى ديكتاتورية الجغرافيا السورية، هي حرب بالوكالة عن الغرب(أوروبا وأمريكا)بأدوات(بعد فشل الوكيل يحل الأصيل محلّه، لكنه لن ينجح وستخرج قوّاته بتوابيت كما خرجت في السابق من لبنان، أقصد قوّات المارينز الأمريكية)من البعض العربي المرتهن والمتبوصل على ذات اتجاه البوصلة الغربية - الأمريكية، ازاء منطقة الشرق الأوسط الساخن والمتفجر، ونتيجة لها حدثت المسألة السورية أو الحدث السوري أيّاً كانت التسمية.
mohd_ahamd2003@yahoo.com   
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية