2024-03-28 05:55 م

السيناريو الهوليوودي

2017-04-15
بقلم: نبيه برجي
ماذا كان يمكن ان يفعل مدير الـ «اف. بي .آي» الراحل ادغار هوفر لو كان لا يزال في منصبه ابان الحملة الانتخابية لدونالد ترامب؟ كان حتماً نقله الى الزنزانة او الى المقبرة....
كان لهوفر دماغ الديناصور، وكان يكره عائلة كنيدي حتى ان بعض الاصوات راحت تتحدث همساً عن دوره في اغتيال جون كنيدي لان الرئيس كان ليلة «خليج الخنازير» التي استهدفت فيديل كاسترو وباءت بالفشل عالقاً بين شفتي مارلين مونرو....
هوفر الذي اخرج كلينت ايستوود فيلماً عن حياته (بطولة ليوناردو دي كابريو) كان يهوى اذلال الاثرياء في الولايات المتحدة. ثمة من نقل عنه قوله ان جوزف كنيدي الاب كان يتبادل النساء مع ابنائه كما اوراق اللعب....
ولطالما قيل ان هوفر الذي مكث في منصبه 36 عاماً، وكان يثير الهلع حتى في زوايا البيت الابيض، طارد جوزف كنيدي في كل تنقلاته الى ان راحت تتعثر تراجيدياً مسيرة العائلة بصدمات قاتلة ربما لم تنته باغتيال جون وروبرت، واصابة ادوارد بالسرطان واختفاء جون جونيور بحادث طائرة.
وكان احد الاصدقاء الاب قد نقل عنه «ان ثمة احداً في الاعلى لا يحبنا». هل كان يقصد هوفر ام الله؟
في تصنيف الاثرياء. دونالد ترامب الفظ وجوزف كنيدي الاقرب الى الارستقراطية الاوروبية. كيف يمكن لمدير الـ «اف . بي . آي» ان يتصور رجلاً اتياً من لاس فيغاس، وكان والده يعمل في تسويق بنات الهوى، في المكتب البيضاوي، وباصابعه يدير الكرة الارضية؟
احد مساعدي هوفر قال عنه «كنا نظن وهو يمشي على رؤوس اصابعه انه يمشي على ظهور الرؤساء التسعة الذين عايشهم ابان توليه منصبه».
شخصية خلفه جيمس كومي بعيدة عن شخصيته. يعلم ان ثمة من هم اعلى منه، واقوى منه، بالرغم من ذلك صُدم بالاداء الصاخب، والفوضوي، واللامنطقي لترامب حتى انه اضطر الى تكذيبه بنفيه قيام باراك اوباما بالتنصت عليه...
ولكن هل حقاً ان الـ «اف . بي . آي» يسرّب معلومات تقول ان الاستخبارات الاسرائيلية فبركت قصة الغارة الكيميائية في خان شيخون لمصلحة دونالد ترامب الذي قد تطيح به التحقيقات في شأن الاتصالات الغامضة  مع الكرملين؟
الآن، باستطاعة ترامب ان يقول «كيف يمكن اتهامي بالعلاقة مع روسيا وانا الذي تحديتها بالتوما هوك في قلب سوريا؟».
نذكر ما حدث قبل غزو العراق عام 2003. حتى ان وزير الخارجية كولن باول الذي كان يفاخر بيديه النظيفتين منذ ان كان رئيسا لهيئة الاركان استدرج الى الكذب في قضية اسلحة دمار الشامل، بينما كان طارق عزيز يعرض عليه صفقة مثيرة اذا ما توقفت الخطة الخاصة بازالة النظام...
من البديهيات التساؤل لماذا اختارت دمشق ذلك الموقع بالذات، وفي هذا الوقت بالذات الذي بدأت واشنطن ولحقت بها عواصم اوروبية، في «مغازلة» بشار الاسد، لكي تغير عليه بالقنابل الكيميائية؟
البعض في اوروبا يقولون ان ما جرى عبارة عن سيناريو هوليوودي. واشنطن اخطرت موسكو بالغارة فسحبت مستشاريها وطائراتها من القاعدة. هل هذا صحيح؟ 
ويقال ان كل ما يجري يتعلق بابعاد الضؤ عن مايك فلين، مستشار الامن السابق، الذي صرح محاميه روبرت كلينر بأن لدى موكله الملاحق بالاتصال مع الروس «قصة ليرويها».
كلينر قال ايضاً انه طلب منح الحصانة لفلين حتى لا يتعرض للملاحقة القضائية «غير العادلة». ماذا بين يدي مستشار الامن القومي الذي راح يتأرجح بعد فترة وجيزة من تسلمه احد اكثر المناصب حساسية في الادارة؟
وهل حقاً انه يخاف من الملاحقة القضائية ام من الاغتيال لانه يملك معلومات «هائلة» حول علاقات ترامب الخفية، وحول الوعود التي قطعها (الخلفيات مجهولة) لنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
هل صحيح ايضاً انه اذا ما فجرّ فلين قنبلة فهذا سيعرّض الامن القومي للخطر لان «رجل الالغاز» في البيت البيضاوي اكثر تورطاً في الاتصالات وفي الصفقات. ربما في الفضائح...
 تفاعلات الضربة الجوية تزداد دوياً. الاحتمالات خطيرة جداً. السيناريو المفبرك حول غاز السارين لم يبدأ لينتهي، وانما لدفع الامور اكثر نحو حافة الهاوية. ايقاع الازمة، وهو ايقاع التصعيد. رُبط بالمسار الذي تأخذه التحقيقات مع فلين التي لوحظ كيف جمدت راهنا. الآن الكلمة للجنرالات لا للقضاة ولا لرجال الكونغرس.
اذاً، جدران من الجثث لكي تبقى الحقيقة في الثلاجة. العرب يزغردون. الايرانيون «يفكرون» ويتوجسون وقد وضعوا امامهم كل الاحتمالات. الاوروبيون يشعلون النيران. موسكو قالت لركس تيلرسون «لن نتخلى عن بشار الاسد». حمل الرسالة، بكل ما تعنيه، الى البيت الابيض...
"الديار"