2024-03-29 08:29 ص

لهذا قصفت أمريكا قاعدة الشعيرات السورية

2017-04-08
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
الأزمة في سورية والحرب المستمرة التي تشن عليها منذ سبع سنوات تداخلت فيها مصالح وإعتبارت إقليمية ودولية وخصوصاً ما يتكشف يوماً بعد آخر من دور لأمريكا حيال ما يجري من أحداث هناك، إذ يتابع البيت الأبيض عن كثب تطورات الأزمة السورية، وقد شكلت الجهات الأمنية والإستخباراتية في واشنطن فرق متابعة لرصد تداعيات هذه الأزمة منذ إندلاعها، الأمر الذي يلوح بمدى أهمية سورية بالنسبة لأمريكا وحلفاؤها من الغرب. التحركات والهجمات الأخيرة التي قامت بها أمريكا بقيادتها الجديدة والتي كان أخرها قصف قاعدة الشعيرات الجوية في حمص ، التي أثارت موجة غضب واستنكار، عدها الكثير من المراقبين تحديات إضافية وخطيرة للقيادة الأمريكية ربما ستكون سبباً في إعادة رسم الخطط السابقة، خصوصاً وان العمليات الأخيرة التي قامت بها واشنطن، قد أثبتت وبشكل قاطع بأنها اللاعب الرئيسي الخفي في إطالة الحرب وجر البلاد إلى حرب إستنزاف لقدرات الجيش العربي السوري, وإستنزاف لقدراته المالية والإقتصادية، وبالتالي إنهاك المؤسسة العسكرية والأمنية في سورية لتحقيق أهدافها في المنطقة. إن امريكا قصفت أكثر من مرة مواقع عسكرية في قلب سورية، ولم تكن هذه المرة هى الأولى، إن حادثٍ كهذا يفتح آفاق كبيرة للتفكير في ماهيته، ويفتح عدداً من القضايا الشائكة أيضاً، اليوم تضغن واشنطن خصومة خاصة لسورية وتريد الإنتقام منها فهي تمثل للأمريكيين أكثر من تحد، فهي الحليف الأهم والأقرب لحزب الله وإيران، وحال إنهيار سورية سوف يضعف الموقف التفاوضي الإيراني في المباحثات مع الغرب، أضف إلى ذلك أن سورية تبقى حتى الساعة الحليف الأقرب والأوثق لروسيا، ونافذتها على البحر الأبيض المتوسط، وهو ما لا تتمنى واشنطن استمراره، فجاء قصفها قاعدة الشعيرات بحجة ضحايا الكيمياوي في خان شيخون لمساعدة التنظيمات المسلحة وأخواتها من القوى المتطرفة لتحقيق أهداف رسمتها لها أمريكا وحلفاؤها، فإذا تأملنا نظرة متآنية وصادقه لما تقوم به أمريكا يتضح بما لا يقبل الشك أن هناك أهداف تسعى إليها وتعمل على تحقيقها بمعاونة أطراف دولية وداخلية من أجل تأزيم الوضع السوري، وبالتالي تمرير أهدافها الخبيثة من خلال تنظيم داعش وإرهابه ، وكادت الخطة أن تنجح لولا وقفة الجيش السوري الذي أوقف تمدد هذا التنظيم، وإعادة التوازن إلى الساحة العسكرية وقلب صفحة المعركة من إنكسار إلى إنتصار، فالمتتبع للتصريحات الأمريكية الخاصة بنتائج المعارك التي يخوضها الجيش السوري يدرك تماماً حالة التخبط والإحباط التي يعيشها الأمريكان، ويدرك حالة الهلع التي تعرقل خطط البيت الأبيض من إحتمالات النصر السريع التي يحققها الجيش السوري وقواته الأمنية بكل فصائلها، لذلك هناك رغبة عارمة لأمريكا في تدمير كافة الأسلحة وخصوصاَ الصواريخ السورية، والتي تفيد معلوماتها الاستخبارية أنها ستصل لحزب الله اللبناني والذي يستخدمها لضرب مواقع إسرائيلية، بالإضافة الى أن أمريكا تود الحفاظ على المعادلة العسكرية القائمة، ضعف الجميع أمام قوة امريكا، فهي تحاول إضعاف الدولة السورية، لتظل الصراعات القائمة بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في سورية دون حل. في سياق متصل كشفت هذه الضربة عن وجود تنسيق واضح بين أميركا و"إسرائيل" وقيادات تنظيم داعش الإرهابي، وذلك من أجل حماية الملاذ الآمن للمجموعات المسلحة وإتاحة الفرصة للإرهابيين للسيطرة على مناطق عسكرية تابعة للجيش في شرق تدمر، وهذ مؤشر واضح لرغبة واشنطن بالعودة إلى المخططات السابقة بعد أن شعرت بأن سورية تستعيد عافيتها كدولة وكقوة عسكرية في المنطقة. من المؤكد أن مراجعة سريعة لوقائع القتال في سورية وعلى الأخص العاصمة دمشق، تشير إلى فروق واضحة المعالم بين قدرات الجماعات المسلحة التي اهتزت وضعفت كثيراً، مقابل قدرة الجيش السوري على تكبيد هذه التنظيمات خسائر كبيرة، وقد بات أكثر جاهزية في البحث عن أهداف عسكرية لضربها عن طريق عمليات الاقتحام، لذلك فأن مشروع الإرهاب سيسقط لا محالة فيما ستبقى سورية صامدة رغم التآمرالأمريكي والإسرائيلي على سورية، وستبقى دمشق صخرة تنكسر فيها نبال الغزاة، لذلك يجب على الرئيس ترامب أن يحترس من التورط في شن حرب أخرى على سورية كونه لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة على كامل المنطقة متى إشتعلت.
Khaym1979@yahoo.com