2024-04-20 07:50 ص

أسقطوا القواعد الجوية السورية... لتعودوا إلى حلب

2017-04-05
بقلم: سمير الفزاع
توزع الميدان السوري بين مجموعات "قيدتها" تفاهمات أستانه، وأخرى جمدتها تفاهمات وتسويات محلية، وثالثة راح الجيش العربي السوري وحلفائه يتقدمون على حسابها ميدانياً وسياسياً وإعلاميا... والداعمون الإقليميون في حال من المراوحة لعدة أسباب منها: إنتظار أو المساهمة بصياغة توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه المنطقة. إفرازات نظام "التهدئة" الصامد إلى حدّ كبير، واستغلاله بشكل مثالي من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه. قمعت تهديدات سيّد المقاومة السيد حسن نصر الله باستهداف مواقع أكثر من حيوية في الكيان الصهيوني، تؤدي لتحولات إستراتيجية في وجوده ومستقبله قاطبة أي تحرك على جبهة رأس الناقورة-الجولان. إنتشار الجيش العربي السوري في محيط الباب ومنبج، والجيش الروسي في عفرين ما أغلق الأبواب بوجه أي تدخل تركي مباشر أو عبر أدواتها. إنتظار نتائج قمة بوتين-ترامب المرتقبة... إنزاحت تطورات الميدان بقوة وبسرعة قياسية لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه، ما قد ينهي داعش والجزء الأكبر من الحرب على سورية حتى قبل بلوغ تلك القمة الروسية-الأمريكية من جهة، والتفرد بما تبقى من أدوات غزو إرهابية في إدلب ودرعا... من جهة ثانية، وفتح الحدود السوريّة العراقية مجدداً بظرف يفتقر فيه حلف العدوان على المنطقة لأوراق القوة الوازنة من جهة ثالثة، وعدم الوصول إلى تسوية سياسية إقليمية-دوليّة "تقيّد" آثار انتصار سورية وحلفائها على الإقليم والعالم رابعاً... تذكرون كلمات وزير خارجية أمريكا السابق، كيري:"راقبنا داعش وتركناها تنمو وتتمدد... لنجبر الأسد على التفاوض"... وأثر هذه الهزيمة المدوية على بقيّة أدوات الغزو في الداخل السوري، وتداعياتها على المستوى الإقليمي والدولي، وتحديداً الأنظمة في الإقليم والعالم الداعمة والمحركة لهذا الغزو... فما العمل؟. *ما العمل؟: سؤال باتت الإجابة عليه تعني الفرق بين الحياة والموت، الإنتصار والهزيمة، إنهيار شامل للحدود أو الحفاظ عليها بالحدّ الأدنى... . طار نتنياهو إلى موسكو، حاول بكل ما يملك إقناع الرئيس بوتين بوقف تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه في محوري تدمر-السخنه ومطار كويرس-الطبقة... لقد ذهب زاحفاً إلى بوتين لإقناعه بوقف استهداف داعش، كما قال السيد الأمين حسن نصر الله. لم تنفع محاولة شق الصف والتسريبات (موافقة موسكو على إستهداف الكيان الصهيوني وضمن الأجواء السورية لقوافل السلاح المُرسل لحزب الله حيث تمّ النفي من الكرملين مباشرة) والمغريات (الإستعداد لتقديم الجولان ضمن صفقة تسوية) ولا الأساطير التوراتية (كما قال بوتين نفسه) في تغيير الموقف الروسي... ولكنّ القناعة الأكيدة التي تشكلت لدى القيادة الروسيّة وتم نقلها فوراً للقيادة السورية وحلفائها، بأن الميدان السوري مقبل على تصعيد كبير وخطير. فعلاً، بدأ حلف العدوان على سوريّة بهجومه المعاكس على أكثر من صعيد، وبإستخدام أدوات وتكتيكات معروفة: في ظل عدم وجود إستراتيجية واضحة، إستخدمت إدارة ترامب تكتيكات إدارة اوباما في التعاطي مع الميدان السوري: المزيد من الدعم للإنفصاليين الأكراد، ودفعهم للتوسع أكثر في مناطق إنتشار داعش، بالتزامن مع زيادة الحضور الأمريكي المباشر... الإنقلاب على تفاهمات أستانه، وفتح جبهة الريف الحموي لتعطيل تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه نحو الرقة ودير الزور من محور ريف حلب الشرقي... ومنع تقدمه من محور تدمر إلى السخنه بتكرار الضربة التي وجهت لطلائعه بعد تحرير المدينة قبل عام تقريباً... وتهديد الوجود العسكري الروسي وقواعده، وتوجيه رسالة قاسية و"حازمة" للقيادة السورية وحلفائها بتهديد قلب العاصمة... . * طعن العاصمة والعودة إلى حلب: كانت الغارة الصهيونية على مطار (T4) في بادية حمص إشارة البدء بهجوم لن تتوقف نتائجه عند تعطيل تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه نحو دير الزور والرقة؛ بل وستقلب نتائجه –إن نجح- الميدان السوري رأساً على عقب. يبدأ الهجوم بضرب مواقع وتجمعات الجيش العربي السوري في محيط تدمر (كما حصل بجبل الثردة في دير الزور) لتشن داعش هجوماً معاكساً نحو مدينة تدمر لتسيطر عليها مجدداً، مدعومة بعناصرها القادمة –وليس المنسحبة- من حوض اليرموك في درعا، ومن بادية السويداء والقلمون وعقيربات وما حولهما... ثم التقدم نحو مطار (T4) بسلسلة من الهجمات العنيفة تنتهي بالسيطرة عليه مهما كلّف الأمر... بينما تتقدم القوات الأمريكية وأدواتها من الأكراد الإنفصاليين وغيرهم نحو مدينة الرقة، لتنتقل داعش من هناك، وتشنّ هجوماً كاسحاً على قطاعات الجيش في دير الزور، فتقع أو يتم التهديد بإيقاع، كارثة عسكرية وإنسانية تفقد الجيش والقيادة السورية عناصر قوتها وقدرتها على إتخاذ القرار... وحبل النجاة موجود فقط بيد واشنطن... بالتزامن مع هجوم واسع تشنه القاعدة وتفرعاتها نحو مدينة محرده وجبل "زين العابدين"، للسيطرة على مدينة حماه أو تهديدها بشكل جدي، مع فرض السيطرة أو شلّ –على اقل تقدير- مطار حماه العسكري... وقد كانوا على بعد 4كم منه فقط... إلى جانب هجوم واسع وعنيف على دوار وكراجات العباسيين من أجل التسلل إلى التجمعات السكانية والتمترس هناك بتحويل المدنيين لدروع بشريّة... وتحييد قاعدة حميميم الجوية، ما أمكن، خلال فترة الهجوم لمنعها من تقديم أي دعم جوي لخطوط دفاع الجيش العربي السوري وحلفائه، خصوصاً بعد السيطرة أو شلّ أهم مطارين عسكريين في سورية، حماه و(T4)... هكذا، سينتشر اليأس والإحساس بالهزيمة بين المدنيين والعسكريين، وستفقد قطاعات واسعة من الجيش القدرة على الحركة والمبادرة...تمهيداُ للإنهيار الكبير، لتبدأ مرحلة حصار حلب مجدداً، تمهيداً للإطباق عليها... ثم فرض الوقائع السياسية على سورية وحلفائها بالقوة. * ختاماً، كنّا بانتظارهم: بعد خسارة الأدوات الإرهابية لأكثر من 12 ألف إرهابي منذ معارك الكليات قبل عام تقريباً وحتى منتصف الشهر الماضي، والزحف السريع نحو معاقل داعش في الرقة ودير الزور... تشكلت قناعة لدى سورية وحلفائها بأن جولة ساخنة تلوح في الأفق. ساعدت المعلومات الإستخبارية، والقراءة الدقيقة لتوزيع موازين القوى في الميدان، وطريقة تصرف أعداء سورية وخصومها... على التنبؤ بما سيأتي. أعدت خطط المواجهة عبر سلسلة إتصالات على أعلى المستويات، ورسمت معادلات الردع والنصر والقرار. فجر الجمعه، 17/3/2017، أربع طائرات صهيونية تحاول إستهداف مواقع للجيش العربي السوري في محيط تدمر... تظاهرت منظومة الدفاع الجوي في "شنشار" بالغفلة، وتكفلت شبكة الرادار الروسيّة في سورية بتوفير الدعم اللوجستي لإيقاع طائرات العدو الصهيوني في المصيدة، وكان ذلك. ما دفع "ليبرمان"، وزير الأمن الصهيوني للقول:(لا يوجد مصلحة لدى "إسرائيل" في التدخل في الحرب الأهلية السورية ولا ضد الرئيس بشار الأسد، وليس لدينا مصلحة في الاصطدام مع روسيا في سورية، مشكلتنا الأساسية هي مع نقل أسلحة متقدمة من سورية إلى لبنان"... لكن وزير الإسكان في كيان العدو كان أكثر صراحة بقوله:(أعتقد أنّ ما جرى هو عملية خطيرة... إن المظلة الروسية والردّ السوري على الغارات الإسرائيلية "خطير" وإنّ النجاحات التي حققها الجيش السوري في الميدان منحته الثقة والأمن...). إنتهت إشارة إطلاق الهجوم لفشل كارثيّ على كيان العدو وقواعد إشتباك أنهك لصياغتها، وسحقت محاولة التسلل إلى العباسيين... وفي الوقت الذي يستمر فيه التقدم من محوري ريف حلب الشرقي-مسكنه وتدمر-السخنه نحو الرقة والدير، لتنخفض قيمة الإنزال الأمريكي-البريطاني وغيرهم إلى حدود العدم... يستمر طحن عظام القاعدة في الريف الحموي ليتقدم جيشنا نحو نقاط لم يحتلها الإرهابيون في "غزوتهم" الأخيرة... كنّا بانتظارهم. عندما فشل الهجوم العسكري بتحقيق أهدافه، عمد مشغلوهم إلى مخطط استخباري رخيص بإستخدام الغازات السامّة في خان شيخون، ليحققوا بالأمن ما عجزوا عنه بالميدان... لكن تسديد سلاح الجو ولطف الله كان أكبر... فكان الردّ المزدوج بالفيتو الروسي-الصيني المنتظر في مجلس الأمن، والفيتو السوري في الميدان... لتستمر مأساة أدوات الغزو ومن هم خلفها، وليقترب موعد انتصار سورية وحلفائها أكثر وأكثر.