2024-04-20 04:03 ص

ما لم تأخذوه بالحرب ،، لن تأخذوه بالإعلام

2017-04-05
بقلم: محمد توتونجي
ما أنفتق إعلام البترودولار محاولاً شيطنة صورة حزب الله وإيران وسوريا العراق والإتحاد السوفييتي بشتى الوسائل وكان ألعنها على الإطلاق هو الشيطنة الطائفية ، مستخدماً لذلك أدهى العبارات وألعنها متعلماً ذلك من سيده وصانعه وصاحب نظرية " فرَق تسٌد " التي كانت اليد الطولى للمستعمر البريطاني في حكمه لمستعمراته التي كانت تطلق عليها " المملكة التي لا تغيب عنها الشمس". وكان أهم الأهداف من تلك الشعارات " الهلال الشيعي " ، " التمدد الشيعي " ، " النفوذ الإيراني " ، " النظام العلوي " ، " النظام الشيوعي الكافر " والتي كانت دول البترودولار العربي و أذنابها مما يسمى الملكيات العربية في الأردن والمغرب تجاهر بهذا الكلام حتى مستوى ملوكها ودبلوماسييها إرضاء لسيدها الأمريكي وتحقيقاً لمصالح الكيان الصهيوني ، وذلك أولاً لتغيير وجهة الصراع العربي الصهوني وحرفه عن قبلته من تل أبيب إلى طهران ، وثانياً وحفظ محيط أمنه القومي عبر تفتيت دول جوار فلسطين إلى شيعٍ وطوائف وقوميات صغيرة متناحرة ضعيفة هزيلة متناحرة متحاربة فيما بينها ، لا تزداد بتشكلها الطائفي والتقسيمي إلا ضعفاً وهواناً واكبر مبررٍ للكيان الصهيوني بتثيت إعلان يهودية الدولة في مواجهة الدول الدينية والطائفية المحيطة به ، وتتزايد وتتعاظم قوته ويشرع سلاحه أكثر وأكثر بذريعة الحماية الذاتية ، بنفس الوقت الذي يغذي به هذا الكيان تلك الكيانات المتصاغرة بالفتن والتحريض و يساعد الكل على محاربة الكل لتكريس ضعفهم وليكون هو المرجع الأقوى والملجأ الأوحد لكل كيان ضد عدوه الآخر. وقد أنفق على هذا المشروع الكثير الكثير من المال والسلاح والأرواح العربية والإسلامية لتحقيق هذا الهدف الخبيث منذ ايام حرب الخليج الأولى بين نظام صدام حسين والجمهورية الإسلامية الإيرانية – التي أعلنت الولاء لفلسطين منذ قيامها - على مدى ثمان سنوات والتي أكلت كلا البلدين ودمرت مقدراتهما واستنفذت قدراتهما العسكرية التي كانت الأقوى في المنطقة لمحاربة الكيان الصهيوني ، وكان الفائز الأوحد من جديد هو الكيان الصهيوني صنيعة الحكم البريطاني الإستعماري كأقرانه من ممالك الخليج العربي والمملكة الهاشمية ، تلك الأنظمة الملكية التي ثبُت ملكها على ظهور الدبابات البريطانية والتي مازال التاج البريطاني يحكم ويتحكم بعروشها حتى اليوم عبر مستشاريه وقياداته العسكرية في تلك الدول. ولذلك إعتراضاً ومن وجهة نظري الشخصية فقط أرى وجوب محاربة تلك الرجعيات العربية من الأنظمة المصنوعة والتابعة والعميلة وإسقاطها ، مثلها تماما ً مثل وجوب محاربة الكيان الصهيوني المحتل والذي آتى إلى فلسطين على ظهر الدبابات البريطانية وبقرار بريطاني لتتحرر مقدرات العرب وثرواتهم و يتم وضعها في مواجهة الكيان الصهيوني خدمة لمعركتنا وقبلتنا في فلسطين السليبة والجولان السوري والجنوب اللبناني. وهذه الحروب الدينية التي تستخدمها تلك الدول وتسلحها وتمولها وترفدها بكل أرهابيي العالم المأجورة ليست وليدة العهد أبداً ، وليست ببعيدة العهد أبداً ، فلم تمت ذاكرتنا أبداً عما أطلق عنه ومازال يسمى " بمجاهدي عرب أفغانستان " الذي جمع له كل الفكر الوهابي الطائفي البغيض وأمواله تحت شعار ديني لمحاربة النظام الشيوعي " الكافر " في أفغانستان والذي كانت النواة الأولى لتشكيل أكبر تنظيم إرهابي وهابي تكفيري في العالم يستخدم لتدمير وإسقاط كل البلدان التي تناهض مشاريع دول الإستعمار القديم الرأسمالي. ومنه نجد أن العداء للإتحاد السوفييتي السابق والمتمثل اليوم بقوته وهيبته بجمهورية روسيا الإتحادية ليس وليد اللحظة ، وكانت الحرب الصهيووهابية الناعمة تخاض ضده بهدوء على مدى سنين طوال ، عبر الفكر الوهابي التكفيري الخبيث من الداخل ودعم كل متطرفي كل دول هذا لإتحاد بالمال وتصعيد التحريض عبر المدارس الدينية الوهابية في تلك الدول ضد ما يسموه بالنظام الشيوعي الكافر ، حيث لم يكن الوهابيون يخفون جهودهم وتواجدهم في تلك الحروب عبر الإرهابيين الوهابيين ورجال المذهب والجمعيات الدينية والخيرية الوهابية في تلك الدول ولا سيما جمهورية الشيشان التي تعد أكبر مراكز الفكر التكفيري في الجمهوريات المستقلة عن الإتحاد السوفييتي السابق ، وأكبر مصدِرٍ لما يسمونه بالمجاهدين الرافدين والقادة للمجاميع الإرهابية في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة وخصوصاً إبان الحرب الكونية الصهيووهابية ضد سورية ونظراً للمواقف التي أتخذها الرئيس بوتين في تلك الحرب سياسياً وعسكرياً في دعم دول محور ممانعة السيطرة الرجعية على المنطقة وإسقاطها وإضعافها وصولاً إلى جدران موسكو لإسقاطها من جديد ، خاضت تلك الأنظمة الرجعية حرباً إقتصادية شعواء لإضعاف روسيا وإيران النووية إقتصادياً ، واستخدمت سلاح البترول والغاز لإنهاك هاتين الدولتين إقتصادياً وإبعادهما عن الحرب السورية فأنهارت تلك الدول إقتصادياً بعد الصبر الذي أظهراته كلاً من روسيا و إيران بالرغم من الإنهاك الإقتصادي التي عانيتا منه ، وربحا حرب عض الأصابع ، وأصبح الطالب مطلوباً ، وباتت الكوراث الإقتصادية تعصف بتلك بخيام البترودولار حيث تشير الدراسات والمراكز الإقتصادية وصناديق النقد الدولية إلى اتجاه دول البترودولار إلى الإقتراض لسد العجز المالي الذي بدأ يحرق إقتصادها الذي يعتمد بشكل شبه كلي على النفط0 وبعد كل هذه الهزائم المتلاحقة لم تتعلم هذه المصنوعات الإستعمارية من الدروس ومازالت تنفق عبثاً أموالاً إضافية في شن الحروب الإعلامية التي أكل عليها الدهر وشرب في محاولات يائسة لبث الفرقة بين دول الحلف في مواجهة العدوان على المنطقة وإسقاطها ، عبر وسائل إعلامها الرخصية في دولها وفي دول أخرى أصغر منها في العمالة ، وتبدأ بنشر أحلامها تارة عن خلاف روسي إيراني في وجهات النظر ، وتارة عن خلاف بين القيادة السورية و الروسية في طريقة إدارة الملف سياسياً و عسكرياً ، وتارة عن تململ حزب الله من الجيش السوري ، وتارة عن مخاوف حزب الله من العلاقات الروسية الإسرائيلية ، وتارةً شعور إيران بإدراة الظهر السوري لها بعد تدخل القوة الروسية ، ومن ثم محاولة إضعاف و إسقاط صورة الدولة السورية و الرئيس بشار الأسد الذي وصفوه بأنه واجهة فقط في هذا الحرب حيث بدؤوا عبر نباح إذاعاتهم إبان دخول حزب الله المعركة في سورية بالقول بأن سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هو صاحب القرار في الحرب في سورية وبأن الرئيس الأسد عاجز وواجهة فقط و لايمتلك قراره ، ومن ثم أصبحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي صاحبة الرأي والقرار في سورية عبر تدخل مستشاريها في الحرب ضد المجاميع الإرهابية في سورية ، وكان الهجوم الأكبر على روسيا الرئيس بوتين ودبلوماسييه بعد القرار الحاسم في الإنخراط في الحرب السورية مباشرة بقواته الجوفضائية وأساطيله البحرية ، وأصبح الوزير لافروف هو وزير الخارجية السورية ، ثم بعد فشل كل الإشاعات يأتون بما يناقضون به أنفسهم بحرب نفسية و إعلامية فاشلة بطرح هواجس عن تخلي روسيا وإيران وحزب الله عن سورية والإستهداف الأكبر هو لروسيا التي يدعون أنها تعقد صفقات على حساب سورية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وعند كل تخفيض في عديد القوات الروسية في سورية ينطلق بحر الجنون الإعلامي منهم محاولين تأكيد وجهة نظرهم أوبعد كل إجتماع أو اتصال أمريكي روسي يعلو النباح للعبث بالعقول و محاولة زرع الشكوك بين الحلفاء. وهنا نتوجه بالكلام لكلا الطرفين لمن يطلقون هذه الحرب النفسية وإلى المستهدفين فيها بطرح بعض الأفكار: أولاً صحيح ومؤكد أن المصالح أياً كان نوعها بشكل عام هي التي تحكم العلاقات الدولية ، ولكن لا ننسى الأخلاق التي يتمتع بها محورنا في الحرب ولنبدأ بالأصغر حجماً من حيث العدد والتسليح والمتمثل بالمقاومة العراقية فمصلحته واضحة في التدخل في هذه الحرب حيث أنه يحارب نفس الجماعات التي تدمر وطنه وتفتته على جانبي الحدود السورية العراقية ومعرفة وعلماً منه أن كل إنجازاته في محاربة تلك الجماعت في العراق و القضاء عليها ليس لها أية قيمة إذا ما انتصرت هذه الجماعات في سورية واستحكمت وتمكنت ، ولكن الأخلاق تحتم عليه أيضاً دينياً بحماية المقدسات والإلتزام بفتوى الجهاد المقدس ضد تلك الجماعات وكذلك رد الفواء بالوفاء لسورية التي أحتضنت اللاجئين العراقيين بالملايين إبان غزو أمريكا للعراق ، وذلك الدور السوري المهم الذي لعبه الرئيس الأسد بالتعاون مع إيران في إخراج أمريكا من العراق. وثاني تلك الفصائل المقاومة حزب الله الذي بات بقوته وقدراته أكبر من حزب وأصغر من دولة بعد كل إنجازاته في حرب الكيان الصهيوني والجماعات التكفيرية في سورية ، التي تحمل في طابعها الأخلاق أولاً والإلتزام الديني في نصرة المظلوم ووجوب تحرير الأراضي المحتلة من أي عدو خارجي وحماية المقدسات والعقيدة ، وكذلك رد الوفاء لسورية التي كانت العمق الدائم والحاضن الأكبر للمقاومة والأساس في تسليحها ودعمها وأحتضانها والدفاع عنها متحملة كل أعباء الضغوط الدولية عليها في خياراتها في دعم كل المقاومات في وجه الكيان الصهيوني الغاصب والذي يعرفه حزب الله بأنه السبب الرئيسي لتلك الحرب الإرهابية على سورية ووجوب الدفاع عنها ، الأمر الذي يوجهنا بشكل طبيعي لمعرفة السبب الثاني المصلحي لحزب الله للإنخراط في تلك الحرب حيث أنه يعلم أنه يحمي نفسه ووطنه إستباقاً في دحر تلك المجاميع الوهابية ومنع وصولها إلى لبنان إن سقطت سورية لا سمح الله. وثالثاً تأتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يحكمها و يتحكم بها الأخلاق والعقيدة الإسلامية والتي تربطها بسورية علاقات أخلاقية ثابتة ومبادئ صلبة وعلى رأسها العداء للكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية ، وكذلك فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قامت ثورتها ألشرف في العالم على مبادئ أخلاقية و إسلامية وغير دموية وعقائدية تعلم أن الوفاء والأخلاق هو أساس بقاء الدول وثباتها ولم يذهب من ذاكراتها المواقف الشجاعة التي دفعت ثمنها سورية غالياً في الوقوف إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حرب الخليج الأولى مع العراق ، وكيف أن دول البترودولار الأعرابي نفسها هي التي شنت ومولت حروب الإخوان المسلمين في تلك الآونة في سوريا على مدى ما يقارب الستة سنوات لتزيحها عن دعمها لإيران وفشلت وفشلت معها كل التهويلات والتهديدات الأمريكية لسورية للتخلي عن أيران والتي كانت مكافاتها لوقبل الرئيس الرحل حافظ الأسد بتلك المقايضة أن يحكم المنطقة بأسرها ويستعيد الجولان بدون حرب ،وليس لإيران أن تنسى هذا ، إضافة إلى مصلحتها الكبرى في منع إسقاط الدولة السورية والإنخراط في هذه الحرب لحمايتها ودعمها لأنها تعلم تماماً أن مشروع الشرق الأوسط الكبير هدفه الرئيسي هو الجائزة الكبرى التي أعلن عنها بوش الإبن في إسقاط أسوار طهران. رابعاً يأتي تفنيد دور التدخل الروسي في الحرب السورية ، أولاً من وجهة نظر روسيا الأخلاقية في القوانين الدولية التي ترفض بشكل قاطع إسقاط الدول والإنظمة عن طريق الحروب وخارج سياق التغيير الديمواقراطي في البلدان كلها وكذلك العلاقات الوثيقة للإتحاد السوفييتي التي عمل عليها وأسسها الرئيس الراحل حافظ الأسد منذا أربعين عاماً ويزيدون ، فهي ليست وليدة اللحظة أبداً و التي كانت دائماً مبنية على أسس متينة من التحالف الأخلاقي وعلى إحترام السيادة المطلق ،اما الشق الثاني الدولي المصلحي فهناك مقولة روسية قديمة جداً تقول بأن أسوار موسكو تبدأ حمايتها من دمشق ، وسورية كانت ومازالت بوابة روسيا على البحر الأبيض المتوسط ، وملاذها الوحيد في المياه الدافئة ، ومركز قوة لها في مواجهة التمدد الإستعماري الغربي ، ولذلك و على الرغم من كل المخاطر قررت روسيا الإنخراط في هذه الحرب أولاً لإعادة التوازن في العالم وإعادة تشكيل الأقطاب العالمية ووقف مشروع التمدد الأمريكي في المنطقة ، وثانياً والأهم لها هو محاربة الجماعات التكفيرية التي يشكل قوامها الأساسي المجاهدين القوقاز والقضاء عليهم في سورية حتى لا يعودوا لبلادهم ليشكلوا خطراً نائماً مستجداً على روسيا تستخدمها أمريكا ودول البترودولار لضرب الأمن الروسي في أية لحظة. وعلى الرغم من العلاقات الكبيرة التي تربط وتحكم روسيا بالكيان الصهيوني ومحاولة إعلام البترودولار على ترويج أن روسيا تضع خطوطاً حمراء لسورية وحزب الله وإيران بشأن الكيان الصهيوني ، آتاهم الرد مباشرة من حادثة اسقاط الطائرة الصهيونية الأخير ، والأهم كان هو أستدعاء روسيا للسفير الصهيوني ومساءلته عن هذا العمل وأثبتت لجميع أنها لا تمنح الغطاء للكيان في أستهداف سورية وإضعافها. ونتيجة لما تقدم ذكره أعلاه فإننا نلخص القول بكلمتين على طريقة سيد المقاومة سماحة الأمين العام السيد نصرالله : " ما لم تأخذوه بالحرب ، لن تأخذوه بالإعلام ".