2024-03-19 05:16 ص

محاولات "التشتيت" لن تنفع: إلى "الهدف" تقدم...!!

2017-03-22
بقلم: سمير الفزاع
قبل عدة أيام، أعلن عبد السلام محمد ممثل حزب الإتحاد الديمقراطي (PYD) في روسيا:"إن عمليات الجيش التركي داخل الأراضي السورية... عرّض القوات الكوردية إلى مشكلة أن عليهم أن يقاتلوا على جبهتين، لذا فإننا اخترنا التفاوض والحوار مع الدولة المركزية، وخلال الأيام القادمة سنشهد عقد اتفاق بين القوى الكوردية والقوى المؤيدة للدولة المركزية السورية". وتابع بالقول" إن الكورد لم يكونوا ضد النظام المركزي وبشار الأسد في سورية، ولم يسعوا لإسقاط النظام؛ بل إن هدفنا هو فقط تثبيت حقوق الأقليات في الدستور الجديد للبلاد". ما معنى ما يدور في منبج؟ وهل سيتوقف الجيش العربي السوري على مشارف مسكنه ودير حافر؟ وما هي خطوته القادمة؟ أسئلة مهمّة، سأحاول مقاربة إجابات عنها. * منبج: صراع أكبر من مدينة: منذ سيطرة "الوحدات الكردية" على منبج والباب وجرابلس... وتمددهم غرب الفرات، صار واضحاً بأن أردوغان سيستغل هذا التوسع حتما لضرب الأكراد، واحتلال أراض سورية ليحقق عليها جملة أهداف، وبقي السؤال متى سيفعل فقط. ومع انطلاق معركة الباب قبل أكثر من ثلاثة أشهر، كان واضحاً بأن الهدف القادم هو مدينة مبنج خصوصا بعد السيطرة على جرابلس. سيتمكن أردوغان من حينها من طرد"الوحدات الكردية" إلى غرب الفرات، وسيصبح الطريق مفتوحاً أمامه من الباب حتى دير حافر، ومن منبج وصولاً إلى مسكنه... وهكذا، سيصبح ماء حلب في يده، ومطار كويرس تحت عينه، والطريق إلى الرقة يمرُ من تحت مدافعه... هذا إذا لم يتقدم نحو المدينة كما أعلن أكثر من مرة. سابق الجيش العربي السوري وحلفائه أحلام أردوغان، وحاصروها من محور الباب في تادف، وحتى عندما حاول أن يسبق الجيش بإختراق مدينة الباب بعد سيطرته على جبل عقيل الإستراتيجي، تكفل سلاح الجو الروسي بقصف طلائع قواته، لينكفئ مجدداً، وليحصل الجيش العربي السوري على المزيد من الوقت الذي كان يحتاجه للإطباق على مدينة الباب. وبعد حصاره في الباب، أصبح هدفه الحتمي مدينة منبج. هنا ظهرت "ثغرة" سياسية في الإدارة الأمريكية التي كاد أردوغان والكيان الصهيوني أن ينفذا منها لتحقيق أهداف سياسية-عسكرية-أمنية كبرى بعمل ميداني مباغت، وكان عنوان هذه الثغرة مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، "مايكل فلين". تقول بعض "المعلومات" أن سبب إقالة "فلين" لا يعود لتشكيله جماعة ضغط لصالح تركيا في أمريكا فقط؛ وإنما بسبب "تآمره" مع أردوغان والكيان الصهيوني للقيام بعمل عسكري متزامن في جنوب لبنان وشمال سورية، وثالث تشنه القاعدة جنوب-غرب حلب أو في الريف الحموي، في ظل "إرتباك" إدارة ترامب أولاً، وحديثه عن المنطق الآمنة ثانياً. لم يكن تسريب قناة الجزيرة القطريّة حول سماح روسيا للطائرات الحربية الصهيونية إستخدام الأجواء السورية لقصف أهدافاً لحزب الله بريئاً، ولذلك جاء الردّ من الكرملين مباشرة بنفي هذه التسريبات الصهيونية عبر القناة المذكورة، وقبل أن يطأ "نتنياهو" الأرض الروسية... خصوصاً، وأن عبارة "عبر الأجواء السورية" تثير الكثير من التساؤلات في التوقيت والمضمون. بعد أن أقفلت جبهة منبج بوجه أردوغان وإقالة فلين، وإعلان "مجلس منبج" نيته تسليم المدينة -ثم "اكتفى" بعدة قرى حولها بسبب تدخل أمريكي مباشر- دعت أنقرة لإجتماع يضم رؤساء أركان روسيا وتركيا وأمريكا. إلى جانب محاولة فهم آفاق الميدانين العسكري والسياسي في شمال سوريّة، سعت تركيا "لتثقيل" أوراقها، والتقاط الأنفاس بعد انكشاف مخططها الإنقلابي على تفاهمات "أستانة"، فقصفت مواقع للجيش العربي السوري في محيط منبج قبيل لقاء بوتين-أردوغان الذي لم يدم سوى (45) دقيقة سمع فيها أردوغان ما يجب أن يسمعه... تملصت تركيا من إحضار وفد الجماعات الإرهابية إلى اجتماع أستانة الأخير، ربما تفكر وعبر أدواتها بشن هجوم جديد في جبهة جنوب-غرب مدينة حلب أو جبهة ريف حماه في أي لحظة، خصوصاً إذا ما قام الجيش العربي السوري وحلفائه بفتح معركة الرقة الطويلة والشاقة... . * مسكنه والسخنه، ومعركة نهاية داعش: عندما حرّر الجيش العربي السوري وحلفائه مدينة تدمر قبل عام تقريباً، وبدأ بالزحف لفك الحصار عن مدينة دير الزور من محور السخنه... شنّت أدوات الغزو الإرهابي هجوما واسعا على ريف حلب في خان طومان والعيس وتلتها... وعندما حاول التقدم من محور أثريا نحو مطار الطبقة، أطلقت مجدداً تلك الأدوات الإرهابية وبقيادة أمريكية-تركية مشتركة، هجومها الأوسع نحو "مجمّع الكليات العسكرية" غرب حلب. تلك هي "المعادلة الخبيثة" التي عانى منها، ولم يزال، الجيش العربي السوري وحلفائه عند محاولتهم التقدم نحو دير الزور المحاصرة منذ أعوام. لفك الحصار: أولاً، لن يتقدم الجيش العربي السوري وحلفائه نحو مشارف الرقة تحديدا،ً إلا بعد حصوله على "ضمانات" روسيّة-أمريكية تؤكد جديّة موقف واشنطن من القضاء على داعش، وتلجم تركيا عن انتهاج هذا الخيار مجدداً، أو عند الوصول إلى قرار المواجهة الشاملة بين المحورين... ثانياً، من الصعب التوجه نحو الرقة عبر محوري مسكنه وأثريا فقط، لأن داعش على ستنقل إرهابييها إلى مدينة دير الزور المجاورة، والتي تعاني أصلاً من حصار داعش لها، وهجماته المتكررة على حامية المدينة... من هنا، سيكون منطقيّاً أكثر التقدم عبر محور دير حافر إلى مسكنه وصولاً للإلتقاء مع القوات المتقدمة من محور أثريا-زاكية-الرصافة-الطبقة. وهنا لا بد من خطوة إفتتاحيّة حاسمة: تطهير محيط تدمر، ثم التمدد نحو المثلث الأخطر: عقيربات-أرآك-السخنه. ثلاثة أوكار لداعش لا تقل خطورة عنها في الرقة؛ إن لم تكن أخطر، وتحريرها سينهي وجود داعش في وسط وشرق سورية، ويوفر المنصة الآمنة لتحقيق القفزة الإستراتيجية الحاسمة والمنتظرة إلى مدينة دير الزور، والممر الإجباري لتمكين جزء وازن من القوة المرابطة في تدمر من المشاركة في فك الحصار عنها، لتكون نقطة إلتقاء الجيش العربي السوري وحلفائه بالأشقاء العراقيين الذين سيشاركون في المعارك القادمة، وقد تكون الرقة تحديداً أول ميادينها. أعتقد بأن الهجوم نحو الرقة مؤجل، ولن نقع في فخ الإستنزاف لتأتي القوى الكردية المدعومة أمريكياً والقوات الأمريكية ذاتها لتسيطر على المدينة بعد إنهاك داعش كما حصل في أكثر من مكان... . وعندما يقول قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي الجنرال "جوزيف فوتيل": "بأن قواته ستبقى طويلاً في سورية لضمان أمن واستقرار ومساعدة السوريين على الانتقال السلمي... والتي لن تغادر سورية بعد القضاء على داعش". تأسيساً على ما سبق، يصبح دفع داعش من محيط الرقة وفي مدينة دير الزور ومحيطها نحو مدينة الرقة تحديداً هدفا استراتيجيا لاستنزاف واشنطن وأدواتها، وتأزيم حساباتها بين الأكراد والأتراك، ودفع العنصر العربي وبقيّت المكونات المنتمية للوطن السوري لإحتلال موقعها الطبيعي في مقاومة هذا المشروع الخطير... . * كلمة أخيرة: على وقع تقدم رفاقهم نحو السخنة، سيتقدم الجيش العربي السوري وحلفائه من محور دير حافر وصولاً إلى مسكنه. وسواء أعجب ذلك أردوغان ومن خلفه أم لم يعجبه، يتوفر اليوم لدى الجيش العربي السوري وحلفائه فائضاً من القوة لم يشهده منذ سنوات. نتنياهو، الذي رافقت طائراته "الأواكس" والحربية ليلاً ونهاراً منذ أسبوع تقريباً، تفجيرات دمشق توجيهاً وإدارة وصلاً لغارة فجر الجمعة، يعلم سواءً قال متمنعاً أم لا: "أن الجولان ليست جزءا من أي صيغة في حال التوصل لاتفاق تسوية في سورية"، الجولان سيعود حتماً وقريباً. قال السيد الرئيس بشار حافظ الأسد لقناة "فينيكس" الصينية:"لقد بتنا قريبين جداً من الرقة.. والرقة هي معقل داعش اليوم، وبالتالي فإنها ستكون أولوية بالنسبة لنا.. لكن هذا لا يعني أن المدن الأخرى لا تحظى بالأولوية، والعمليات يمكن أن تجري بالتوازي، فتدمر تقع على الطريق إلى دير الزور.. والقريبة من الحدود العراقية، وتلك المناطق هي التي إستخدمها داعش كممرات للدعم اللوجستي بين العراق وسورية". وعندما يقول في ذات المقابلة:"سواء هاجمنا المعقل –الرقة- أو هذا المعبر –الحدود السورية العراقية- الذي يستخدمه داعش، فإن للهجوم نفس النتيجة"... فإذا كانت النتيجة واحدة، أعتقد بأن "الأسد" قد حسم بالتوجه إلى دير الزور، حيث سيكون لبطولة ومأساة عشرات ألآف المدنيين وألآف الجنود المحاصرين الكلمة الفصل في القرار.