2024-04-20 03:11 م

ضغوط جديدة على "حزب الله" ترافق خلط الأوراق الإقليمية

2017-03-14
في ظل عملية خلط الأوراق على المستوى الإقليمي لا يبدو أن لبنان سيكون بعيداً عن الواجهة في المرحلة المقبلة، إنطلاقاً من الدور الذي يقوم به "حزب الله" في أكثر من ساحة، لا سيما في الحرب السورية، فمنذ وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى السلطة تبدل المشهد كثيراً، خصوصاً بعد أن حدد أولوياته بالعمل على محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة، إلى جانب محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش".
طهران تدرك جيداً أن المرحلة المقبلة على مستوى العلاقة مع الإدارة الأميركية لن تكون كما كانت عليه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، عندما تميزت بالإنفتاح والوصول إلى الإتفاق النووي التاريخي، ومن أجل ذلك بدأت السعي إلى تسوية خلافاتها مع الدول العربية، لا سيما الخليجية منها، حيث سُجلت مؤخراً زيارة قام بها الرئيس حسن روحاني إلى كل من الكويت وسلطنة عمان وأخرى قام بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى قطر، في حين كانت علاقاتها مع الحكومة التركية تشهد توتراً غير مسبوق بسبب صراع المصالح والنفوذ على الساحة السورية.
في هذا السياق، لا يمكن تجاهل حديث وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عن أن إيران هي "أكبر دولة راعية للإرهاب على مستوى العالم"، في وقت كانت مندوبةالولايات المتحدةفي مجلس الأمن نيكي هايلي تدعو إلى إخراج إيران وحلفائها من سوريا، خصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان يتحضر لزيارة موسكو وعلى جدول أعماله بحث وجود طهران في سوريا، حيث عبّر عن ذلك بشكل واضح من خلال قوله: "لا يمكن تحقيق سلام على الإطلاق في سوريا ما دام هناك وجود إيراني".
ما تقدم، لا ينفصل عن التحفظ السعودي، المدعوم من دولة الإمارات العربية والبحرين، على البند التقليدي الذي يرد عادة في بيانات مجلس جامعة الدول العربية والمتعلق بدعم لبنان في صراعه مع إسرائيل، بعد أن كانت عمدت هذه الدول على إدراج "حزب الله" على قائمتها الخاصة للمنظمات الإرهابية، بسبب الدور الإقليمي الذي يقوم به في الوقت الراهن، إنطلاقاً من مشاركته في الحرب السورية، في مؤشر إلى أن إشتداد وتيرة الحرب على الإرهاب سيكون له تداعيات خطيرة، يسعى كافة اللاعبين إلى الإستفادة منه من أجل تحقيق مصالحهم.
على هذا الصعيد، يبرز الإصرار التركي على وصف "قوات سوريا الديمقراطية"، ذات الأغلبية الكردية، بأنها منظمة إرهابية بسبب علاقاتها مع حزب "العمال الكردستاني"، مع العلم أن هذه القوات هي الحليف الأبرز للولايات المتحدة في سوريا، في حين تسعى إسرائيل وبعض الدول العربية إلى ضم "حزب الله" إلى القائمة التي تشمل تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"، بهدف التخلص منه قبل إبرام أي تسوية كبرى على مستوى المنطقة.
وعلى الرغم من أن هذه الخطة بدأ العمل عليها منذ أشهر طويلة، إلا أن الجديد هو أن الرئيس الأميركي الحالي لا يمانع هذا التوجه بأي شكل من الإشكال، بسبب رغبته في محاصرة نفوذ طهران في المنطقة، وهو يعتبر أن توجيه ضربة إلى الحزب قد تحقق هذا الهدف، لكن هذا الأمر يصطدم بالوقف الروسي من خلال تأكيد موسكو الدائم أن طهران شريك أساسي لها في الحرب على الإرهاب، وهو ما ظهر من خلال ردّ نائب وزير الخارجية الروسي مبعوث الرئيس الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف على الدعوات إلى إخراجها من سوريا، بالقول أن هذا "قرار سيادي يُتخَذ لاحقاً طبقاً لما ترتأيه الحكومة السورية حينذاك".
بالنسبة إلى الحزب، من الممكن الرهان دائماً على المظلة الروسية التي بات يتمتع بها، والتي تمثلت بشكل واضح من خلال دعوة وزير الخارجية سيرغي لافروف الرئيس الأميركي إلى الإعتراف الدور الذي يقوم به الحزب على صعيد محاربة الإرهاب مؤخراً، إلا أن الضربات الجوية الإسرائيلية المتعددة، التي تعرض لها الحزب في الداخل السوري، تشير إلى أن موسكو ضامنة لدوره في هذا المجال، لكنها لا تستطيع أن تقف بوجه رغبات تل أبيب في منع حصوله على أسلحة تصفها بـ"الكاسرة للتوازن".
من حيث المبدأ، لا يمكن أن تغامر موسكو في المرحلة الحالية بالتخلي عن طهران أو "حزب الله"، لكن الأكيد أن هناك الكثير من الجهات الإقليمية والدولية الراغبة في محاصرة دوره مهما كان الثمن، وهذا الأمر سيترجم من خلال تشديد الإجراءات التي تفرض عليه على كافة المستويات، في ظل إستبعاد ذهاب تل أبيب إلى مواجهة مباشرة معه.
في المحصلة، دور "حزب الله" سيكون من أبرز عناوين المرحلة المقبلة لا سيما مع إشتداد الحرب على المنظمات الإرهابية، والحزب لديه من الخبرة السياسية والدبلوماسية ما يؤهله لمواجهة الضغوط التي قد تفرض عليه، لكن ماذا عن الموقف اللبناني الرسمي في ظل الإنقسام المعروف حول دوره الإقليمي؟
"النشرة"