2024-03-29 03:11 م

يقاطعون الأستانة والسلام في سوريا ؟

2017-03-14
بقلم: ميشيل كلاغاصي
على الرغم من قصر الفترة الزمنية بين لقائي الإستانة2 و3 جولتي جنيف4و5 , إلاّ أن ذلك لا يعني إنخراط جميع الأطراف المعنية مباشرة ً أم بشكل غير مباشر في الحل السياسي , وما صدر عن غالبية الدول الراعية و الداعمة والمشغلة للإرهاب من مواقف لا تعدو كونها لفظية – إعلامية خادعة , ولم ثُبت حتى الاّن جديتها وصدقها فيما سبق وادعته وأعلنته عن عدم جدوى الحل العسكري وأن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية. لم يشكل قرار "الفصائل المسلحة", والتي تمثل الجماعات الإرهابية والدول التي تقف ورائها , أية مفاجئة بقرارها مقاطعة لقاء الأستانة 3 , وتذرعها و إلقائها اللوم على الضامن الروسي , وما حصل في إتفاق حي الوعر في مدينة حمص , وخرق إتفاق وقف إطلاق النار . بالتأكيد هذا بعيد عن الحقيقة , التي تكمن في الحصاد الكلي لنتائج المعارك الميدانية والسياسية لسنوات الحرب الستة وحتى عشية إجتماع الأستانة ليوم غد الثلاثاء 1432017, فلا بد من ملاحظة ورصد التطورات الميدانية الأخيرة , وتلك الإنتصارات التي حققها الجيش العربي السوري , إذ لم تتوقف عند حدود تحرير حلب , بل أمتدت نحو الريف الحلبي جنوبا ً وشرقا ً و شمالا ً , واستعادتها السيطرة على الخفسة ومصادر تغذية مدينة حلب بالمياه , ووصول وحدات الجيش إلى نهر الفرات , وتحرير عشرات الكيلو مترات وعدد كبير من القرى والبلدات بعد طرد الإرهابيين منها , بالإضافة إلى تحرير مدينة تدمر وتعزيز الجبهات الشرقية كافة ً واستعادة حقول الطاقة والبترول , بالإضافة إلى تعزيز صمود مدينة دير الزور و استعادة عديد النقاط , خصوصا ً تأمين مطارها العسكري , في الوقت الذي بدأت عناصر الحرس الحدودي السوري بالدخول و استلام مواقع هامة في مدينة منبج , نتيجة التوافق عبر الحليف الروسي مع قوات سوريا الديمقراطية , الأمر الذي أحرج أنقرة و أزعجها , وحدّ من إمكانية تواصلها الميداني مع عناصرها الإرهابية في "درع الفرات".. أما سياسيا ً .. فقد تمكنت الدولة السورية من فرض السلة الرابعة المتعلقة بمحاربة الإرهاب على أجندة الحوار بالتوازي مع سلال ديمستورا الثلاث , بالإضافة لما ستتم مناقشته في الأستانة لجهة تعزيز وقف إطلاق النار و تحديد مناطق إنتشار الفصائل والمجاميع الإرهابية على الأرض خصوصا ً مواقع انتشار "داعش" و" النصرة" ومن يلف لفها وتحت لحافها .. دون أن ننسى الإرتباك التركي – كضامن و داعم وطرف أساسي في الحرب على سوريا - داخليا ً وتصاعد لغة المعارضة ضد السياسة الأردوغانية خصوصا ً في سوريا , وخارجيا ً بعد الصدام المباشر مع غالبية الدول الأوروبية , على خلفية الإنتخابات كعنوان رئيسي يخفي تحته جملة الخلافات الأوروبية مع الدولة التركية إنطلاقا ً من الملف السوري , ورفض عديد الدول الأوروبية , دخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي. فقد بات من الواضح أن الإرهاب ينهزم , وتزداد إنكساراته ولم يعد قادرا ً على تغيير موازين القوى , الأمر الذي يفقد الدول الراعية والمشغلة قدرتها على الإستفادة من استمرار تمويله وتسليحه و تغطيته سياسيا ً , إذ تحوّل معدل الإستفادة المصلحية لهذه الدول إلى ما يقارب الصفر , و ها هو يقترب من التحول نحو الأذية المعاكسة والضرر الذاتي, ولا بد أنهم أدركوا أن الإرهاب في سوريا و العراق إلى زوال , وقد اّن الأوان لتنحيته عبر القضاء عليه , والفوز بماء الوجه وبالبطولة الخادعة , الأمر الذي يجعل من مسألة تحرير الرقة كمعقل أساسي لتنظيم داعش في سوريا هدفا ً مباشرا ً وضاغطا ً وضروريا ً لهم و لقائدهم الأمريكي , في الوقت الذي بدأت فيه واشنطن تكثف إستعداداتها اللوجستية - العسكرية , و تستحضر المزيد من قواتها البرية , والمدافع الثقيلة , والعربات , وبتنظيم و إبتزاز صفوف من سيشاركون معها في هذه المعركة. هكذا يستشعر "المعارضون المسلحون" خطر فعاليتهم وقوتهم و تمسك الدول بهم , وعليه ينتظرون أوامر المعنيين في مشاركتهم من عدمها في لقاء الأستانة 3 , في وقت ٍ أعلنت الخارجية الكازاخية والضامن الروسي عن متابعة الحوار صبيحة الغد كما هو مقرر سواء حضر المقاطعون أم تغيبوا , وسط تحميل الخارجية الروسية مسألة تغيبهم – إن حدثت - لضامنهم التركي, فيما الدولة السورية فقد كانت أول الواصلين ووفدها جاهز للإستحقاق , على وقع تصريحات الرئيس الأسد اليوم للإعلاميين الأوروبيين " سنتحاور حتى مع الإرهابيين لحقن دماء السوريين". أما السعوديون , فأصبحوا في حال ٍ يرثى لها , وغرقهم بلغ مداه في المستنقع اليمني, ولم تعد السعودية قادرة على تحمل ضربات الجيش والمقاومة اليمنية , فيما تترنح مجاميعها الإرهابية في سوريا , نتيجة ضربات الجيش وتسارع المصالحات , التي تحولت إلى مطالب وأصوات تخرج من حناجر المدنيين مطالبة ً بخروج الإرهابيين اللذين تدعمهم و تمولهم وتسلحهم , من أحيائهم و مناطقهم فيما تبّقى من أحياء و أرياف حلب و دمشق , ودرعا. لا نستغرب وصول الوفد الإرهابي إلى الأستانة ليلا ً أو فجرا ً, والأمر يتعلق حصريا ً بالمشغلين الأساسيين , وبالكبير ترامب . لا سلام مع الإرهاب , أو وفده , أو معارضته ,, ففاقد الشيء لا يعطيه.