2024-03-28 05:51 م

فرملة خليجية للعلاقات مع لبنان!!

2017-03-11
بعد الأجواء التي سادت الإجتماع الوزاري التحضيري في القاهرة المخصص للقمّة العربية التي يستضيفها الأردن في 29 الجاري، وما تردّد من صدى عن نيّة خليجية وتحديداً سعودية وإماراتية وبحرينية عن عدم الموافقة- كما جرت العادة -على بند التضامن مع لبنان المدرج دوماً في جدول أعمال القمم العربية، ظهرت الأجواء السلبية السابقة لعودة ضخّ الحياة في شرايين العلاقات اللبنانية الخليجية والتي انتعشت بعد زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى السعودية وقطر.


غير أن تصريح عون الى محطة "سي بي أس" المصرية حول دور "حزب الله" المكمّل للجيش اللبناني في الصراع مع إسرائيل، ثمّ تهجّم الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله في يوم "شهداء المقاومة" على السياسات الخليجية أعادت عقارب الساعة الى الوراء، وأحيت مخاوف أكيدة من أن تكون العلاقات بين لبنان والخليج قد عادت الى نقطة الصفر.

لبنانيا، يبدو أن ثمة اطمئناناً في الدوائر المحيطة بقصر بعبدا الى عدم وجود نوايا خليجية بالتصعيد مع لبنان، وثمة تأكيد بأن كلام رئيس الجمهورية عن "حزب الله" إنحصر بالمقاومة ضدّ إسرائيل ولم ينسحب على أمور أخرى. وتذكر أوساط قصر بعبدا بأن الرئيس اللبناني برّر ما قاله في مصر في آخر جلسة لمجلس الوزراء وذلك بطريقة غير مباشرة إذ أكد في سياق عرضه لما قاله لمسؤولين أميركيين "التزام لبنان القرارات الدولية ولاسيما الـ 1701"، وقال: "نقول للجميع إن لبنان لا يعتدي على أحد بل يدافع عن نفسه ويحمي وحدته الوطنية. ولا يجوز لأي خلاف خارجي أن يؤثر على وحدتنا التي باتت نموذجاً تريد دول العالم الاقتداء به".

كذلك كان موقف للرئيس الحريري الذي قال: "نحن كحكومة واضحون عبر البيان الوزاري في ما يتعلق بالقرار 1701، وكذلك في ما خص علاقة لبنان بالدول العربية. وجميعنا اليوم يعلم أن هناك أموراً نختلف في الرأي في شأنها، ولكن علينا ان نضع هذا الاختلاف جانباً ونهتم بشؤوننا الداخلية ونحقق مصلحة لبنان اولاً"...

خليجياً، تَشي الأجواء السائدة بفرملة للإندفاعة نحو لبنان الى حدّ الحديث عن وجود خطوة الى الوراء بعد تصريح عون، غير أن ثمة استبعاد حالياً لعقوبات سعودية أو خليجية جديدة بحق لبنان.

وثمة كلام واضح في الأوساط الخليجية يفيد بأن الإنفتاح الخليجي على لبنان عاد الى التعثّر بسبب السياسات المستغربة التي ينتهجها رئيس الجمهورية والتي تظهّرت في تصاريحه والمعطوفة على تراخ حكومي واضح جدّا تجاه النوايا الإيرانية بتمدّد النفوذ على حساب البلدان العربية. حتى بات ينظر الى لبنان خليجياً على أنه يشرّع الأبواب أمام النفوذ الإيراني عوض أن يصون كيانه العربي، وهو بالتالي لم يقدّم أي أمر سياسي يطمئن العرب الى نواياه والى دوره المستقبلي في الأسرة العربية.

وتذهب أوساط خليجية أخرى الى القول أن السيد نصر الله عاد أخيرا وتناول كلاً من السعودية والإمارات بسقف عالٍ، وهذا الموقف معطوفاً على الكلام المستغرب لرئيس الجمهورية- الذي يمثّل الموقف الرسمي للدولة- أعاد الأمور الى نقطة الصفر مع دول الخليج التي تفاءلت بانتخاب عون وملء الفراغ الرئاسي وتأملت بعودة المؤسسات الشرعية للعب دورها.

ولا يبدو واضحا لغاية اليوم عمّا إذا كانت ستتخذ عقوبات خليجية بحق لبنان، لكنّ العارفين يؤكدون أن الخليج بادر وسعى ولكن كلّ المؤشرات اللبنانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي لا توحي بالتفاؤل، ومن الطبيعي أن تنعكس أجواء إجتماع وزراء الخارجية في القاهرة على القمّة العربية العتيدة في 29 الجاري.

باختصار يبدو أن ما تطلبه الدول الخليجية من لبنان هو الوضوح التام تجاه الملفات المعادية للخليج، وعدم التذرّع بالوحدة الوطنية لأنّ دول الخليج -كما يقول أحد العارفين- هي التي تريد استقرار لبنان وتدعمه منذ عقود على المستويات كافّة، ومن لا يريد الخير للبنان هم أعداؤه، لكن لا يجوز أن يسخّر لاعب إقليمي دولةً عربية لمهاجمة الخليج".