2024-04-16 01:04 م

التنظيمات المتطرفة في الساحل الافريقي تعلن اندماجها في تنظيم موحد

2017-03-04
نواكشوط/ تزداد الحركات الجهادية المسلحة الناشطة في منطقة الساحل الإفريقي هذه الأيام توسعاً وتنسيقاً بين مكوناتها، بعد أن أكسبتها الحروب والمطاردات تجربة واسعة تنضاف لخبرتها الميدانية الهامة في تضاريس المنطقة وفضاءاتها. 
فقد أعلنت التنظيمات الجهادية الإسلامية المسلحة الناشطة في شمال مالي أمس عن بدء عمليات اندماجها في تنظيمها الموحد الذي شكلته قبل أيام تحت مسمى «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، لمواجهة من سمته التنظيمات «العدو الصليبي المشترك». 
وأعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي اتفقت على تعيين إياد آغ غالي أمير حركة «أنصار الدين»، قائداً لها، «عن تمسكها ببيعة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وكذا ببيعة أمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود، وأمير حركة طالبان الملا هيبة الله». وبهذا الإعلان ينصهر في التنظيم الجديد كل من حركة «أنصار الدين» بزعامة إياد آغ غالي، وحركة منطقة الصحراء بقيادة يحيى أبو الهمام، و»كتائب ماسينا» بزعامة محمدو كوفان، و»إمارة المرابطون» بقيادة الحسن الأنصاري، و»قضاء منطقة الصحراء» بزعامة أبو عبد الرحمن الصنهاجي. وقد ظهر أمراء الحركات المذكورة وهم يعلنون اندماجهم في تنظيمهم الجديد وذلك في شريط فيديو مثبت على موقع الزلاقة للإنتاج الإعلامي المنبر السياسي للتنظيم الجديد. وذكر موقع «صحراء ميديا» الموريتاني الإخباري المستقل «أن التنظيمات المسلحة الناشطة في شمال مالي سبق لها أن حاولت الاندماج لمواجهة التدخل الفرنسي المضاد لها مطلع عام 2013، لكن خلافات قادتها وأدت مشروع الاندماج واقتصر تعاونها على التحضير للعمليات العسكرية وتنفيذها».
وتوقع الموقع المتابع لنشاط التنظيمات المسلحة «أن تعلن الجماعة الجديدة عن نفسها عبر عمليات عسكرية، أو عبر خطف رهائن لإبراز اسمها على المستوى الدولي».
وجاءت خطوة اندماج هذه الحركات أياما قليلة بعد تعزيز الجيش الفرنسي لحضوره على مستوى المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر إثر تعرض القوات المسلحة النيجرية لهجمات دموية عدة خلال الأشهر الأخيرة، منسوب تنفيذها لجماعات جهادية مالية مرتبطة على الخصوص بحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا التي استهدفتها عملية «سرفال» الفرنسية العام 2013 في مالي.
وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح أخير له «أن الجيش الفرنسي سيمد يد العون للنيجر في منطقة حدودية مع مالي كانت مسرحاً لاعتداءات دموية ارتكبتها جماعات جهادية في الأشهر الأخيرة». وقال لودريان أمام عناصر قوة برخان الفرنسية في نيامي بعد لقائه رئيس النيجر، إنه «بناء على طلب الرئيس محمدو ايسوفو»، بدأت مفرزة من عناصر القوات الخاصة تمركزها بناحية تيلابيري «لصالح «أصدقائنا النيجريين» على حد تعبيره. وأكد مصدر عسكري فرنسي أن ما بين 50 و80 عنصرا من القوات الفرنسية الخاصة، سيبدأون مهماتهم نهاية الأسبوع الجاري، على بعد 100 كلم شمال نيامي، لمساعدة الجنود النيجريين على الأرض، وسيكونون مزودين بدعم إرشادي جوي. ويتمركز جنود فرنسيون أيضاً في ناحية ماداما شمال النيجر على الحدود مع ليبيا، وفي ناحية ديفا بأقصى جنوب شرق البلاد حيث تشن جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة هجمات على نحو منتظم. وكانت الحركات الجهادية الناشطة في الشمال المالي قد أعلنت قبل أيام عن دخولها في مشاورات بهدف الاندماج في جماعة واحدة، وتحت قيادة أمير واحد حيث اختارت إياد آغ غالي لقيادتها.
وقد مر إياد آغ غالي زعيم التنظيم الجديد «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، وزعيم حركة أنصار الدين في مالي، بمراحل مختلفة في حياته، حيث برز أولاً كقائد يساري لحركة تحرير أزواد بداية التسعينيات. 
وقاد آغ غالي خلال هذه الفترة حركة الطوارق في حربها ضد النظام في مالي، وهي الحرب التي انتهت بتوقيع اتفاقيات سلام لم تنفذ لحد الآن؛ ثم سافر آغ غالي إلى إسلام أباد حيث تأثر بجماعات التبليغ في باكستان ليطلق لحيته، وينعزل عن الناس. وعاد إياد بعد ذلك إلى مالي، وبقي متنقلاً بين الصحراء وليبيا حتى اندلعت الثورة الليبية، حيث عاد، بعد مقتل القذافي، إلى شمال مالي مع مجموعة كبيرة من أنصاره مدججة بشتى أنواع الأسلحة التي غنموها من نظام القذافي الذي كان قد سلحهم بها للقتال معه ضد الثوار. ويعتبر آغ غالي أول متشدد من الطوارق يدخل القائمة الإرهابية لوزارة الخارجية الأمريكية، التي تضم مجموعات أعضاء تنظيم القاعدة في الصحراء، مثل الجزائريين مختار بلمختار، عبد المالك درودكال الملقب أبو مصعب عبد الودود.
ويتزامن اندماج هذه التنظيمات مع ظهور حركة جهادية جديدة مسلحة في بوركينا فاسو تسمى «جماعة «أنصار الإسلام في بوركينا» يقودها المدعو إبراهيم مالم جيكو. وقد تبنت «جماعة أنصار الإسلام» في بوركينافاسو الهجومين اللذين تعرض لهما مركزان أمنيان تابعان للشرطة البوركينابية في شمال البلاد، بعد مضي شهرين على تبني هذه الجماعة لهجوم آخر استهدف معسكراً للدرك البوركينابي. ويؤكد الإعلامي محمد محمود أبو المعالي الخبير في الجماعات الجهادية «أن الحركة الجديدة التي يقودها «إبراهيم ملام جيكو» المتحدر من منطقة «ديبو» شمال بوركنافاسو، قد تأسست نهاية العام الماضي، على يد عناصر أغلبهم من قبائل الفلان القاطنين في المناطق الحدودية بين بوركينافاسو ومالي، حيث توجد قرى وتجمعات سكانية عرف أهلها خلال العقود الماضية بانتشار السلفية بينهم، ومناوأتهم للطرق الصوفية ذات الامتدادات الكبيرة هناك. وأوضح الخبير أبو المعالي «أنه بعد حل «جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا» في شهر آب/أغسطس عام 2013 واندماجها مع «الملثمون» في جماعة «المرابطون»، انخرط معظم المقاتلين الفلان البوركينابيين، في التنظيم الجديد وبقي آخرون على صلة فكرية وإيديولوجية به، وعشية الانشقاق الذي قاده «عدنان أبو الوليد الصحراوي» عن تنظيم «المرابطون» في مايو عام 2015، حين بايع تنظيم «الدولة الإسلامية»، وسمى مجموعته باسم «جماعة الدولة الإسلامية في مالي»، انشق معه عناصر من المجموعة البوركينابية، أسس بهم لاحقاً تنظيماً فرعياً عرف باسم «جماعة الدولة الإسلامية في بوركنافاسو».
وتتمسك جماعة «أنصار الإسلام في بوركنافاسو» حسب مقربين منها، باستقلالها عن سائر التنظيمات الجهادية، مع التنسيق والتعاون معها، وابتعادها عن «منهج تنظيم الدولة الإسلامية لصالح منهج القاعدة»، وهو الأمر الذي اعتبره الخبير أبو المعالي «مؤشرا على الإستيراتجية الجديدة للقاعدة، التي تتيح لفروعها والجماعات التابعة لها في شتى أنحاء العالم، إعلان فك الارتباط تنظيميا بها، أو عدم إشهار ذلك الارتباط على الأقل، لمصلحة العمل المحلي، وبحثا عن تعزيز وتكريس الحواضن المحلية، بإقناعها بالتخلص من الأجندات الخارجية التي قد تدفع تلك الفروع وحواضنها ثمنا للعلاقة العلنية بها».