2024-04-20 10:59 ص

الكوميديا السوداء تزداد قتامة في الجامعة العربية

2017-03-01
بقلم: بطرس الشيني*
"قال أبو الغيط "أمين عام الجامعة العربية في تصريح له أن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس سيشعل منطقة الشرق الأوسط !!؟؟ما قاله "أبو الغيط "مر بلا أي تعليق أوردة فعل لا من قاده كيان الاحتلال ولا صحافته منذ أطلقه قبل اسبوعين وحتى الآن فالرجل ومنظمته لا وزن لهما لا في السياسة ولا في الإعلام عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وبالتالي لا تصريحه ولا بيانات الجامعة حتى على مستوى القمة كانت ذات بال ولا أثارت خوف ولا تعليقات المسؤولين الإسرائيليين حتى في أفضل حالات الجامعة العربية فكيف الحال بعد أن أصبحت مجرد مطية عرجاء لبعض أنظمة الحكم الفردي المطلق في الخليج ... ومع الهوان الذي وصلت إليه جامعة الحكومات العربية بعد تآمرها على ليبيا وسورية واليمن وخاصة في عهد الأمين العام السابق نبيل العربي الذي أغناه منصبه بمال الشيكات الخليجية ومع كل القرارات ذات الأثر التي بررت على المستوى الدولي تدمير ليبيا ودعم الإرهاب في سورية وقتل الشعب اليمني وتجويعه وتشريده بقوات تحالف عربي تقوده السعودية بعد ذلك لا ينسى أمين عام الجامعة العربية أن يقدم تصريحاً يفيد أن الجامعة زالت تذكر "القدس "لذلك هي تحذر من "اشتعال الشرق الأوسط". من المحتمل أن يؤدي نقل السفارة إلى أحداث في المنطقة ولكن من المؤكد أن أي ضرر لن ينجم عن الأغلبية الخانعة للسياستين الأمريكية والإسرائيلية وبما أن الطرف الآخر "المقاومة الوطنية وسورية تعاني من هجمة إرهابية عالمية مدعومة من الجامعة العربية ومعظم الحكام العرب ومن قادة الغرب وإعلامهم فمن المتوقع أن يمر أي قرار أمريكي أو إسرائيلي يتعلق بالأرض وبالفلسطينيين كنسمة عابرة لا تثير إلا القليل من الغبار .وسيعمل الحكام العرب على كبح أي تحرك شعبي لو حدث من المحيط النائم إلى الخليج العائم على النفط ....وإذا كان "أبو الغيط"أطلق تصريحه ليقول "مازالت الجامعة العربية موجودة "فهو تصريح واقعي ومنطقي أما إذا كان الهدف التهويل على أمريكا أو إسرائيل فإنه يعني حتماً السخافة التامة لأنه صادر عن جهة هي مجرد أداة في يد الأمريكيين والإسرائيليين لتفتيت المنطقة وتجزئة المجزأ يقول أبو الغيط "إن منطقة الشرق الأوسط ستحترق "إذا انتقلت السفارة ...من الذي سيحرقها هل هم حكام الخليج لغيرتهم على القدس ورمزيتها لدى شعوب المنطقة أم حزب أردوغان في تركيا لا بل ربما شعوب دول آسيا الوسطى التي ترتبط بأوثق العلاقات مع إسرائيل وكانت الخزان البشري الثاني الذي زود المنظمات الإرهابية بالانتحاريين. من سيحرق المنطقة ...هل هي مشيخة قطر التي أحرقت أكثر من دولة عربية تقاوم وتتصدى لإسرائيل وأطماعها أم شقيقاتها الخليجيات التي ضخت عشرات مليارات الدولارات لهدم البلدان العربية وقتل شعوبها بواسطة الإرهاب هل يراهن "أبو الغيط "مثلاً على الباكستان أو أفغانستان أم ربما على جزر القمر أو جيبوتي ....في أية ردة فعل تحرق المنطقة .....!؟؟ثم ألم يلفت انتباه أبو الغيط كل ذلك الحريق في المنطقة الذي يستهدف سورية وليبيا واليمن والعراق . يمكن للمتابع أن يضحك بألم من تصريحات "أبو الغيط "وغيره من المسؤولين والحكام العرب في ردة فعلهم على أية مواقف أو تصريحات او إجراءات أمريكية وإسرائيلية لأنه ولأنهم ساهموا وعملوا كما لم تعمل أية أمة على الأرض في هدم وتقويض الجبهة الوحيدة التي كانت تقف في وجه إسرائيل ...وسواء نقلت أمريكا سفارتها إلى القدس لإرضاء اليمين اليهودي الأمريكي أم تركتها في تل أبيب فإن الأمر سواء فالاحتلال قائم للمدينة وللأرض الفلسطينية وحملة التهويد ذات البعد السياسي العنصري تتصاعد أكثر من أي وقت و الإذلال اليومي والقهر يطال حتى أطفال فلسطين بدعم ليس أمريكا فقط بل معظم الدول الغربية والعربية ولن تتعدى أية ردة فعل التصريحات الجوفاء لهذا الزعيم أو ذلك الملك وإسرائيل أقوى أكثر مما كانت عليه بأضعاف ليس لأنها تحظى بدعم أمريكي وغربي وتملك قوة نووية وطائرات (شبح ) بل لأنها تتحكم بمعظم الملوك والمسؤولين العرب ومنظماتهم إلى درجة العبودية وبإمكانها في أي وقت جعلهم يحاربون بعضهم أو جيرانهم, وإسرائيل التي استطاعت توظيف أكثر المنظمات الإرهابية المتطرفة في الدول العربية والإسلامية لخدمة مشاريعها الاستراتيجية ودعمت منظمة القاعدة "جبهة النصرة "وغيرها من المنظمات وجعلت منهم جنوداً أوفياء لتدمير سورية وجعلت الجميع يحرقون منطقة الشرق الأوسط منذ أمد طويل لن تخيفها لا الجامعة العربية ولا شبيهتها منظمة المؤتمر الإسلامي وبالونات الاختبار التي سبق واطلقتها في الأشهر القليلة الماضية خير دليل على ذلك ...سواء تعلق الأمر بالإهانة الدورية خلال استباحة المسجد الأقصى أسبوعياً أو منع الأذان في مساجد فلسطين أو حتى في إقرار منع تعدد الزوجات وهي أمور لو حدثت في أي دولة عربية أو إسلامية لحدثت فيها "ثورات "لا تنتهي ولكانت الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي في مقدمة التكفيريين لهذه الإجراءات ولصدرت فتاوى الجهاد والذبح والقتل بغير حد . إذا حدث ونقلت أمريكا سفارتها إلى القدس فمن المؤكد أن جل ما سيحدث هو مقتل المزيد من الشبان والأطفال الفلسطينيين الغاضبين والحانقين على الاحتلال وهذا شيء يحدث يومياً سواء نقلت السفارة أم بقيت في تل أبيب .ولن يجرؤ عندها "ابو الغيط "إلا على اطلاق المزيد من التصريحات الجوفاء ...
*صحفي سوري
butros3s@gmail.com