2024-03-28 11:26 ص

امريكا حاضنة الصهيونية وهادرة الحق الفلسطيني وراعية الإرهاب (3)

2017-02-22
بقلم :عبد الحميد الهمشري*
ما بين اليهودي والإسرائيلي والعبراني والصهيوني يمكنني القول أن الإسرائيلي وفق ما يبينه النص القرآني يعود بنسبه إلى "إسرائيل" وهو يعقوب عليه السلام يقول تعالى : ((كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين(( ( 93 ) وأبناء يعقوب مثلما هو معلوم لدينا إثناعشر إبناً، منهم يوسف عليه السلام ، فتسمية إسرائيلي وفق ذلك هي تسمية قومية وليست دينية وهي لا تشمل كل اليهود. أما اليهودي فهي تسمية دينية تطلق على كل من يتبع الديانة اليهودية وهم يتبعون موسى عليه السلام وكتابهم التوراة إلى جانب التلمود الكتاب الذي ألفه حاخامات اليهود ويضم خرافات وأساطير . أما بالنسبة لنسب اليهود فإن إطلاق نسب يهودي في الأصل كان يطلق على كل مولود من أم يهودية فقط ومن ثم شمل لاحقاً كل مولود لأب يهودي وأم غير يهودية. أما العبراني فإنها تسميه قومية أو عرقية تطلق على أعضاء الجماعات اليهودية وتسمية العبراني تشير إلى اشتقاقها من العبور أي الجوال في الصحراء إذ أن اليهود ينتسبون إلى النبي ابراهيم الخليل عليه السلام الذي هاجر مع من آمن بدعوته في القرن التاسع عشر قبل الميلاد من ( أور) في العراق إلى فلسطين ، وعاشوا مع سكانها الكنعانيين واشتغلوا معهم بالزراعة والتجارة ، ثم أسسوا لهم دولة خاصة بهم في جزء من تلك البلاد. وفي حوالي القرن 17 قبل الميلاد ساءت الأحوال الاقتصادية في فلسطين ، فهاجر العبرانيون إلى مصر وظلوا بها حتى قام أحد فراعنة مصر يقال أنه رمسيس باضطهادهم واستعبادهم ، فظهر موسى عليه السلام لتخليصهم مما هم فيه من عذاب . ويفضل العلمانيون استخدام كلمة عبري على كلمة إسرائيلي او يهودي لأن كلمة العبرانيين تشير إلى ما قبل ظهور الديانة اليهودية أي أن مصطلح عبري يؤكد الجانب العرقي على حساب الجانب الديني من هنا يمكن اعتبار كلمة عبري مرادفة لكلمة إسرائيلي. لكن الصهيوني جاء من تسمية حركية تنظيمية تطلق على كل من يؤمن بأفكارالحركة الصهيونية فليس كل اليهود صهاينة وليس كل الصهاينة يهود والحركة الصهيونية هي حركة سياسية تهدف إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين وتشجع هجرة اليهود إليها من كل أنحاء العالم بإغرائهم بالأماني والأحلام الوردية التي تنتظرهم في الأراضي الفلسطينية وقد تأسست الحركة الصهيونية عام 1897 في مؤتمر بازل بسويسرا ويعتبر الصحفي اليهودي الهنغاري ثيودور هيرتزل مؤسسها والأب الروحي لها و قد سميت صهيونية نسبة إلى كلمة صهيون وهو جبل يعتبرونه أقرب مكان لبناء الهيكل المزعوم في القدس وما كان لهذه الحركة أن تظهر وتترعرع وتتحول إلى قوة فاعلة لولا القبول الأمريكي الأوروبي لها واحتضانها من قبل قوى مركز القرار في كل دولها ، ويعتقد بعض المتدينين اليهود أن فلسطين أرض الميعاد قد وهبها الله لبني إسرائيل فهذه الهبة أبدية لا رجعة فيها إلا أنهم غير متحمسين للصهيونية لأن دولة إسرائيل في معتقدهم لا يجب أن تقام من قبل البشر. * وقائع أمريكية ومواقف رؤساء توحي بتبني الحركة الصهيونية أقدم تالياً وقائع تبين مدى دور الولايات المتحدة الأمريكية في تبني الحركة الصهيونية فكراً وأهدافاً وتساوقها مع أطماعهم الاستعمارية في إقامة دولة الصهاينة العبرية على أرض فلسطين. أولاً : فلسطين في الوثائق الأمريكية : " أ " : جاء في تقرير لجنة الخبراء الأمريكية المرفوعة إلى الرئيس الأمريكي ويلسون في 12/1/1919م توصية حول فلسطين واستيطان اليهود فيها وفق النص التالي: "توصي اللجنة بإنشاء دولة منفصلة في فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، ويتم توجيه الدعوة إلى اليهود للعودة إلى فلسطين والاستيطان فيها وتقديم جميع المساعدات اللازمة والتي لا تتعارض مع الحفاظ على حقوق السكان من غير اليهود". " ب" : جاء في تقرير لجنة "كنج ـ كراين" الأمريكية الصادر بتاريخ 28/8/1919 بعد زيارتها الاستطلاعية لفلسطين في العام نفسه " : يجب الاعتراف أن السكان غير اليهود في فلسطين ـ وهم تسعة أعشار السكان ـ كلهم تقريباً يرفضون البرنامج الصهيوني رفضاً باتاً… وقد اتضح أيضاً ان الشعور العدائي ضد الصهيونية غير قاصر على فلسطين .. وإن جميع الموظفين الإنجليز ـ في فلسطين ـ يعتقدون أن البرنامج الصهيوني لا يمكن تنفيذه إلا بالقوة المسلحة، ويجب ألا تقل هذه القوة عن 50 ألف جندي، وهذا فيه برهان واضح على ما في البرنامج الصهيوني من الإجحاف بحقوق غير اليهود. لا بد من الجيوش لتنفيذ قرارات جائرة ، هذا فضلاً عن أن مطالب الصهاينة الأساسية في حقهم في فلسطين مبنية على احتلالهم لها منذ ألفي سنة، وهذه دعوى لا تستوجب الاكتراث والاهتمام.. فالذين يطلبون صيرورة فلسطين يهودية لم يحسبوا للنتائج حسابها ولا للشعور العدائي ضد الصهيونية في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم التي تعتبر فلسطين أرضاً مقدسة. وبعبارة أخرى يجب تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين والعدول بتاتاً عن الخطة التي ترمي إلى جعل فلسطين حكومة يهودية" . " ج " : جاء في توصيات وتعليمات اللجنة الأنجلو ـ أمريكية التي تشكلت أواخر كانون الأول / ديسمبر 1945م للنظر في مشاكل اليهود في أوروبا وقضية فلسطين :الآتي: - أن تصدر في الحال إجازة تخول دخول اليهود الذين كانوا ضحية اضطهاد النازية وعسف الفاشية لفلسطين. ـ أن تساهم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بقوة وسخاء في العمل على تحقيق ذلك. ـ لليهود صلة تاريخية بالبلاد والموطن القومي اليهودي ، وإن كان يتضمن أقلية من السكان ، فقد غدا حقيقة واقعية بضمانة دولية. ثانياً : مواقف رؤساء أمريكيين إلى جانب الحركة الصهيونية وثمرتها الكيان العبري: " أ " : جاء في تصريح للرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في 16/3/1944م: "إن الرئيس سعيد لأن أبواب فلسطين مفتوحة اليوم أمام اللاجئين اليهود، وعندما يتم التوصل إلى قرارات في المستقبل فسوف ينصف أولئك الذين ينشدون وطنا قومياً لليهود وهو ما كانت تشعر نحوه حكومتنا والشعب الأمريكي ، واليوم أكثر من أي وقت مضى". " ب " : رد الرئيس الأمريكي ترومان في 28/10/1946على رسالة الملك عبد العزيز آل سعود التي أعرب فيها عن قلقه وتخوفه من موقف الولايات المتحدة من قضية فلسطين: " إن الولايات المتحدة .. اتخذت الموقف الذي لا تزال تلتزمه ألا وهو تهيئة هذه الشعوب للحكم الذاتي ووجوب إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ". " ج " : من خطبة للرئيس جون كيندي ألقاها في المؤتمر القومي للمسيحيين واليهود في 24/2/1957 : إنني أعتقد أن زعماء العرب وزعماء إسرائيل يستطيعون الاتفاق على هدى روح الصداقة المدنية ويتحملون في ذلك اللوم الذي سوف يوجه إليهم من الداخل في سبيل دعم السلام وانتشار الرخاء وتوجيه جهود الرجال والقوة المالية إلى شيء آخر ذي صفة بناءة غير الحرب.. إسرائيل هي الضوء الساطع الذي يشرق في الشرق الاوسط". " د : " من كلمة الرئيس كلينتون أمام الكنيست الإسرائيلي عندما زار (الكيان الصهيوني) في 27/10/ 1994م: " رحلتكم هي رحلتنا، وأمريكا إلى جانبكم الآن وعلى الدوام". "هـ " : الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون يرى أن بلاده حفظت بقاء الكيان الصهيوني، معتبراً اتفاقات “كامب ديفيد” التي أقامت السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978 - بحسب رأيه - من أعظم إنجازات الدبلوماسية الأمريكية في فترة ما بعد الحرب، حيث يقول: “ما يربطنا بإسرائيل شيء أقوى من أي قصاصة ورق، إنه التزام لم يُخِلْ به أي رئيس في الماضي أبداً وسيفي به كل رئيس في المستقبل بإخلاص كما قدم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته أوباما أضخم مساعدات عسكرية واقتصادية في التاريخ للكيان العبري ليبقي الميزان العسكري في المنطقة لصالحها أما الرئيس الحالي ترامب فقد أخل بكل أصول الدبلوماسية وأعلن على الملأ صراحة بأنه مع أمن الكيان الصهيوني ولن يسمح بإدانة هذا الكيان في المحافل الدولية وأنه ليس مع حل الدولتين وسيعمل على نقل بلادةه لسفارتها إلى القدس اعترافاً منه أنها عاصمة الكيان العبري والأيام القادمة حبلى بما سيتمخض عنه دعم ترامب لتل أبيب في المنطقة لتفرض رأيها على الجميع بإسناد أمريكي يزعزع استقرار الكيانات العربية قاطبة لمصلحة الكيان الصهيوني صناعة أمريكا. ثالثاً : الدور الأمريكي في إنشاء الحركة الصهيونية ظهر من خلال أول جماعة ضغط صهيوني ظهرت في العام 1887 حيث أسس رجل الدين البروتستانتي "بلاكستون" أول جماعة ضغط صهيونية لصالح إقامة دولة يهودية في فلسطين انطلاقاً من التبشير الإنجيلي بـ (إسرائيل) ذي التأثير الكبير في السياسة الأمريكية. رابعاً : الاعتراف الفوري بـ(الكيان العبري) ودعمه 14/5/1948م :اعترفت واشنطن بـ(الدولة العبرية) بعد دقائق من إعلان قيامها ، وقامت بدعمها داخل مجلس الأمن الدولي. خامساً : دعم التوسع الصهيوني سنة 1967م : قدمت واشنطن دعماً عسكرياً لـ(الكيان العبري) بالسلاح والعتاد، ودعماً سياسياً بعرقلة إصدار أي قرار من مجلس الأمن ينص على انسحاب محدد من كافة الأراضي العربية واستخدمت واشنطن حتى الآن حق الفيتو لإبطال أكثر من 30 قراراً ضد الدولة العبرية. سادساً : الحفاظ على أمن (الكيان العبري) وتفوقه العسكري عام1973 م: وهو ما يمثل استراتيجية أمريكية ثابتة في الشرق الأوسط ، وقد تجسد في الجسر الجوي لـ (تل أبيب) خلال حرب 1973م، والسلاح المتطور ، وفي تفتيت الجبهة العربية وإخضاعها عبر عملية السلام ، كما قدمت واشنطن اكثر من 80 بليون دولار لـ (الدولة العبرية) خلال العقدين الأخيرين. سابعاً : وهم السلام الذي أنجز برعاية أمريكية يهدف إلى تحقيق الأمن للكيان العبري ما بين الأعوام 1973ـ 1994م بدءاً بجولات روجرز وليس انتهاءً بجولات هنري كيسنجر و وارن كريستوفر المكوكية ، إذ أدركت واشنطن أن استمرار الصراع يهدد مصالحها في الشرق الأوسط ويعرض أمن الكيان العبري للخطر.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني 
Abuzaher_2006@yahoo.com