2024-03-28 09:41 م

بين أستانة 2 وجنيف 4.. ثمة مايقلق؟

2017-02-14
بقلم: الدكتور محمد بكر
بعد طول مشاورات وربما خلافات أعلنت المعارضة السورية تشكيل وفد موحد برئاسة نصر الحريري ومحمد صبرا كبيراً للمفاوضين، تأتي الخطوة شكلية أكثر مما هي توافقية لجهة المشاركة في الحل السياسي واقتسام الرؤى السياسية وتقاطعها مع وفد الحكومة السورية، ولنسف أي صورة تصدر حالة من الترهل والانقسام في بنية المعارضة، وتجنب الاحتكام إلى صياغة وفد تفرضه اختيارات ديمستورا. النجاح في تشكيل وفد معارض موحد لا يشي بالضرورة عن تسليم أطراف اقليمية بمفرزات الحرب السورية ولاسيما بعد سيطرة الدولة السورية على حلب، وضرورة التفاوض مع الأسد ثمة من كان يعول ويستقرء مساراً أميركياً مختلفاً مع وصول ترامب، ونحن منهم، لكن سرعان مابدأت " منتجات " ترامب تطفو على السطح، أولها إعادة طرح المناطق الآمنة في الشمال السوري والتي سرعان ما باركتها المملكة السعودية وتركيا، وليس آخرها تصعيد الخطاب السياسي الأميركي تجاه طهران، وهذا ما تلقفته المملكة وبنت عليه لمد جسور بناء العلاقة مع أميركا بإدارتها الجديدة، وإن كان الجديد الأميركي على قاعدة ابتزاز المملكة وإعادة العزف على لحن " خطر " إيران تمهيداً لمزيد من الصفقات التسليحية واستنزاف الجيوب السعودية، المملكة التي قولبت وقلبت اتهامها برعاية التطرف، يتقلد اليوم ولي عهدها ووزير الداخلية محمد بن نايف جائزة جورج تينت ومن رئيس الاستخبارات الأميركية الجديد مايك بومبيو لجهوده في محاربة الإرهاب، بل ويتجاوز فريق ترامب الجديد كل ما صدر سابقاً عن الرئيس لجهة اللهجة التصعيدية ضد دول الخليج ، ليتصل وزير الخارجية تيلرسون بالعاهل السعودي ويؤكد على عمق العلاقة بين البلدين واستراتيجيتها. على الجانب الآخر يبدو اردوغان الطرف الثاني الأكثر تقلباً واحترافية في صياغة التحولات ويضبط تحركاته على الايقاعين الروسي والأميركي معاً وينتظر الكفة التي تميل للرجحان ليكون بيضة القبان التي تنضم للثقل الأوزن، فتقدمه ودخوله مدينة الباب من الجهة الغربية، وإن نجح الروسي في عدم تصادمه مع الجيش العربي  السوري، فإنه  لايمكن استقراء مايحدث شمالاً لناحية الأبعاد والتطورات والامتدادات ، ولاسيما إذا ما كان ثمة تنسيقاً أميركياً سعودياً تركياً تحت الطاولة لجهة رسم مآلات وملامح ما يجري في الشمال. أستانة 2 لن يخرج بمفرزات نوعية، وإن كان خروجه ربما باعلان تشكيل لجنة عسكرية مشتركة وبرئاسة وتنفيذ الضامنين لقتال داعش والنصرة وتسريع القضاء عليهما، كمنتج نوعي، فماذا عن الصيغ السياسية ومدى توافق الأفرقاء وماذا لو عاد ترديد الكلام عن الانتقال السياسي وهيئة الحكم الانتقالي، سيما وأن السعودية تبدو وقد نجحت ولو في الحد الأدنى في جذب ربما " الحس التجاري " لترامب، وحتى لو كنا أمام جنيف 4 مختلف تتوالد فيه الارادات الاقليمية والدولية وتتوحد أمام الإرهاب، ماذا عن المراحل المتقدمة التي تصيغها أطراف بعينها للدفع ربما بمواجهات أكبر تتجاوز الساحة السورية وماذا عن إسرائيل وموقعها في ذلك، وكيف ستترجم التحالفات التي تجاهر بها دولة الاحتلال وتعلن بالفم الملآن عن كثير من الدول العربية التي لم تعد ترى في الكيان الصهيوني احتلالاً أو عدواً ويعملون بشكل دائم لمواجهة تحديات مشتركة، ولاننسى ما طالب به نتنياهو أميركا للسير معاً،  مع إسرائيل وبريطانيا لوضع حدود لإيران. مابين السعي السعودي لاستمالة أميركا الجديدة، والتلون التركي الذي لا يعرف الثبات، ثمة الكثير مما يبعث على القلق وبالتأكيد ليس على طريقة بان كي مون فهنا الحديث عن مفاعيل حقيقية لهذا القلق، وسيناريوهات خطيرة أقل ما تبعث به هو القلق وربما حروباً أشرس.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com