2024-04-18 02:39 م

الشعوب العربية بلا قيادت فكر ولا رأي!!

2017-02-08
بقلم: سلطان كليب
تعاني الشعوب العربية من الافتقار لقياداتٍ شعبيةٍ تمثل الرأي العام لصوت الشعوب النابض، كي تنسجم معها وتتناغم في رسم سياستها ،وتوجيهها ،ورسم الفكر العام للمواطن العربي في الوصول لحقوق المواطنة ،والعدالة الاجتماعية ، في الوقت الذي هيمنت مؤسسات الأنظمة العربية الدينية،والإعلامية،والتربوية ،على رسم وتشكيل الرأي العام بما يخدم مصالح الأنظمة ومؤسسات السلطة . لا يمكن لأي أمّةٍ أنْ تتحررَ فكريّاً وتنال حقوق المواطنةِ،والحياةِ الكريمة في ظلّ غياب قيادات وطنية حكيمة ذات فكرٍ منفتح وتمتلك بصيرة وقدرة على لمّ جميع الأطياف السياسية، والدينية، والفكرية، وتوحيدها وتوجيهها لتحقيق المصلحة العليا للمواطن والوطن. قادة الفكر والرأي، هم الأكثر تأثيراً على سلوك أغلب أبناء مجتمعاتهم ،ولهم شخصيات ذات كاريزما مؤثرة ، لذلك لا بد أن يمتلك قادة الرأي مهارات التأثير على الشعوب ،مع امتلاكهم قدراً كافياً من العلم والمعرفة ، وعلى درجة عاليةٍ من الاطلاع على الشأن العام الداخلي في وطنهم ،والشيء ذاته بالنسبة للشأن السياسي الخارجي . وعندما نتحدث عن قادة الرأي لا بد أن نتعرّف على أهم صفاتهم وسماتهم الشخصية ،وأهمها البعد عن الأنانية،وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، والعمل من أجل الجميع دون أي تمييزٍ عنصري، أو طائفي، أو ديني ، مع امتلاكهم لمزيد من مهارات ووسائل التواصل الاجتماعي لإيصال أهم الرسائل من أخبار وتحليلات بصدقٍ وموضوعية ،ويعتبر قادة الرأي من أهم مصادر الخبر للرأي العام في الوصول للمعلومة بعد تقيمها وتحليلها على اعتبار أنهم القدوة في الموضوعية والمصداقية والحيادية في نشر الوعي المعرفي بين مختلف شرائح المجتمع . عندما تفقد الشعوب ثقتها بمؤسساتها الإعلامية الرسمية ،والأخبار الصادرة عن حكوماتها، يصبح تأثير قادة الفكر والرأي هو الأكثر تأثيراً ومطلباً ، وهذا يساهم في تغيير السلوك والمعتقدات التي زرعتها مؤسسات الإعلام في عقول ونفوس عوام الشعوب لأنها لم تجد بديلا لمصدر الخبر والمعلومة وتحليله ، وفي ظل الظروف التي شهدتها دول الربيع العربي والدول المحيطة بها ، أصبحت الأمّة بأمس الحاجة لقادة الرأي والفكر ،من أهل الثقة والمصداقية ، لأن الأخبار أصبحت تتناقل بسرعة كبيرة ويروج لها بشكل عفوي ومنظّم ، واختلطت الأمور على الشعوب ،فالإعلام الرسمي موجّه ، وهناك الإعلام المضاد ،وأجهزة أمنية أصبحت تقود حركات شعبية وتوجهها مستغلة الاختلاط الإعلامي وتوجه الشعوب باسم حركات التحرر من الظلم والقهر ،هذه الفوضى تحتاج إلى قيادات رأي عام توجه الشعوب وتنظم لها أفكارها ، وتبين لها الغث من السمين ،والنافع من الضار . الربيع العربي نبت وأصبح هشيما تذروه الرياح وتأكله النيران لسببين ،الأول سياسي ويتعلق بالداخل والخارج ، والأخر اقتصادي ونتج عنه ارتفاع الأسعار الفاحش ،وهذا أنتج منظومة فقدان العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة ،وهنا تبرز أهمية مواجهة هذه التحديات والسيطرة عليها حتى لا تخرج الأمور عن زمامها وتحصل ما لا تحمد عقباه ،ونحتاج هنا إلى قادة الرأي القادرين على رسم سياسة الشعوب في نيل حقوقهم ،من خلال توحيد صفوفهم ،وآرائهم ،وأفكارهم ، ومحاولة سكب جميع الأفكار والقناعات في قولبٍ واحد خدمة للمصلحة العامة . عندما نتحدث عن قادة الرأي بينت السمات التي يجب أن يتحلى بها قادة الرأي ،حتى يلقى هؤلاء قبولا جماهيرياً واسعاً من كل أطياف المجتمع ، لكن اغلب من يعتقدون أنهم يمثلون قادة الرأي والحراك ،من المطالبين بالإصلاح السياسي ،للأسف أغلبهم يحتاج إلى إصلاح أخلاقي ، فمعارضة أغلب هؤلاء هي نتيجة تصفيات سياسية أو نتيجة لتهميشهم بعد التقاعد وكان أملهم بمنصب سياسي أسوةً بغيرهم ،أو الظهور والمناورة للحصول على منصب سياسي كترضية على حساب عوام الشعوب المغفّلة ، أو يقوم بعضهم برفع شعارات تحطم العدالة الاجتماعية، وحقوق المواطنة ، فكيف يمكن لأمثال هؤلاء أن يصبحوا قادة فكر ورأي جماهيري عند غالبية شرائح المجتمع ليحققوا التغيير المنشود . ليس من السّهل على كل إنسان أن يصبح بين عشيةٍ وضحاها من قادة الفكر والرأي ،بالإضافة للسمات الشخصية وكل ما ذُكِر ،يحتاج القائد الفكري إلى مهارات وفنون التواصل الاجتماعي في إيصال رسائله الفكرية إلى جمهوره المستهدف ،ولا بد أن يكون على علم ودراية تامة بهمومهم ومشاكلهم ،وإدراك ردود فعلهم ومدى تقبلهم لفكره ورأيه وانسجام ذلك مع أفكارهم ورؤيتهم . ليس من الضروري أن يكون هناك تزاوجاً بين فكر قادة الرأي والمجتمع ، لأن قادة الفكر هم من يستبقون مجتمعاتهم في رسم ملامح المرحلة السياسية ،والاقتصادية،والاجتماعية، والتحذير من أمور لم يدركها أغلب عوام الناس ،لذلك هم من يرسموا للناس توجهاتهم وآليات العمل ،وينيروا لهم طريقهم في تحقيق أهدافهم للوصول إليها بأقصر الطرق وبأقل الضرر. عندما يبرز شخص فجأة كمعارض ،أو يمتطي هموم الناس وتململهم ،هذا لا يمكن أن يكتب له النجاح في قيادة المجتمع ،لأن الناس لا تتّبع ولا تسمع إلا لمن يترك بصمات تاريخية في فكرهم، ومعرفة تامة بنزاهته وحلمه ووعيه وشفافية رأيه، وعمله من اجل المصلحة العامة ،وهذا يحتاج إلى سنوات من التواصل الاجتماعي مع شرائح المجتمع ،سواء من خلال الإعلام المرئي أو المقروء ، خلال هذه الفترة يقوم قادة الفكر في زرع بذور النهضة والتحرر في العقول وتمهيد البيئة المناسبة للزرع كي ينمو في بيئة صحيّة تؤتي أكلها ولو بعد حين . الأمّة العربية ضحية يتم التكالب عليها من كافة القوى السياسية الداخلية والخارجية ، وحقوقها ضائعة بين رجل دين متملق لحاكمٍ ظالم باع آخرته بدنياه ،وسياسيٍّ يبيع لسيده أبناء وطنه ضحايا وقرابين بابتساماتٍ صفراء ، وكاتبٍ أجّر قلمه لجهة توفر له حياة كريمة بقلم مسمومٍ بلا ضمير ،ومدعي الوطنيّة يتاجر بكرامات أبناء قومه ليحقق أهداف شخصية ولن يحققها ،وأمّة تبحث عمّن يقدم لها نفسه قرباناً وإن كان بلا ضميرٍ ولا أخلاق وتعتبره المنقذ الوحيد في زمن أصبحت فيه الأمّة بلا قادة فكر ولا رأي .