2024-03-29 07:47 ص

الاستيطان والتهديدات الامريكية وردود فعل السلطة الفلسطينية!!!

2017-02-08
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
الإدارة الامريكية الجديدة قامت بتهديد السلطة الفلسطينية من مغبة التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمقاضاة "إسرائيل" على سياسة الاستيطان التي تنتجها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 . وتشمل هذه التهديدات التي وصلت الى السلطة الفلسطينية عن طريق السفارة الامريكية في الكيان الصهيوني قطع المعونات عن السلطة الى جانب اغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والقائمة تطول. هذه التهديدات ليست بالأمر المستغرب ولا بالجديدة فالإدارات الامريكية السابقة قامت الديمقراطية والجمهورية بتهديد السلطة الفلسطينية في حالة اتخاذها أية خطوة من جانب واحد سواء بالتوجه الى محكمة الجنايات الدولية للاقتصاص من اللذين يرتكبون المجازر والمذابح والقتل المتعمد الميداني وبدم بارد للشباب الفلسطيني، أو اثارة قضية الاستيطان ومصادرة الأراضي أو توجيه اية تهمة للكيان الصهيوني في أي من المحافل الدولية...الخ. وللحقيقة يجب ان نذكر بأن التهديدات وعمليات الابتزاز لا تقتصر على الجانب الأمريكي فهنالك دول عربية خليجية على وجه التحديد وجهت وما زالت توجه التحذيرات للسلطة الفلسطينية الى جانب الإدارة الامريكية مستخدمة سلاح البترودولار والخنق الاقتصادي والمالي لهذه السلطة. والتصريحات الأخيرة للسيد ترامب من أن المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لا تشكل عقبة امام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيلين تدلل بشكل واضح على أن الإدارة الجديدة لن تقف عقبة أمام السياسة الاستيطانية للكيان الصهيوني. فما أن تولى الرئيس ترامب مهامه رسميا في البيت الأبيض حتى جاء قرار حكومة الكيان الصهيوني بإنشاء 3000 وحدة سكنية جديدة في القدس "الكبرى". ولم تكتفي هذه الحكومة بهذا فلقد صادق اليوم (6/2/2017) الكنيست الإسرائيلي على قانون تسوية المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والذي يشرعن مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة. ونعود ونذكر بان حملة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية بما فيها القدس استشرت اثناء اتفاقية أوسلو سيئة الذكر وما تلاها وتمددت كما تتمدد الخلايا السرطانية في الجسم عندما يستفحل هذا المرض الخبيث وكانت البلدوزرات تعمل وعلى مدار الساعة وخاصة في القدس اثناء مباحثات أوسلو. وماذا عن رد السلطة الفلسطينية؟ مؤخرا صرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية السيد أبو ردينة يقول "بدأنا بمشاورات عاجلة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لواجهة الحملة الاستيطانية الإسرائيلية". نحن بدورنا نقول صح النوم على قول غوار فالاستيطان ليس وليد الساعة وانما مشروع متضمن في صلب السياسة الرسمية التي انتهجها الكيان الصهيوني منذ نشأته فهو نشأ بالأساس على مبدأ الاستيطان الإقصائي والإحلالي والتهجير القصري لمئات الالاف من الفلسطينيين وما شهدناه من عملية بناء المستوطنات اليهودية المتواصلة منذ بدأ احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 ما هو الا استمرار عضوي للنهج الذي درج عليه هذا الكيان الغاصب منذ نشأته. ونتساءل مع من تجري هذه المشاورات وهل هنالك أي شيء جديد يضاف على التهديدات النارية الفارغة التي تطلق بين الحين والأخر للذهاب الى محكمة الجنائية في لاهاي. هذه التهديدات التي لم تخرج ولن تخرج على ما يبدو الى حيز التنفيذ كما هو الحال بالنسبة لوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال. ذلك ببساطة لان السلطة بشكلها الحالي أعجز من أن تقوم بتنفيذ أي من هذه التهديدات لان وجودها وبقاءها وديمومتها معتمدة على المعونات الخارجية المشروطة. ولأنه وعبر السنوات الطويلة ومنذ دخول ما سمي بالسلطة الفلسطينية نشأت طبقة سياسية طفيلية وانتهازية منتفعة من ارتباطها بهذه السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذا ما يفسر سياسة الخضوع والخنوع على المستوى الرسمي والى حد كبير عدم وجود حركة شعبية واسعة في الشارع ضد هذه السلطة بالرغم من أن الكثيرون مدركون حجم الفساد المالي والإداري والسياسي المتواجد بداخل هذه السلطة. وعلى ان المسار التفاوضي مع سلطات الاحتلال وبعد ما يقرب من ربع قرن من الزمن لم ينتج أي مردود إيجابي للشعب الفلسطيني، لا بل على العكس من ذلك تماما كما تشهد الساحة الفلسطينية التي يدركها حتى الطفل الفلسطيني. فقد نجحت والى حد كبير هذه السلطة والجهات المانحة والمؤسسات المالية من تكبيل الأغلبية العظمى من فئات الشعب بالديون التي لا يستطيعون الإيفاء بها مما جعل الأغلبية تنصب على إيجاد الطرق والسبل للإيفاء بهذه الديون بحيث أصبحت شغله الشاغل اليومي ولم يعد الوطن على ما يبدو في سلم أولويات العديد من الناس وربما هذا أيضا عاملا لعب دورا مهما في ضمان عدم المشاركة الشعبية الواسعة بالشكل المطلوب الذي يتناسب مع حملات التصعيد من جانب الاحتلال الصهيوني، أو على الأقل اضعاف إمكانية التحركات الجماهيرية بشكل أفقي على مساحة الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 . ومما لا شك فيه أن عدم وجود قوة فاعلة على الأرض وتمترس العديد من التنظيمات والأحزاب الفلسطينية خلف جدرانها وغياب التنسيق العملي والفاعل فيما بينها والتوحد ضمن رؤيا واضحة وبرنامج مشترك للعمل على تأطير الشارع الفلسطيني خارج نطاق تنظيمي فتح وحماس الذي أدت الخلافات بينهما الى تعميق الشرخ في المجتمع الفلسطيني قد لعب دورا في هذا الإطار. على السلطة الفلسطينية أن تغتنم فرصة المتغيرات في موازين القوى في منطقتنا وعلى الساحة الدولية وعدم الارتهان على الولايات المتحدة التي ما زالت تدعو الى المفاوضات المباشرة الغير مشروطة مع الجانب الإسرائيلي الذي لم يبدي ولن يبدي اية بادرة استرجاع ولو الجزء اليسير من الحقوق التي تنادي به السلطة الفلسطينية. كما وأن الرهان على النظام الرسمي العربي وجامعة الدول العربية لم يعد مجديا وخاصة في الفترة الحالية ونحن نرى ان من يقود ما سمي "بالعمل العربي" الرسمي تقوده دول خليجية وعلى رأسها السعودية المتحالفة مع الكيان الصهيوني والتي لم تعد تعتبره العدو الرئيس في المنطقة (هذا لا يعني انها كانت تعتبره هكذا في السابق) والتي نجحت الى حد كبير في حرف بوصلة الصراع في المنطقة عن طريق اثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية لتخفي جوهر الصراع السياسي القائم في المنطقة بين محورين رئيسيين محور ارتضى أن يكون مطية وأداة مسخرا مقدراته خاصة المالية لخدمة الامبريالية الغربية وعلى راسها الامبريالية الامريكية التي عملت وما زالت تعمل على بناء الإمبراطورية الكونية ومحور مقاوم وممانع للمخططات والاستراتيجية الامريكية للسيطرة على المنطقة ومقدرات شعوبها. إن الرهان الأساسي والرئيسي يجب أن يكون على الشعب الفلسطيني بالتحديد الذي يدلل تأريخه النضالي عبر عقود من الزمن أنه شعب قادر على مواصلة النضال وبكل أشكاله بما فيها النضال المسلح. أرفعوا يد أجهزتكم الأمنية على ملاحقة واستدعاء وسجن كل من يقاوم الاحتلال واوقفوا تمرير المعلومات للأجهزة الأمنية الاسرائيلية التي تستبيح كل الأراضي الفلسطينية ليلا ونهارا حتى الأراضي التي تدعون أنها تحت "سيطرتكم". لم يسلم من أجهزتكم الامنية حتى من يعبر بكلمة عن رأيه في شبكات التواصل الاجتماعي. كفوا عن التبجح والتصريحات بأن التنسيق الأمني هو "البقرة المقدسة" التي لن تمسوها على الرغم من أن الكيان الصهيوني يضرب بعرض الحائط حتى على الاتفاقيات التي وقع عليها منذ سيء الصيت أوسلو ولغاية الان. وعلى أنه لن يكون هنالك انتفاضة ثالثة السلاح الذي يجعل الاحتلال دفع ثمن احتلاله. الكيان الصهيوني يتحدى مجلس الامن ويتحدى كل دول العالم وماضي في غطرسته وسياساته الهمجية وعمليات تهويد ما تبقى من فلسطين التاريخية. وما تبناه الكنيست الإسرائيلي مؤخرا بالنسبة للبؤر الاستيطانية يعني ببساطة عملية ضم الضفة الغربية الى الكيان الصهيوني وبالتالي شرعنة السيطرة على كافة أراضي فلسطين التاريخية. والسيد نتنياهو يصرح بأنه نسق القرار مع إدارة ترامب. فأين أنتم من هذا؟