2024-04-20 02:10 ص

إنه يقرع طبول ... جهنم

2017-02-06
بقلم: نبيه البرجي
لا يأبه ريتشارد هاس بنهاية رجل يتزلج على النيران. ما يثير قلقه نهاية امبراطورية تجرها، كما في الميثولوجيا الاغريقية، احصنة (او آلهة) النار...
الديبلوماسي والباحث الاميركي المخضرم يلاحظ ان تصميم باراك اوباما على ابرام الاتفاق النووي مع ايران لا يعكس نزوة شخصية او محاولة للرهان على خارطة جديدة للقوى، وانما هو نتاج المام دقيق وبعيد المدى بالمسار الفوضوي للشرق الاوسط...
في نظر هاس ان الايديولوجيات المجنونة التي ظهرت في العراق وراحت تتمدد اخطبوطياً في كل الاتجاهات ليست ظواهر «آخر النهار». ربما كانت ظواهر «اخر التاريخ» في غياب كامل لاية ضوابط سياسية او عسكرية او حتى دينية، لا بل ان الدين بدا كما لو انه تحول الى «ايديولوجيا وبانياب الذئاب».
كان لابد من ضبط الايقاع لمن يعرف مدى الحساسية الجيوستراتيجية للمنطقة بالنسبة الى المصالح الاميركية. وليس هاس وحده من قال ان بنيامين نتنياهو هو حالة توراتية محكومة بقيم معينة، وبرؤى معينة، لنهاية العالم. بصورة اوضح لنهاية البشرية.
هاس يهودي ليبرالي متنور، والتقارير الاستخباراتية التي كانت على طاولة اوباما اكدت ان نتنياهو يزمع استدراج الولايات المتحدة الى حرب مع ايران من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، تصور نهاية لها بعيداً عن الخيار النووي...
هذا ما يقوله هاس، ولم يكن امام اوباما سوى ان يحقق تلك الاعجوبة الديبلوماسية في احد فنادق فيينا، وحيث كانت سمفونية «الدانوب الازرق» ليوهان شتراوس تلعب باحاسيس المفاوضين الذين كان عليهم ان يعرفوا ان بالامكان بناء عالم اقل تجهماً...
لم تكن بين الايرانيين والقنبلة سوى خطوة واحدة، ولطالما رصدت البوارج الاميركية في الخليج ذبذبات الغواصات الاسرائيلية المزودة بصواريخ نووية، وهي تختال على مسافة ليست بالبعيدة عن الشاطئ الايراني...
يهودية ريتشارد هاس ليست كما يهودية دنيس روس الذي ما زال يراهن حتى الان على خراب الشرق الاوسط. هاس يسأل اي مصلحة للاسرائيليين ان يقيموا داخل مقبرة ما دام يهوه لم يبعث باي اشارة تشي بانه ما زال معنياً بارسال الماشيح الى الارض؟...
انه يتحدث عن «البعث الميتافيزيقي» في شخصية نتنياهو الذي كاد يتأثر بالبراغماتية الاميركية حتى اذا ما وصل الى السلطة اشعار كل قناعات ابيه (المؤرخ) والذي تأثر حتى العظم بأفكار زئيف جابوتنسكي.
هاس ضد ان يكون رؤساء اميركا او جنرالات اميركا آلهة النار او احصنة النار.
باحثون اميركيون يسألون الآن عما تفعله الاشباح في رأس دونالد ترامب. يقصدون تحديدا المستشارين الذين يجارونه في «التزلج السياسي او الاستراتيجي» ولا ينصحونه بالتروي.
هؤلاء الباحثون يقولون ان الولايات المتحدة امضت اكثر من ربع قرن وهي تحاول ترويض آيات الله، ولكن دون جدوى. باراك اوباما عرف كيف يشق الطريق الى الخيار المثالي اي اتفاق فيينا لانه كان يعلم ان تحطيم رأس ايران يعني تحطيم الشرق الاوسط، وحيث يمكن ان يتحول الاميركيون ومصالحهم، الى اهداف ضائعة...
ترامب هو من استعار قول جوزف ستفيلتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد ودون ان يذكر اسمه ان تكلفة الحرب في العراق بلغت 3 تريليون دولار (والواقع انه ذكر تكلفة حرب افغانستان ايضا) وهذا ما كان يمكن ان يؤدي الى غروب الامبراطورية (وغروب الآلهة) في عام 2008 لولا التدابير الجذرية التي لجأ اليها اوباما...
لا ريب ان هناك بين العرب من هو في ذرورة الاغتباط لتصعيد دونالد ترامب ضد ايران (لاحظوا تفاهته وهو يغرد عبر تويتر).
اي عاقل يمكن ان يمشي وراء ذلك الاحمق الذي بدل ان يطفئ النار في المنطقة بعدما ألم بها الخراب يضرمها ثانية ومن المكان الخطأ.
انه يقرع طبول... جهنم!!
المصدر/ الديار اللبنانية