2024-04-20 03:40 ص

مصيره الزوال شاء من شاء وأبى....

2017-02-06
بقلم:  عبد الحكيم مرزوق
ما الذي يمكن أن يتغير إذا جاء ترامب ورحل أوباما ،هل ترامب أفضل من أوباما وهل كان أوباما أفضل من جورج بوش الابن سيئ الذكر ..........إن جلّ رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لا يختلفون عن بعضهم إلا بالتسميات وذلك لأنهم يأتون إلى هذا المنصب لينفذوا سياسة الإدارة الأمريكية ولا ينفذون السياسات التي يريدونها هم كأشخاص ،فالتصريحات الإعلامية التي يعتمدها كل الرؤساء في حملاتهم قبل الانتخابات هي تصريحات لاعلاقة لها بالمضمون وبمجريات الأحداث التي ستمر على العالم في عهد هذا الرئيس أو ذاك ولذلك لا يمكن لأي رئيس أمريكي أن يملي على إدارته أية سياسات قد تخل بالموازين الدولية أو قد تحرف النهج العام للسياسة الأمريكية في العالم على مستوى الداخل والخارج . يمكن القول أن الإدارة الأمريكية التي يعتبر فيها الرئيس الأمريكي منفذاً لسياساتها فقط هي التي تضع السياسات العامة والخاصة ،في الداخل والخارج ،على المدى البعيد ،وعلى المدى القريب .وكل رئيس أمريكي يكون دوره تنفيذ تلك السياسات عبر الفريق الذي اختاره لولايته الجديدة فالعقول والأدمغة التي تحشدها الإدارة الأمريكية لرسم سياسات الولايات المتحدة الأمريكية لا يستهان بها ،ولذلك فإن تلك الأدمغة تضع دراسات وأبحاث وتخلص لنتائج وتوصيات كلها توضع في سياق السياسات الأمريكية على المستوى القريب والبعيد وهناك الكثير من الأدلة التي تؤكد صدق ذلك ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحرب على العراق التي لم تكن وليدة اللحظة التي أعطى فيها جورج بوش الابن قرار الحرب فقد كانت تلك الحرب نتيجة لكسر موازين القوى في العالم وهي جاءت عبر كثير من الدراسات والأبحاث والتي خلصت بالنهاية لإسقاط نظام صدام حسين واحتلال العراق ،وهذا بالطبع سبقه الكثير من الإجراءات التي مهدت لاحتلال العراق الذي كان قوة لا يستهان بها في المعادلات الدولية المهددة للكيان الإسرائيلي من حيث التسليح والقوة الضاربة التي كان يتمتع بها الجيش العراقي الشقيق وكلنا يذكر توريط العراق بالحرب مع إيران وذلك لاستنزاف قوته وإضعافه عبر سنوات الحرب إضافة إلى توريط العراق باحتلال الكويت والتي كان من نتائجها تشكيل حلف دولي أرغم الجيش العراقي على الانسحاب من الكويت تحت ضربات الحلفاء ،وكلنا يذكر أيضاً الكذبة الكبرى التي افتعلتها الإدارة الأمريكية ووكالة المخابرات الأمريكية بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وكيف تم استدراجه عبر مفتشي الوكالة وتدمير أسلحته وصواريخه التي كان يمتلكها لإذلاله وإضعافه وذلك لأنه تجرأ وهدد الكيان الإسرائيلي وضربه بصاروخ من العراق ....وما جاء بعد ذلك من حروب كانت أيضاً ضمن مخطط الإدارة الأمريكية لتفتيت المنطقة العربية وذلك بعد الهزائم المتكررة للكيان الإسرائيلي أمام المقاومتين في لبنان وفي غزة وعدم تمكن الكيان من تحقيق أية أهداف لها عبر الحروب التي خاضها منذ عام2000 إبان انسحابه المذل من الجنوب اللبناني وهزائمه في أعوام2006-2009 وشل قدرته العسكرية بفعل الأسلحة المتطورة التي امتلكتها المقاومتان .ولعل ما سمي ثورات الربيع العربي كانت ضمن مخطط الإدارة الأمريكية التي طالت عدة دول عربية بمؤامرة غربان الخليج ونجحت في بعض الدول كاليمن وليبيا وتونس ومصر ولكنها فشلت في سورية التي صمدت وكانت رقماً صعباً في المعادلة الدولية وساعدها في الصمود روسيا وإيران ورجال حزب الله الذين كانوا يداً بيد مع رجال الجيش العربي السوري الذين حققوا الكثير من الانتصارات في كافة الميادين السورية ولعل الانتصار الأقوى كان تحرير حلب من براثن العصابات الإرهابية المدعومة من دول الخليج . هل كان بإمكان اوباما مثلاً عبر عهده برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أن يحل أو ينهي الحرب على سورية ..لا أعتقد لأن هذه الحرب أوجدتها الإدارة الأمريكية لإنهاء سورية وإلغائها من معادلة الصراع العربي الصهيوني كما فعلت في العراق ولكنها لم تستطع ولن تستطيع لأن إرادة الشعب السوري أقوى من كل تلك الإرادات وانتصرت وستنتصر وتحقق الكثير من الانتصارات في المستقبل . هل يمكن لترامب أن يغير أي شيء من الخطط الأمريكية والسيناريوهات الموضوعة للمنطقة ..لا أعتقد لأنه في النهاية موظف يرأس الإدارة الأمريكية التي تعتبر أمن الكيان الإسرائيلي من الخطوط الحمراء وتحرص على حمايته وتقديم كل الدعم له مع أن مصيره الزوال شاء من شاء وأبى من أبى وهذه هي النتيجة الحتمية له عاجلاً أم آجلاً .
*كاتب وصحافي سوري
marzok.ab@gmail.com