2024-04-20 04:34 ص

زئبقية "ترامبو" ومساميره كجحا أمريكي وتوظيفاته للناتو

2017-02-05
بقلم: المحامي محمد أحمد الروسان
البلدان المسلمة التي اختارها الرئيس دونالد ترامب(ترامبو)لحظره العنصري، بعضها غالبيتها شيعية بامتياز، وأمّا السنيّة التي بينها جاءت حشواً ليس الاّ، فهي لأبعاد الشبهات عن مفهوم مذهبية الحظر الذي مارسه بكل صفاقة سياسية أي بكل وقاحة، مع العلم أنّ البلدان السنيّة المختارة، شعوبها لا تذهب الى بلاد العم سام بكثرة لتصبح يانكي أمريكي آخر، وقد اختيرت فقط وفقط لذر الرماد في عيون الذين من الممكن المحتمل أن يلاحظوا أنّ القصة مذهبية بامتياز. اذاً فثمة هيلاري كلنتون أخرى وباراك أوباما آخر في شخص الرئيس دونالد ترامب(ترامبو)، تجد فيه العنصرية البيضاء في هيلاري، والحقد على لون الذات في أوباما، كون المشغّل واحد وهو البلدربيرغ الأمريكي. وعودة التصعيد المتفاقم على طول خطوط العلاقات الأمريكية الأيرانية وبكل اللغات، قد يكون مقدمة لخلق أزمة دولية جديدة، غايتها توظيفات للناتو عبر ترامبو وفريقه ازاء ايران، ولجم أوروبا عن أي تفاعلات اقتصادية ومالية مع طهران كنتيجة طبيعية لمضمون الأتفاق النووي الأيراني، الاّ من الزاوية الأمريكية فقط. في علم صناعة الأزمات وعلم التفاوض(والأخذ والعطى)وتقديم التنازلات، فانّه من الممكن أن ينجح تصعيد أي أزمة في بعض الأحيان، عندما يكون قدرتك على تحمل التبعات أكبر من منافسك وعندّها فقط تضغط عليه لتقديم التنازلات التي لا يقدر عليها في وضع آخر. لكن وفي علم صناعة الأزمات أيضاً، فانّ الأزمات بحد ذاتها لا تسير دوماً في خطوط مستقيمة، فقد يكون خصمك أكثر صلابة منك وصرامة ولديه في جعبته حيلاً غير متوقعة، وسيقود سوء تقديرك هذا الى الأضرار بك من حيث لا تدري، وعندما يقترف خصمك سوء تقدير مماثل فسوف يخسر كلاكما. وفي هذا السياق العام قادت العولمة بصورها المختلفة، الى صعوبة في فهم العلاقات الثنائية أو حتّى التنبؤ بمساراتها المتعددة والمختلفة والمتباينة بين الدول ومنظومات عملها، والسؤال هنا: هل سوء التقدير المتبادل على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية مثلاً، هو أحد الأخطاء الأكثر خطورة في السياسة الخارجية لكلا العاصمتين؟. الرئيس الأمريكي السابق اليانكي باراك أوباما فضح حقيقة سياسة واشنطن حين قال ذات نهار أمريكي:(لا يوجد خطر في العالم سوى روسيّا كتحدي للناتو، وأضاف هذا اليانكي(جحا)لكي يظهر على أنّه موضوعي: هناك داعش والأرهاب، وتحدي خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي). وقرّر الناتو نشر أربع كتائب عسكرية متعددة الجنسيات على الحدود مع روسيّا، و واشنطن توظف الأمم المتحدة لكيفية حماية المصالح الأمريكية ونفوذها العالمي، وضمان مكانتها كقطب أوحد بالعالم، وان كانت السياسة الأمريكية صار رصيدها على وشك النفاذ، فانّ أنظمة من الأقليم دخلت أيامها المتبقية في النفاذ أيضاً، عبر مسح الجرائم التي ارتكبت من قبلهم باشعال الفوضى في المنطقة، واشعالها في أوكرانيا الآن ولاحقاً في دول أسيا الوسطى حيث تنظيم خراسان الأرهابي النسخة المشرقة من عصابة تنظيم داعش، كل ذلك بفعل أيديهم بعض هؤلاء العرب بقتال داعش عبر مسلسل الحرب على داعش بحلقات متتالية، حيث المخرج وكاتب النص واشنطن، والمنتج مشيخات ديكتاتوريات الخليج، والموزّع اعلام البترو دولار وبعض البيادق المحليين والأقليميين والدوليين. دمشق وموسكو وطهران وحزب الله وباقي المحور، يعرفون أنّ الهدف بمجمله من مسلسل الحرب على دواعش الماما الأمريكية هو: استنزاف بشري وعسكري كبير وتحطيم ممنهج لنسيج المجتمع السوري ولبنية الدولة التحتية، مع فرض نظام سياسي برلماني طائفي مثل لبنان والعراق وبشكل أكثر هشاشة وبعمق. دمشق تعرقل مد خط آنابيب من قطر عبر السعودية والأردن وسورية الى شاطىء المتوسط ثم الى جنوب أوروبا، وهذا المشروع يهدف الى افشال خط السيل الجنوبي الروسي للغاز، مع العمل على استنفاذ موارد روسية المادية والسياسية الضخمة عبر الأزمة الأوكرانية، وهاهي أمريكا تشن هجومها على روسيّا عبر الأتجاه الجنوبي وتحت عنوان مكافحة التطرف الأسلامي، كل ذلك لتغيير السلطة في موسكو أيضاً بأخرى موالية لها، والهيمنة على مصادر الطاقة في العالم، لذلك لا ثمة عناق سوري أمريكي تخشاه موسكو، أو ثمة عناق روسي أمريكي تخشاه سورية، حيث الجميع مستهدف بما فيه ايران رغم دخول الأتفاق النووي مسار التنفيذ، وحزب الله وباقي المقاومات، وحتّى دول الدمى في المنطقة مستهدفة والساحات السياسية الضعيفة والقوية على حد سواء. تقارير المخابرات البريطانية(الفرع الخارجي)المرفوعة لرئيسة الوزراء(ماما) تيرزا ماي البريطانية ومجلس اللوردات الحاكم في لندن تقول: دولة ارهابية على المتوسط تهديد عميق واستراتيجي لدولة عضو في الناتو(حلف شمال الأطلسي)... وتابعت: هناك تخوفات من تمددات للدواعش الى الأردن ولبنان ونسيت أو تناسىت هذه التقارير أن تضيف... وتمددات الدواعش الى الضفة الغربية وغزّة لينسجم مع رؤية النتن ياهو بيبي ومجتمع مخابراته، ليصار الى شيطنة كل شيء فيما بعد. والمعروف استخباراتيّاً، أنّ رجال المخابرات الأنجليز هم من أبناء الريف الأنجليزي الذكي والخبيث بنفس الوقت، وخاصةً العاملون في جهاز الفرع الخارجي الأم أي سكس هذا من جانب، ومن جانب آخر يقول صديقي المغترب والخبير الأستراتيجي: بالرغم من أنّ بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية حلفاء، الاّ أنّ هناك تنافس عميق وحميم بينهما في مناطق وعلى مناطق النفوذ البريطانية السابقة والحالية، ولا شيء يوضح حقيقة العلاقات الأمريكية البريطانية خارج نطاق المجاملات الرسمية، الاّ حجم التفاهم أو التوتر بين السعودية وقطر والتحالفات الأقليمية لكل منهما، فبعد انقلاب أمير قطر السابق على والده جد الأمير الحالي عادت قطر للمظلة البريطانية. حتّى ايران الشاه رضا بهلوي كانت مظلتها أمريكية، وبعد الثورة عادت تحت المظلة البريطانية، وهذا أحد أهم أسباب اشتعال المنطقة والمستمر حتّى اللحظة ومنذ ذلك الحين. اذاً التنافس موجود بين لندن وواشنطن وهذا أمر طبيعي في علاقات الدول الخاصة، وأن تقسيم مناطق النفوذ في العالم والذي تم في اجتماع يالطا بين تشرشل و روزفلت وستالين منح كثيراً من مناطق النفوذ البريطاني للأمريكيين، وقبلت لندن حينها وعلى مضض بسبب ضعف موقفها بعد الحرب العالمية الثانية وتسعى الآن لأستعادة مناطق نفوذها. داعش والنصرة يأجوج ومأجوج العصر، والمخابرات البريطانية عبّرت بتقاريرها، عن مكنونات مخاوف مجلس اللوردات الحاكم في بريطانيا، والذي يعلم أنّ هناك دول بعضها دمى في المنطقة سيهزمها الدواعش، وهنا فعلت فعلها المخابرات البريطانية(كونها لديها داتا معلومات وهي جزء من المطبخ)في مفاصل طور وصناعة الدواعش في مطابخ الأدارة الأمريكية وبلدربيرغها، فصرنا نسمع حديثاً وتحديداً هذه الأيام عن انشقاقات في داعش تقاتل داعش، وتحت مسميات أبو عبيدة الجرّاح، وسنرى لاحقاً القعقاع وخالد وما الى ذلك، جماعات ارهابية تتناسل مثل تناسل الآرانب والطحلبيات على أسطح الجدرات القديمة ذات الرطوبة العالية. فبريطانيا دورها دائماً دور الظل والظل العجوز للولايات المتحدة الأمريكية مع امكانيات تنافسها لأستعادة نفوذها الضائع في السابق، فلندن تعتبر مثلاً سقوط سورية في يد داعش والعراق، يعني مثلاً سقوط لبنان والأردن والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة المحتل والمسخ "اسرائيل" الشمال الفلسطيني المحتل، وهنا هذا يعني تغير دراماتيكي في الخارطة الأستراتيجية للمنطقة دون أن يكون الخليج ومشيخاته بمنأى عن التداعيات الكارثية. فهناك تحولات جيواستراتيجية وتسوناميات داعشية ارهابية في المنطقة بفعل أمريكي، من أجل تعزيز حالة التشظي التي يشهدها العراق وسورية والمنطقة، كي تمهّد لتنتج ميلاد أرخبيلات كيانية طائفية أو اثنية وذلك لشرعنة اسرائيل الصهيونية في المنطقة، مع ترسيمات لحدود نفوذ جديدة مع حلفاء مع فرض خرائط دم BLOOD MAPS كأمر واقع بمشارط العمليات القيصرية، وعبر استراتيجيات التطهير العرقي والطائفي ETHNIC CLEANSING كل ذلك مع التفكيك الممنهج والتفتيت الجغرافي والتلاعب بجينات الوحدة الوطنية، وافشال الدول الوطنية FAILIN STATES واستهدافات للجيوش الوطنية ذات العقيدة الوطنية واحلال ديمقراطيات التوماهوك وبديلها الداعشي، لتأمين مصالح الشركات الأمريكية والأوروبية النفطية في المنطقة. واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمة المنطقة، فزّجت بورقة داعش كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ فكان الأنشقاق الأولي في داعش، وسنرى استثمارتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش لاحقاً. من له علاقات منّا بخلايا التفكير(دبّابات الفكر think tanks) في الداخل الأمريكي المحتقن الآن، يعرف أنّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية(الأمبراطورية الرومانية الجديدة عبر دولة كوردستان)أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، فهل تعي نواة الدولة الأردنية ذلك ومثيلاتها من شقيقاتها الكبرى والصغرى؟ ثمة تحالف دولي متذبذب في فعله ولجهة النتائج(مقصود)على الأرض، بقيادة ثقافة الماكدولندز(تحالف الأمر الواقع وخارج قرارات الشرعية الدولية)لمحاربة عصابة داعش في العراق وسورية، فشل فشلاً ذريعاً بعد مضي أكثر من عامين ونصف كاملين على عمله، هذا ونشرت وتنشر وستنشر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عدة تقارير تناقض بعضها البعض كاستراتيجية مخابراتيه أمريكية تستحدث دوماً، تهدف الى الخلط والمزج والتشتيت وعدم التركيز في كتلة من الأهداف موجّهه، لخصمها وعدوها ومنافسها أيّاً كان هذا الخصم أو العدو أو حتّى المنافس انّها مخابرات المولينكس، فثمة تقارير تؤكد على تراجع واضح في قوّة داعش لجهة الفعل والأحتفاظ بالجغرافيا، وتراجعات في ميزانيته النفطيه وغيرها من مصادر دخله الأخرى، وأخرى من التقارير المسربة عن قصد، تؤكد على أنّها تلحظ تراجعات طفيفه هنا وهناك، يعوظها داعش في اللعب في الديمغرافيا، وتقارير واضحة تؤكد وتصر على قوّة العصابة وتماسكها وأنّها ما زالت بنفس العدد ولكنها في حالة سكون(كاتب هذا التحليل يعتقد أنّ داعش في حالة نزف جهادي عميق، لذلك جاءت كلمة "سكون" في أحد تقارير المخابرات المركزية الأمريكية كونه يراد أن يكون لها ما بعدها في اسناد عمل الوكالة الأمنية الأمريكية لذات العصابة الأرهابية)، يؤشّر على أنّ السفلة الأمريكان الرسميين يعملون على تقويتها من جديد، ومدّها بالمورد البشري من كافة الساحات الدولية بما فيها دواخل الساحات العربية، ودواخل بلاد القوقاز من الشيشان وغيرهم. فما يجري في المنطقة الآن هو ادارة للأزمة والبؤر الساخنة ولعصابة داعش الأرهابية، لحين نضوج الظروف المساعده على تقسيم المنطقة وتقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ، هذا هو المشروع الأمريكي في المنطقة مشروع التقسيم. يؤكد الكثير من الخبراء والباحثين في شؤون الناتو, أنّه ثمة اتجاهات صارت تظهر داخل كواليس مسارات لكارتلات داخل النيتو تتجه نحو سياسة ونهج صناعة الشركاء والأعداء, وعقابيل وتداعيات ومفاعيل نهج وصناعة الشركاء ستكون رأسية وعرضية, في نتائجها المتوقعة على أدوار جديدة لحلف الناتو, في المسارح الإقليمية والدولية يتم هندستها هذا الأوان, ومن هنا تنبع أهمية هذه التقديرات والتحليلات والتي تصل لمستوى معلومات, بالإضافة إلى وضع عقيدة أمنية استراتيجية جديدة للحلف, بعناصر مختلفة متعددة, بحيث يأتي كل ذلك في ظل تورط مصنوع للدور التركي في المسألة السورية والمسألة العراقية, بشكل عامودي وأفقي وفي جلّ الشرق الأوسط, في ظل تقارب روسي أميركي مشوب بالحذر من كلا الطرفين, وفي ظل التوتر الأميركي مع إيران حديثاً، واعتبار ادارة ترامب أنّ تجربة الصاروخ البالستي الأيراني الأخيرة، انتهاك لمضمون الأتفاق النووي الأيراني، ثم توقيع ادارة ترامب لعقوبات على ايران كرد أولي، مع العلم أنّ هذه العقوبات وضعتها ادارة أوباما السابقة وتركتها لترامب وفريقه لتطبيق المناسب منها، وهذا ما يؤكد أنّ البلدربيرغ الأمريكي ما زال يسعى الى تفجير ايران من الداخل عبر وضعها على رادارات التغيير الأممي القادم, كل ذلك ليس بخصوص برنامجها النووي السلمي فقط وتمتعها بالمعرفة النووية، وانما للدور الأيراني المتنامي في المنطقة، عزيزي القارىء راجع تحليلنا السابق على محركات البحث المختلفة وهو بعنوان: الدور الأيراني هو أكثر من لاعب اقليمي وأقل من لاعب دولي والبعد القيمي الادراكي الصهيوني لأتفاق ايران النووي. منذ البدء وحلف الناتو, هو حصيلة تفاعلات العلاقات الأوروبية – الأميركية, ذات السمة الإستراتيجية, لجهة التعاطي مع العالم وملفاته المختلفة وما زال(بالرغم من أنّ ترامب اعتبره من الماضي السحيق، وأعتقد أنّ تصريحه هذا يقع في سياقات زئبقيته المترنحة بعمق), ولو تم الرجوع الى الخلف قليلاً, لفحص تكوين هذا التحالف الجاري بين أميركا وأوروبا عبر الحلف, لوجدنا أنّ سببه الرئيس هو: دماء الأميركان في( النورمندي )في شمال فرنسا, فهو من قبيل رد الجميل الذي سعت اليه أوروبا, وعلى وجه الخصوص فرنسا لتحريرهم من حكومة "فيشي" في حينه, ومنح الأمريكان نقاط احتكاك ساخنة ومتقدمة جداً ونوعيه, مع الترسانة العسكرية الروسية الشاملة في تلك الظروف التاريخية(الترسانة العسكرية الروسية في القرن الحادي والعشرين تعتمد على النوع أكثر من الكم ومتطورة بشمولية عسكرية وذات عقيدة ثابتة), التي استوجبت وجود حلف آخر, هو حلف وارسو المنحل فيما بعد. الآن ومنذ سنيين خلت, ما زالت عقيدة ومذهبية حلف الناتو العسكرية دون تغير, وان حدث تحول في العقيدة السياسية له, بعد أحداث أيلول 2001 م, فعقيدته تقوم على مبدأ سلامة وحدة آراضي الدول الأعضاء, حماية الاستقلال السياسي للدول الأعضاء, حماية أمن الدول الأعضاء, وكل هذا واضح في الفقرة رقم(5)من ميثاق الحلف, لمحاولة فهم ما تسعى له واشنطن الآن من احداث انقلاب فكري, في مفهوم عقيدة الحلف التي ما زالت تقوم, على مفهوم الردع بمفهومه الشامل, لكن في قمة لشبونة الأخيرة للحلف, حدثت تطورات استراتيجية لجهة الآنف ذكره. وتتحدث المعلومات والمعطيات الجارية, عن أجندات قمة لشبونة للناتو, أنّه تم بحث الوضع في أفغانستان, والخروج بإستراتيجية خروج لقوات الناتو من أفغانستان المحتلة, وعبر مراحل زمنية قابلة للتغير والتغيير, كما تم بحث موضوعة الدرع الصاروخية, والأهم من هذا وذاك أنّه تم بحث المفهوم الأستراتيجي الجديد للحلف, عبر مسودة بحث أعدها خبراء وكوادر الكارتلات داخل النيتو, والتي تساوقت وتماثلت مع مسودة بحث ورقية أخرى أعدها, مجموعة من خبراء السياسة والدبلوماسية والاستخبارات, بقيادة السيدة ما دلين أولبرايت, حيث الورقة البحثية الأخيرة, جاءت إسناد لمسودة بحث كارتلات الناتو ورئيسهم الأمين العام وخطته القادمة لعمل الحلف الأطلسي, في مختلف المسارح الدولية والإقليمية, وفقاً لعقيدة أمنية استراتيجية جديدة ومختلفة عن السابقة. تؤكد تقارير المخابرات الدولية, أنّ التساوق والتوافق والتماثل, وصل درجة التطابق التام, بين محتوى مسودة بحث خبراء الناتو, ومحتوى تقرير مادلين أولبرايت, بحيث تم تطوير المفهوم الأستراتيجي للناتو الذي كان يقوم, على أساس اعتبارات فرضية الدفاع عن الأرض, التي توجد فيها دول الأعضاء, إلى مفهوم جديد يتمثل في كيف يتم الدفاع عن الأرض؟ فحسب مسودة بحثيّ كوادر الحلف وأولبرايت, يشمل مصطلح " الدفاع " التالي: التصدي للمخاطر الجديدة والمتمثلة في الأرهاب ألأممي, الدول المارقة, أسلحة الدمار الشامل, بعبارة أخرى الفزّاعات القديمة, تم إعادة إنتاجها كشمّاعات مستحدثة, لأدوار أوسع للناتو في العالم, حيث إيران بالدرجة الأولى, تقع ضمن الأستهدافات الجديدة للناتو. إنّ الذي تم ذكره آنفاً, يشي باختصار وحسب اعتقادي وظني, إلى سعي محموم للناتو, مدفوعاً من الأميركيين(بالرغم من أنّ رئيسهم ترامبو اعتبره من الماضي)لتوسيع نطاقات مسارح عملياته بحيث يقوم, باستهداف الإرهاب, أيّاً كان وفي أي مكان وزمان, كذلك استهداف الدول المارقة, أيّاً كانت وفي أي مكان وزمان, أضف إلى ذلك كل من يسعى أو مجرد معرفة نيته, في امتلاك أسلحة الدمار الشامل, يتم استهدافه أيّاً كان وفي أي مكان وزمان, بلغة أخرى هناك أدوار قادمة وفاعلة للناتو, خارج نطاق حدوده لحماية ما تسمى بحدوده الإقليمية, ومجاله الحيوي, هكذا تصرّح كوادر الحلف وفي مؤتمراتهم الصحفية ولوسائل الميديا العالمية. وتقول المعلومات, أنّه في قمة لشبونة قد تم التوصل الى تفاهمات شاملة أميركية – أوروبية(لا يمكن لفخامة الرئيس ترامبو وفريقه أن يتراجع عنها)من المؤكد أن تقود الى وضع شبكة الدفاع الصاروخي التي تنوي, واشنطن نشرها في أوروبا, تحت تصرف حلف الناتو, باعتباره الكيان المؤسسي الرسمي المعني, بالتعاون الأميركي – الأوروبي بشؤون الدفاع عن أوروبا, بعد أن كانت أميركا ترفض ذلك جملةً وتفصيلاً, وتصر على ضرورة أن تستضيف أوروبا فقط, شبكة الدفاع الصاروخي مع التزامها بعدم تدخل حلف الناتو, في كل وجل شؤون هذه الشبكة, والاشتراك " بالسيستم " الخاص بها. كما تشير المعلومات, أنّه ومن خلال مجلس شراكة الناتو – روسيا الذي تم تشكيله عام 2002 م, فقد قبلت روسيا الفدرالية التعاون مع الحلف, لجهة أفغانستان دون المشاركة في المجهود الحربي هناك, كما قبلت التعاون مع الناتو, بشأن الدرع الصاروخي في أوروبا, لكن مضمون هذا التعاون ما زال في حكم المجهول, وان كان لن يخرج عن إطار, ومضمون إستراتيجية الدفاع الروسية, بعقيدتها الجديدة والمعروفة للجميع, هذا وقد صرّح الأمين العام للناتو, تصريحاً مفعماً بالتفاؤل والرومانسية عندما قال: الأحتياجات الأمنية لروسيا والناتو لا تتجزأ. كل تقارير الخبراء والمراقبين الدوليين والمتابعين, لجدول أعمال الناتو, تشي بنتائج مذهلة وخطيرة لجهة النظام الدولي المعاصر, من حيث توسيع نطاقات الارتباطات, بين قوات الناتو والقوات الأميركية, حيث تصبح كل قيادة أميركية – إقليمية, هي في ذات الوقت قيادة لقوات حلف الناتو, توسيع مسارح عمل قوات الناتو, ضمن ولاية عامة تتيح لها استهداف كافة مساحات الكرة الأرضية, توحيد مفهوم المخاطر الجديدة على الشكل والمضمون التالي: كل ما يشكل خطراً للولايات المتحدة الأميركية, هو في ذات الوقت خطراً لبلدان الناتو, وفقاً لمفهوم جديد: العدو واحد والقضية واحدة, ادماج قواعد الأشتباك التي تعتمدها القوات الأميركية, ضمن قواعد الاشتباك التي يعتمدها حلف الناتو. المثير للانتباه, لدرجة تدفع المراقب والمتابع والباحث, في شؤون الناتو الى الضحك بشكل هستيري, الذي يجعله يرتمي بالأربع وعلى " قفاه", هو أنّ تعريف المخاطر التي تهدد الناتو, والمتمثلة في الأرهاب ألأممي, الدول المارقة, امتلاك أسلحة الدمار الشامل, هو تعريف يتساوق ويتماثل ويتوافق, مع تعريف مجلس الأمن القومي الأميركي, والإستراتيجية الأمنية البريطانية الجديدة, للمخاطر التي تهدد مشروع الهيمنة الأميركية والبريطانية. وهذا يشي بوضوح, أنّ على حلف الناتو محاربة الإرهاب, وفقاً للمفهوم الأميركي – البريطاني, والذي يتطابق مع المفهوم الإسرائيلي, الذي يحصر الأرهاب في القوى العربية والإسلامية, المناوئة " لأسرائيل", كذلك على الناتو محاربة الدول المارقة, وحسب المفهوم الأميركي الذي يحدد الدول المارقة: سوريا, ايران, كوريا الشمالية, فنزويلا, كوبا, السودان, وزمبابوي. ومصطلح(مارق) يقصد به هو, كل من يرفض الهيمنة الأميركية أولاً والبريطانية ثانياً, كذلك على الناتو محاربة عمليات انتشار أسلحة الدمار الشامل, وفقاً للانتقائية الأميركية التي تستثني إسرائيل, ولا تنظر الى الهند والباكستان, وفي نفس الوقت تستهدف ايران. انّ للعقيدة الأمنية الأستراتيجية الجديدة للناتو, وجه آخر خطير جداً غير وجه الأفراط العدواني, انّه وجه سيناريو التظليل المخابراتي, وتؤكد المعلومات والتقارير المخابراتية الدولية المحايدة والخاصة, أنّ ما هو أكثر خطورة في المفهوم الأستراتيجي الجديد للناتو, يتمثل في المعلومات الأستخباراتية الكاذبة, التي يتم اعدادها بواسطة أجهزة مخابرات بلدان الناتو, وخاصةً السي أي إيه, والمخابرات الفرنسية, والمخابرات الكندية, والمخابرات البريطانية, والتي تتعاون ضمن روابط الشراكات الحقيقية المخابراتية المفتوحة, مع شبكات المخابرات الأسرائيلية المختلفة – الموساد, وحدة أمان, الشين بيت, الخ – وهذا يشي بتأكيدات غير مسبوقة, أنّ سيناريو التضليل المخابراتي, الوجه الأخر القبيح للإستراتيجية الجديدة للناتو, سوف يشهد حدوث المزيد من حلقاته, والتضليل هذه المرة لن يبدأ فقط على البيت البيضاوي والبنتاغون, وإنما أيضاً على قيادة وكوادر حلف الناتو, مما يتيح ذلك للبنتاغون ارسال القوات الأميركية, وبصحبتها قوات حلف الناتو, وحتّى للفصل بين الأسرائليين والفلسطينيين, وهنا يتساءل المرء: هل يشهد الصراع العربي – الإسرائيلي, بجزئية المسار الفلسطيني – العبري, والمسار اللبناني – العبري, والمسار السوري – العبري, أدوار مخابراتية وعسكرية للناتو؟!. الولايات المتحدة الأميركية, وتحت حملة عناوين وشعارات ذرائعية جديدة, تتساوق مع مصالحها التكتيكية والإستراتيجية, في ظل تداعيات سنوات عديدة مضت من ألفية جديدة للميلاد, وتحت تنميط مستحدث بضرورة تحريك عجلة تطوير حلف الناتو, باتجاه اعتماد عقيدة ومذهبية استراتيجية مختلفة عن سابقتها, تسعى وبثبات إلى إحداث انقلابات لجهة العلاقات مع أوروبا, وخاصةً في الملف العسكري – الأمني, عبر إيجاد مفهوم استراتيجي, لا بل عقيدة استراتيجية متطورة لحلف الناتو, كذراع عسكري – سياسي أممي لأعضائه, وخاصةً واشنطن لجهة الشرق الأوسط, وتحديداً الملف الأيراني, التدخل في مفاعيل الصراع العربي - الإسرائيلي, أو لجهة دول أوروبا الشرقية- سابقاً- والمعني المجال الحيوي الروسي, أم لجهة دول آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا, بما فيه القرن الأفريقي, ولمحاصرة النفوذ الأيراني المتصاعد هناك. فكل الأشارات السياسية التي ظهرت, في التصريحات الأخيرة لمسؤولين أمميين وأمريكيين, تشي بوضوح لمساعي ورغبات أميركية جامحة, لجهة الدفع باتجاه استبدال المفهوم الأستراتيجي القديم لحلف الناتو, بمفهوم استراتيجي مستحدث يقوم ليس فقط على مفهوم الردع والهجوم, في حالة الأعتداء العسكري على أحد الدول الأعضاء, لا بل يتأسس على مفهوم الضربات الوقائية أو الأستباقية, وهذا يتساوق بانسجام مع الطموحات الأميركية المتقاطعة مع الصهيونية العالمية, إزاء مستقبل وضع حلف الناتو, ومستقبل دور قوّات الحلف في المسرح الأفغاني - الباكستاني تحديداً, ولجهة الشرق الأدنى, وأيّة مسارح ملتهبة أخرى, أو في طور الأعداد أميركيّاً – اسرائليّاً لألتهابها ليصار الى التدخل أو التهديد به. باختصار شديد وبالرغم من زئبقية الرئيس ترامبو وفريقه فانّ واشنطن تريد نسخة متطورة لحلف الناتو, نسخة القرن الحادي والعشرين , وخلفية الرؤية الأميركية هذه تتمثل, في أنّ دول حلف الناتو لم تتعرض لخطر الأعتداء على آراضيها وسيادتها, بواسطة دول عدوانية قائمة بحد ذاتها, وإنما هناك المخاطر النوعية الجديدة, والمهدّدات العابرة للحدود والقارات والقوميات, الناشئة بفعل وعمل الفاعلين غير الرسميين, والفاعلين من غير الدول على شاكلة: تنظيم القاعدة وجل فصائله الأرهابية المتناسلة وعلى رأسها داعش، حماس, حزب الله, حركة الجهاد الإسلامي, حركة المجاهدين الشباب ...الخ. وهذه المخاطر- وفق الرؤية الأميركية-لا بدّ من مواجهتها, لوأدها في مراحل نموها الأولية, وعلى وجه الخصوص في داخل ما سمّي مؤخراً أميركياً, بالدول الفاشلة والمفككة, حيث اعتبرت واشنطن اليمن وليبيا كذلك. لذلك لا بدّ من اعادة تعريف مصطلح"اعتداء", واستبداله بمصطلح"خطر"أو"تهديد", وهذا يعني إذا ما قرّرت احدى دول الحلف, القيام بردع المخاطر قبل استفحالها, فانّه يتوجب على الدول الأعضاء الأخرى, وعلى الفور القيام بممارسة الردع معها, كونه تهديد وخطر مشترك, سيقع على الجميع هذا ما تريده أميركا. وبناءً على ما ذكر آنفاً, رؤية الولايات المتحدة الأميركية المزروعة, في "مخيخ"مطبخ مجلس الأمن القومي الأميركي اسرائليّاً, وعبر ضغوط الأيباك ومراكز الدراسات الأخرى, لم يعد حلف الناتو حلف دفاعي بالمعنى الضيق لهذه الكلمة, بقدر ما هو حلف أمني – استراتيجي بقوّة انتشار, سريع بفعل التغيرات التي حدثت, في البيئة الأمنية المحلية والأقليمية والدولية, عبر فاعلين غير رسميين, وفاعلين من غير الدول, بل من تنظيمات معادية, حيث المخاطر والتهديدات التي قد تواجهها الدول الأعضاء بالحلف, تأتي من مكامن داخلية للدول الفاشلة والمفككة. التنظيمات المعادية من غير الدول, وعلى مختلف مشاربها وتوجهاتها, تجد الحضن الدافئ والملاذ الآمن, في جغرافية الدول الفاشلة والمفككة, عندّها يبقى على الحلف- بنسخته المستحدثة بخبث-, التحرك للقضاء على هذه المخاطر والتهديدات, بعد إعادة تنميط خارطة الدول الفاشلة والمفككة وحسب ما تراه واشنطن. انّه تطور استراتيجي في غاية الخطورة, وعلى المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة, مواجهة هذا السعي الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي, عبر خلق رأي عام أممي ضاغط, "للجم" هذا الجموح المجنون الذي قد يقود, إلى خراب العالم عبر حروب محلية واقليمية ودولية. حيث تلك التهديدات والمخاطر, الآتية من دول فاشلة ومفككة, هي أصلاً من صناعات مخابراتية أميركية اسرائلية بريطانية كندية.
mohd_ahamd2003@yahoo.com