2024-04-24 05:07 ص

هل نعود لنفس تحالفات الحرب العالمية الثانية؟

2017-02-02
بقلم: إيهاب شوقي
من المعلوم ان الحرب العالمية الثانية تشكلت اسس تحالفاتها بالارتكاز على تحالفات الحرب الأولى. وحينما يذكر انه في جانب الحلفاء كان هناك 50 دولة ( منها 17 دولة خاضت معارك الحرب). وفي جانب المحور: 9 دول ( منها 7 دول خاضت المعارك). وان القائمة تحوي 117 دولة، منهم 59 شاركت بشكل مباشر، والبقية شاركت بشكل غير مباشر، إما من خلال إرسال جنود للقتال في صفوف أحد الطرفين دون إعلان الحرب على الطرف الآخر (مثل إسبانيا)، أو أن تستغل أراضيها لصالح أحد الأطراف (مثل الدول العربية)، أو بعدة طرق أخرى، فإن ذلك لا يتعارض مع وجود قوى رئيسية وايضا وجود ممارسات متكررة وبعض تحليلات ينبغي القاء الضوء عليها. وهناك عدة نقاط مشتركة بين الحربين يمكن ان نطل عليها ببعض التأمل مطالبين القارئ بان يحاول اسقاط ما يرد من التاريخ على الواقع ونعده بأن ذلك لن يضله بل سيوضح الكثير مما نريد قوله: * ان الحلفاء ارتكزوا على تحالفات الحرب الأولى وان الكبار الممثلين في بريطانيا وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة كانوا في نفس المعسكر بمواجهة الكبار الممثلين في المانيا بالأساس كمارد يرى لنفسه استحقاقات اكبر مما في حوزته ومن التحق به خوفا او طمعا. *هناك دول راوحت مكانها بين الحربين مثل ايطاليا واليابان والتين انضمتا للحلفاء في الحرب الاولى وللمحور في الثانية، وهو له اسباب متعلقة بكل دولة. فايطاليا تغيرت الى الفاشية المعجبة بهتلر والمتحالفة معه، كما انها لم تنل ما وعدت به بعد التحاقها بالحلفاء وبعد تهم الخيانة التي وجهت لها بتخليها عن محورها الشامل المانيا وامبراطةرية "النمسا-المجر"، والمفارقة ان موسوليني تم اتهامه بالخيانة عندما كتب مقالا في الحرب الاولى مطالبا بدخول ايطاليا الحرب بجوار الحلفاء، بينما حاربت ايطااليا بعد ذلك بالفعل الى جانبهم بعد وعود واغراءات الحلفاء، وعندما امتلك القرار بد ذلك حارب بجوار المانيا مع المحور و بعد خسائرها واعتقال موسوليني انهت ايطاليا الحرب بهدنة ثم تحالف مع الحلفاء.! واليابان كانت نزعاتها توسعية في الحربين، في الاولى ضد المستعمرات الالمانية وفي الثانية ضد الصين. *من اللافت ايضا ان الدولة العثمانية دخلت الحرب الأولى إلى جانب معسكر دول المحور، بعد أن فقد العثمانيون الأمل في محاولات التقارب مع بريطانيا وفرنسا، وفشلوا في الحصول على قروض عاجلة منهما لدعم الخزينة، وعُزلت الدولة سياسيًا بعد حروب البلقان وإيطاليا؛ فلم يكن لهم سوى خيار التقارب مع ألمانيا. وفي الحرب الثانية، اختارت تركيا الحياد. فعندما أحرز الألمان انتصاراتهم الأولى في بداية الحرب وسيطروا على أوروبا الغربية ويوغسلافيا واليونان، وارتبطت حكومات بلغاريا ورومانيا وهنغاريا بخطط هتلر التوسعية، وقعت تركيا معاهدة صداقة مع المانيا، وذلك بالرغم من اتفاقياتها قبل الحرب مع بريطانيا وفرنسا، والتي تنازلت لها فرنسا بموجبها عن لواء الاسكندرونة عام 1939، وكان اللواء جزءاً من سوريا بموجب الاتفاقية التركية – الفرنسية عام 1921. وعندما هاجمت ألمانيا الاتحاد السوفيتي في يونيو 1941، اعلنت تركيا حيادها في الحرب، ولكن الحياد المعلن، يقول المؤرخون، لم يمنعها من تحويل البلاد إلى حليفة غير محاربة لألمانيا. وانتهكت تركيا بنود «معاهدة المضايق» مرات عديدة خلال سنوات الحرب عندما سمحت للسفن والبارجات الحربية الألمانية والإيطالية عبور المضايق. *والمشترك ايضا ان امريكا تأتي دوما متأخرة للحصاد، وان روسيا "امبراطورية او اتحاد سوفيتي" تتردد وتحاول الحياد الى ان تقترب الحروب من حدودها. *الشاهد هنا القاء الضوء على طبائع البلدان بالاضافة بالطبع الى توازنات القوى ومراعاة التغيرات الجيوسياسية، لكن التعاطي مع الطبائع وكيفية تأثيرها على الممارسات في ظل موازين القوى نراه جانبا مهملا في التحليلات السياسية التي تلتفت فقط الى نظرية المصالح والبراغماتية مع اهمال هذا الجانب. يمكن ان نقول أن القوميات من ضمن الاسباب المتعددة للحرب العالمية والنزعات العرقية اججت العداء بين شعوب اوربا، وتدخلت بشكل او بآخر في التحالفات ايضا، وبينما تتغير التحالفات القائمة على التوسع بقيت القوميات وتحالفاتها شبه ثابتة ولا سيما عند من يعلون من نزعتها، كالألمان. ان بقاء التحالف الانجلو ساكسوني الامريكي البريطاني برغم تبدل توازنات القوى، وبقايا التنافس الفرنسي البريطاني، والتحالف او التقارب المصلحي على مضض مع الروس والسلاف واللفظ شبه الدائم الا مع وجود المصلحة للاتراك وعقدة الاستعلاء الالمانية كلها لها ظلال على الاحداث الراهنة سواء شعبية او حتى رسمية في احيان كثيرة ولا سيما واننا نعيش في نظام عالمي لازال عنوانه الرسمي انه نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية ومنظمته الأممية لازال مجلس الامن بها مشكل من دول الحلفاء المنتصرة بالحرب. وحتة في شرق اسيا لازالت ظلال الحرب وتحالفاتها مؤثرة على العلاقات بين الاطراف المتحاربة ولم تسوى بعد الكثيلا من القضايا. يكاد يتفق المراقبون والمحللون ان حربا عالمية جديدة هي مسألة وقت مادام التوسع نزعة انسانية وما دام الصراع والنزعات العرقية والقومية طبائع فطرية، وما يؤجل هذه الحرب كلفتها الغير مسبوقة والرادع النووي لها. الا ان الثابت اننا امام حرب باردة ولكن مختلفة لم يفرض بها الستار الحديدي ولازالت المصالح الاقتصادية متشابكة بفعل العولمة مما جعل رادع العولمة ربما مساو للرادع النووي في تأجيل هذه الحرب. والشائع حاليا ان هناك تغير عالمي ي الصراع ناتج عن تولي ترامب رئاسة امريكا وان بلاده ستتبنى نهجا اخر مضاد للعولمة، وما نراه اكثر دقة ان التغير هو السابق وان تولي ترامب هو النتيجة لهذا التغير وان امثال ترامب من القوميين او الانعزاليين سيكون لهم الحكم في الشهور القادمة لان العولمة فعلت بالشعوب ما فعلته بهم الحروب من ازمات اقتصادية بل ودماء عبر الارهاب الذي موله الغرب وارتد اليها عبر هجرات وتسامح عولمي واستغلال للايدي العاملة جعل من دول اوربا اقرب لدولتي البوير في جنوب افريقيا عندما كان المهاجرون من الايدي العاملة سيفا مسلطا عليهم في حربهم مع بريطانيا في اواخر القرن التاسع عشر. نعم العولمة ادت الى افقار الشعوب وادت الى هجرات العرب الى اوربا وتزامن ذلك مع تبني الغرب العولمي للارهاب لخدمة مصالحه وتصفية خصومه ولم يلتفت للارتداد ولتخلل الفكر لمن هم في خاصرته . الصراع الان بين العولمة والانعزالية تقوده النخب في المعسكرين، وهناك دول تدافع عن العولمة وهي القادرة على المنافسة ونخبتها قادرة على استيعاب انعكاساتها على شعوبها، وهناك دول اخرى لا تستطيع المنافسة وباتت بلادها على وشك التفكك وترى ان الانعزالية هي صمام الامان لها. الاتحاد الاوربي يضم القوى التقليدية في اوربا وعلى رأسها المانيا وانجلترا وفرنسا، والمستفيد الاكبر من الاتحاد هو الالمان باقتصادهم القوي وقدراتهم التنافسية، بينما نأت بريطانيا بنفسها بعد اعباء الاتحاد ولأنها جسر اوربي لامريكا وذات علاقات خاصة مع الامريكان فلن تتأثر بشكل كبير لو تفكك الاتحاد، والصين اقوي المدافعين عن العولمة بعد اختراقاتها العالمية لجميع الاسواق، ورنسا تعيش مأوقا داخليا وايضا في اطار توازنها مع المانيا والذي كانت بريطانيا حجرا للزاوية به. هناك تحالفات جديدة تقوم على انصار العولمة من الدول صاحبة المصلحة والتي تضم اقتصادات كبرى وتحالفات قومية من انصار الانعزال والتي تضم اقتصادات مأزومة. الا ان التحالفات قد لايكون هذا هو المتغير الوحيد بها، فعندما يكون التهديد للعولمة امرا واقعا فقد تنأى بعض الدول بنفسها وتنخرط مع المعسكر الآخر حيث المصلحة والبديل المنقذ، وقد تعود النعرات لتلعب دورا قياديا من جديد بعد ان اذابتها العولمة ببفعل الدعاية وتحت سطوة الامر الواقع. لا نستبعد ان يبعث المارد الالماني من جديد وان يبحث عن ضحايا العولمة ليعيد بعث التحالفات القديمة مثل دول المركز وايطاليا، واليابان ولا نستبعد تقارب روسي فرنسي بريطاني امريكي تخضع له الصين وتندمج معه. وستظل تركيا تراوح اماكنها، اما العرب فهم ساحة نفوذ وربما حلبة صراع، حيق تحالفات الحرب التقليدية لن تخلو من حرب باردة جديدة. التاريخ لايعيد نفسه ومشاهده ولكن قوانين الصراع متجددة والطبائع ثابتة. ولا امل لامتنا الا التكتل والمقاومة وبعث روح المد القومي والتحرر الوطني، وهذا لن يكون الا عبر طلائع مقاومة ولفظ للطابور الخامس وللرجعية.