2024-04-24 01:40 م

دعوات لاعادة صياغة العلاقات الاردنية ـ السورية

2017-01-31
حمود الشرعان
دعا خبراء ومحللون صانع القرار في الأردن لإعادة صياغة العلاقة مع سوريا، على المستويين السياسي والاقتصادي، وعلى الصعيد العسكري والأمني، بعد تغيرات جذرية على الأرض، وأخرى على صعيد تحالفات وتوازنات المنطقة.
وأكد المحللون لـموقع "خبرني" أن الأردن الذي حافظ على شعرة معاوية مع النظام السوري، في ظل إبقاء العلاقات الدبلوماسية قائمة، وحديث رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود عبد الحليم الفريحات لـ بي بي سي، بوجود خط اتصال فني بين الاردن وسوريا، يستطيع البناء على ما تم الحفاظ عليه، في سبيل مصلحته.
وبينوا أن الظروف الدولية مهيئة لإعادة تموضع الأردن في علاقة طبيعية مع الجار الشمالي، في ظل إعلان الإدارة الأميركية الجديدة عدم نيتها دعم المعارضة السورية، وتقدم النظام السوري بدعم من روسيا في حلب، وحراك سياسي عالمي بدء بمؤتمر أستانة قبل نحو 10 أيام.
ويرى المحلل السياسي عامر السبايله أن على الأردن إعادة صياغة علاقاته بما ينسجم مع مصلحته في النزاع السوري.
 
وقال إن روسيا باتت طرفا أساسيا في تسوية الأزمة السورية، بعد التقدم الأخير الذي حققته قوات النظام السوري المدعومة من روسيا على الأرض، بدءا من حلب، وما تلاها من حراك سياسي متمثلا بمؤتمر الأستانا والتحضير للعودة الى جنيف، لذا على الأردن أن يعيد التفكير في خياراته السياسية.
 
ودعا السبايلة الأردن الرسمي لإعادة بناء تحالفاته ليتمكن من التعاطي مع التحولات الأخيرة التي شهدتها السياسة الدولية من باب تغليب مصلحته في بيئة ملتهبة.
 
وأكد أن النافذة الروسية تشكل عامل توازن في ملف القضية الفلسطينية في ظل وصول ادارة جديدة تبدو منساقة لرؤية نتنياهو ، حيث أكدت روسيا في اكثر من مرة، التزامها الكامل بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ما يجعل من موسكو شريكا استراتيجيا وفاعلا للأردن.
وقال الكاتب رجا طلب إن الأردن لم يكن جزءا من معادلة إسقاط النظام في سوريا، لكنه يملك علاقات جيدة باطراف إقليمية على عداء واضح مع النظام السوري.
وأضاف أن الأردن نجح بعام 2011 بتحييد نفسه، وحاول ابقاء العلاقات مع النظام السوري ولو انها على الحافة، لظروف عديدة منها، الظرف الأمني، اضافة إلى عدم رغبة الأردن في الدخول بصراعات اقليمية في سوريا أو على سوريا.
وأوضح طلب أن مصلحة الأردن بقاء الدولة السورية كاملة جغرافيا، وأن يحكمها نظام، مشيرا إلى أن الأردن لم يكن على اتفاق مع النظام السوري قبل 2011، وأن علاقات الأردن بسوريا معقدة وفيها نوع من التناقض الكبير، لكنها مسيطر عليها، دون انفجار.
وأكد أن النظام المصري يقتبس الدور الأردني في المنطقة، فالأردن يصنع موافقه وعلاقاته بشكل دقيق، للظروف المحيطة به، ولكي لا يصبح جزءا من الصراع الدائر.
وتابع طلب أن " الأردن يحتفظ بعلاقات جيدة مع اميركا وروسيا وسوريا وتركيا، لعدة اسباب، ابرازها؛ أن يبقى له دور سياسي مؤثر في المنطقة، وتسويق نظريته بأن سوريا الفوضى، ليست لمصلحة أحد، اضافة إلى المحافظة على مصالحه المتمثلة بأمن حدوده.
من جهته، قال المحلل الدكتور مراد الكلالدة إنه كان لإتفاقية سايكس بيكو عام 1916 الأثر الواضح على الشكل الذي آلت اليه الدول بعد تقسيم بلاد الشام، ويبدو ذلك جلياً على الشكل غير الطبيعي لحدود الأردن، مما زاد من إعتماده على جيرانه لضمان الوصول الى الأسواق المجاورة، ما يحتم على الدولة الأردنية إتخاذ موقف الوسطية التي عرف بها الأردن والإبتعاد عن الدخول في أحلاف قد ترضي طرفاً وتغضب طرفاً آخر.
 
فبالنسبة للنقل البري، تابع الكلالدة، لا بد من وجود تفاهمات واتفاقيات تمكّن من انسياب البضائع شمالاَ عبر الجمهورية العربية السورية بشروط ميسرة تقلل من كلف النقل التي تستحوذ على نسبة عالية من الصادرات ولا سيما الفواكه والخضروات التي تحجّم (تأخذ حيزاً) وبالتالي ترفع أجور النقل فتقل تنافسية الصادرات، لافتا إلى أن تأخر مشروع السكك الحديدية بين أوروبا عبر تركيا وسورية الى الجزيرة العربية من خلال الأردن لأسباب سياسية، وتردي حال الخط الحديدي الجازي لدليل على وجود عقدة تحول دول تطبيع العلاقات وبالتالي تحسن التجارة البينية لما فيه مصلحة دول وشعوب المنطقة.
 
وقال ان تقطيع أوصال الأراضي في سورية الطبيعية قبل الإنتداب قسّم سهل حوران الذي كان يشكل السلة الغذائية للإمبراطورية الرومانية في يوم من الأيام وحرم الأراضي من مجاري المياه الطبيعية بعد الإعتداء عليها من دول الجوار، ما حال دول توصل هذه الدول الى اتفاقيات تضفي الى تنميتها.
 
وأكد الدكتور الكلالدة أنه بات من الواضح ان سياسة (فرّق تسد) هي المطبقة من قبل الدول التي لها مصلحة في إضعاف الدول العربية وفي مقدمتها إسرائيل، حيث جعل إفتقار الأردن للموارد الطبيعية منه ضعيفاً أمام دول مجاورة تحظى بموارد هائلة من النفط والغاز والمياه وغيرها، ولكن ما زال بجعبتنا بعض نقاط القوة التي يجب البناء عليها لكي نتحرر من القيود الطبيعية والحدود التي تسوّر بلدنا بما يشبه الطوق الذي بدأ يضيق حول عنقنا ان لم نعمل على التحرر منه، وذلك من خلال سياسة عدم الإنحياز على غرار سياسة دول مشابهه بالمساحة والموارد مثل النمسا وسويسرا، وأن نسهل حركتنا عبر الدول المجاورة براَ وبحراً وجواً لا أن نستعديها فتغلق أبوابها في وجوهنا، ففي ذلك مقتلنا لأن الثابت في هذه الأيام هو الخلاص الذي تسعى له كل دولة على حدى ولو على حساب الأخرى.
 
وأشار إلى اعتقاد خاطئ بأن المنح التي تقدمها دول الخليج كافية لسد عجز الموازنة، لأنها غير مستدامة ومشروطة بمواقف قد لا نقدر على تقديمها، ومن الواجب التركيز على دعم الصناعة والزراعة الوطنية لأنها تشغّل الناس وتخلق إقتصاد مستدام مستقل الى حد ما، وهذا يتطلب الإنفكاك من الإتفاقيات الدولية التي هدفت لتدمير الصناعة والزراعة لكي يكون الأردن سوقاً لها بما يمكن الإقتصاد الوطني من التعافي مجدداً وهذا يتطلب كما اشرنا الى سياسة حصيفة منفتحة على الجارة سورية، والعراق الذي كان يستوعب القسم الأكبر من صادراتنا، وربما ستشجع مثل هذه السياسة على إعطاء الأردن صفة الشريك المفضّل نظراً للتقارب بين البلدين الذي يبدو انه سيدوم طولاً، فهل نحجز مقعدنا في قاطرة الشمال، أو نكتفي بقيود الحدود الجنوبية والغربية.
 
 
من جهته، قال الخبير العسكري مأمون أبو نوار إن المنطقة الامنة أو ما يعرف بفرض مناطق التوازن، قد يكون الملف الابرز بين الأردن وسوريا، في حال وجود تفاهمات بين روسيا والأردن بعد زيارة الملك الأخيرة إلى موسكو.
 
وأضاف أنه هناك شبه تفاهم اردني - سوري، بخصوص تفاصيل تلك المناطق الامنة، التي ربما تكون بحاجة إلى قوات برية لحمايتها، لا سميا وجودها بين الحدود الأردنية السورية، وربما يصدر قرار من مجلس الأمن بتلك المناطق.
 
في هذه الحالة – تابع أبو نوار – لا بد من تطهير الحدود (الجيب) حوض اليرموك من تنظيم داعش "جيش خالد بن الوليد"، الذي يسيطر على 12 قرية ( بين الحدود الأردنية - السورية – الإسرائيلية).
 
وأوضح أبو نوار أن الملف الثاني؛ يأتي بعد انهاء "داعش" في الموصل، ومحاصرتها في مدينة الرقة السورية، ودير الزور، للسيطرة على الحدود السورية - العراقية 600 كيلو متر.
 
وتابع " فأن بعد معركة الموصل، ربما يكون هناك دور لبعض دول الاقليم من ضمنها الأردن، اما من خلال دعم لوجستي، أو حتى عسكري، أو استخباري، فجيش العشائر الذي دربه الأردن، ولديه علاقة مع النظام السوري، لا يستطيع وحده حماية ما قبل الحدود الأردنية، لذلك لا بد من ضرب اي تقدم لـ"داعش"، من قبل مجموعات خاصة، مدعومة بسلاح الجو".
 
وأشار ابو نوار إلى أن ملف البادية الشمالية السورية (الحدود الشمالية - الشرقية) الأردنية، تعتبر منطقة مهددة من قبل "داعش" لعدم وجود إي قوة عسكرية تابعة للنظام السوري.