2024-03-29 01:18 ص

مؤتمر باريس فانتازيا سياسية.. الفلسطينيون والتعويل على الدور الروسي؟

2017-01-16
بقلم:  الدكتور محمد بكر
لا أعرف لماذا تذكرت وخلال متابعتي لمؤتمر السلام الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس، مشهد برج ايفيل عندما أطفئ أضواءه تضامناً مع أهالي حلب، وتنديداً بما تعده فرنسا جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في حلب، ربما من الصعب نسيان السجل الفرنسي الحافل بالانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها القوات الفرنسية عندما وُضعت كل من سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وربما يصعب علينا تصديق هذه الحمية الغربية والانتصار للسلام ووضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني التي شارف عمرها على تسعة وستين عاماً، لم يكن الانتصار الغربي فيها يوماً الا للكيان الصهيوني وداعماً له سياسياً وعسكرياً. تدرك الولايات المتحدة بإدارتها التي تستعد للرحيل، وكذلك نظيرتها الفرنسية أن كل مشاهد الانتصار وتلميع الصورة هي فاقدة للوزن النوعي، وقيمتها صفر لطالما أنها ستغادر الحياة السياسية وهي تؤمن بأن الخلف سيكون المطبق والداعم والمنتصر لسياستها المتماهية كلياً مع اسرائيل، وكل هذا الضجيج ومايبدو من تغيرات في السلوك السياسي الغربي تجاه القضية الفلسطينية، ماهو إلا " فانتازيا " سياسية، وتغريد في أسراب وهمية تدرك مسبقاً هذه الدول عقمها وعدم جدواها، وهي مكبلة الأيادي لاتمارس أي ضغوط على الجانب الإسرائيلي لتطبيق القرارات الدولية. كتب ايال زيسر في صحيفة (إسرائيل اليوم) مقالاً هزء فيه من فرنسا وكيف أنها تتخيل نفسها دولة عظمى، وهي في الواقع لاتملك أي تأثير على أحد في المنطقة، ومحصلة هذا التأثير هو صفر إذ أن لا أحد يهتم في العالم العربي وليس لديه وقت للحديث في الموضوع الفلسطيني، مضيفاً أن المؤتمر لا يتعلق فقط بالدولة المستضيفة، وانما لجهة أن المبادرة الفرنسية ستُسحب من تحتها الأرض مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض. إن مايجعل مؤتمر باريس فانتازيا وتغريد خارج إطار الواقع وخروج فاضح عن الأخلاقيات والقيم ليس فقط في عدم الثقة بالارادة الغربية عموماً والفرنسية خصوصاً، بل الأهم في السلوك السياسي العربي الذي بات فيه التنسيق والتطبيع مع الكيان الصهيوني في أعلى مناسيبه، وبات الخذلان العربي الذي تطور في كثير من مراحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للخيانة والغدر والطعن في الظهر سيد المشهد. فلسطينياً وتحديداً فيما تسلكه السلطة الفلسطينية والفصائل باتجاه التعويل على دور روسي فاعل لإنجاز عملية السلام ومايجري من محادثات فلسطينية في موسكو، لاشك أن ذلك مهم  لجهة التفاعل مع التغيرات الدولية وخطوة جيدة لتثقيل قضيتنا في المحافل الاقليمية والدولية، لكنها لا يمكن أن تكون الأرضية الصلبة والمتينة لاستعادة الحق الفلسطيني، هذا الحق الذي لن تنتصر فيه روسيا بشكل فاعل وهي التي تربطها علاقات استراتيجية مع الكيان الصهيوني، وجميعنا يعرف أن الاتحاد السوفيتي كان أول المعترفين بدولة الاحتلال عام 1948، ولنا في المشهد السوري كجزئية واضحة لإدراك السياسة الروسية خير مثل، إذ وبالرغم من دعم روسيا المطلق للجيش العربي السوري في الحرب على المنظمات الموضوعة دولياً على قائمة الإرهاب، إلا أن دفاعاتها الجوية المتطورة تصمت عندما تعتدي الطائرات الإسرائيلية على السيادة السورية، وتتفهم موسكو وتقبل بصمت بحسب يوسي ميلمان الكاتب في صحيفة معاريف الخطوط الحمراء والمصالح الإسرائيلية في سورية لجهة منع وصول أسلحة إلى حزب الله ويضيف ميلمان : لو كانت روسيا الداعم الأكبر للأسد لكانت حذرت إسرائيل من تبعات هجومها على المواقع السورية وهذا مايجعلنا نتحرك دون قيود. التعويل في استعادة الحقوق الفلسطينية، هو أولاً على وحدتنا وايماننا بقضيتنا وبمشروعنا الوطني الفلسطيني المستند للمقاومة وسبل تعزيزها وتقوية عودها، وهي وحدها من  تعد السيف الذي يُسمع الصوت، ويرهب الظالم والجلاد.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com