2024-04-19 02:44 ص

في حلب تحول الزمن إلى تاريخ.. زمن فلسطين والصهاينة المنتشون

2016-12-26
بقلم:  الدكتور محمد بكر
من الأهمية بمكان التوقيت الذي جاء فيه قرار مجلس الأمن لجهة إدانة التوسع الإستيطاني الصهيوني في الأراضي المحتلة داعياً إلى وقفه فوراً وبعيداً من المفاعيل المستقبلية للقرار وتبعاته على الصالح الفلسطيني, فالكيان الصهيوني الذي ضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية لن يجد من يفرمل غطرسته واستعلاءه, لكن إيجابيات القرار هو إعادة فلسطين وزمنها الطافح بانحراف البوصلة إلى الواجهة السياسية ولاسيما مع اندلاع ماسمي بالثورات العربية والمراكمات المشوهة التي رافقتها في البعد عما كان يعد في ميزان العقيدة القومية قضية مركزية, أو بالحد الأدنى تأجيل المواجهة مع الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى. ندرك تمام الإدراك أن استيلاد وتهيئة وتنمية المشروع الإسلاموي في المنطقة كان على العين الأميركية وتكريساً لأمن الكيان الصهيوني، كما ندرك طبيعة الصراع الحاصل اليوم في سورية وعليها, وكيف كانت سورية الهدف الرئيس من تصنيع هذا المشروع, ونعي كذلك أن سيطرة الجيش العربي السوري على حلب هو تحول لوجستي مفصلي انتهى فيه زمن لوثات المشروع الإسلاموي في جغرافيا سورية مهمة أهلتها لصياغة تاريخ وعنوان جديدين على قاعدة أن مابعد حلب لن يكون كما قبلها تماماً كما عبر الأسد في حديثه عن تحول الزمن إلى تاريخ. السيد حسن نصر الله تحدث عن مرحلة مهمة بعد استعادة حلب وأن مرحلة إسقاط النظام السوري فشلت وولت إلى غير رجعة مع استمرار مشروع تدمير سورية، لكن ماذا عن مشروع فلسطين المشروع الوازن في الميزان القومي؟ بدوره قائد الحرس الثوري الإيراني عد أن بلاده فرضت على أميركا وإسرائيل الهزيمة في حلب، لكن ماذا عن فرض الهزيمة على الصهاينة في فلسطين؟ والأهم نتائج وإفرازات الحرب مع المشروع التكفيري. يقول المستشرق الإسرائيلي والأستاذ الجامعي آساف ريغيف وهو ابن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية :"  إن مركز الشرق الأوسط تحول لمحيط ومحيطه تحول لمركز وإن الوطنية أصبحت خارجاً ومفاهيم الإسلام والدين أصبحت داخلاً وهناك دولتين مؤثرتين جداً في هذه التركيبة، تركيا السنية وهي ليست عربية وإيران الشيعية وهي ليست عربية أيضاً والمنطقة العربية باتت مفتتة ولاتوجد جغرافيا عربية بعيدة عن تأثير هاتين القوتين ". كلام ريغيف غاية في الأهمية وتدليل قطعي أنه وبرغم الانتصارات التي يحققها محور دمشق إلا أن التكاليف وإفرازات المعركة كانت باهظة جداً لجهة المآلات التي أزاحت العروبة عن خطها القومي الوطني وباتت محط صراعات إقليمية وتقاسم نفوذ وتحقيق أجندات سياسية، لذا كان من الطبيعي أن تغيب فلسطين عن متبنيها وداعميها نتيجة هذه الإفرازات التي نجح خصوم محور دمشق في مراكمتها وحرف الطريق العروبي القومي. ندرك أن الحمية الإيرانية نصرة للجيش العربي السوري في حالة كالحالة السورية تختلف تماماً عن الحالة الفلسطينية فالحالة السورية تتمتع بالبنية المؤسساتية التي ترتكز لقيادة ورأس عسكريتين صلبتين ، على خلاف الحالة الفلسطينية الطافحة بالانقسام وتعدد السلطات وكثرة الرؤوس، لكن من منطلق أن هذه الحالة لم تكن إلا نتيجة طبيعية للانقسام والشتات العربي الرسمي من جهة، ومن منطلق الايفاء بالالتزمات القومية لمتبني العقيدة القومية من جهة ثانية، فإن الأمانة القومية تقتضي العمل الجاد لأن يتحول الزمن الذي تعيشه فلسطين إلى تاريخ، فيغدو الوعد بتحرير الجليل على المحك لغسل التشوهات والانحرافات ولنكاثر القول ونباهي به فتغدو مرحلة دخول الجليل ليست كما بعدها. كما نهنأ بتحول زمن معركتنا مع المشروع التكفيري إلى تاريخ نحقق فيه الانتصارات،  كذلك أيضاً فإن الاسرائيلي اليوم منتشي بتحول ماكان مركزياً إلى محيط وما كان يعبر عن هويتنا الوطنية وقد تحول لصراعات طائفية، مع ايماننا أن الصراع اليوم هو سياسي بامتياز، لكن نقصد النجاحات التي حصدها الإسرائيلي لجهة تقديم صورة الصراع السياسي اليوم كصراع طائفي عند الكثيرين. من حلب إلى فلسطين تغدو الالتزمات القومية واحدة، لكن السؤال الكبير هل نجاحنا في تحويل الزمن لتاريخ من خلال ماصغناه من تحالفات، سنستطيع إعادة صياغته في تحويل زمن فلسطين إلى تاريخ؟ بالتأكيد المهمة صعبة ويبقى زمن فلسطين ينتظر تاريخاً مفصلياً فالصهاينة منتشون والعرب غائبون.
* كاتب صحفي وباحث فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com