2024-04-20 07:36 م

قلق وتأهب دولي إقليمي... إنها أيام الحسم السوري

2016-10-24
كتب سمير الفزاع
قبل أيام معدودة أعلن عن إتصال بين الرئيسين، بشار حافظ الأسد وفلادمير بوتين، وهذا الإتصال تلته عدة أحداث تسمح بالتعرف على بعض مما جرى الحديث عنه بين الرجلين، ما هي أهم هذه الوقائع، وأي دلائل تحملها؟ ما هي إنعكاسات هذا الاتصال على مجريات الميدان السوري، وتحديداً في شمال وشرق سورية، حلب وأريافها، ومدينتي دير الزور والرقة، وصولاً إلى ريف حماه ومحافظة إدلب؟. هل نحن حقاً أمام المعركة الأوسع في هذه المناطق، وما هي التسمية التي أطلقت؟ مثل هذه الأسئلة، على ضخامتها، سأحاول تقديم بعض الإجابات عنها، وفق ما تتيحه الوقائع والمعلومات. * هدنة الخيارات المفتوحة: منذ طرد الجيش العربي السوري وحلفائه أدوات الغزو الإرهابي من مجمّع الكليات، والجميع ينتظر الخطوة التالية، ولم تكن معارك ريف حماه الشمالي إلا خطوة إستباقية لتقييد تحركات سورية وحلفائها في قطاع محدد من العمليات يمتد من ريف حلب الجنوبي الغربي وصولاً إلى ريف حماه الشمالي. ويعمل حلف العدوان على سورية من خلف هذه الإستراتيجية، حصر المعارك في هذا القطاع، لتحقيق عدد من الأهداف، منها: 1- تهديد طريق إمداد حلب، اثريا-خناصر. 2- نقل المعارك بعيداً عن محافظة إدلب، لتبقى قاعدة إمداد خلفية آمنة إلى أبعد الحدود. 3- مشاغلة الجيش ومنعه من شنّ عمليّة تخلص أحياء حلب الشرقية من الإرهاب. 4- إنتظار معركة الموصل، ونقل أعداد كبيرة من إرهابيي داعش من العراق إلى سورية لإحداث خرق هائل في جبهة دير الزور، يسمح بخلط الأوراق مجدداً في عموم شمال-شرق سورية، وتحديداً في حلب. 5- نقل المزيد من الإرهابيين إلى سورية، وتزويدهم بأسلحة وذخائر جديدة، لقلب موازين القوى. 6- إطالة أمد الصراع بإنتظار وصول إدارة الأمريكية الجديدة. لكن الجيش العربي السوري وحلفائه إتبعوا إستراتيجية مقابلة حققت نجاحات كبرى، وهذه بعض عناوينها: 1- توفير المزيد من الحماية لطريق إمداد حلب، وإغراق المدينة بكافة مستلزمات الصمود، أغذية،محروقات،مستلزمات صحيّة... . 2- شنّ عمليّة عسكرية واسعة لإستعادة كافة المناطق التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية في ريف حماه الشمالي، وحشرها في خانة المدافع والمستنزف والمطارد... وصولاً إلى تهديد قاعدتها الخلفية في محافظة إدلب. 3- مهاجمة الجماعات الإرهابية بعد أن تمّت محاصرتها في أحياء حلب الشرقية، ومن عدة محاور، لاستنزاف مخزوناتها من الأسلحة والذخائر... وإيقاع أكبر قدر ممكن من الدمار في عديدها ومقراتها وغرف القيادة... وتأليب المدنين على تلك العصابات بتقديم المبادرات الإنسانية والوطنية الواحدة تلو الأخرى، دون أي إخلال بخرائط السيطرة. 4- فصل العمل العسكري في حلب عنه في الموصل كما تريد واشنطن، وتضييق الخناق على داعش في دير الزور، وتعزيز صمود حاميتها والقوى الرديفة لها، بنقل المزيد من الأسلحة والمقاتلين والذخائر والمؤن... وتوفير الغطاء الجوي اللازم. 5- التأسيس لعمل عسكري واسع ووشيك في ريف حلب الجنوبي-الغربي بدأت بواكيره بمحاولة السيطرة على مساكن (1070) والسيطرة على كتيبة الدفاع الجوي وتل بازو مؤخراً، ما سيؤدي حتماً إلى تشتيت جهد الجماعات الإرهابية وتمزيقها، وفتح الطريق لمعركة السيطرة على اتوستراد دمشق-حلب، ودق المسمار الأخير في نعش مسلحي حلب الشرقية، والإطباق على الجماعات الإرهابية في ريف حلب الجنوبي-الغربي، وريف حماه الشمالي، وصولاً لمعركة إدلب والغاب الكبرى. 6- الإستثمار الذكي في الزمن، فإن إختارت الجماعات الإرهابية في حلب الخروج، نجحنا بإستعادة شرقي حلب دون خسائر، وإن لم يفعلوا، عريناهم ومشغلوهم أمام المدنين والعالم أجمع، وحصلنا على الوقت الكافي لتوفير الحشد اللازم للبدء بالمنازلة الكبرى الآتية حتماً. * المنازلة الكبرى، فجر النصر: خلال مقابلة مع قناة «تي في-2» الدنماركية، أكد الرئيس بشار حافظ الأسد بما لا يدع مجال للشك بأن معركة حلب الكبرى قادمة حتماً: "مستمرون في محاربة المسلحين حتى يغادروا حلب ينبغي أن يفعلوا ذلك، ليس هناك خيار آخر، لن نقبل بأن يسيطر الإرهابيون على أي جزء من سورية، وليس حلب وحسب، هذه مهمتنا وهذا هدفنا وهذه خطوتنا التالية". هذا القرار لا يمكن أن يكون وليد اللحظة، كما أنه لن يأتي دون إتخاذ لمجموعة إجراءات وإستعدادات سياسية وأمنية وعسكريّة... وهذا تذكير ببعض تلك الإجراءات والإستعدادات: 1- في 14/3/2016، إتصل الرئيس الروسي بوتين بالرئيس بشار حافظ الأسد، ليقيما معاً ما أنجزته عاصفة السوخوي ميدانياً وسياسياً، وليتفقا على الخطوات اللاحقة بعد سحب موسكو للجزء الأكبر من قوتها الجويّة المرابطة في قاعدة حميميم وغيرها... وقبل أيام، وتحديداً في 19/10/2016، أعلن عن إتصال جديد بين الرجلين، ويبدو بأن هذا الإتصال ناقش موعد وظروف عمليّة عسكرية واسعة وكثيفة، سوف يشهدها الميدان السوري قريباً، وعلى أكثر من جبهة. 2- منذ معركة مجمّع الكليات وحتى الآن، تدفق إلى الميدان الحلبي أعداد ضخمة من تشكيلات الجيش العربي السوري والحلفاء، وقد تكفلت موسكو بتوريد منظومات متطورة من مدفعية الميدان والمدفعيّة الصاروخية إلى مواقع محددة في ريف المدينة... لكن منسوب هذا التدفق وصل إلى مستويات قياسية في الأسابيع الثلاثة الأخيرة: المزيد من الخبراء والمستشارين، وتسليم الجيش العربي السوري فعات جديدة من مدفعية الميدان والمدفعية الصاروخية، وأرتال من دبابات تي-90 والمدرعات الحديثة، عدد من أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة –بانتسير-، المزيد من قبضات صواريخ الكورنيت وطائرات السوخوي... وصولاً إلى تعزيز حضور سلاح الجو الروسي بدفعة معتبرة من الطائرات النفاثة، القاذفة ومتعددة المهام، والمروحيات القتالية تقلها حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف"، والتي ستصل السواحل السورية في نهاية هذا الأسبوع تقريباً. وإذا أضفنا للمشهد السابق مجموعة القطع البحرية الروسية المرابطة في موانيء سورية وسواحلها، سفينة الإستخبارات والتنصت، "لايمان" التابعة لأسطول البحر الأسود، الملتحقة خلال أيام بالطرادين الروسيين "سيربوخوف" و"زيليوني دول" الصاروخيين المزودين بصواريخ "كاليبر" المجنحة... سنجد بأن هناك تشكيلة مكتملة لقوة بحرية ضاربة قادرة على إدارة وتنفيذ أدق المهام وأصعبها بنجاح تام، وأعتقد بأن أدق وصف لهذا المشهد جاء من مصدر دبلوماسي في الناتو: روسيا تقوم باكبر انتشار بحري منذ نهاية الحرب الباردة... لقد نشرت أسطول الشمال و جزء من أسطول البلطيق في سورية... وقد تشن هجوماً جوياً نهائياً على حلب خلال الأسبوعين القادمين . * كلمة أخيرة: من "قرأ" بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، واللهجة التي إستخدمها تجاه الغزو التركي لأراضي سورية، والمجازر التي ارتكبها بحق السوريين... سيصل إلى قناعة واضحة تقول: حلب في طريقها إلى التحرير الكامل من أدوات الغزو الإرهابي، وأن معركة الباب وريف حلب الشمالي باتت وشيكة جداً، وأن معركة تطهير ريف حلب الجنوبي-الغربي قد بدأت، وما السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي وتل بازو إلا البداية... وسيتم تلقين واشنطن وأردوغانها درساً في الحنكة السياسية وإرادة القتال الفولاذية يبدأ بمنازلة الحلب المصيرية، ولن ينتهي بدير الصبر والرجولة، دير الزور... وأن حماية قوافل داعش ونقل مجموعات منها بالمروحيات الأمريكية والتركية من كركوك إلى الرطبة أو الحدود السورية... مكشوف ومفضوح، ومصيره الهزيمة، وغداً موعدنا.