2024-04-19 03:35 م

المسلسلات التركية تغزو أميركا الجنوبية

2016-09-21
بعد دبلجة المسلسل التركي «ما ذنب فاطمة غل؟» إلى اللغتين الإسبانية والبرتغالية، أحدث ذلك المسلسل الرومنسي صدى واسعاً في أميركا الجنوبية في السنة الماضية. ففي الأرجنتين وحدها، شاهد المسلسل أكثر من 12 مليون شخص. وتشهد أميركا الجنوبية تزايد أعداد المسلسلات التلفزيونية التركية التي تعتبر من بين أكثر البرامج مشاهدة. ففي تشيلي على سبيل المثال، حاز المسلسل التركي «ألف ليلة وليلة» على لقب أكثر البرامج التلفزيونية مشاهدة في العام 2014. لكن لماذا تحظى الدراما التركية بكل هذه الشعبية في أميركا الجنوبية التي تبعد عنها آلاف الأميال؟
تواظب مارسيل ميرا، 42 عاماً، وهي مواطنة تشيلية تعيش في العاصمة سانتياغو، على مشاهدة المسلسلات التركية. وتقول إن فهم هذه المسلسلات والتفاعل معها أسهل عليها من التفاعل مع المسلسلات الأميركية، كما أنها تحب الطريقة التي تركز فيها المسلسلات التركية على الرومانسية القديمة، وذلك مقارنة بما تصفها بالمبالغة الدرامية التي تنتجها هوليوود وتحمل العديد من المضامين الجنسية. وتقول ميرا: «رغم أن تركيا بعيدة جداً، إلا أنني أجد تشابهاً بين ثقافة أهلها وثقافتنا. كما أن مستوى الإنتاج التركي عالٍ، ويخلو من القوالب النمطية، والعبارات المكرّرة. وعندما بدأت في مشاهدة هذه المسلسلات، أدركت كم كانت ترهقني مشاهد العنف والجنس في المسلسلات الأميركية».
انتشار عالميّ
تأتي شعبية المسلسلات التلفزيونية التركية في أميركا الجنوبية في وقت تشهد صناعة الإنتاج التلفزيوني التركي ازدهاراً في مجال التصدير. فقد بلغت عائدات تركيا العام الماضي من المبيعات الدولية للمسلسلات التلفزيونية 250 مليون دولار، بحسب جمعية المصدرين الأتراك، وذلك مقارنة بمبلغ 10 آلاف دولار فقط في العام 2004.
يشاهد المسلسلات التركية الآن أكثر من 400 مليون نسمة في أكثر من 140 بلداً في العالم. وبينما تضاءلت صادرات الإنتاج التلفزيوني التركي إلى الخارج أمام مثيلاتها من بريطانيا، والتي تتمتع بمبيعات تلفزيونية عالمية بمقدار 1.6 مليار دولار في العام، لا تزال تركيا تأمل في أن تلحق ببريطانيا في هذا المجال. ويتوقع الأمين العام لجمعية المصدرين الأتراك، بدر أرسلان، أن تصل قيمة الصادرات التلفزيونية التركية إلى مليار دولار بحلول العام 2023.
وبينما تأتي معظم المكاسب الخارجية من أميركا الجنوبية، يقول برهان جون، رئيس رابطة منتجي التلفزيون والسينما التركية، إن هناك عدداً من الأمور الرئيسية التي تجعل تلك القارة تحتضن بترحاب الدراما التركية. فأولاً، يشبه الأتراك إلى حد كبير الكثير من الأميركيين الجنوبيين «لأن تركيا بلد متعدد الثقافات، هناك فنانون يمثلون كثيراً من الخلفيات العرقية»، بحسب جون الذي تمثل منظمته أكثر من 80 شركة إنتاج تلفزيوني خاصة. وثانياً، كما يقول جون، تلقي الدراما التركية الضوء على التغيرات الاجتماعية، والتي تشبه ما يحدث في أميركا الجنوبية وبقاع أخرى من العالم. «على سبيل المثال، تعرض المسلسلات التركية موضوع الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن، وما يصاحب ذلك من تحديات العيش في المدينة، والتوسع العمراني. وهذا موضوع مهم في كثير من بلدان العالم النامية، لكنه غائب عن الإنتاج الغربي».
حداثة مغرية
ويقول المحاضر في الصحافة في «جامعة شيفلد» البريطانية، عمر الغازي، والذي كتب عدداً من البحوث الأكاديمية عن الثقافة الشعبية التركية، إن الدراما التركية «تقدم حداثة مغرية». ويضيف قائلاً: «الدراما التركية تقدم أفكاراً جذابة عن حياة الطبقة المتوسطة؛ من حيث سهولة التعامل مع مَن ينتمون لهذه الطبقة، وكونها ترتبط بصلات قوية بكثير من الناس من الناحية الثقافية».
وبينما يرحّب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالنجاح المستمر للمسلسلات التركية على الصعيد العالمي، لكونها تحسّن من صورة البلاد وسمعتها على مستوى العالم، إلا أن القائمين على هذه الصناعة يؤكدون على استقلاليتها عن أي دعم حكومي. كما أن شركات الإنتاج التلفزيوني تتعرّض لانتقادات بين الفينة والأخرى من قبل الرئيس، مثل تقديمه شكوى العام 2012 ضد مسلسل يحمل اسم «القرن الرائع»، لأنه غير راضٍ عن إظهار المسلسل للسلطان العثماني في القرن السادس عشر كمدمن خمر، وزير نساء.
وبالعودة إلى أميركا الجنوبية، يقول ألبر أكوسمان، رجل الأعمال التركي البالغ 28 عاماً، والذي يعيش في تشيلي، إن شعبية المسلسلات التركية أدّت إلى زيادة اهتمام الكثير من أبناء تشيلي بدولة تركيا. ويضيف أنه ذهب مؤخراً إلى حملة تبرّعات نظمتها جمعية خيرية، وكانت الفكرة الرئيسة لتلك الحملة تدور حول المسلسلات التلفزيونية التركية. «كانت الأعلام التركية ترفرف في المكان، كما كان الطعام التركي، والموسيقى حاضرَين أيضاً. وظل الناس يسألونني إذا كان بإمكاني التواصل مع الممثلين الأتراك وإبلاغهم برسائل من الجمهور». ويتابع: «لقد حققت هذه المسلسلات شيئاً لم تكن الوسائل الدبلوماسية لتحققه. إنه شيء لا يصدق». ويقول أرسلان إنه عندما صاحب زيارة الرئيس أردوغان إلى تشيلي، وبيرو، والإكوادور، في شباط الماضي، كانت المسلسلات التركية مادة لاستفتاح الأحاديث بينه وبين مضيفيه.
(بي بي سي)