2024-04-20 11:18 ص

ساعات قليلة ...داريا تعود الى حضن الوطن بعد طول غياب

2016-08-27
بقلم: د. خيام الزغبي
تفصلنا ساعات قليلة جداً عن إعلان داريا مدينة آمنة وخالية من الإرهاب بشكل كامل، بعد أن خطفتها أدوات التكفير خدمة لمشاريع التفتيت بما يقارب أربع سنوات، يأتي ذلك بموجب إتفاق بين الحكومة السورية والفصائل المسلحة بكافة أشكالها يقضي بإنهاء حصار المدينة وتسليم المسلحين عتادهم الحربي الى الدولة وخروجهم الى مدينة ادلب، وهذا الإتفاق يمنح الدولة السورية ميزة مهمة في توسيع نطاق الأمان حول العاصمة دمشق، وينهي سنوات من إستهداف المسلحين بالقذائف الصاروخية لمناطق صحنايا والمزة وغيرها، كما يخسر المسلحين أهم نقطة إرتكاز لدخولهم دمشق، ذلك بفضل الله ورجال الله على الأرض، الذين أثبتوا إنهم لن يتوانوا أبداً عن محاربة الإرهاب التكفيري وتحرير كامل التراب السوري من براثن الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين. يستمر الإعلام الحربي السوري كما هو دائماً في توزيع مشاهد تثلج الصدور وتظهرعزيمة وقوة المقاتل السوري الذي لا يعرف الهزيمة أو الانكسار، حيث وزع هذا الإعلام مشاهد جديدة نوعية تظهر عملية التطهير وإخلاء المسلحين من داريا، ومشاهد أخرى تدلل بما لا يدع مجالا للشك أن المقاتل السوري لا يهاب الموت، يتمنى الشهادة، ويأبى الضيم والخضوع والركوع إلا لله، وفي المشاهد رأينا أيضاً كيف يهرب مقاتلي المجموعات المسلحة وأدواتهم من مواقعهم التي كانوا يتمركزون فيها، لتلوذ بعد ذلك بالفرار، صورة تجسد رعب هذه المجموعات التي ما إن وطئت أقدام الجيش السوري موطئها حتى لاذوا بالفرار أو الإستسلام. إن هذا الإتفاق لن ينعكس إيجابياً على مدينة دمشق وحسب، بل على كامل مناطق الغوطة الغربية وإمتدادها جنوباً نحو ريف درعا والقنيطرة، كما سينعكس أيضاً على جبهة جوبر، التي ستصبح وحيدة مشتعلة في محيط العاصمة، وفي حال إستكمال عملية خروج المسلحين، وبدء إجراء مسح وتمشيط لباقي أحياء المدينة، ستطوى بذلك مرحلة صراع طويلة من تاريخ العاصمة، ليفتح باب الإتفاقات السلمية أمام بلدات ومدن أخرى في غوطة دمشق وجميع أريافها، فهناك أنباء تتحدث عن إحتمال توصل مدينة المعظمية المجاورة لداريا إلى اتفاق مماثل، يسمح بخروج من أراد من المسلحين، تمهيداً لنهاية عهد السلاح في منطقة دمشق وما حولها. اليوم لم تنفع أبداً محاولات أمريكا ومن معها من حلفاء إقليميين ودوليين، الحفاظ على داريا بيد المسلحين وأعوانهم مدة أطول بعد كل المعارك التي أشعلتها في حلب ودير الزور والحسكة ودرعا مؤخراً لإلهاء الجيش السوري وحلفاؤه عن داريا لما تشكله هذه الجبهة بالفعل من خطر على الدولة ومؤسساتها الرئيسية في العاصمة دمشق، وخلال السنوات الماضية إستطاع الجيش السوري وحلفائه أن يقوم بعمليات تنظيف كثيرة حول داريا، وبحسب المصادر العسكرية، فإن الوضع الميداني كان في مصلحة الجيش خلال الفترة الأخيرة، بعد عمليات القضم التدريجي التي قامت بها وحدات من الجيش وصولاً إلى السيطرة على أكثر من30 كتلة أبنية خلال عدة أيام، بعد أن فصل الجيش السوري هذه المدينة عن معضمية الشام ليبدأ عملية تقطيع أوصال المدينة ويجبر المجموعات المسلحة على خيار واحد وهو الإستسلام من دون شروط، والتي أراد المسلحين من خلالها دخول العاصمة دمشق ومحاصرتها، بالمحصلة بما أن الجيش السوري وحلفاؤه يعلمان مدى أهمية هذه المعركة فإنهما لن يبقيا مكتوفي الأيدي وستتصاعد العمليات العسكريه للجيش السوري الهجوميه بصيغة الاقتحام والسيطرة والتوغل حتى تصل ذروتها لتحقيق الحسم ومن بشاراتها إسقاط كامل داريا بيد الجيش السوري، وبالتالي ما يحدث لداريا ملحمة كبرى تترجم لمرحلة نصر كبير لصالح الدولة السورية، وبذلك يشكل إستسلام داريا خطوة مؤلمة للإرهابيين وعملائهم لأنها أسقطت ورقة مهمة من يد رعاتهم الإقليميين والدوليين، سيبنى عليها في معادلة الميدان لما لداريا من رمز معنوي عند المسلحين وداعميهم. في سياق متصل نجح الجيش السوري بمساندة حلفاؤه، بتثبيت سيطرته على معظم الجبهات الساخنة في مدينة حلب، في الوقت الذي شهدت صفوف المسلحين تراجع متسارع وإنهيارات كبيرة على أثر تقدم وحدات الجيش في مناطق سيطرة المجموعات المتطرفة جنوب المدينة، وبهذا التقدم للجيش تكون هذه المجموعات وأخواتها قاب قوسين أو أدنى من الإنسحاب الكامل من المدينة، لذلك فإن النصر على الإرهاب ودحره وإجتثاثه وإحباط مخططات داعميه باتت قريبة من المنال خاصة بعد أن إستطاع الجيش كسر المعايير المتعلقة بالتوازن وإسقاط كل حسابات أمريكا والغرب بشأن سورية، وقد يكون هذا كافياً لتشجيع العديد من مقاتلي المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة على وقف القتال والتخلي عن الحرب ضد الرئيس الأسد. وفي السياق ذاته، مع إستكمال المرحلة الأولى فى معركة تحرير مدينة داريا, والإستعداد للمرحلة النهائية والحاسمة، يمكنني القول، أن ثمة هناك مساراً جديدا ستدخله سورية باتجاه إنهاء وجود المجموعات المتطرفة وأدواتها فى البلاد, وسيشكل البداية الحقيقية لطرد مقاتلي داعش من محافظة دمشق وأريافها والمنطقة بأكملها, وهو الهدف الإستراتيجى للجيش السوري والذي يواصل إستعداداته اللوجستية والتكتيكية لإنهاء هذه المجموعات ومن وراءها. وأختم بالقول، في سورية كل إدعاءات أمريكا وحلفاؤها من العرب، أبطلتها اليوم عدسات الإعلام، التي وثقت صور وحدات الجيش السوري وهي تسيطر على مواقع داريا، وأظهرت أيضاً مواقع المسلحين وهي تحترق بنيران الجيش السوري، فهل يقدر الغرب وحلفاؤه على إطفاء مثل هذه النيران، التي سعرّها حليفهم الأمريكي- العربي لإحراق السوريين، فلاحقته وحرقت مشروعه الشرق الأوسط الجديد في كل منطقة من المناطق السورية، وإنهارت المؤامرة الغربية وإنكشفت عمالة الواجهات السياسية العربية.
khaym1979@yahoo.com