2024-03-28 08:18 م

تسونامي التحول التركي.. الميدان السوري لمن صاغ التحالفات وغلب في معركة النار والحطب

2016-08-26
بقلم: الدكتور محمد بكر
تمخضت ثمرة اللقاء التركي الروسي كالجبل لتلد "عملاقاً " سياسياً وعسكرياً من التحول، بدا كتسونامي جارف مهدت له جملة من الكلام الناعم وطيب القول كاثره رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم حول الرئيس الاسد وكيف ترى فيه تركيا لاعباً رئيساً في الأزمة، بدورها مضت عملية درع الفرات قدماً في الشمال، عينها بالفم الملأن كما قال أردوغان على داعش والأكراد، وقد حصدت سيلاً من المباركات الغربية، تحولت معها كل مؤشرات القطيعة والتنافر لتبريكات ودعم، من الخارجية الألمانية إلى بايدن، يكتشف المرء أن لا محرمات في لعبة السياسة، والمستحيل فيها يغدو ممكناً، اعتذر بايدن لأردوغان عن تصريحات كان قد اتهم بها تركيا بدعمها لتنظيمات ارهابية، مؤكداً دعمه لتركيا في السيطرة على كامل حدودها، ومن عده أوباما في السابق فاشلاً وديكتاتوراً أصبحت أميركا اليوم من أوفى أصدقائه بحسب بايدن،  في حين دعمت ألمانيا العملية العسكرية التركية وهي التي أصدرت بياناً من قبل اتهمت فيه تركيا بذات الاتهام الأميركي لأردوغان، وحدها موسكو قلقت من تدخل الأتراك عسكرياً، قلقٌ بعيدٌ في اعتقادنا عن لغة المنتصر والداعم للكرد، وإن كل الحمية التركية ثارت بعد أن أوقدت تحتها اليد الروسية. تدرك الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة أن العمود الفقري للتحول في الأزمة السورية هي تركيا، وان نجاح الروس في تعزيز حلفهم بضم الجانب التركي تحت جناحهم سيزيد الحضور الروسي الدولي اقتصادياً وسياسياً، لذا تغدو المراوغة والاستثمار في ورقة داعش وغير داعش انتحار سياسي، لذا كان لزاماً على التحول والدعم لجديد أردوغان أن يتكاثر بهذه الصورة الفريدة، ولاسيما عندما ترخي التسويات بأحمالها، هنا تبدو المؤشرات الفعلية التي تحدثت عنها الخارجية الروسية لجهة أن التعاون الأميركي الروسي سيكتمل في سورية بنجاح محطة للوقوف عندها وحولها، وعلى أي قاعدة ستنطلق منها، أولها ماوضعه الروس في  الملعب الأميركي لجهة أن تبادر واشنطن للتحرك ضد جبهة فتح الشام ( النصرة سابقاً)، وثانيها كيفية الصرف السياسي للانجاز الميداني ( للجيش الحر) المدعوم تركياً في السيطرة على الشمال، لجهة الانخراط في الجديد التركي على قاعدة ماطرحه يلدريم حول تشكيل حكومة سورية شاملة (دون الاشارة لتنحي الاسد) أي حكومة تحت جناح الأسد، ومن هنا نقرأ ونفهم ماجاء في الدراسة التي قدمها معهد واشنطن أن أردوغان قد يواجه ضغطاً داخلياً للتخلي عن المعارضة السورية التي تقاتل في حلب، وأن بوتين قادر على إغرائه سواء برفع العقوبات وكذلك الاستفادة من نفوذ بوتين السياسي في جمهوريات آسيا الوسطى حيث التواجد الرئيس والقوي لشركات وثقل فتح الله غولن خارج تركيا، وعليه فإن أردوغان مقدم على الارتماء في الأحضان الروسية نهائياً. في معركة النار الملتهبة في سورية وفي تقاذف الحمم الدولية في الميدان السوري، لا نعرف إن كانت الولايات المتحدة قد أنهت الاستثمار في داعش ضد الروس أم لا، وهل انتهى بالفعل ماكانت قد هددت به الروس على لسان كيري بالمستنقع السوري، أم أن مياهه قد جفت جزئياً أمام الانعطافة التركية؟. المعلوم في اعتقادنا أن لهذه النار حطبها التي ستشكل داعش في النهاية وكذلك الأكراد، والمعارضة السورية ممن لا ينصاع لنواتج الجديد التركي، سيشكلون قوامها الرئيس في لعبة دولية قذرة يفرض حلولها ويرسم خواتيمها من صاغ التحالفات بشكلها الصحيح والمتين، ولكن كل ذلك للاسف جرى تصنيعه وصياغته وتشكيله بعد تدمير سورية وتهجير أكثر من نصف شعبها.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا 
Dr.mbkr83@gmail.com