2024-03-29 01:56 م

ما الذي تعلمته اسرائيل بعد عشر سنوات على حرب تموز 2006 ؟

2016-08-09
شارل أبي نادر* 
تقول "إسرائيل" في بعض اعلامها الذي يعكس توجهات وإدعاءات زمرة من المهووسين من رجال السلطة لديها، خاصة من الذين يعيشون حلما قديما مرّ عليه الزمن عندما كانت "إسرائيل" تلك الدولة التي لا تُهزم، ان الاخيرة انتصرت في حرب تموز 2006 وانها فرضت على لبنان وعلى المقاومة معادلة ردع جرّت حزب الله اليها وحصلت - كما تقول تلك الاوساط - على الهدوء الذي طالما رغبت به على حدودها الشمالية؛ الا ان ما لا يمكن انكاره من قبل المهووسين انفسهم ومن قبل غيرهم ايضا ان اسرائيل لا تزال تعيش اجواء تلك الحرب وتداعياتها ونادرا ما يمر يوم دون ان يرد في وسائل اعلامها مقالا او تحليلا او دراسة عن تلك الحرب، وذلك لناحية تداعياتها عليها واين اخطأت او قصرت وماذا عليها ان تعمل لتدارك ما حصل بالنسبة لها.

في الحقيقة، عندما تسمع ما يقوله رئيس سلطة الطوارئ القومية في كيان العدو العميد في الاحتياط  "بتسائيل ترايفر" لناحية طلب موازنات هائلة بهدف تحضير وتحديث منشآت البنى التحتية الاستراتيجية لمواجهة معركة صواريخ مزدوجة من لبنان وغزة، ولناحية استحداث مخازن طوارئ استراتيجية للوقود الذي سوف يصعب استيراده في الحرب المقبلة ولناحية تفعيل منظومة القبة الحديدية والعصا السحرية، ولتفعيل وزيادة اقسام الطوارئ في المستشفيات وتحسين منظومة الاتصال الموحد بين جبهات الانقاذ (الجيش والشرطة والدفاع المدني ورجال الاطفاء)، تستنتج ان اسرائيل اليوم في ورشة كاملة تحضيرا لمهمة الدفاع ضد المقاومة في اية حرب مقبلة، وانها بقادتها السياسيين والعسكريين وبمسؤولي السلطات المدنية والطوارئ القومية تعمل وكأن الحرب داخل اراضيها واقعة لا محالة.
هذا من ناحية المناورة الدفاعية التي يمكن القول انها اعترفت بانها مناورة حيوية واستراتيجية وهي مفروضة واساسية في معركتها المقبلة، ولكن ماذا تعلمت لناحية المناورة الهجومية التي ستسبق المناورة الدفاعية تلك او ستترافق معها؟

هل تعلمت كيف ستواجه وحدات النخبة في المقاومة الذين تراكمت خبراتهم في القتال الخاص في معارك سوريا، والذين زادت اعدادهم اضعاف اضعاف أعداد ابطال مواجهتها وهزيمتها في تموز 2006، والذين توزعوا حينها ضمن مجموعات صغيرة لا تتجاوز الواحدة منها اصابع اليد الواحدة على اغلب محاور ونقاط تقدم وحداتها المحتملة، وصمدوا طيلة فترة العدوان البالغة 33 يوما في مراكز حساسة اختاروها شبه مكشوفة لابقاء سيطرتهم ومراقبتهم فعالة على محاور تقدمها حينها، والذين طوروا اليوم وبعد عشر سنوات قدراتهم على السيطرة والتحكم بشكل واضح؟
هل تعلمت او اكتشفت طريقة جديدة لإدخال دباباتها الاراضي اللبنانية عبر محاور تَقدّم مختلفة عن تلك التي كانت منذ عشر سنوات، والتي استطاع المقاومون حينها السيطرة عليها وتدمير عدد كبير منها؟ وهل تعلمت اليوم تقنية جديدة متطورة في تدريع تلك الدبابات لحمايتها من صواريخ غامضة ستكون حتما اليوم مفاجئة بفعاليتها، والتي هي نتيجة عشر سنوات من التطوير والتحديث، وهل ستجد اليوم طريقة لمواجهة تلك اللحظة السحرية التي ينتظرها بفارغ الصبر مقاومون سيتسابقون حتما على الفوز بلذة رؤية الدبابات الاسرائيلية تنفجر وتحترق في صورة سيراها العالم بكامله؟  

هل تعلمت كيف ستكتشف اماكن العبوات الناسفة المتطورة والتي ستشكل صدمة لوحداتها حكما بسبب قدرتها التدميرية وبسبب انتشارها الواسع الذي سيطال كامل محاور تقدم آلياتها المدرعة والمؤللة والمدولبة؟

هل تعلمت كيف ستواجه الآن آلاف قواعد اطلاق الصواريخ المتطورة بالمدى وبالقدرة التدميرية ودقة التسديد على كافة الاهداف القريبة والبعيدة ، والتي ستكون موزعة في كل مكان تقريبا على قواعد متحركة ومخبأة داخل انفاق وملاجىء محصنة للحماية من احدث الصواريخ والقنابل؟

هل حضّرت مناورة معينة لتنفيذها عندما ستشاهد قاذفاتها وطوافاتها تتساقط بالعشرات في صورة ستعيدها بالذاكرة الى حرب تشرين 1973 عندما تسابق الجنود المصريون والسوريون الابطال على اسقاط تلك الطائرات التي كانت عصية على ذلك بصواريخ ارض – جو من نوع سام 6 الروسية المحمولة على الكتف، وذلك بعد ان تكتشف ان لدى المقاومة صواريخ مضادة للطائرات حديثة ومتطورة وكاسرة للتوازن؟

واخيرا... ربما جاءت الصرخة المرتفعة من داخل كيان العدو عبر سلطة الطوارئ القومية عن ثغرات ونقاط ضعف في الجبهة الداخلية لمواجهة اية حرب مقبلة ضد المقاومة، لتعطي فكرة عما توصل إليه هذا العدو بعد حرب تموز 2006 لناحية الاعتراف بان تلك الحرب التي شنها على لبنان ومقاومته حينها انقلبت بعد عشر سنوات لتصبح تحضيرا لمعركة دفاعية ستجري على أرضهم.

وربما سوف نسمع قريبا صرخة اخرى لا تقل حساسية ودقة، هي الان خفية وغير ظاهرة ولكنها موجودة بقوة وتحاكي عقل ووجدان غالبية قادة العدو وخاصة العسكريين منهم، بان معركتهم الهجومية المقبلة على لبنان إن حصلت ستكون حتما قاتلة ومدمرة لجيشهم وبالتالي لكيانهم الغاصب، وستشكل مفصلا ونقطة تحول تاريخية نحو تحقق معادلة استخفوا بها سابقا – مع بعض العرب الضعفاء المرتهنين - مفادها ان اسرائيل سوف تزول من الوجود.
*عميد متقاعد
المصدر: موقع العهد الاخباري