2024-03-29 04:38 م

اردوغان وغزة .... والعشاء الاخير للمسيح

2016-06-28
بقلم: حسام الكحلوت
تحظي واقعة العشاء الاخير لدي الاخوة المسيحيين بأهمية كبري فهذا الحدث في المسيحية أسس به يسوع المسيح، وفق الإيمان المسيحي، القداس الإلهي والقربان الأقدس وملخص تلك الواقعة ان المسيح سوف يتعرض للوشاية والخيانة من قبل أحد اتباعه ويدعي يهودا ، فجمع السيد المسيح الحواريين وهم انصاره للطعام بالعشاء الاخير واخبرهم بما سيحدث غدا من ان احد اتباعه سيخونه بالصباح مع طلوع الشمس وصياح الديكة وكان المقصود بذلك من اصحابه هو يهوذا الإسخريوطي الذي سيبيعه لليهود بثمن بخس دون ان يذكر اسمه ؛ وكان يسوع قد بدأ العشاء بأن غسل أقدام التلاميذ حسب عادة العبيد، ليعلمهم بالفعل لا بالقول فقط، التواضع وروح الخدمة ، وبعد العشاء حضر يهوذا الإسخريوطي مع الجند الرومان وأوشي علي المسيح فالقي القبض عليه وصلب وقتل من اجل خلاص البشرية كما يعتقد الاخوة المسيحيين ..اما في الديانة الاسلامية تختلف الرواية بأن الله القي شبه المسيح علي يهوذا الإسخريوطي فأخذه الجند للصلب والقتل بدلاً من السيد المسيح الذي تم رفعه للسماء ؛ استنادا لقوله تعالي ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) سورة النساء ... تابع المرء تطورات الاتفاق الذي وقع بين تركيا والكيان الاسرائيلي بعد ان كان سقف التطورات عالياً بما قد يتمخض عنه لفك حصارغزة ؛ الإ انه أتت الرياح بما لا تشتهي السفن فكان الاتفاق الذي ولد هزيلاً فهو لم يرفع الحصار كما كانت تردد تركيا دوماً وانما كرسّته وتعاطت معه باعتباره من المسلمات علي غزة وجمّلته بحفنه من المساعدات الغذائية ؛ وتحملت تركيا بعض مسئوليات الاحتلال في مجال البيئة الخدماتية من كهرباء ومياه وخلافه وهي بالأصل التزامات تقع علي المحتل حسب كل الانظمة والقوانين الدولية ؛ فعالم السياسة لا يعرف الادبيات او المجاملات ولا ثوابت بل هي المتغيرات حسب الحاجة والمصلحة ، ويضع اردوغان نصب أعينه هدف واحد ووحيد وهو ان يحول تركيا الي نظام رئاسي يتمتع فيه هو بكل الصلاحيات التنفيذية الرئاسية حتي انه اقصي رفاق الدرب عبد الله غول و أحمد داود أوغلوا من المشهد السياسي بعد الاعتراض علي فكرته الطموحة تلك ، علي العموم فقد كانت تلك الاتفاقية بين تركيا واسرائيل متوقعه لحّذاق السياسة واهل المعرفة ،فالرجل وأقصد اردوغان يريد رضا العم سام وحمايته من العسكر الذين يحيطون به والبوابة الرئيسية لذلك تمر عبر تل ابيب كما توهم ، وهو لن يكون فلسطينيا اكثر من الفلسطينيين انفسهم وهم منقسمين علي بعضهم البعض فلن يكون ملكياً اكثر من الملك ؛ وكذلك فهو يناور لكي يلتحق بالمجموعة الاوربية وان صد عن الولوج فيها فهو ينقب ويبحث عن اطلال القيادة العثمانية للشرق يكون فيها السيد كبديل عن الالتحاق باوربا . فهل غزة تعرضت للتنكر من قبل تركيا كما بالعشاء الاخير للسيد المسيح وفق الرواية المسيحية ، ام هي لغة المصالح وتبادل المنفعة التي تحكم عالم السياسة ،وعلي العموم فقد ينظر البعض الي ذلك الاتفاق بنظرة ايجابية بانه لم يسلخ غزة عن فلسطين وينشئ قبرص التركية بنكهة غزاوية (والتي لا تعترف يها سوي دولة واحدة بالعالم وهي تركيا ) منسلخة عن قبرص اليونانية . ويحذر المرء من اسقاط البعد السياسي عن القضية الفلسطينية لتصبح مجرد مشكلة انسانية يكون حلها عبر كرتونة المساعدات الغذائية و تجميل للحياة المعيشية اليومية علي حساب الموضوع الرئيس وهو الارض والقدس ...؛ واخيراً فلا بد من المصالحة وأن طال الزمان فهي الحل الوحيد والحصري لكل هموم غزة التي اضحت بلا بواكي لها في ظل انشغال العرب بأنفسهم بتداعيات ربيع أثمر وأينع شوكاً وصبراً اضحت بالحلق شوكةً ومرارة منه ، بدلاً من انتظار رجال لن يأتوا الا عبر السراب .