2024-04-20 04:57 م

عندما يتوفر التعليم للطفل العربي

2016-06-19
بقلم: هاله أبو السعود 
نجاة بلقاسم.. من ريف المغرب في بلدة تدعى "بني شيكر" بمدينة الناظور بمنطقة الريف شمال المغرب، بدأت طفولتها بمرافقة جدها، وهو يرعى الماعز على سفوح الجبال التي تحيط قريتها في عزلة تامة عن العالم، وتجلب المــاء مع أختهـا الكبــــرى من الساقية. بعد أن بلغت الخامسة من عمرها، التحقت نجاة بلقاسم مع والدتها وأختها الكبرى بالأب، الذي كان يعمل في قطاع البناء بفرنسا، والدها كان واحدا من بين القرويين البسطاء الذين استقدمتهم فرنسا لإعمار أرضها، بعد أن خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة تماما، انتقلت أسرة بلقاسم إلى حي متواضع بأبيفيل شمال فرنسا قبل أن تتحول مرة أخرى إلى مدينة أميان لتبدأ حياتها ! تقول نجاة إن أباها كان صارما معها، ولم يكن ليسمح لها بالخروج إلى غير المدرسة، لذلك كانت الكتب ودراستها بالنسبة لها هي الملاذ الوحيد لتشبع خيالها ورغبتها في الاكتشاف. وتضيف أنه لولا المدرسة لأصبحت الآن ربة بيت منحصرة في حدود بيتها فقط، أو عاملة بسيطة في مصنع بئيس في أحسن الأحوال، لقد أمدتها المدرسة كما تقول بالقوة اللازمة لكي لا ترضى أن تعيش مستبعدة، أو تستسلم كما يفعل الكثير من أبناء المهاجرين. دخلت نجاة كلية الحقوق وحصلت على شهادة البكالوريوس، ثم حظيت بالقبول بالدراسة في معهد الدراسات السياسية بباريس، هناك تعرفت زوجها الفرنسي بوريس فالو الذي أنجبت منه توأمين، وتعرفت هناك أيضًا على شخصيات النخب الفرنسية، التي ستكون المفتاح لشق طريقها فيما بعد. عملت كمستشارة قانونية بمكتب محاماة في مدينة ليون، حينها لم تكن تفكر "بلقاسم" في دخول عالم السياسة، فقد كانت وجهة نظرها في البداية أن طبيعة شخصيتها الخجولة والمتحفظة لا تناسب الخوض في المجال السياسي، بالإضافة إلى أن أسرتها كان آخر ما قد يشغلها هو الحديث في السياسة. لكن بدأت نقطة التحول بالنسبة لنجاة بلقاسم في 2002 عندما بدات الخوض في العالم السياسي، وباشرت بلقاسم شغل مسئوليات محلية بمكتب الحزب الاشتراكي، وسرعان ما تسلقت درجات المسئولية حتى صارت كاتبة وطنية للحزب. استطاعت نجاة وهى في الثلاثينات من عمرها أن تصبح واجهة مشرفة للمرأة العربية بكفاحها وإصرارها على تحقيق ذاتها.