2024-04-17 12:37 ص

حلب والحقيقة المغيبة

2016-05-03
بقلم: أنور العفرباوي*
حقا فإنه مبعث للأسى والحزن، ما تتناقله الاخبار وتبعه عبر قنواتها المرئية، من حجم دمار وقتل وتهجير جماعي، لأصحاب أعرق وأقدم مدنية ومدينة في التاريخ! وإن كان لا يخفى على أحد حقيقة وسائل الإعلام العربية الرسمية والمدفوعة الاجر منها، في أسلوب نقلها للوقائع والأحداث، فإن ذلك لن يقلل من وصف ما هو حاصل في سورية، بأنه همجي وغير إنساني، بكل المقاييس والمعايير الاخلاقية والدينية! نعم، وألف نعم أن الذي يجري في سوريا وما سبقه في ليبيا وتلاه في اليمن، لا يمكن لأي صاحب ضمير غيور على مصلحة هذه الأمة ومستقبلها، أن يغض الطرف عنه، أو أن يقف محايدا إزاءه، وفي الوقت نفسه أن لا يسلم بأن ما تتناقله وسائل الإعلام العربية الرسمية من تقارير ومشاهد، وهي التي عرف عنها الانفصام عن الواقع، أنها لا تخلو من الازدواجية في نقل الحقائق، وإلا فكيف لنا أن نسايرها وهي التي لم تعلق بشيء على ما ما جاء على لسان رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق، الذي لم يخفي حقيقة دوافع الحرب على سورية وتوزيع الأدوار فيها؟ وكيف لهذه الوسائل أن تبرر لنا، دعوة مجلس "الجامعة العربية" لبحث التطورات في حلب، وهي التي وقفت عاجزة عن تسليط الأضواء على الإعدامات الميدانية اليومية لأهلنا في فلسطين؟! وأين كانت ومن يقف خلفها عندما دمر العراق وليبيا ولم يبقى من دولها سوى الإسم؟! ومن ثم كيف لنا أن نصدقها، إن لم يكن هنالك ما يبعث على الريبة والشك، وهي التي لم تحرك ساكنا إزاء الوضع المأساوي، وعمليات القصف والقتل الجماعي من خلال افتك الأسلحة والمحرمة دوليا على أهلنا في اليمن؟!!! وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فهل يعقل لنا أن نغفل عما صرح به المفوض الأعلى للأمم المتحدة، زيد رعد الحسين "قصفوا أسواق ومستشفيات وعيادات ومدارس ومصانع وقاعات استقبال لحفلات الزفاف ومئات المساكن الخاصة في قرى ومدن بما فيها العاصمة صنعاء رغم كل التحذيرات الدولية"! وإذا ما أضفنا للتصريح السابق، شهادتي رئيس المنظمة الدولية للأمن والمعلومات، لوشيانو كونسورتي، والأمين العام للمنظمة نفسها، هيثم ابو سعيد، من أن "من تم ويتم ارسالهم إلى سوريا والعراق واليمن هم من الذين أفرجت عنهم السعودية في سجونها من تجار مخدرات ومن قام بارتكاب الجرائم وأعمال اغتصاب وغيرها من الجرائم غير الإنسانية"، مطالبين الأمم المتحدة وضع السعودية تحت طائلة المحاسبة وفقا للنصوص في هذا الاطار! فهل لنا أو للبعض منا بعد أن لا يتفهم حقيقة وأبعاد ما يجري في أكتر من رقعة في الوطن العربي؟! وإذا كانت الغيرة إتجاه الوضع المؤسف، تدفعنا بضرورة وقف هذا النزيف المستمر, فإنه حري بنا أن لا ندفع باتجاه ما تسوق له وسائل الإعلام ومن يقف خلفها، بل أن نشجع على الحوار بين أبناء الوطن الواحد، بعيدا عن أصحاب المصالح والاجندات المشبوهة، طالما أن الهدف في المحصلة النهائية، لا يختلف عليه أطراف النزاع المحليين أنفسهم من حرية ومساواة وعدالة اجتماعية، وإلا فلنسأل أنفسنا أين هم أصحاب التدخلات من الحرية والديمقراطية في بلادهم هم انفسهم، إن كانوا يعوا لها من معنى؟! يحضر لذهني ما قرأته وجاء على لسان الرئيس الامريكي، توماس جيفرسون الذي قال عام 1787 "لو ترك لي أن أقرر هل يجب أن تكون لنا حكومة دون صحافة، أو صحف دون حكومة، فلن أتردد لحظة في اختيار الأخيرة". هذا عندما كان للإعلام دوره المميز في خدمة جمهوره وقراءه، بعيدا عن اللغط والخداع وتزييف الحقائق بحثا عن سراب الرضى لدى السلطان وأجندته المشبوهة! ويبقى السؤال: هل حقا أن الحل يخفى علينا، ونحن ندرك أنه في متناولنا وبين أيدينا، وإلا فكيف كان للحروب الكبرى والنزاعات الدولية أن تجد لها من حل، لو لم تجلس حول طاولة واحدة، وهو اللذي تدركه وسائل الإعلام ومن يقف خلفها، إلا إذا استمرت على حالها في البعد عن الموضوعية، و النأي عن قول الحقيقية؟! 
*فلسطيني-مغترب واشنطن