2024-04-20 10:53 ص

دمار منطقة الشرق مصلحة عليا للأحادية القطبية، ولكن كيف، ولماذا ؟!!

2016-02-08
بقلم: الدكتور الشريف رعد صلاح المبيضين
للإجابة على هذا التساؤل نقول ، ومن منطلق مسؤوليتانا الإنسانية والأمنية في المنطقة والعالم أجمع ، كمؤسس للهيئة الجلية على المستوى العالمي : إن هذا الصراع الجلي والواضح والدموي والحاد بين زعامات المنطقة السياسية والعسكرية والدينية والفكرية والثقافية والإعلامية ، وهو صراع لا يمكن فهمه جيداً ، إلا إذا تلمسنا ظروف تشكل حقائق الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة منذ الحرب على أفغانستان والعراق إلى اليوم ، ونضوجها بعدة أوجه ، والانزياح عن الدور العسكري التقليدي في الإستراتيجية الأمريكية، وتبني أذرع غير مباشرة لإنجاز مهام الفوضى والتدمير بعموم المنطقة ، من خلال التنظيمات الإرهابية التي تزعم أمريكا محاربتها ، ولنكون ضمن إطار الفهم الدقيق والمتعمق لآلية هذه الإستراتيجية ، والتي بدأت واضحة التلون المتجدد عبر المراحل في المشهد العربي منذ ما سمي بالربيع العربي ، والذي افرز اصطفافاً مذهبياً وطائفياً شديداً وخطيراً كان ينمو على حساب شعوب المنطقة التي تتعرض كلها إلى مصير مجهول ، علينا أن نعي أن كل ما سبق يمكن هضمه والسيطرة عليه عملياً على الأقل في تقديرنا كإنسانيين ، أما أن تصل الإستراتيجية الأمريكية إلى تتبنى سياسات زج الدول الكبرى في المنطقة وبخاصة السعودية وإيران والعراق وتركيا وسورية ومصر في أتون حرب لا تبقي ولا تذر ، فمثل هذا الأمر يستوجب التوقف عنده والتدبر فيه والتأمل بكل مفاصله و من كافة الأطراف التي ستخسر حتماً ، لأن النتائج لا ولن تفضي إلى الحالة الافتراضية التي تدور في خلد هذا الزعيم أو ذاك ، والمطلوب إنسانياً وأمنياً في تقديرنا وبأسرع وقت ممكن هو : تعميم حالة معرفية متزنة وحقيقية بقذارة المشروع الأمريكي في المنطقة وعلى المستويين الإقليمي والعالمي ، وليستعد العالم أجمع لمواجهة هذه اللعبة القذرة والاصطفاف الإقليمي على مستوى جيوش المنطقة بسبب اللاشيء ، اللهم تنفيذ الأجندة الأمريكية ، لضمانة استمرارية الأحادية القطبية ، ولم تكتفي أمريكا بإغراق اللحظة الدموية الإرهابية في عموم المنطقة بكم هائل من التناقضات الطائفية والمذهبية عن طريق الفضائيات المستأجرة خدمة للمشروع الأمريكي ، لا بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين جعلت من دول المنطقة عبارة عن مستودعات لمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة ، مع الاستمرار الوقحة في إنتاج وتصنيع التنظيمات الإرهابية ، واقتناص كل الفرص لزيادة حدة استفزاز كافة المتصارعين ، مرة من خلال التقارب من هذا الطرف ومرة من خلال الابتعاد عن ذاك الطرف الآخر ، وقد لعبت أمريكا على كل الساحات واستغلت كل الأطراف بطرق مباشرة وغير مباشرة ، سواء أكان الحديث عن دول أو جماعات أو أحزاب ، تناصب أمريكا العداء أو تدور في فلكها أو تستخدمها كأداة ، أمريكا تستفيد من كامل المجموع المتصارع عبر ما تسميه ( إدارة التناقضات في قلب العالم ) وقد نبهنا لذلك مراراً وتكراراً ، هذا عدا عن الفائدة الكبرى التي تحققها من بيع السلاح ..!! وفي تقديري أن ذروة نجاح هذه الإستراتيجية سيكون من خلال ضمان المواجهة بين السعودية وإيران ، هذه المواجهة التي ستضمن لأمريكا تفتيت كامل المنطقة ودون إطلاق رصاصة واحدة ، لا من الجانب الأمريكي ولا من الجانب الإسرائيلي ، وللتوضيح أكثر نقول : حين وافقت أمريكا على الاتفاق النووي الإيراني ، كان الهدف من وراء ذلك بلورة رد فعل سعودي وتركي بحجم ذلك التوقيع ، نتحدث عن الاتفاق الذي أصر عليه أوباما شخصياً رغم غضب إسرائيل المفرط تجاه الاتفاق ،في حين أن الغاية الأمريكية من التوقيع لم تكن لغايات نزع القدرة الإيرانية على امتلاك القنبلة النووية تحت الضغط كما تقول التحليل السياسية العالمية والإقليمية ، وإنما للإيحاء للسعودي والتركي بأن إيران الآن هي الأقوى وهي التي يمكن أن تكون شريك المستقبل سواء لأمريكا أو للدول الصاعدة ، وهذا الإيحاء لوحده يفقد سيطرة المملكة العربية السعودية وتركيا ويجعلهما في حالة من الغليان ، والكارثة لا بل الطامة الكبرى أن الرسائل الاستفزازية لا تتوقف عند الاستفزاز الدولي الإقليمي وإنما تدخل في نطاق ما نسميه التحريض المباشر وغير المباشر على حروب طاحنة ، حروب لن تستفيد منها إلا إدارة الأحادية القطبية تحت ظل الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن كيف ؟! قبل الدخول في الإجابة أود منكم جميعاً الإجابة على هذا السؤال : أي وظيفة لإسرائيل ستكون ضمن إطار التعدد القطبي العالمي ؟! في الحقيقة لا يوجد وظيفة، إذن حكماً ومن الناحية الدولية لم يعد لإسرائيل أي وظيفة في المنطقة، إضافة إلى أن وجود إسرائيل من الناحية القانونية لم يعد ممكناً في دخولنا لعام 2016 م لأن اتفاقية سايكس بيكو انتهت من الناحية القانونية ، بمعنى أخر عالمياً ودولياً وقانونياً لا ولن تستطيع أمريكا الدخول في حرب مع أي طرف من أجل عيون إسرائيل ، عدا عن أنه ومع نهاية الاتفاقية سقطت حدود الدول قانونياً ، مضافاً لذلك كله المنطقة لم تعد من ضمن الأولويات الأمريكية ، نلحظ هنا المصلحة العليا لإسرائيل من خلال استمرارية الحروب في المنطقة ، هذه المصلحة التي تنسجم تماماً مع المصلحة العليا للأحادية القطبية ..!! نعود إلى الكيف لندخل في المصلحة الأمريكية العليا لندرك كيف أن المستفيد الأول والأخير من هذه الحروب الأحادية القطبية ، وكل من يتحارب ويتقاتل في المنطقة بوعي أو بغير وعي هو يخدم المصلحة العليا للأحادية القطبية ، أما للتوضيح الكيف : فنقول لا يمكن التغلب على روسيا والصين ودول البركس مجتمعة ودفعة واحدة إلا من خلال تطبيق إستراتيجية بعيدة المدى تعمل على استنزاف موارد الطاقة العالمية المتوفرة وبكثرة في منطقة الشرق الأوسط ، والتي من الممكن أن تستفيد منها دول صاعدة نحو القطبية العالمية ، إذن أمريكا حقيقة تقوم بتدمير كامل المنطقة دون الالتفات لهذا الطرف أو ذاك ، من أجل هدف واحد أعلى يتمثل في عدم استفادة أي دولة عالمية صاعدة في العالم وخصوصاً الصين وروسيا على وجه التحديد ، وباقي دول البركس ، ما يعني أن سلمان بن عبد العزيز ملك السعودية وبشار الأسد الرئيس السوري في ميزان الإستراتيجية الأمريكية يساوي واحد ، وكذلك الإيراني وأي حليف أخر لأمريكا سواء من الدول أو التنظيمات يساوي في الإستراتيجية الأمريكية واحد ، بدليل أنها تهيأ لسياسة الأرض المحروقة في بكل المنطقة ودون استثناء ، وأريد هنا أن أفجر قنبلة من العيار الثقيل وأقول : ( أمريكا عملياً لم تعد بحاجة حتى لإسرائيل ، وهي تستخدم إسرائيل الآن استخدام مؤقت للمساعدة في تدمير المنطقة ، هذا هو الهدف الأكبر ، إشعال المنطقة حتى بما في ذلك إسرائيل نفسها من أجل ماذا ؟ عدم تمكين أحد من الاستفادة من هذه المنطقة) هذا هو الهدف الأمريكي الأعلى فهل من عاقل أورشيد ؟!! وأتساءل هنا والسؤال موجه للروس والصينيين ودول البركس : لماذا انسحب الأمريكي من أفغانستان والعرق ؟! ولماذا رفضت الإدارة الأمريكية التدخل المباشر بجيشها في العديد من أزمات المنطقة ؟! لأنها تريد تحقيق ما تسمية التدمير الذاتي لمصالح العدو المستقبلية ، وكامل الشرق الأوسط مصلحة روسية صينية عالمية ، فمن العدو إذن ؟! أنتم يا سادة روسيا والصين ودول البركس ، أنتم عدو أمريكا اليوم وغداً ، لأنكم أنتم العالم المتعدد الأقطاب ، وأنتم من يحل محل الأحادية القطبية ، والعجيب أن أمريكا في ظل الصراعات الدامية التي تشكل أسس الحرب العالمية القادمة لا محالة إذا ما أصرت أمريكا على هذه الإستراتيجية التي ستحرق العالم نووياً ، في ظل ذلك كله تجد أمريكا متسعاً من الوقت لكي تتحدث عن تنمية الاقتصاد الأمريكي ، ورفع مستوى الخدمات الاجتماعية والصحية للشعب الأمريكي ، والسؤال الكبير على الطاولتين العالمية والإقليمية ما العمل في ظل استمرارية هذا السيناريو المرعب إقليمياً وعالمياً ؟! في تقديري المتواضع أنه ما من شيء سيوقف أمريكا عن تنفيذ مختلف سيناريوهات الإستراتيجية الأمريكية إلا شيء واحد ، وهو دخولها المباشر في حروب تشغلها وتستنزفها وتشعل الشعب الأمريكي وبكل ولاياته ضد الإدارة الأمريكية ، دخول أمريكا عسكرياً ولو في أضعف مناطق العالم ليس من مصلحتها الآن، وسيعمل على تعريتها أمام العالم أجمع ، وأتصور إذا نفذت كوريا الشمالية أي من تهديداتها في قلب أمريكا سنرى مدى هشاشة أمريكا التي لا ولن تستطيع الرد حتى بعد قرن من الزمن ، وعلى الروس والصينيين والكوريين التفكير بما نقول جيداً ، وعلى كافة الأطراف العالمية ضرورة العلم المسبق أن أسهل شيء في الدنيا تصنيع قوات مسلحة ضد أمريكا وعموم الغرب ، ومن داخل الغرب وأمريكا ، سيما وأن هنالك خلايا تتمنى هذه الفرصة الذهبية ، خلايا سئمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عبر قرون الاستبداد والفساد والإفساد والدمار والقتل والتشريد ، والحق أنه وبدون تدخل عسكري فوق الأراضي الأمريكية بطرق بمباشرة أو غير مباشرة فلن تتوقف أمريكا عن شيء ، وإنما ستذهب بالعالم أجمع نحو حرب عالمية نووية لا محالة ، وهذا ما يحتم ضرورة إشغال أمريكا بحرب داخلية ، لكي تبتعد وبصمت ذليل عن العالم المتعدد الأقطاب ، وبغير ذلك فلنستعد جميعاً إلى القيامة النووية القادمة و التي لن يستطيع أن يردها أحد . ..!! في الحقيقة حين يكون الحديث عن دخول قوات سعودية تركية مصرية مشتركة إلى سورية ، فإننا بالفعل وصلنا إلى الذروة والتي من خلالها يتم تقرير مصير العالم أجمع ، و إلى أين يذهب العالم ، ومثل هذا السيناريو يضرب ليس بالوجود السعودي والتركي بل يضرب بالوجود الإسرائيلي في المنطقة ، علماً بأن إسرائيل وحماية أمنها أهم أولوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا يشي بصورة أو بأخرى أن أمريكا حقيقية مفلسة إلى درجة تريد أن تضحي بكل شيء حتى لا يستفيد الأعداء من هذه المنطقة ، وها هي تضحي حتى بإسرائيل ، لا بل وبمصادر الطاقة حتى لا يبقى شيء لمن يأتي بعد الأمريكان ، مع ضمانة ماذا ؟ تأمين سوق السلاح، والاستهلاك للبضائع الأمريكية في الشرق الأوسط ..!! ولعل العودة إلى بدايات ما سمي بالربيع العربي تبين بوضوح ما ذهبنا إليه وما قلناه في هذه المقالة وما قبلها من المقالات ، لقد ضحت أمريكا وعبر سيناريو مرسوم بفلذة كبدها زين العابدين ، وضحت أيضاً بما سمي أمريكاً وإسرائيليا (بالكنز الاستراتيجي ) حسني مبارك ، من أجل ماذا؟ ولماذا ؟! من أجل إحلال الفوضى والدمار في المنطقة ، والتي يجب ألا يتقدم فيها الروسي أو الصيني كيلو متر واحد ، أما لماذا ؟ لنعود إلى ما قبل ذلك ، لنعود إلى السبب الحقيقي من وراء الحرب الأمريكية على العراق ، وقد كشف لنا ذلك الصحفي الفرنسي جان كلود موريس في كتابه الحديث ـ لو كررت ذلك على مسامعي فلن أصدقه ـ فهو ذكر اخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس الفرنسي جاك شيراك والتي حاول بوش إقناع شيراك للمشاركة في الحرب التي شنتها أمريكا على العراق عام 2003 فقد قال بوش حرفيا "انه تلقى وحيا من السماء يأمره الرب بإعلان الحرب على العراق لان يأجوج ومأجوج انبعثا من جديد في العراق وهما يعملان على تشكيل جيش إسلامي من المتطرفين في الشرق الأوسط لتدمير إسرائيل والغرب المسيحي وهو في طريقه إلي مطاردتهما والقضاء عليهما". وأعلن الرئيس بوش عزمه على تدمير أخر أوكار يأجوج ومأجوج لأنهما مختبئان في العراق قرب مدينة بابل القديمة تحقيقا لنبوءة وردت في الكتب "المقدسة ، والحقيقة أن يأجوج ومأجوج في الإستراتيجية الأمريكية تتمثل في ما نسميه اليوم العالم المتعدد الأقطاب ، أي أن الصين وروسيا و كوريا الشمالية ودول البركس وكل من يحلم بالتحرر من الرأسمالية الأمريكية هم يأجوج ومأجوج في الإستراتيجية الأمريكية ، بوش ضرب مصالحكم في الغد القريب يا سادة يا كرام ، أما نحن كعرب فقد كنا وما زلنا وسنبقى أدوات تتقاتل فيما بينها ، وستدار بلادنا لعقود قادمة من قبل الأجنبي ، ما لم ندرك المعادلات العالمية ، وكمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، أوجه ندائي اليوم إلى الأحرار الإنسانيين في السعودية وتركيا ومصر والأردن وسورية والعراق وإيران والخليج ولكافة الأحزاب الفكرية والثقافية والدينية السياسية والمسلحة ، وإلى الإنسانيين اليهود من غبر الصهاينة المحتلين لأرضنا ، وإلى الأحرار المسيحيين ، والأكراد ، والأرمن ، والدروز، والشيشان ، والشركس ، وكل الأعراق فوق ثرى الشرق الأوسط نقول تعالوا لندير نحن بيتنا بعيداً عن هذه الحروب والنزاعات العالمية التي ندفع ثمنها من دماء أبناءنا وأسرنا ، صدقوني ما يحدث الآن في سورية ليس ببعيد عن السعودية أو مصر أو الأردن أو فلسطين المحتلة ليس ببعيد عن أحد ، ولن تفلت من هذا الدمار إسرائيل الصهيونية لن تفلت أبداً ، حتى لو كان الاعتقاد بأن دمار منطقة الشرق مصلحة أمريكية وإسرائيلية ، لأن الأهم في الإستراتيجية الأمريكية من إسرائيل استمرارية الأحادية القطبية ولا جود لإسرائيل بدون الأحادية ...!! خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .